الخاتمة

الخاتمة

من خلال دراستنا لأحكام المسؤولية العقدية على ضوء التشريع المدني الجزائري، توصلنا إلى نتيجة هامة مفادها أن المسؤولية العقدية لا تقوم إلا إذا استحال التنفيذ العيني للالتزام الذي يفرضه وجود عقد صحيح مستوفي لكافة شروطه المستوجبة قانونًا، وأن يمتنع المدين عن تنفيذ التزامه أو يتأخر في تنفيذها أو يسيء تنفيذها ليقوم أول ركن من أركانها ألا وهو الخطأ العقدي.

وتوصلنا فيما يتعلق ركن الخطأ أن المدين وكقاعدة عامة هو مسؤول بالدرجة الأولى عن خطئه الشخصي، ولكن لضمان حسن تنفيذ العقد تقررت مسؤوليته متى استعان في تنفيذ التزاماته بأشياء معينة في حراسته أو استعان في تنفيذ التزامه بأشخاص آخرين تابعين أو غير تابعين له فتقررت المسؤولية العقدية عن فعل الغير أو عن فعل الأشياء.

وفي مسألة إثبات الخطأ العقدي توصلنا أن عبئ الإثبات يقع على الدائن المتضرر وأن المدين لا يمكن له نفي مسؤوليته إلا من خلال إثبات السبب الأجنبي أي أن يثبت أن عدم تنفيذ التزامه أو التأخر فيه أو إساءة التنفيذ كان بسبب لا يد له فيه طبقًا لأحكام المادة 176 من القانون المدني الجزائري.

أما فيما يتعلق بالاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية وبناءً على مبدأ أن العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو بالأسباب التي يقررها القانون. فالأصل هو حرية المتعاقدين في تعديل قواعد المسؤولية العقدية وهذا يكون في حدود القانون والنظام العام والآداب العامة، كما يجوز للقاضي متى طرأت حوادث استثنائية لم يكن في الوسع توقعها من المتعاقدين بأن تجعل من تنفيذ الالتزام أمرًا مرهقًا، بأن يرجعها إلى الحد المعقول.

كما رأينا إن المسؤولية العقدية من جهة ثانية لا تقوم في حق المدين إلا إذا وجد ضرر ناتج عن خطئه لحق الدائن والضرر هو الركن الثاني لقيام المسؤولية العقدية، ويستوي أن يكون الضرر مادي أو معنوي ويقع عبئ إثباته على الدائن.

أما عن ركن العلاقة السببية رأينا المشرع الجزائري قد جعل منها مسألة مفترضة غير أنها قابلة لإثبات العكس ولا يكون ذلك إلا إذا أثبت المدين، السبب الأجنبي، أو أن عدم تنفيذ الالتزام راجع لفعل الدائن نفسه أو لفعل الغير.

وما يعاب على المشرع الجزائري فيما يخص المسؤولية العقدية الناتجة عن فعل الغير وعن فعل الأشياء أنه لم يأت بنصوص صريحة خاصة بها، مما جعل من الفقه والقضاء يستخلصون هذين النوعين ضمنيا من خلال تفسير بعض المواد المتفرقة في القانون المدني، وهذا خلافًا لما جيء به في المسؤولية التقصيرية.

ونقترح أن يتجه المشرع إلى وضع نصوص صريحة وخاصة تحكم هذين النوعين، حتى لا يقع جدال في تبنيهما من عدمه، والخروج من الضمنية إلى الصراحة.