المطلب الثاني التوفيق كوسيلة بديلة لحل النزاعات الاقتصادية

يعد التوفيق احد الوسائل والأساليب الودية لتسوية المنازعات خارج ساحة القضاء الرسمي ، تم النص على هذه الوسيلة في المادة الأولى من قانون الاونسترال النموذجي للتوفيق التجاري الدولي2002 ، وكذا ضمن نظام غرفة التجارة الدولية بباريس في المادة الثانية منه كما أقرته الاتفاقية الموحدة للاستثمار رؤوس الأموال العربية  المؤرخة في 9/09/1981..او اتفاقية تسوية منازعات الاستثمار في الدول العربية المؤرخة في 06-12-2000 كاحدى وسائل انهاء منازعات الاستثمار كما فتحت اتفاقية البنك الدولي بشان تسوية منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى باب التوفيق ونصت على اجراءاته كوسيلة ودية لحل المنازعات .

 

الفرع الاول

 مفهوم التوفيق والموفق

يعد التوفيق وسيلة لإنهاء النزاع عن طريق تدخل طرف ثالث يختاره الأطراف المتنازعة يطلق عليه الموفق ويقوم بعمله في حضور الطرفين ووفقا للإجراءات التي يتفقان عليها ويقتصر دوره على تقديم توصية في شان تسوية النزاع [1]

يعرف التوفيق بأنه أسلوب او إجراء يرمي إلى تقريب وجهات النظر المتعارضة بقصد الوصول إلى حل وسط بين الأطراف وذلك عن طريق طرف ثالث يتميز بالحيادية والاستقلالية [2].

التوفيق اتفاق طرفي النزاع على اختيار شخص معين يدعى الموفق يعمل على تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع ويبدي اقتراحات التي تهدف الى وضع حل يرضي الطرفين

وقد اشارت المادة الاولى من قانون الاونسترال النموذجي للتوفيق التجاري الدولي لسنة 2002  الى تعريف التوفيق على انه " اي عملية سواء اشير اليها بتعبير التوفيق او الوساطة او بتعبير اخر ذي مدلول مماثل ، يطلب فيه الطرفان الى شخص اخر او شخاص اخرين "الموفق" مساعدتهما في سعيهما الى التوصل الى تسوية ودية لنزاعهما الناشئ عن علاقة تعاقدية او علاقة قانونية اخرى او المتصل بتلك العلاقة ، ولا يكون للموفق الصلاحية لفرض حل للنزاع على الطرفين " كما حددت متى يكون التوفيق دوليا .

يجب ان يتضمن الاتفاق على التوفيق اسم الموفق ، ووصفا للنزاع ولمطالب الطرفين وفي حالة ما اذا نجحت إجراءات التوفيق يجب إثبات التسوية بمحضر التوفيق موقعا من الطرفين ومن الموفق .

اسلوب التوفيق في جوهره هو محاولة تقديم حلول للنزاع من احجل عرضهاعلى اطرافه فيقبلونها او يرفضونها .

الموفق : طرف محايد يختاره الاطراف بغرض تسوية منازعاتهم يتمتع بصفات وميزات تجعل منه محل ثقة الاطراف ، يسعى دائما اثناء اجراءات التوفيق باتفاق مسبق مع الاطراف الى عرض افضل الاوجه للتوفيق ، ثم يباشر التوفيق بين وجهات النظر المختلفة يمارس المفاوضات بين الاطراف ، يقدم التوصيات التي يمكن اخذها بعين الاعتبار ، يدير عملية التوفيق وفقا لما يراه مناسبا مسترشدا بمبادئ الحياد والعدل والانصاف ، فالموفق لا يفصل في النزاع بل يساعد طرفا العقد في التوصل الى تسوية ودية وذلك باقتراح حلول معينة .

الفرع الثاني

مجريات عملية التوفيق

تتمثل عملية التوفيق في اتفاق اطراف النزاع على تسوية نزاعهم عن طريق التوفيق واختيار الموفق الذي ستوكل اليه مهمة حسم النزاع كمرحلة اولى ثم تتوالى بعد ذلك اجراءات التوفيق بواسطة الموفق المختار من الاطراف المتنازعة وفق تقديره الخاص ، متوخيا في ذلك مبادئ العدالة والحياد والانصاف وهي مرحلة ثانية في مجريات عملية التوفيق

وقد حددت المادة 4 من قانون الاونسترال النموذجي للتوفيق التجاري الدولي لسنة 2002  بدء اجراءات التوفيق ، انها تبدأ اجراءات التوفيق المتعلقة بنزاع كان قد نشأ في اليوم الذي يتفق فيه طرفا ذلك النزاع على المشاركة في اجراءات التوفيق .

اذا لم يتلق الطرف الذي دعا طرف اخر الى التوفيق قبولا للدعوة في غضون 30 يوم من اليوم الذي ارسلت فيه الدعوة او في غضون مدة اخرى محددة جاز للطرف ان يعتبر ذلك رفضا للدعوة للتوفيق .

كما هو معلوم فان دور الموفق يقتصر على تقريب وجهات نظر اطراف النزاع وابداء وتقديم مقترحات لهم بما يكفل توصلهم الى حلول مرضية لانهاء نزاعهم ، قد يقوم الموفق ما لم يكن التوفيق مؤسسيا بتحديد مكان جلسات التوفيق مالم يكن قد تم تحديده من قبل الاطراف في اتفاقهم طبعا .

يتعين على اطراف النزاع خلال عملية التوفيق واجراءاته تزويد الموفق وموافاته بالبيانات والوثائق والمستندات التي تؤيد طلبات كل منهم .

تنتهي مجريات عملية التوفيق ومعها مهمة الموفق في مرحلة اخيرة في احدى الحالات الثلاث التالية :

-         اما التوصل الى اتفاق توفيقي لتسوية النزاع

-         او فشل الموفق في التوصل الى حلول ترضي اطراف النزاع

-         او قيام طرفا النزاع بابلاغ الموفق بعدم الرغبة في الاستمرار في اجراءات التوفيق[3]

 



[1] - د- معتز حمدان بدر : مرجع سابق ، ص 76 .

[2] - عبد الحميد عثمان الحنفي : التحكيم في منازعات العمل الجماعية ، نطاق  تطبيقه ودره المنشئ ، مطبوعات الجامعية الكويت ط 1 ، 1995 ، ص 39 نقلا عن

[3] - هاني محمد البوعاني : " الاليات والوسائل البديلة لحسم منازعات العقود التجارية " مداخلة مقدمة في ورشة عمل الوطنية الثانية لمناقشة مسودة التقرير الوطني الخاص بانفاذ العقود التجارية واسترداد الديون في الجمهورية اليمنية في 20/12/2009 ، ص 5 .