المبحث الأول :القضاء العادي ودوره في تسوية النزاع الاقتصادي
المطلب الخامس :تعدد الهيئات المتدخلة بتسوية منازعات المنافسة بوصفها نزاعات اقتصادية
هناك مزيج من الهيئات المتدخلة للفصل في هذه المنازعات ، من مجلس المنافسة إلى القسم المدني إلى القسم الجزائي ( في حال ترتبت مسؤولية مدنية أو جزائية عن ممارسة مقيدة للمنافسة ) إلى غرفة التجارية بمجلس قضاء الجزائر العاصمة إلى مجلس الدولة.
أكيد مجلس المنافسة له اختصاص تنازعي بالنسبة لجميع القطاعات الاقتصادية بالنظر في الممارسات المقيدة للمنافسة ويرخص بالتجميعات كما سنوضحه لاحقا في إطار دور سلطات الضبط في حل المنازعة الاقتصادية .
لكن تبقى لجهات القضاء العادي في المواد المدنية او التجارية في الدعاوى المتعلقة بالممارسات المقيدة للمنافسة فيما يخص دعاوى البطلان الالتزامات و الاتفاقات والشروط التعاقدية باعتبار البطلان كجزاء للممارسات المحظورة اقره المشرع استنادا لنص المادة 13 من قانون المنافسة [1] ودعاوى المسؤولية ، من اجل جبر الضرر الناتج عن الممارسات المنافية للمنافسة .
وفي هذا الصدد يعتبر البطلان المنصوص عليه في المادة 13 من قانون المنافسة سالفة الذكر بطلان مطلق لأنه يمس بالنظام العام التوجيهي ولا يقتصر أثره على المؤسسات المتضررة فقط بالرغم من ان هذه الأخيرة صاحبة المصلحة في إقراره.
فيختص بذلك القضاء المدني بنظر دعوى البطلان استنادا لما سبق كما يختص بنظر دعاوى المسؤولية الناتجة عن الممارسات المنافية للمنافسة ، استنادا لنص المادة 48 من قانون المنافسة [2].
كذلك نجد اختصاص القضاء العادي في مجال الممارسات المنافية للمنافسة ممثلا في الغرفة التجارية بمجلس قضاء الجزائر، والتي تنظر في الطعن ضد القرارات الصادرة عن مجلس المنافسة في مجال الممارسات المنافية للمنافسة .
نصت المادة 63 من قانون المنافسة " تكون قرارات مجلس المنافسة المتعلقة بالممارسات (المنافية ) المقيدة للمنافسة قابلة للطعن أمام مجلس قضاء الجزائر الذي يفصل في المواد التجارية ..."
التساؤل الذي يثار في هذا الصدد حول طبيعة الطعن أمام الغرفة التجارية بمجلس قضاء الجزائر، هل هو طعن بالاستئناف ، هل يمكن اعتبار قرارات مجلس المنافسة الصادرة حسب المادة 45من قانون المنافسة كأحكام ابتدائية ؟ أم أنها قرارات ذات طابع إداري طالما انها صادرة من سلطة إدارية مستقلة. هذا من جهة
من جهة أخرى بالنظر للدور الذي يقوم به مجلس قضاء العاصمة الغرفة التجارية ، هل يعيد النظر في القضية من أساسها بمعنى هل يمكنه القيام بنفس الدور الذي يقوم به مجلس المنافسة عند الفصل في الإخطار ، وهل يملك قضاة الغرفة التجارية الخبرة والكفاءة والاختصاص في مجال المنافسة من اجل الفصل في الطعن ؟ أم أن دور القضاة في هذا الأمر يقتصر فقط على مراقبة مدى احترام مجلس المنافسة للقواعد الإجرائية المتمثلة في مبدأ المواجهة واحترام حقوق الدفاع وسرية الأعمال وباقي الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في قانون المنافسة .
بالرغم من الجدل المثار بهذا الشأن ، فقد بين الفقه أن الطعن المقدم في هذا الإطار لا تعبر استئنافا ، وإنما يعتبر طعن خاص وفريد من نوعه والذي قد يؤدي إلى إلغاء او إعادة النظر في القرارات المتعلقة بالموضوع أو التدابير التحفظية ، كما يمكن أن يؤدي إلى تشديد العقوبة إلا إذا كان الطعن مقدم من الوزير ...[3]
ميز المشرع الجزائري بين أجال الطعن المقدم ضد قرارات مجلس المنافسة وأجال الطعن في التدابير المؤقتة حيث بينت المادة 63 من قانون المنافسة أن أجال تقديم الطعن ضد القرارات الصادرة عن مجلس المنافسة يتمثل في اجل شهر واحد يسري من تاريخ استلام القرار.
وكذا الطعن في التدابير المؤقتة التي يتخذها المجلس يتم في اجل 20 يوم من تاريخ التبليغ بعد ما كان 8 أيام سابقا ، استنادا لنص المادة 63 وما بعدها من قانون المنافسة ولا يرتب هذا الطعن أثرا موقف لقرارات مجلس المنافسة .
الأصل أن الطعن في قرارات مجلس المنافسة والتدابير المؤقتة التي اتخذها ليس لها اثر موقف ، إلا أن المشرع أجاز وقف تنفيذها وهو ما نصت عليه ف 3 من المادة 63 سالفة الذكر "لا يترتب على الطعن لدى مجلس قضاء الجزائر أي اثر موقف لقرارات مجلس المنافسة غير انه يمكن رئيس مجلس قضاء الجزائر في اجل لا يتجاوز 15 خمسة عشر يوما ان يوقف تنفيذ التدابير المنصوص عليها في المادتين 45 و 46 أعلاه..."
وبهذا يجوز وقف تنفيذ قرارات او تدابير مجلس المنافسة من قبل رئيس مجلس قضاء الجزائر كقضاء استعجالي خلافا للطعن الذي يقدم أمام الغرفة التجارية كقاضي موضوع .
ويقدم طلب وقف التنفيذ وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية استنادا لنص المادة 69 من قانون المنافسة . غير انه يشترط لقبول وقف التنفيذ توافر ما يلي :
- ان يكون الطرف مقدم طلب وقف التنفيذ قد قدم طعن في الموضوع أمام الغرفة التجارية لدى مجلس قضاء العاصمة ( المادة 70 ق المنافسة )
- ضرورة إرفاق طلب وقف التنفيذ بقرار مجلس المنافسة المطعون فيه
- وجود ظروف او وقائع خطيرة تستلزم وقف تنفيذ قرار مجلس المنافسة او التدابير التي اتخذها .[4]
[1] - سواء تعلق الأمر بالالتزامات او الاتفاقات او الشروط التعاقدية التي تشكل ممارسات محظورة
[2] - بن حملة سامي : قانون المنافسة ، نوميديا للنشر 2016 ، ص 171، 172 .
[3] - المرجع السابق ، ص ص 158-159 ..
[4] - المرجع السابق ، ص ص 161 -162 .