يتم الربط بين أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة من إنتاج للسلع والخدمات وتوزيعها واستهلاكها من خلال أداة التبادل التي تطورت عبر التاريخ من مرحلة المقايضة إلى مرحلة الاقتصاد النقدي، وخلال تطور وسائل المبادلة عرف الفكر الاقتصادي نظريات عديدة مختلفة حولها، فهذا الاقتصادي "جون ستيورات ميل" كان يقول " لا الشيء في الاقتصاد أقل قيمة من النقود" وهو ينتمي للمدرسة الكلاسيكية التي تعتقد بأن دور النقود في الحياة الاقتصادية هو مجرد تغطية للمعاملات فقط، ثم تطور الفكر الاقتصادي إلى نظرة أخرى تعطي للنقد مكانة هامة، وهي نظرة "كينز" وأتباعه التي تبين أهمية النقود نظرا لملامستهم التأثيرات التي تحدثها النقود، وأصبح ينظر إليها على أنها تلعب دور المحرك في النشاط الاقتصادي، أو دور الكابح له حسب تحكم السلطات النقدية فيها.
ومن ثم فإنه ليس من الخطأ أن يسمى النظام الاقتصادي الحديث بالنظام الاقتصادي النقدي، وهذه التسمية لم تطلق على سبيل المبالغة، ولكنها تعبيرا عن واقع الحياة الاقتصادية، والمبادلات التي تتم بين الأطراف المتعاملة تخضع إلى أسلوب إدارة هذا النظام، فإذا كان يتصف بحسن التسيير والضبط انتعشت حركة المبادلات، وساعد ذلك على التنمية الاقتصادية، وتحقيق الاستقرار، أما إذا تميز بخلاف ذلك عرف النشاط الاقتصادي تراجعا، وقد يصاب بالكساد.
وعليه فإن أي هيئة ما لديها السلطة لتنظيم هذه الأداة (النقود) هي في الواقع تتمتع بالدور البالغ الأهمية في الحياة الاقتصادية، وهذه السلطة ليست هيكلا جامدا تمر عبره النقود، بل عليه إذا تنظيم تداول هذه الأداة ما دامت لها تأثيرات قوية على الإنتاج والتشغيل والتضخم والتوازن الخارجي وذلك لتجنبها، فإذا تدخلت السلطات لتنظيم تداول النقود لتحقيق أهداف معينة، أو تجنب اختلالات اقتصادية، سمي ذلك السياسة النقدية، وكان الاقتصادي الأمريكي زعيم النظرية النقدية "ملتون فريد مان" يحبذ القول بأنه لا يوجد ما يسمى "باللاسياسة" فكل ما تفعله الحكومات هو سياسة، فإذا لم تصدر نقودا فهذه سياسة، وإذا أصدرتها فتلك سياسة أيضا، وهذا تعميم على كافة الإجراءات التي تقوم بها الحكومة في كل الميادين المختلفة.