المبحث الثالث:التحكيم من اهم اليات الودية لحل النزاع الاقتصادي
يعد التحكيم من أهم الطرق البديلة لحل النزاعات خاصة
التجارية منها ، كان اللجوء إليه في بداية الأمر ناتج عن تخوف احد أطراف التحكيم
من قانون الطرف الأخر ونتيجة لذلك كان التحكيم مجرد بديل عن القضاء ، لكنه أصبح
فيما بعد المرجعية الأساسية لحل النزاعات التجارية
المطلب الاول مفهوم التحكيم وانواعه
إذا أردنا التعرف على التحكيم بوصفه طريق بديل لتسوية المنازعات ، فلا نجد له تعريفا في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري ، بمعنى انه لم يحظى بتعريف من المشرع الجزائري غير انه حظي باهتمام من الفقه الذي اجتهد في تعريفه وفيما بعض التعاريف الخاصة بالتحكيم :
حيث عرفه جانب من الفقه انه " تولية الخصمين حكما يحكم بينهما أي اختيار ذوي الشأن شخص أو أكثر للحكم فيما تنازعا فيه دون ان يكون للمحكم ولاية القضاء بينهما[1]"
فيما عرفه البعض الأخر انه " نظام قضائي خاص يختار فيه أطراف المنازعة قضاءهم بمقتضى اتفاق مكتوب بمهمة تسوية النزاعات القائمة أو المحتملة والتي يجوز النظر فيها عن طريق التحكيم[2] "
كما عرفه الأستاذ Olivier CAPRASSE "التحكيم عدالة خاصة يتم بواسطتها حل النزاع بعيدا عن الجهات القضائية إذ يعرض على أشخاص يتولون حله "
« L’arbitrage est une justice prive par laquelle la résolution d’une différend est soustraire a la connaissance des juridictions de droit commun pour être soumise a des personnes investies pour l’occasion de la fonction de juge »[3]
هذا ويعرفه الأستاذ هاني محمد البوعاني " التحكيم هو نظام لفض المنازعات ذو طبيعة خاصة ينظمه القانون ، يترك لأطراف النزاع الحق في الاتفاق على إخراج منازعاتهم الحالة والمستقبلية من ولاية القضاء وطرحها على أشخاص يختارونهم بأنفسهم للفصل في المنازعات بحكم ملزم"[4] .
هذا إلى جانب تعاريف أخرى كثيرة منها ما ورد حتى عن الاجتهاد القضائي على غرار تعريف مجلس الدولة الفرنسي بان « L’arbitrage se caractériser par le pouvoir de décision reconnu au tiers et il reconnut un caractère juridictionnel a la décision de l’arbitre »
كلها تعاريف تتفق على أن التحكيم وسيلة خاصة لحل المنازعات بدلا عن القضاء ، تقوم أساسا على مبدأ سلطان الإرادة حيث يتفق الأطراف بموجبها على عرض خلافهم على أشخاص خواص لفضه[5] .
ينقسم التحكيم استنادا لما تضمنه قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري الى قسمين : تحكيم داخلي (وطني) وتحكيم تجاري دولي
فالتحكيم الداخلي هو ذلك التحكيم الذي يتعلق بعلاقات وطنية داخلية في جميع عناصرها الذاتية موضوعا وأطرافا وسببا ، فيما يرى البعض انه يكفي أن تكون العناصر الموضوعية الرئيسية المكونة لهذه العلاقة مرتبطة بدولة معينة حتى يكون التحكيم وطنيا[6]. فإذا ما اتصلت جميع عناصر التحكيم بدولة واحدة دون غيرها بما في ذلك الطرفين والجهة التحكيمية والقانون الواجب التطبيق موضوع النزاع يكون التحكيم داخليا[7]
في حين يكون التحكيم تجاري دوليا بمفهوم المرسوم التشريعي 93-09 بالأخص المادة 458مكرر ،ذلك التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بمصالح التجارة الدولية والذي يكون فيه مقر أو موطن احد الطرفين على الأقل في الخارج ، لابد من توفر معياريين للقول بأننا بصدد تحكيم تجاري دولي ، ومعيار اقتصادي " تعلق النزاعات بمصالح التجارة الدولية " ومعيار قانوني " ألا يكون موطن كل أطراف النزاع في الجزائر " فيما اعتبر القانون 08-09 المتعلق بالإجراءات المدنية والإدارية الجزائري في المادة 1039 منه أن التحكيم يكون دوليا إذا ما خص المصالح الاقتصادية لدولتين على الأقل ، لتخلى بذلك المشرع في تحديده للتحكيم التجاري الدولي عن المعيار القانوني ويكتفي بالمعيار الاقتصادي ، غير انه أضفى الكثير من الغموض من خلال استعماله لمصطلحات فضفاضة " المصالح الاقتصادية " لها معاني واسعة جد[8].
[1] - ذبيح زهيرة : " التحكيم كوسيلة لفض منازعات الاستثمار في التشريع الجزائري " مقال منشور ، ص 279 .
-نبيل صقر : الوسيط في شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، الجزء الأول (الخصومة التنفيذ التحكيم )دار الهدى للنشر ، الجزائر ، 2008 ، ص547 .
[2] - غريبي بلال : " مدخل عام للتحكيم " محاضرات مقدمة في إطار الدورة التكوينية المنظمة في إطار المركز الاستشاري الإفريقي للتحكيم والوساطة بوهران من 25 إلى 28 جويلية 2018 .
[3] - زيري زهية : مرجع سابق ، ص 80
[4] - المرجع السابق ص 81 .
[5] - المرجع السابق ، ص 82 .
[6] - لزهر بن سعيد : التحكيم التجاري الدولي – وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين المقارنة - ، الطبعة الثانية ، دار هومه للنشر ، الجزائر 2014 ، ص 28 .
[7][7] - غريبي بلال : مرجع سابق .
[8] - زيري زهية : مرجع سابق ، ص ص 85 .86 .