المطلب الاول مفهوم التحكيم وانواعه

إذا أردنا التعرف على التحكيم بوصفه طريق بديل لتسوية المنازعات ، فلا نجد له تعريفا في قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري ، بمعنى انه لم يحظى بتعريف من المشرع الجزائري غير انه حظي باهتمام من الفقه الذي اجتهد في تعريفه وفيما بعض التعاريف الخاصة بالتحكيم :

حيث عرفه جانب من الفقه انه " تولية الخصمين حكما يحكم بينهما أي اختيار ذوي الشأن شخص أو أكثر للحكم فيما تنازعا فيه دون ان يكون للمحكم ولاية القضاء بينهما[1]"

فيما عرفه البعض الأخر انه " نظام قضائي خاص يختار فيه أطراف المنازعة قضاءهم بمقتضى اتفاق مكتوب بمهمة تسوية النزاعات القائمة أو المحتملة والتي يجوز النظر فيها عن طريق التحكيم[2] "

كما عرفه الأستاذ Olivier CAPRASSE  "التحكيم عدالة خاصة يتم بواسطتها حل النزاع بعيدا عن الجهات القضائية إذ يعرض على أشخاص يتولون حله "

« L’arbitrage est une justice prive par laquelle la résolution d’une différend est soustraire a la connaissance des juridictions de droit commun pour être soumise a des personnes investies pour l’occasion de la fonction de juge »[3]

هذا ويعرفه الأستاذ هاني محمد البوعاني " التحكيم هو نظام لفض المنازعات ذو طبيعة خاصة ينظمه القانون ، يترك لأطراف النزاع الحق في الاتفاق على إخراج منازعاتهم الحالة والمستقبلية من ولاية القضاء وطرحها على أشخاص يختارونهم بأنفسهم للفصل في المنازعات بحكم ملزم"[4] .

هذا إلى جانب تعاريف أخرى كثيرة منها ما ورد حتى عن الاجتهاد القضائي على غرار تعريف مجلس الدولة الفرنسي بان « L’arbitrage se caractériser par le pouvoir de décision  reconnu au tiers et il reconnut un caractère juridictionnel a la décision de l’arbitre »

كلها تعاريف تتفق على أن التحكيم وسيلة خاصة لحل المنازعات بدلا عن القضاء ، تقوم أساسا على مبدأ سلطان الإرادة حيث يتفق الأطراف بموجبها على عرض خلافهم على أشخاص خواص لفضه[5] .

ينقسم التحكيم استنادا لما تضمنه قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري الى قسمين : تحكيم داخلي (وطني) وتحكيم تجاري دولي

فالتحكيم الداخلي هو ذلك التحكيم الذي يتعلق بعلاقات وطنية داخلية في جميع عناصرها الذاتية موضوعا وأطرافا وسببا ، فيما يرى البعض انه يكفي أن تكون العناصر الموضوعية الرئيسية المكونة لهذه العلاقة مرتبطة بدولة معينة حتى يكون التحكيم وطنيا[6]. فإذا  ما اتصلت جميع  عناصر التحكيم بدولة واحدة دون غيرها بما في ذلك الطرفين والجهة التحكيمية والقانون الواجب التطبيق موضوع النزاع يكون التحكيم داخليا[7]

في حين يكون التحكيم تجاري دوليا بمفهوم المرسوم التشريعي 93-09 بالأخص المادة 458مكرر ،ذلك التحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بمصالح التجارة الدولية والذي يكون فيه مقر أو موطن احد الطرفين على الأقل في الخارج ، لابد من توفر معياريين للقول بأننا بصدد تحكيم تجاري دولي ، ومعيار اقتصادي " تعلق النزاعات بمصالح التجارة الدولية " ومعيار قانوني " ألا يكون موطن كل أطراف النزاع في الجزائر " فيما اعتبر القانون 08-09 المتعلق بالإجراءات المدنية والإدارية الجزائري في المادة 1039 منه أن التحكيم يكون دوليا إذا ما خص المصالح الاقتصادية لدولتين على الأقل ، لتخلى بذلك المشرع في تحديده للتحكيم التجاري الدولي عن المعيار القانوني ويكتفي بالمعيار الاقتصادي ، غير انه أضفى الكثير من الغموض من خلال استعماله لمصطلحات فضفاضة  " المصالح الاقتصادية "  لها معاني واسعة جد[8].



[1] - ذبيح زهيرة : " التحكيم كوسيلة لفض منازعات الاستثمار في التشريع الجزائري " مقال منشور ، ص 279 .

-نبيل صقر : الوسيط في شرح قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، الجزء الأول (الخصومة التنفيذ التحكيم )دار الهدى للنشر ، الجزائر ، 2008 ، ص547 .

[2] - غريبي بلال : " مدخل عام للتحكيم " محاضرات مقدمة في إطار الدورة التكوينية المنظمة في إطار المركز الاستشاري الإفريقي للتحكيم والوساطة بوهران من 25 إلى 28 جويلية 2018 .

[3] - زيري زهية : مرجع سابق ، ص 80

[4] - المرجع السابق ص 81 .

[5] - المرجع السابق ، ص 82 .

[6] - لزهر بن سعيد : التحكيم التجاري الدولي – وفقا لقانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين المقارنة - ، الطبعة الثانية ، دار هومه للنشر ، الجزائر 2014 ، ص 28 .

[7][7] - غريبي بلال : مرجع سابق .

[8] - زيري زهية : مرجع سابق ، ص ص 85 .86 .