المبحث الثاني :المناهج الإجرائية
تتسم هذه المناهج باعتمادها على أسلوب إجرائي فضلا عن استعانتها بالعمليات العقلية ايضا من هذه المناهج : المنهج التاريخي ، المنهج الوصفي ، المنهج المقارن .
المطلب الأول : المنهج التاريخي
المنهج التاريخي هو منهج بحث علمي ، يقوم على البحث والكشف عن الحقائق التاريخية من خلال تحليل و تركيب الأحداث والوقائع الماضية المسجلة في الوثائق والأدلة التاريخية وإعطاء تفسيرات وتنبؤات علمية في صورة نظريات وقوانين عامة وثابتة نسبيا[1] .
فهو عملية عقلية تجري في الحاضر حول أحداث ماضية لا سبيل إلى استرجاعها إلا بطريقة ذهنية[2] .
الفرع الأول : مفهوم المنهج التاريخي وخطواته
أولا : تعريف المنهج ، أسسه وأهدافه
هو الطريق الذي يتبعه الباحث في جمع معلوماته عن الأحداث والحقائق الماضية وفي فحصها ونقدها وتحليلها والتأكد من صحتها وترتيبها واستخلاص التعميمات والنتائج العامة منها ، فهو منهج علمي واقعي لان موضوعه أحداث تاريخية ، طرقه قابلة للتطور
لا تقف فائدته على فهم أحداث الماضي فحسب بل تتعداه إلى المساعدة في تفسير الأحداث والمشاكل الجارية ، وفي توجيه التخطيط للمستقبل.
فهو الطريقة التاريخية التي تعمل على تحليل وتفسير الحوادث التاريخية الماضية كأساس لفهم المشاكل المعاصرة والتنبؤ بما سيكون عليه في المستقبل[3] .
يقوم هذا المنهج على الفحص الدقيق والنقد الموضوعي للمصادر المختلفة للحقائق التاريخية يستعمل في جمع المعلومات ونقدها وترتيبها...كثيرا من وسائل البحث العلمي والأدوات التي تستخدمها مناهج البحث الأخرى.
يهدف المنهج التاريخي إلى إعادة بناء الحدث كما كان للوصول للحقيقة التاريخية علميا ، فالحقيقة التاريخية سمة أساسية تستوجب من الباحث دراسة كل ما له علاقة بالحدث ( أقوال ، وثائق ، مرئيات ،...)
كما يستوجب ضرورة تمتع الباحث بالنزاهة والصدق والموضوعية والروح العلمية في دراسة الأحداث وضرورة الابتعاد عن الخرافات .
ثانيا : خطوات المنهج التاريخي
للمنهج التاريخي خطوات ومراحل محددة ، منها ما يكون تمهيديا ومنها ما يجسد المنهج عمليا .
تشمل هذه الخطوات :
ü تحديد المشكلة العلمية التاريخية (الظاهرة التاريخية )،
ü جمع المعلومات والمصادر التاريخية ( جمع وحصر الوثائق التاريخية المتعلقة بالوقائع والأحداث)،
ü نقد تقييم المصادر ،
ü عملية التركيب والتفسير التاريخي (صياغة الفروض وتحقيقها ، القوانين المفسرة للحقيقة التاريخية ).[4]
1 – تحديد المشكلة العلمية التاريخية :
هي الفكرة المحورية والقائدة للبحث العلمي ،( كأصل الدولة ونشأتها، تطور قانون العقوبات....) يشترط في تحديد المشكلة :
- أن تكون معبرة عن العلاقة بين متغيرين أو أكثر ،
- أن تضاع المشكلة صياغة جيدة وواضحة جامعة لكافة عناصرها [5].
2 - جمع المعلومات والمصادر التاريخية :
بعد عملية تحديد المشكلة العلمية ، يقوم الباحث بجمع وحصر كافة المصادر والوثائق والآثار والتسجيلات المتصلة بعناصر وأجزاء المشكلة( هناك مصادر أولية مباشرة أصلية ،وثائق دراسات أثار ، ومصادر ثانوية غير مباشرة كل ما كتب استنادا للمصادر الأولية من أعمال وكتابات ) ودراسة وتحليل هذه الوثائق والمصادر بطريقة علمية سليمة للتأكد من صحتها وسلامة مضمونها[6].
3- نقد وتقييم المصادر
من أصعب المراحل نقد الوثائق وذلك بالبحث عن صحتها ، شخصية أصحابها تقييمها إيجابا وسلبا ، والتقييم والنقد نوعان
نقد خارجي : بهدف التأكد من صحة الوثائق من مظهرها الخارجي ( تحديد اصل الوثيقة وقيمتها التاريخية )
نقد داخلي : بدراسة وتحليل المادة التاريخية للوثيقة ومقارنتها ، للتأكد من أصالة الأحداث بإتباع قواعد المنهج التاريخي ( القراءة ، الشك ، المساءلة ، الاستنتاج ...)
يقوم الباحث بدراسة الفترة التاريخية ودراسة مدى انسجام كل الوثائق المتعلقة بنفس الظاهرة ، باستخدام الاستدلالات والتجريب ، للتأكد من أصالتها وصدقها كأدلة في البحث
يتطلب النقد صفات خاصة في الباحث[7] ( الحس التاريخي ، الذكاء ، الثقافة ، الإدراك العميق ...)
4 - عملية التركيب والتفسير التاريخي
او مرحلة صياغة الفرضيات والقوانين المفسرة للحقيقة التاريخية في صورة نظرية او قانون ثابت يكشف الحقيقة العلمية .
أي عملية تنظيم الحقائق التاريخية الجزئية المتناثرة وبناؤها في فكرة متكاملة تفسرها، تتضمن مرحلة التركيب :
- تكوين محصلة واضحة للباحث عن الحقائق التي جمعها
- تنظيم المعلومات والحقائق الجزئية المتفرقة المحصلة وتصنيفها وترتيبها منطقيا حسب تسلسل الأحداث
- ربط الحقائق التاريخية بواسطة علاقات حتمية وسببية قائمة بينها هو تاويل الاحداث باكتشاف تسلسلها وتفاعلاتها ( السبب والنتيجة )
الوصول إلى استخلاص النتائج [8].
الفرع الثاني : المنهج التاريخي في العلوم القانونية
تستعين بالمنهج التاريخي كل فروع العلوم القانونية ، حيث ان له دور أساسي في التعرف على اصل الأحكام والنظريات القانونية القديمة وتطورها التاريخي ( كقانون حامورابي ، التطور التاريخي للعقوبة ،...)
يعتمد على دراسة مسالة البحث في القوانين القديمة من اجل فهم حقيقتها في القانون المعاصر ، حيث يساعد الباحث في فهم الحاضر من خلال دراسة وملاحظة الماضي
يلجأ إليه القضاء للوقوف على حقيقة النص القانوني الغامض الواجب التطبيق .
العمل الشخصي المطلوب :
تطبيق المنهج التاريخي على جزئية في اطار تخصص التهيئة والتعمير ، كمثال ، الوقف ، المسح ....
[1] - صالح طاليس : مرجع سابق ، ص 44 .
[2] - تومي اكلي : مرجع سابق ، ص 102 .
[3] - عمار عوابدي مرجع سابق ، ص 258 .
[4] - د- رحيم يونس كرو العزاوي : مقدمة في منهج البحث العلمي ، سلسلة المنهل للعلوم التربوية ، دار دجلة للنشر ، طبعة 1 عمان ، 2008 ، ص 82
[5] - عمار عوابدي : مرجع سابق ، ص ص 261-262 .
[6] -د- احميدوش مدني : مرجع سابق ، ص 46
عمار عوابدي : مرجع سابق ، ص ص 263-269 ..
[7] - المرجع السابق ، ص ص 270- 276 .
[8] - تومي اكلي : مرجع سابق ، ص 103 .
- عمار عوابدي ، مرجع سابق ، ص 260