1ـ المصادر العالمية لحقوق الانسان

المصادر العالمية تُعرف أيضا بالدولية أو كما يسميها البعض بالمصادر العامة ،فهي تلك التي تتضمن تشريع دولي عالمي يطبق على جميع الأشخاص بدون أي تمييز، ويشمل جميع الدول بحيث تعهدتجلها باحترامها والالتزام بأحكامها كونها قواعد جاءت لحماية جميع بني البشر دون استثناء و المتمثلة في :

أ ـ  ميثاق منظمة الأمم المتحدة

تم اقرار ميثاق الأمم المتحدة سنة 1945 بمناسبة المؤتمر الدولي المنعقد في سان فرانسيسكو المتضمن تأسيس منظمة الأمم المتحدة ، حيث يعتبر الميثاق أول وثيقة دولية تناولت مسألة حقوق الانسان و تعهدت الدول بموجبه بواجب احترام حقوق الانسان ، مع العلم أن الميثاق اكتفى بالتأكيد على وجوب احترامها بشكل عام و ترك مسألة التفصيل و التوضيح لهذه الحقوق في اتفاقيات أخرى .

تضمن ميثاق الأمم المتحدة عدة نصوص قانونية تناولت مسألة حقوق الانسان بدء بالديباجة حيث أكدت الدول الأطراف من خلاله عزمها على احترام الحقوق الأساسية للإنسان والسعي الى الرقي به في جميع المستويات الاجتماعية ،الاقتصادية ،الثقافية والصحية كونها حقوق مترابطة و متكاملة ، وخير دليل على ذلك ما جاء في بداية هذه الوثيقة العالمية : " وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من وليلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الانسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف ،وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية ،...وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدما ، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح."

الى جانب هذا جاء في الفقرة الثالثة من المادة الأولى من الميثاق بخصوص التعاون الدولي لحماية حقوق الانسان : " مقاصد الأمم المتحدة هي : 3 ـ تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء."

أما في مجال التعاون الدولي لتنمية حقوق الانسان فقد نصت المادة 13 فقرة 1 (ب) على  : " إنماء التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية ، والإعانة على تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم في الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء "، كما نصت المادة 55 منه على : " أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ، ولا تفريق بين الرجال والنساء ، ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلا."

تدعيما لحماية حقوق الانسان بموجب الميثاق تم تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي باعتباره من الأجهزة الرئيسية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بالعمل على اشاعة احترام حقوق الانسان و الحريات الأساسية ومراعاتها من خلال نص المادة 62 فقرة 2 منه التي جاء فيها :"وله أن يقدم توصيات فيما يختص بإشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها ".

الى جانب هذا تم النص في الفصل الثاني عشر من الميثاق على انشاء نظام دولي للوصاية تتولى المنظمة مهمة الاشراف عليه ، وهو نظام يطبق على الأقاليم المشمولة بالحماية الأممية ، والتي تسعى شعوبها الى التحرر والاستقلال تحت سياسة حركات التحرر و لضمان حماية حقوق الانسان في هذه الأقاليم نصت المادة 76 فقرة ( ج ) من الميثاق على :"التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ، ولا تفريق بين الرجال والنساء ، والتشجيع على إدراك ما بين شعوب العالم من تقيد بعضهم بالبعض".

ب ـ الاعلان العالمي لحقوق الانسان

استكمالا لما بدأه الميثاق في مجال حقوق الانسان تم اقرار الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 10 ديسمبر 1948 من طرف المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي عهد الى لجنة حقوق الانسان في تلك الفترة للقيام بمهمة اعداد مشروع معاهدة دولية تتضمن جملة من النصوص القانونية المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية للإنسان والبالغ عددها 30 مادة بالإضافة الى الديباجة ، وعليه فقد كان للإعلان دور كبير في عقد الاتفاقيات الدولية والقارية والاقليمية في مجال حماية حقوق الانسان وارساء آليات دولية تعنى بمهمة الحماية ( الرقابة والاشراف ).

ج ـ العهدين الدوليين لحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية لعام 1966

يعتبر العهدين بمثابة قفزة نوعية في مجال التشريع الدولي لحقوق الانسان لأنهما تضمنا حقوقا بشكل خاص و مفصل نوعا ما مقارنة مع ما جاء في الميثاق و الاعلان العالمي اللذين تعرضا لحقوق الانسان بشكل عام .

بالإضافة الى ذلك ولتغطية بعض النقائص التي شابة العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية تم الحاق به بروتوكولين اختياريين ، الأول الصادر سنة 1976 يتعلق بآلية تلقي ومعالجة الشكاوى من طرف لجنة حقوق الانسان المرفوعة من طرف الأفراد الذين يدعون أنهم ضحايا لانتهاك حق من حقوقهم المكفولة بموجب هذا العهد ، أما البروتوكول الثاني المتضمن الغاء عقوبة الاعدام والمعتمد من طرف الجمعية العامة في 11 نوفمبر 1991 .

د ـ  الاتفاقيات الدولية الخاصة

هذا النوع من الاتفاقيات هي عالمية وعامة من حيث المحتوى والعضوية، اذ تشمل جميع بني البشر حيث ما كانوا وأينما وجدوا بدون أي تمييز كما أنها مفتوحة العضوية لجميع الدول بإعتبارها من المواثيق المعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أما فيما يتعلق بالعنوان بأنها خاصة فهذا يعني أنها جاءت موجهة لتشمل فئات معينة من الأفراد تتوفر فيهم شروط تطبيقها كما أنها تطبق على أفراد في وضعيات و ظروف خاصة وهذا ما سنبرزه من خلال عناوين هذه الاتفاقيات أو ما يعرف عند الغالبية بموضوع الاتفاقية:

-اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية و المعاقبة عليها : تم اعتمادها من طرف الجمعية العامة في 09 ديسمبر 1948 و دخلت حيز النفاذ يوم 12 جانفي 1951.

- الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951 ألحق بها بروتوكول الاضافي لعام 1967 الذي دخل حيز النفاذ في أكتوبر 1971 تدعيما لبعض النقائص التي شابة الاتفاقية .

- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري : المعتمدة من طرف الجمعية العامة في 21 ديسمبر 1965 و دخلت حيز النفاذ سنة 1969.

- الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري و المعاقبة عليها : تم اعتمادها من طرف الجمعية العامة في 30 نوفمبر 1973 و دخلت حيز النفاذ في 18 جويلية 1978 .

- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة : اعتمدت من طرف الجمعية العامة في 18 ديسمبر 1978 و دخلت حيز النفاذ في 03 سبتمبر 1981 ، ألحق بها البروتوكول الاختياري المعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة 4 الدورة الرابعة والخمسون بتاريخ 9 أكتوبر 1999 ، ودخل حيز النفاذ في 22 ديسمبر 2000.

- اتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة : اعتمدتها الجمعية العامة في 10 ديسمبر 1984 و دخلت حيز النفاذ يوم 26 جوان 1987 ،ألحق به بروتوكول اختياري اعتمد في 18 ديسمبر 2002 من طرف الجمعية العامة و دخل حيز النفاذ 22 جوان 2006.

- اتفاقية حقوق الطفل : اعتمدتها الجمعية العامة في 20 نوفمبر 1989 و دخلت حيز النفاذ 1990 ، ألحق بهذه الاتفاقية بروتوكول اضافي يتعلق بحظر اشراك الأطفال في المنازعات المسلحة لسنة 2002 ، و البروتوكول الاختياري الثاني لعام 2002 المتعلق ببيع الأطفال و استغلال الأطفال في البغاء و في المواد الاباحية ، و ألحق مؤخرا بالاتفاقية بروتوكول اختياري ثالث سنة 2011 يتعلق بإجراء تقديم البلاغات.

- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990.

- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:  تم اعتمادها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2006 و دخلت حيز النفاذ في 2008 ، ألحق بها بروتوكول اختياري بنفس تاريخ اعتماد الاتفاقية و دخولها حيز النفاذ ، و المتعلق باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال تلقي البلاغات من الأفراد أو مجموعات الأفراد أو باسم الأفراد أو مجموعات الأفراد المشمولين باختصاصها والذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك دولة طرف لأحكام الاتفاقية ، والنظر في تلك البلاغات و اجراء التحقيق .

- الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري : تم اعتمادها من طرف الجمعية العامة في 20 ديسمبر 2006 و دخلت حيز النفاذ في 23 ديسمبر 2010 .