يحمل موضوع الجباية في أي منظومة قانونية العديد من الجوانب ذات الأهمية الكبرى سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، و تختلف بشأنه المقاربات و الرؤى و يعكس دائما طبعه الوضع القانوني للبلد، و يحدد طبيعة العلاقات السائدة بين مكونات المجتمع الذي يحكمه، لأن الجباية ظلت على الدوام نقطة تماس مباشرة و حساسة بين الدولة التي يعتبر بالنسبة لها أمر تحصيل الموارد الجبائية مطلبا ملحا و وجوديا لضمان استمرار مؤسساتها في القيام بالمهام الواجبة عليها، و بين الأفراد الملزمين و المكلفين بالأداء و الذين يتوقف على تحصيل الضرائب و الرسوم منهم استمرار استفادتهم من مختلف المرافق العمومية (أمن، صحة، تعليم...)
  و يعتبر مبدأ مساهمة الجميع في التكاليف العمومية من المبادئ التي حرصت أغلبية الدول على التنصيص عليه ضمن دساتيرها، حيث اقتصر دور الدولة في العصور القديمة على تغطية الإنفاق الوطني، و كان المصدر الأول لتمويل خزينة الدولة هي الضريبة و بذلك اقتصر دور هذه الأخيرة على ذلك و لم تدخل بأي شكل من الأشكال في النشاط الاقتصادي و الاجتماعي.