ترتبط السياسة التشريعية للدولة بنظامها الاقتصادي، وتتقرر الحماية القانونية للمصالح الاقتصادية عبر سن قوانين تنظيمية محكمة لضبط الأنشطة التجارية و المالية و الاقتصادية داخل الدولة، وذلك لضمان عدم انحرافها و إلحاق الضرر بالمصالح الأساسية للمجتمع أو تعريضها للخطر، ويطلق الفقه الحديث على هذه النصوص المتفرقة تسمية "قانون الأعمال"، الذي يعبر عن الإطار القانوني الجامع للنصوص والأنظمة الخاصة بالتجارة و الأعمال و المشروعات الاقتصادية و المالية وغيرها، سواء كانت تابعة لقواعد القانون العام أو الخاص.
وقد ازدادت أهمية هذا القانون مع التطور الصناعي و التكنولوجي الذي عرفه المجتمع حديثا، مما أدى إلى تعدد المنشآت المالية و الاقتصادية وتنوع المعاملات المالية، ومن هذا المنطلق أصبح من الصعب أن يتولى قانون ذو طبيعة واحدة تنظيم هذه المؤسسات و المشاريع، فالشركات التجارية باعتبارها أهم أنشطة رجال الأعمال تحتاج لإنشائها و تسييرها العديد من الأنظمة القانونية، كالقانون الإداري لإجراءات التسجيل وقانون العمل لاستخدام اليد العاملة، و القانون المدني لتحديد الملكية إضافة إلى قوانين أخرى، كقانون الصحة و البيئة و المنافسة و الضرائب وغيرها.
و إذا كان قانون الأعمال بطابعه المدني يحقق الحماية القانونية للمصالح الاقتصادية داخل المجتمع، فإن هذه المصالح تحتاج في كثير من الأحيان إلى توفير حماية قانونية قصوى لمنع الانحراف و الإجرام ، خاصة و أن المال يعد المحرك الأساسي للجريمة في مجال الأعمال، وهذا ما يؤدي إلى ضرورة تدخل القانون الجنائي في مجال الأعمال تصديا للانحراف عن القواعد المنظمة لمختلف صور المعاملات المالية، و ذلك في إطار ما اصطلح عليه الفقه ب"القانون الجنائي للأعمال"، الذي يضم جرائم الأعمال التي ترتكب من قبل رجال الأعمال ذوي المكانة الاقتصادية الرفيعة، وهو القانون الذي يضم مجموعة من النصوص القانونية المتفرقة التي تتناول التجريم و العقاب على المخالفات التي تمس الأعمال بشكل مباشر أو غير مباشر.