أصناف الملكية العقارية
Kursthemen
-
المقياس :أصناف الملكية العقارية
الفئة المستهدفة :طلبة السنة الأولى ماستر قانون التوثيق
الأستاذ المسؤول على المقياس :د.مهدي شعوة
السنة الجامعية 2023/2024
-
تعد قضية العقار مسألة حيوية في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المرجوة في أي بلد وبالأخص بلادنا نظرا للإعتبارات التاريخية والسياسية التي مرت بها.
العقار هو كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه بحيث لا يمكن نقله من مكان إلى آخر دون تلف على غرار المنقول، لأجل ذلك كان ولا يزال مصدر قوة ورمزا للثراء، فالمادة 684 من ق.م.ج تنص على أنّه: « يعتبر مالا عقاريا كل حق عيني يقع على عقار بما في ذلك حق الملكية وكذلك كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار.
عرف المشرع الجزائري الملكية العقارية الخاصة في المادة 27 من القانون رقم 90/25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 ،المتضمن التوجيه العقاري بأن: «الملكية العقارية الخاصة هي التمتع والتصرف في المال العقاري أو الحقوق العينية من أجل استعمال الأملاك وفق طبيعتها أو غرضها».
و يعتبر حق الملكية من الحقوق الأساسية التي عنيت بها جل التشريعات منذ القدم، من حيث تنظيمه و ضبط نطاقه، و كيفية استعماله و حمايته لذا عرفته المادة 674 من القانون المدني على أنه: " الملكية هي حق التمتع و التصرف في الأشياء، شرط أن لا تستعمل استعمالا تحرمه القوانين و الأنظمة ".
-
تلعب الملكية العقارية دور هام في قياس مدى تقدم الشعوب. فبقدر ضبط وتنظيم الدول لتصرفات العقارية تقاس درجة تطورها و واحترامها للحقوق الأساسية للإنسان و عليه سعت الأنظمة إلي وضع تشريعات خاصة تسير و تؤطر حركية الملكية العقارية في المجتمع، و نظرا لتعدد طرق اكتساب الملكية العقارية الخاصة تنوعت سندات إثباتها، بين ملكية عقارية يحوز أصحابها على سندات كساها المشرع بصبغة قانونية فأصبحت ذات حجية مطلقة في إثبات الملكية واختلفت هذه السندات بين السندات الرسمية والعرفية . و أخرى ملكية عقارية مكتسبة من الأشخاص عن طريق الحيازة القانونية لكن دون وجود لسندات تثبث هذه الملكية وتسمح للحائز بتصرف فيها واستغلالها بكل حرية.
المطلب الأول : الملكية العقارية الخاصة التامة
تكتسب الملكية العقارية في القانون بتصرفات إرادية ينتج عنها أثر قانوني او بفعل وقائع مادية . قد بين المشرع الجزائري في التقنين المدني أسباب كسب هذه الملكية ابتداء من المواد 773 إلى المادة 843 ،وذكر أنها تكسب بسبب الوفاة بواسطة الوصية و الميراث، أو ما بين الأحياء بواسطة الشفعة،الحيازة، العقد ، الالتصاق أو الاستيلاء.
لكن هذه الملكية المكتسبة تحتاج لتقريرها لسندات تثبتها في مواجهة الغير وهذا لا يكون الا بوثائق حدد القانون إجراءاته حيث إن هذا الإثبات يعد مظهرا من مظاهر الحماية التي يعطيها القانون لهذا الحق.
الفرع الأول : إثبات الملكية العقارية الخاصة عن طريق السندات
لقد سعى المشرع لإيجاد امثل السبل لإثبات التصرفات القانونية، فكانت الكتابة أفضلها نظرا لما توفره من الضمانات والكتابة إما أن تكون في وثيقة رسمية أو عرفية .
أولا - السندات الرسمية لإثبات الملكية العقارية الخاصة
يعتبر السند الرسمي من أسمى أدلة الإثبات، يتم استعماله في مختلف التصرفات مدنية كانت أو تجارية إلى غيرها من المعاملات، لهذا قد أحاطها المشرع بعناية خاصة.
1 - تعريف السندات الرسمية المثبتة للملكية العقارية الخاصة
السند الرسمي من أسمى أدلة الإثبات،من حيث القوة والحجية حيث عرفه المشرع الجزائري انه عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه .
ان قاعدة الرسمية لها مكانة خاصة في القانون الجزائري وعلى الخصوص في نظام الإثبات القائم أساسا على الكتابة و اشترط المشرع أن تتم المعاملات من قبل موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، مع ضرورة توفر إجراءات شكلية وموضوعية يجب مراعاتها عند تحرير العقود،حيث يجب أن يتضمن كل عقد البيانات التي أوجبها القانون ولا سيما اسم ومكان إقامة محرر العقد، أسماء وألقاب وصفات وعناوين سكن ومهن أطراف العقد والشهود إذا كانت شهادتهم في العقد ضرورية، تعيين العقار موضوع العقد، أو الحق العيني العقاري، ومضمون العقد وتاريخه والهوية الكاملة للأطراف أو ما يسمى بتأشيرة موقعة من قبل محرر العقد يشهد بهوية الأطراف، إضافة الى إخضاعه لإجراء الشهر بالمحافظة العقارية.
2- أنواع السندات الرسمية المثبتة للملكية العقارية الخاصة
السند الرسمي المثبت لحق الملكية يكون إما توثيقيا ، أو إداريا إذا صدر من موظف عام تابع لإحدى الإدارات العامة، سواء المركزية أو غير المركزية ،كما قد يرد في شكل سند قضائي صادر عن هيئة قضائية إثر نزاع عرض عليها للفصل فيه .
- السندات التوثيقية
هي تلك المحررات التي يقوم الموثق بتحريرها بصفته ضابط عمومي طبقا للأشكال والترتيبات المنصوص عليها قانونا ويتم توقيعها من طرفه والمتعاقدين والشهود إذا حضرو .
و الموثق طبقا للمادة 03 من القانون 06-02 المؤرخ في 20-02-2006 المنظم لمهنة التوثيق هو ضابط عمومي مفوض من قبل السلطة العمومية .يتولى تحرير العقود التي يشترط فيها القانون الصبغة الرسمية وكذا العقود التي يرغب الأشخاص إعطاءها هذه الصبغة ويراعي في ذلك الأشكال والبيانات التي يستلزمها قانون التوثيق .
تصنف العقود التوثيقية المثبتة للملكية العقارية الخاصة حسب التصرفات . قد تكون التصرفات نابعة من إرادة منفردة وهي العقود الاحتفائية كعقد الوقف، الوصية، الهبة، وقد تكون صادرة من جانبين كالبيع أو المقايضة. و قد تكون العقود تصريحية و من أبرزها عقد الشهرة، الشهادة التوثيقية.
- السندات الإدارية
السندات الإدارية المثبتة للملكية العقارية، هي عبارة عن وثائق رسمية صادرة من طرف الإدارة ألجل اكتساب أمالك عقارية من الغير ودمجها في أمالكها وذلك ألجل تحقيق المصلحة العامة؛او بمناسبة تصرفها في ملكيتها العقارية لصالح الأفراد أو المؤسسات وذلك عن طريق البيع أو غيره من العقود . هو اتفاق مبرم بين موثق للدولة ممثلا في مديرية أملاك الدولة و المستفيد من العقارات التابعة للدولة او رئيس المجلس الشعبي البلدي بالنسبة لأملاك البلدية المدمجة ضمن الاحتياطات العقارية.
من بين العقود الإدارية المحررة بعد الاستقلال عقود التبادل بحيث يتم تبادل الأملاك العقارية بين الدولة والخواص حسب نص المادة 95/2 من قانون 90/30 المعدل والمتمم المتعلق بالأملاك الوطنية. و عقود التنازل المتضمنة تحويل ملكية عقارية تابعة للأملاك الخاصة للدولة بثمن لا يقل عن قيمتها التجارية طبقا للقانون رقم 81/01 المؤرخ في 7/2/1981.
- السندات القضائية
تعد الأحكام القضـائية الصـادرة عن الجهات المختلفة سندات رسمية تحل محل العقود المنصبة على الملكية العقارية الخاصة، ولا تكون لها هذه الصفة إلا إذا كانت نهائية حائزة لقوة الشيء المقضي فيه.
تتعدد وتتنوع السندات القضائية الصادرة في هذا الخصوص من بينها نجد:
_ حكم تثبيت الوعد بالبيع العقاري.
_ حكم رسو بيع المزاد العلني.
_ الحكم المتعلق بقسمة المال الشائع
ثانيا - السندات العرفية المثبتة للملكية العقارية الخاصة
الفراغ التشريعي غداة الاستقلال وافتقار الملاك للعقود الرسمية أجبر المواطن الجزائري الاعتماد على الشكلية العرفية . مما أسفر عنه شيوع ظاهرة التعاقد العرفي في المجال العقاري كل ذلك فرض على المشرع الجزائري الاعتراف بالعقد العرفي كآلية مثبتة لحق الملكية العقارية لكن أحاطه بشروط صارمة.
1- تعريف السندات العرفية المثبتة للملكية العقارية الخاصة
السند العرفي هو عبارة عن عقد يحرره الأطراف فيما بيتهم بصفتهم خواص أو بواسطة كاتب من أجل إثبات تصرف قانوني يتم توقيعه من طرف المتعاقدين وحدهم، أو بحضور شهود دون تدخل ضابط عمومي مختص، أو موظف عام مختص ومؤهل في تحريره. ما يميز المحرر العرفي أنه لا يخضع لشكلية معينة و لا يستلزم أي مصاريف وأتعاب لقاء تحريره ولا ذكر مكان إعداده.
2- أنواع العقود العرفية
- العقود العرفية المحررة قبل01 جانفي1971
يشترط القانون لكي يكون المحرر العرفي حجة على الغير أن يكون له تاريخا ثابتا، ويكون ذلك ابتداء من:
_ يوم تسجيله.
– من يوم ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره موظف عام.
– من يوم التأشير عليه على يد ضابط عام مختص.
_ من يوم وفاة أحد الذين لهم على العقد خط أو إمضاء.
وعليـه حـدد المشـرع الجزائـري شـروط واضـحة ليكسـب العقـد العرفـي الحجيـة القانونيـة اتجـاه الغيـر و تجـدر الإشارة أن بتبنـي المشـرع الجزائـري لنظـام الشـهر العينـي المسـتحدث بالأمر 75-74 أدى بالسـلطة التنفيذيـة التـدخل لتصـحيح العقـود العرفيـة الثابتـة التـاريخ عن طريـق إعفاءها مــن قاعــدة الإشهار المســبق الــذي كــان مفــروض بحكــم نــص المــادة 88 مــن المرســوم 76-63 المتعلــق بتأسيس السجل العقاري.
و بمقتضـــــى المرســـــوم التنفيـــــذي رقـــــم 93 -123 المـــــؤرخ فـــــي 19 مـــــاي 1993 المعــــدل والمــــتمم للمرســــوم رقــــم 76-63 المــــؤرخ فــــي25/03/1976 المتعلــــق بتأســــيس الســــجل العقــــــاري اكتســــبت العقــــود العرفيــــة الثابتــــة التــــاريخ المحــــررة قبــــل أول جــــانفي 1971 صــــيغتها الرســــمية، دون حاجـــة للجـــوء إلـــى الجهـــات القضـــائية لغـــرض إشـــهارها كمـــا كـــان الشـــأن ســـابقا، إذ يكفـــي اللجـــوء إلـــى الموثق لتحرير عقد إيداع بشأنها يتم شهره بالمحافظة العقارية المختصة.
- العقود العرفية المحررة بعد 1 جانفي 1971
جاءت المادة 12 من األمر70-91 المؤرخ في 15 سبتمبر 1970 المتضمن مهنة التوثيق الذي بدأ سريانه في 1 جانفي 1971 ،والتي أوجبت صراحة الرسمية تحت طائلة البطلان في جميع المعاملات العقارية. و أن كل بيع اختياري أو وعد بالبيع يجب إثباته بعقد رسمي و إلا كلن باطلا.
الفرع الثاني : إثبات الملكية العقارية المكتسبة دون سند.
أصدر المشرع عدة نصوص قانونية وتنظيمية لتشجيع الحـائزين علـى عقـارات غيـر موثقـة لتكريس هذه الحيازة بسندات قانونية ، فصدر الأمر رقم75 -74المؤرخ في 1975 / 11 / 12 المتضمن إعـداد مسـح الأراضي العـام وتأسـيس السـجل العقـاري لتطهيـر الوضـعية القانونيـة العقاريـة ، إلا أن بـطء عمليـة المسـح علـى كافـة التـراب الـوطني نظـرا لـنقص المـوارد البشـرية المتخصصـة والأموال الضـخمة التـي تتطلبهـا هـذه العمليـة، أدى إلـى إصـدار المرسـوم رقـم 352 - 83 المـؤرخ فـي 21-05--1983المتعلـق بـإجراء إثبـات التقـادم المكسـب وإعداد عقـد الشـهرة المتضـمن الاعتراف بالملكيـة.
إلا أن هـذا الإجراء أثبـت محدوديـة القيمـة القانونيـة لعقـد الشـهرة علـى أسـاس أنـه مبنـي علـى مجـرد تصـريحات لأصحاب الشـأن أمـام الموثـق، الأمر الـذي نـتج عنـه نزاعـات متكـررة أدت إلـى زعزعـة المعاملات العقاريـة ممـا جعـل المشـرع يستبــــدله بالقانون رقم07-02 المؤرخ في 27-02-2007 المتضمن تأسـيس إجـراء لمعاينـة حـق الملكيـة العقارية وتسليم سندات الملكية، وإصدار المرسوم التنفيذي 08-147 المؤرخ في 19-05-2008 المتعلق بعمليات التحقيق العقاري وتسليم سندات الملكية.
المطلب الثاني : الملكية الشائعة
الملكية هي سلطة على شيء معين سواء مادي أو معنوي وهي ليست المال في ذاته، وإنما ترد على المال سواء كان منقولا أو عقار، أو على حق معنوي كملكية التأليف والاختراع، وهي حق الاستئثار باستعماله وباستغلاله والتصرف فيه في حدود القانون. والقانون الجزائري كغيره من القوانين العربية يعتبر حق الملكية أهم الحقوق العينية التي تحكمه مجموعة من النصوص يتضمنها أساسا القانون المدني وكذا قانون التوجيه العقاري، الذين ضبطا المبادئ العامة للملكية، وأقرا صراحة حرية التملك وحماية حق الملكية والتصرف فيها، وجعلا توافق إرادة الأطراف بشكل رضائي في إطار ما يسمح به القانون في التعامل بهذه الحقوق.[1]
والأصل أن تثبت ملكية الشيء لمالك واحد يستأثر به بجميع عناصرها من استعمال واستغلال وتصرف، وهذه هي الملكية المفرزة أو الملكية العادية.ولكن يمكن أن تثبت ملكية شيء لعدة ملاك في نفس الوقت، كل واحد منهم يملك حصة ، والملك الشائع في هذا الشيء ملكية تامة دون أن تتجزأ، وهذه هي الملكية الشائعة وكذا ممارسة عناصر الملكية 2 كالملك المفرز من حيث جواز التصرف فيه بالبيع والهبة الأخرى كالاستعمال والاستغلال[2].
النظام القانوني للملكية الشائعة في القانون المدني الجزائري نظم المشرع الجزائري الشيوع الاختياري، الذي ينقضي بالقسمة ويتمتع فيه الشركاء بجميع السلطات على المال الشائع من انتفاع وإدارة وتصرف بشرط عدم الإضرار بباقي الشركاء،ونظم الشيوع الإجباري الذي لا يمكن طلب القسمة فيه بسبب الغرض الذي أعد له المال الشائع، ويكون في ثلاثة صور ملكية الحائط المشترك وملكية الأجزاء المشتركة في ملكية الطبقات وملكية الأسرة. يمكن للشركاء طلب قسمة المال الشائع ما لم يكن مجبرا بالبقاء في الشيوع بنص قانوني أو اتفاق، وللقاضي دور هام في قسمة المال الشائع ففي حالة القسمة الاتفاقية يراقب عدالة القسمة وفق القانون،وفي حالة القسمة القضائية فله دور إيجابي كونه هو الذي يقوم بهذه العملية.
الفرع الأول : تعريف الملكية الشائعة :
قد ازدهرت الملكية الشائعة منذ القرن 11 ميلادي مع استقرار القبائل البدوية والعشائر الجبلية، والعرش أو القبيلة هي التي تقرر كيفية التصرف فيها وتنظيم استغلالها وذلك يكون عادة بتخصيص نصيب كل بيت أو أسرة لاستغلاله مع ترك الباقي للانتفاعالجماعي والرعي بقصد التخصيصوالتزامات المستغل هي عادة تكمن في دفعالضرائب في الإستعمال الصناعي.[3]وأهم صورة للملكية الشائعة في هذه الفترة هي أراضي العرش، وهي ملكيات مملوكة على الشيوع بين أفراد العرش أو القبيلة، الذين يقومون باستغلالها جماعيا، لكل بيت أو أسرة نصيب منها، وهذا النوع من الاستغلال المشاعي الجماعي لجميع عائلات القبيلة أو العرش جعل ملكية الأرض تتميز بجملة من الخصائص كعدم خضوعها لعملية القسمة أوالتداول[4]. فبتواجد الاستعمار الفرنسي في الجزائر أراد المستعمر الفرنسي اناذاك القضاء على الملكية الجماعية و الشائعة في المجتمع الجزائري فقاصدر عدة قوانين منها من كانت اجبارية لتفكيك الملكية الشائعة . حيث عمد المستعمر الفرنسي إلى إصدار عدة قوانين تخص أراضي الفقه الإسلامي العرش أهمها المرسوم الملكي في 1 أكتوبر 1844 وكانت أهم بنوده نص على تمليك ، كما صدر القانون المؤرخ في 16 جوان1851 المتعلق 3 المعمرين للأراضي الشائعة بتأسيس الملكية في الجزائر صدر هذا القانون من أجل تشخيص الأراضي العروشية كباقي أصناف الملكية، وقد اعترف هذا القانون بوجود مثل هذه الملكيات العروشيةونظمها في المادة 11 منه كما صدر مرسوم سيناتوس كونسيلت بتاريخ 12 أفريل 1863 والقانون المؤرخ في 26 جويلية 1873 وهذا القانون يسمى بقانون فارني وكل منهما نص على تحويل أراضي العرش إلى ملكية خاصة قابلة للتصرف فيها خاصة للمعمرين، وكان القصد من هذا التشريع هو كسر شوكة العرش والترابط الأسري الذي كان سائدا آنذاك و لتسهيل الاستيلاء على الأراضي الجزائرية و نزعها للافراد.
" اذا ملك اثنين او اكثر شيئا غير مفرزة حصة كل منهم فيه, فهم شركاء على الشيوع. وتحسب الحصص متساوية, اذا لم يقم دليل على غير ذلك." يتبين من هذا النص ان الملكية الشائعة تقع على مال معين بالذات, يملكه اكثر من شخص واحد[5].
وتتناول هذه الملكية المال الشائع كله غير منقسم. اما حق الشريك فيقع على حصة شائعة في هذا المال. ومن ثم يكون محل حق الشريك هو هذه الحصة الشائعة. فحق الملكية على المال الشائع هو الذي ينقسم حصصا دون ان ينقسم المال ذاته.[6]
الملكية على الشيوع كالملكية المفرزة تشتمل على ثلاثة حقوق حسب المادة 714 من القانون المدني الجزائري : " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكا تاما, وله ان يتصرف فيها وان يستولى على ثمارها وان يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء." بمعنى ان الشريك في الشيوع يتمتع بحق التصرف و حق الاستعمال , حق الاستغلال . لكن حقي الاستعمال والاستغلال مقيدان في الملكية الشائعة بحقوق بقية الشركاء، فالمالك على الشيوع له أن يستعمل حقه وأن يستغله بشرط أن لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء.
أما حق التصرف فحق المالك فيه كحق المالك ملكية مفرزة بشرط أن يقع تصرفه على حصته الشائعة ويمكن أن يكون هذا التصرف بيعاً أو رهناً أو هبة بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء ، ويمكن أن يتصرف الشريك في حصته الشائعة أو أن يتصرف في شيء مفرز.
ليس ما يمنع قانوناً أن يقوم المالك لحصة مملوكة على الشيوع من التصرف بها ضمن نطاق ما يخصه من الملكية الشائعة.
الفرع الثاني : مصادر الملكية الشائعة :
حسب المادة 714 من القانون المدني الجزائري : " كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكا تاما , وله ان يتصرف فيها وان استولى على ثمارها وان يستعملها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء." يتبين من النص القانوني السالف الذكر ان الملكية الشائعة هي حق ملك تام . فمصادر الملكية الشائعة هي نفسها أسباب كسب الملكية, اهم هذه المصادر بالنسبة للملكية الشائعة :
- الميراث : فاكثر ما يكون في الشيوع عند وفاة المورث وتركه ورثة متعددين فتنقل اليهم أمواله الشائعة[7].فيصبحون شركاء في الملكية الشائعة .وهو المصدر الأكثر شيوعاً في مصادر الملكية الشائعة إذ بوفاة الشخص تنتقل ملكيته إلى ورثته حصصاً شائعة حسب نصيب كل منهم في الإرث وحينئذ يصبح الورثة مالكين لتركة مؤرثهم على الشيوع .
- الوصية : كما اذا أوصى شخص لاثنين بمال على الشيوع[8]. فبمجرد قيام الوصية وانتقالها لصاحبها فيصبح له حق التصرف و حق الاستعمال و حق الاستغلال وبهذا يصبح شريك في الشيوع.كأن يوصي شخص إلى عدة أفراد شيئاً معيناً بالذات أو عقاراً يملكه ليتملكونه بشكل مشترك وبذلك يصبحون مالكين على الشيوع بعد وفاة الموصي وانتقال العقار الموصي به إليهم حسب الحصة التي يعينها الموصي لكل منهم.
- العقد : اذا اشترى شخصان مالا على الشيوع, او باع مالك ملكه[9]. فيصبح يملك حصته ملكا تاما . فيكون كل منهم قد تملك حصة شائعة في هذا العقار أو هذه السيارة بنسبة حصته في عقد الشراء فإذا لم يبين عقد الشراء حصة كل منهم اعتبرت الحصص متساوية.
كما قد يكون مصدر الشيوع سبب اخر من أسباب كسب الملكية كالاستيلاء او الالتصاق و الشفعة و التقادم .
- الاستيلاء:إن المنقول وحده هو الذي يصح تملكه بالاستيلاء. ذلك أن الاستيلاء هو وسيلة من وسائل كسب ملكية الأشياء التي لا مالك لها . وذلك بوضع اليد عليها بنية تملكها . والمنقولات هي الأشياء الوحيدة التي يمكن أن تكون بلا مالك.
- الالتصاق: طبيعياً كان أم صناعياً يعتبر مصدراً من مصادر الشيوع.
ومن أمثلة الالتصاق الطبيعي للشيوع ما تضمه مجاري الأنهار مع مرور الزمن إلى الأرض المشاعة فتصبح الأرض الملتصقة بها مملوكة على الشيوع لأصحاب الأرض المشاعة كل حسب حصته في الأرض المشاعة.أما الالتصاق الصناعي كأن يزرع شخص أو يبني في أرض غير جارية بملكه وإنما بملك الغير المالكين لها على الشيوع وبالتالي فإن المالكين لهذه الأرض على الشيوع يتملكون بالالتصاق الزرع أو البناء المقام على أرضهم كل بنسبة حصته من المال الشائع.
الفرع الثالث : الاطار القانوني للملكية الشائعة
الملكية في الشيوع كالملكية المفرزة تشتمل على ثلاث عناصر :
الاستعمال و الاستغلال و التصرف . بحيث يتثيد الشركاء الاستعمال و الاستغلال بحقوق الشركاء الاخرين . الشركاء لهم ان يستعملوا حقهم في التصرف و الاستغلال دون الالحاق بالضرر بحقوق سائر الشركاء.
و هذا ما اعتمده المشرع الجزائري في النظام التشريعي الجزائري حيث اكد على هذا في المادة 714/1 ب : "كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكا تاما , وله ان يتصرف فيها وان يستولي على ثمارها وان يستغلها بحيث لا يلحق الضرر بحقوق سائر الشركاء."
و بالاستناد الى نص المحكمة العليا في القرار المؤرخ في 29/10/1990 ملف رقم 63765, والذي جاء فيه : "من المقرر قانونا ان الشريك في الشيوع يملك حصته ملكا تاما له ان يتصرف فيها. ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدا يعد خطا في تطبيق القانون ولما كان من الثابت في قضية الحال ان القضاة الموضوع بابطالهم عقد بيع قطعة أرضية الت الى الطاعن عن طريق الإرث على أساس ان ليس له الحق في بيع ملك في الشيوع اخطا في تطبيق القانون."[10]
والقرار المؤرخ في 08/04/1987 ملف رقم 39496 الذي يتضمن : " من المقرر قانونا ان كل شريك في الشيوع له ان يتصرف في حصته دون ان يلحق ضررا بحقوق سائر الشركاء, ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدا يعد فرقا للقانون". [11]
الفرع الرابع : الاثار المترتبة عن الملكية الشائعة :
ان الحق في الملكية يخول لصاحبه مجموعة من الامتيازات و المتمثلة في حق الاستعمال والاستغلال والتصرف في الشيء المملوك وهكذا فكل شريك يملك حصة مشاعة باعتبارها نوعا من انواع الملكية التي تثبت له جميع الحقوق , الا ان الشريك في الشيوع في ممارسته لحقوقه يتقيد بعدم المساس بحقوق باقي الشركاء و بالالتزام بالمحافظة عليها وصيانتها ومن ثم فكل مالك على الشيوع يتمتع بمجموعة من الحقوق وفي المقابل تفرض عليه مجموعة من الالتزامات تجاه هذا المال الشائع.
يحق لكل شريك على الشيوع التمتع بجميع الحقوق التي يخولها الملكية العامة و ان يمارس عليها كل حقوقه مثله مثل المالك على ملكه, فله ان يستعمل حصته ويستغلها وكذا التصرف فيها ويحميها ويحافظ عليها . فالملكية الشائعة تعطي لصاحبها دون سواه الحق في استعمال المال المشاع واستغلاله لكن ضمن الحدودالتي رسمها القانون والنظام العام.
المالك على الشيوع يحق له استعمال حصته بكافة الأوجه بحيث يحق للشريك استعمال حصته في الشيء المشاع ولكن دون ان يستعمله استعمالا يتنافى مع طبيعته او مع الغرض الذي اعد له. مع مراعاة حقوق الشركاء الاخرين بان لا يستعمل حصته بشكل يتعارض مع مصلحة الشركاء او حرمانهم من حقوقهم.
و حق الاستعمال يصبح مقيد بكون الشيء قابلا للقسمة بطبيعته اما اذا لم يكن قابلا للقسمة فليس للشريك سوى الاخذ غلته بنسبة حصته فقط.
يحق للشريك في الشيوع الاستغلال يعني الاستفادة من الغلة الشيء الشائع أي كانت نوعه تفاديا الاضرار ببقية الشركاء مع تقديم حسابات للشركاء ان تجاوزت مقدور ما تجاوزه من قيمة حصته .
ان كانت الملكية الشائعة غير مفرزة أي ان كل من الشركاء لا يعلم اين تقع حصته او حقه , على كل شريك ان يخضع للقسمة الاستغلالية التي تقتصر على قسمة المنافع و تكون اما زمانية او مكانية . فتبقى كذلك ولاتتحول مهما طالت. ولا يمكن الاحتجاج بها على انها قسمة نهائية دون اتفاق بين الشركاء او اتفاق خاص يعقد بينهم.
كما يحق لكل شريك التصرف في حصته ولكن في حدود ماهو مسموح به قانونا . فان له بيع حصته او هبتها او رهنها للغير. الى غير ذلك من التصرفات القانونية التي تتعلق بشخص الشريك . وكذلك يحق له التصرف في حق انتفاعه عن طريق التبرع او المعاوضة .
بالتالي يحق للشريك التصرف في حصته بكافة التصرفات القانونية المخولة له من طرف القانون دون الموافقة من الشركاء لالاخرين وفي حدود عدم الاضرار بهم . الا في حالة ممارسة حق الشفعة في استرجاع الحصة المباعة من طرف شريكهم
[1]- دفــاس فـوزي . تـــنــظــيــم الـمــلك الــمــشـــاع في القانون المدني . مذكرة شهادة الماجستير في الحقوق . جامعة الجزائر- 1- كـلـيـة الـحـقـــوق. 2011-2012 . ص4.
[2] -المصلح عبد االله بن عبد العزيز، قيود الملكية الخاصة في الإسلام، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى سنة1988 ،ص120.
[3]فاضلي إدريس، نظام الملكية ووظيفتها الاجتماعية في القانون الجزائري، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق بن عكنون جامعة الجزائر، سنة 1995 ،ص 186.
[4] رجيمي نور الدين، الحياة العقارية في الجزائر، مجلة الموثق، الغرفة الوطنية للموثقين، المطبعة الحديثة للفنون المطبعية الجزائر، العدد 3 ،سبتمبر-أكثوبر2001 ، ص 26.
[5] المادة 713 من القانون المدني الجزائري. القسم الرابع , الملكية الشائعة . صفحة 147 .
[6] عبد الرزاق احمد السنهوري, الوسيط في شرح القانون المدني الجديد, حق الملكية, منشورات الحلبي الحقوقية, بيروت, الجزء الثامن, 2000. صفحة 796.
[7]السنهوري عبد الرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، حق الملكية، الجزء الثامن، المرجع السابق . ص 801.
[8] نفس المرجع السابق.
[9] نفس المرجع السابق.
[10] عمر بن سعد, الاجتهاد القضائي وفقا للاحكام القانون المدني’ دار الهدى, الجزائر , 2000 , الصفحة .
[11]المرجع السابق . ص 449.450.
-
تختلف أهمية ومكانة الأملاك الوطنية مع اختلاف التوجه السياسي والنمط الاقتصادي المتبع حسب طبيعة كل دولة، أي حسب الاختيارات السياسية، وكلّما تغيرت هذه المعطيات، تغيرت القواعد القانونية المنظمة لها، وعلى وجه عام يمكن القول أن النظام الليبرالي المؤسس على الملكية الخاصة والمبادرة الاقتصادية الخاصة، يرى في تحديد نطاق الملكية العمومية وسيلة لتسهيل ممارسة الحرية الفردية، وفي هذا النظام سيقتصر نشاط الدولة على إشباع الحاجات العامة عن طريق استغلال المرافق العامة، ويقيد نشاط الإدارة بقواعد معينة([1]).
غير أنّ الوضع قد يختلف نوعًا ما عندما يتعلق الأمر بدولة أساسها الملكية الجماعية والمبادرة الاقتصادية العمومية، حيث تظهر هذه الأخيرة أكثر أهمية وأكثر حماية، فإذا كانت الدولة الحائزة الوحيدة لأهم الممتلكات، كما كان عليه النظام الجزائري([2])، وهذا يؤدي إلى انعدام التوازن الضروري بين القواعد القانونية التي تحكمها مما يؤدي إلى تحكمها مما يؤدي إلى فقدان الدومين الخاص مكانته.
ويعتبر انتقال الجزائر من النظام الاشتراكي إلى نظام آخر "السوق الحر"، والاصلاحات التي رافقته كأحسن دليل على العلاقة الوطيدة التي تربط بين الأنماط السياسية المنتهجة والقواعد القانونية التي تنظم هذه الأملاك.
وبالتالي سنتطرق من خلال هذا الفصل إلى تأثير السياسات التي انتهجتها الدولة الجزائرية على طبيعة ومفهوم الملكية العمومية، ثم نقوم في مبحث ثاني بدراسة الأحكام المنظمة لتكوين واستعمال هذه الأملاك.
المطلب الأول: مفهوم الملكية الوطنية العامة:
حسب المادة (12) من قانون الأملاك الوطنية: «تشمل الأملاك العمومية على الحقوق والممتلكات المنقولة والعقارية التي تستعمل من طرف الجميع والموضوعة تحت تصرف العامة، المستعملة لها إمّا مباشرة وإمّا بواسطة مرفق من المرافق العمومية شريطة أن تكون في هذه الحالة، إما بحكم طبيعتها أو تهيئتها الخاصة ملائمة حصرا وأساسًا مع الهدف الخاص بهذا المرفق».
يقترب هذا المفهوم من التعريف التقليدي وخاصة تلك التي اقترحته لجنة تعديل القانون المدني الفرنسي سنة 1947، حيث يمتاز هذا التعريف بعدّة خاصيات: أنه أكثر دقة من تعريف المشرع الفرنسي، كما أنه يتناول جميع جوانب الملكية العمومية([3]).
إنّ هذا المفهوم جاء كنتاج لإرادة سياسية قامت باعتناق نظرية جديدة جاءت لترسيخ بعض المفاهيم المتعلقة بالملكية العمومية، من خلال إيديولوجية تكرست بصدور دستور 23 فبراير 1989، حيث ظهر تعريف جديد للملكية العمومية معلنة إلى الرجوع نحو النظرية التقليدية.
الفرع الأول: تأثير دستور 1989 على مفهوم الملكية العمومية:
كان من الطبيعي أمام صدور العديد من النصوص القانونية المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية، والتي أحدثت ازدواجية في الخطاب السياسي بين ذلك المكرس في دستور 1976، والخطاب الجديد الذي بدأت بوادره تطفو على السطح ابتداءً من سنة 1986([4])، إذ كان لا بد أن يفسح أحدهما المجال للآخر، برفع ما من شأنه أن يُحدث التناقض بين الخطابين.
فإمّا أن تعاد صياغة الدستور تماشيا والتطورات الجديدة التي عرفتها تلك المرحلة، أو يُعاد تكييف النصوص القانونية الجديدة مع أحكام دستور 1976، إلا أنّ الاختيار انصبّ على الرأي الأول القاضي بتعديل الدستور، وذلك تحت ضغوطات الواقع الداخلي والخارجي، فكان دستور 1989 الذي أحدث القطيعة مع النظام الاشتراكي وفتح المجال واسعًا أمام المبادرة الخاصة بتغيير نظريته الجذرية للأملاك الوطنية.
أولا: الملكية العمومية في ظل قانون 30 جوان 1984:
لقد انطلق عرض أسباب مشروع هذا القانون من انتقاد النظرية التقليدية المبنية على التمييز بين الدومين العام والدومين الخاص([5])،حيث أن هذا التمييز لا يجد أي مكانة في دولة انتهجت النمط الاشتراكي وأنّ هذه النظرية غير قابلة للتطبيق لأنها تتنافى وأهداف الدولة الاشتراكية.
وعلى وجه عام صرّح مشروع عرض الأسباب بعدم قابلية هذه النظرية للتطبيق في الجزائر حيث لا يمكن التفرقة بين الأملاك الهادفة لتحقيق هدف المرفق العام والأملاك الأخرى التي تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة.
وبالتالي فقد اقترح المشرع نظرية تأخذ بنظرية وحدة الأملاك الوطنية باعتبار أن هذه الفكرة لا تتنافى والتقسيم الداخلي([6]) للأموال حسب وظائفها، ونظام تسييرها، ونستخلص من هذا أن المشرع قد التجأ إلى فكرتين أساسيتين:
-فكرة ملكية الدولة التي ترمي إلى مفهوم واسع.
-فكرة الأملاك الوطنية الموحدة التي تهدف إلى تغطية كافة الأموال([7]).
1- فكرة ملكية الدولة:
لقد نصت المادة الأولى من قانون 30 جوان 1984 على أنه: «تتكون الأملاك الوطنية من مجموع الممتلكات والوسائل التي تملكها المجموعة الوطنية والتي تحوزها الدولة وكمجموعاتها المحلية في شكل ملكية الدولة...».
ما يلفت الانتباه في هذا التعريف هو الخلط بين العديد من المفاهيم وذلك من خلال استعمال المشرع الجزائري لعبارة "ملكية المجموعة الوطنية" حيث تتعارض مع الطبيعة القانونية لحق الملكية في حدّ ذاتها باعتبار أنّ هذه الجماعة ليست شخص قانوني([8]).
وبالتالي يطرح التساؤل حول دافع المشرع من استخدام هذه العبارة وما المقصود من ذلك؟!!.
يرى الأستاذ أحمد رحماني أنه لا يوجد أي مانع في إسناد حق الملكية للمجموعة الوطنية، لأن هذا يعتبر كفيلاً بإصباغ حماية فعالة على الملاك، باعتبار الكلمة الأخيرة للفصل في مصيرها ترجع إلى الشعب إما مباشرة أو عن طريق ممثليه، ولهذا لا يمكن أن نتجاهل حقيقة أخرى أن هذا التعبير وإن لم يكن معترفًا به في القانون الإداري، والتعبير القانوني، فإنه على عكس ذلك هو أحد التعبيرات السياسية والدستورية على أن تكون الدولة من الناحية القانونية هي الشخص القانوني للجماعة الوطنية([9]).
والجدير بالذكر في هذا الصدد ما ذهب إليه جانب من الفقه العربي في تأييده لرفض فكرة تملك المجموعة الوطنية، والذي يحتاج في حدّ ذاته إلى المراجعة، وهذا ما ذهب إليه الأستاذ عبد العزيز شيحا أن الاستناد لما أورده المشرع بالدستور المصري من استعمال اصطلاح ملكية الشعب كمرادف لملكية الدولة يقول بأنّ حق الدولة على أملاكها العمومية حق ملكية هو إسناد في غير محله، لأنه إذا جاز القول بملكية الشعب لهذه الأموال، فإنّه بالتالي يمكن أن يجاز القول بملكية الهواء (أي المجال الجوي للدولة)، وكذلك ملكية الشعب للبحار والمحيطات التي تطل عليها، وهي أشياء لا تقبل التملك بطبيعتها ولا تكون محلاً للتعامل([10]).
ثم يواصل في عرض رأيه إلى أن يصل إلى تكييف طبيعة حق الدولة على الأملاك العامة باعتباره مظهرا من مظاهر ممارسة سيادتها على أراضها تسمو على اعتبارات الملكية، وهذا الرأي يمكن أن يجد سنده في القانون الدستوري([11]).
غير أن هذا الرأي فيه مصادرة على المطلوب، فهو ينفي أن يكون للشعب حق ملكية على هذه الأملاك، ثم يكيف حق الدولة بأنه حق في السيادة، متجاهلاً أن معظم دساتير الدول تنص على أنّ السيادة ملكا للشعب وحده.
وحتى إن قلنا بأن المالك هي الدولة، فإنّ أيلولة هذه الأملاك إلى شخص معنوي لا يترتب عنه أي ضرر، ولكن المهم من يباشر مهمة تسيير هذه الأملاك-وهنا بيت القصيد- فإسناد الملكية للمجموعة الوطنية هو إسناد مهمة التسيير لهذه الأخيرة وذلك باللجوء إلى فكرة "التمثيل العام للمجموعة عن طريق مسيرتها"، وبالتالي فلا يوجد أي مانع أن تبقى هذه الأملاك ملكًا للمجموعة الوطنية، ويتم استغلالها من طرف الدولة استغلالاً اقتصاديا ما دام أنه قد تمّ الفصل بين النشاط وصاحب الملكية([12]).
2- فكرة وحدة الأملاك الوطنية:
كما جاء في مشروع عرض الأسباب، فإن النظرية الجديدة مبنية على فكرة وحدة الأملاك الوطنية، حيث تتشكل هذه الأخيرة مجموعة واحدة دون تقسيمها إلى أملاك عامة وأخرى خاصة.
وبالتالي فإن اللجوء إلى هذه الخاصية يؤدي إلى إخضاع هذه الأملاك إلى نظام قانوني واحد أي إلى نفس القواعد القانونية([13]). ولكن يلاحظ من أن هذه الأملاك الوطنية لا تحتوي على وحدة بمعنى الكلمة أي مجموعة واحدة حيث توجد خمس مجموعات نص عليها المشرع من خلال هذا القانون وهي: الأملاك العامة، الأملاك الاقتصادية والأملاك المستخصة وكذلك الأملاك العسكرية، وأخيرًا الأملاك الخارجية، والملاحظ أيضا أن هذه الأملاك لا تخضع لنفس النظام القانوني، حيث أنّ كل نوع من الأملاك ينظمها قانون معين، فمثلاً الأملاك العامة تخضع لقواعد القانون العام، والأملاك الاقتصادية تخضع لقواعد القانون الخاص في تسييرها، ومن هذا المنطلق يجب البحث على معايير التمييز بين هذه الأملاك.
لقد اعتمد المشرع الجزائري في قانون 1984 على عدة معايير تختلف عن تلك المعروفة في النظرية التقليدية، ومن بينها المعيار العضوي والمعيار الوظيفي.
*المعيار العضوي: أي البحث على الشخص العام الذي يمارس حق الملكية، حيث رأينا أنّ الأملاك قد تكون تابعة للدولة أو لإحدى الولايات أو البلديات، ويصبح من الواجب معرفة الهيئة المسؤولة عن الأضرار الناجمة عن تسيير هذه الأملاك كما يسمح هذا المعيار بتحديد السلطة الإدارية المكلفة بتنظيم قواعد استعمال هذه الأملاك من طرف الأفراد، وخاصة لتحديد قاعدة الاختصاص الإقليمي.
*المعيار الوظيفي: بمعنى البحث عن الوظيفة التي يُخصص المال من أجلها، حيث أنّه باستعمال هذا المعيار الذي يسمح لنا بتحديد وظيفة كل مجموعة من الأملاك، والتي تمكننا من فرز خمسة وظائف لهذه الأملاك وهي:
-وظيفة المرفق العام، والاستعمال الجماهيري.
-الوظيفة الاقتصادية.
-الوظيفة الإدارية.
-الوظيفة العسكرية.
-الوظيفة المتصلة بالعلاقات الخارجية.
إلا أن هذا المعيار لا يسمح بتحديد النظام القانوني للأملاك، حيث تخضع الأملاك الاقتصادية على سبيل المثال تارة إلى قواعد القانون العام، وتارة أخرى إلى قواعد القانون الخاص، كما هو الحال أيضا بالنسبة للأملاك المستخصة.
وفي الأخير يمكن القول أن هذا المفهوم الموحد للأملاك الوطنية ذو صبغة إيديولوجية يرمي إلى توحيد طبيعة هذه الأملاك والتي تستعمل من أجل تحقيق الصالح العام.
2- الانتقال من "ملكية الدولة" إلى "الملكية العامة":
لقد نصت المادة الأولى من قانون 30 جوان 1984 على الأملاك الوطنية تتكون من مجموعة الممتلكات والوسائل التي تمتلكها المجموعة الوطنية والتي ........الدولة، ومجموعاتها المحلية طبقًا للميثاق الوطني والدستور.
غير أنه بمجرد تبني دستور 1989 اختفى هذا المفهوم فاسحًا المجال للملكية العمومية([14])كمفهوم جديد.
إنّ هذا التغيير في المفاهيم لا يمكن أن يكون اعتباطيًا أو وليد الصدفة، وإنما يترجم حقيقة وواقع معاشًا، عرفته الجزائر قبل وبعد أحداث أكتوبر 1988 –والي تعد بمثابة القطرة التي أفاضت الإناء- والتي شكلت منعرجا تاريخيا بالنسبة للجزائر، توج بتحول جذري في طبيعة النظام في حدّ ذاته، لتنتهي معه جميع المفاهيم الاشتراكية السابقة.
إن أي إسقاط مصطلحي لا يمكن أن يكون أجوفًا مُفرغا من محتواه، أو حتى بريئًا ، بل لا بد أن يحمل في طياته بُعدًا إيديولوجيًا معينًا فإذا كان تعبير "ملكية الدولة" كتكريس فكرة وحدة الأملاك في ظل النظام الاشتراكي([15])، فإن تعبير "الملكية العمومية" كمفهوم جديد ما هو إلا تجسيد لتعبير حاصل في طبيعة هذه الأملاك، والدور الذي يجب أن تلعبه مستقبلاً.
وهذا ما أكدّه عرض الأسباب لمشروع قانون الأملاك الوطنية بقوله: «وتندرج أحكام الدستور الجديد المتعلقة بالملكية العمومية، والأملاك الوطنية في سياق النصوص المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية، ويؤكد بدقة مبدأ الفصل بين نشاط الدولة باعتبارها السلطة العامة، ونشاطها التملكي المحض باعتبارها مالكة الأملاك»([16]).
بالإضافة إلى هذا فإن الدستور يعرّف الملكية العمومية باعتبارها: «ملك للمجموعة الوطنية»([17])، ويعدّد بعدها مشتملات هذه الملكية، مع تركه القائمة مفتوحة أمام إمكانية توسيعها، ثم يرجع مرة أخرى لينص على أنّ الاختصاص يعود للقانون في تحديد نطاق هذه الأملاك، ويكتفي بوضع التفرقة الأملاك العمومية التي تملكها كل من الدولة، والولاية، والبلدية([18]).
وبالتالي فإن المشرع الجزائري علاوة على كونه كرّس ازدواجية الأملاك الوطنية من حيث طبيعتها إلى أملاك عمومية وخاصة، فقد كرّس ازدواجية أخرى لهذه الأملاك من حيث صاحب الملكية، فيميز بين تلك المملوكة للدولة، والأملاك التابعة للأشخاص الإقليمية.
إن مدلول الملكية العمومية كما ورد في نص المادة 17 "ملك للمجموعة الوطنية" يوحي بمفهوم آخر غير ذلك المتعارف عليه في النظرية التقليدية، فهو يوحي بفكرة الملكية المرتبطة بمجموعة غير مشخصة والمتمثلة في فكرة الملكية الجماعية، وبوجه خاص ملكية اليد المشتركة "propriété en main commune"، فيتعلق الأمر -إذن- بعدد من الملكيات تم توحيدها وتنظيمها إداريًا، إلا أنها لا تنشأ موضوعًا جديدا للحق والتي تم إسقاط هذه النظرية على الأملاك العمومية([19]).
ثانيا: معايير تحديد الأملاك العمومية في الجزائر.
لما كان المشرع الجزائري يقتبس النظريات القانونية والفقهية نقلا عن الفقه والقضاء الفرنسيين، وكانت نظرية المال العام هي نظرية فرنسية المولد، والنشأة، والتي تقوم على التفرقة بين أملاك الدولة العامة والأملاك الخاصة، حيث تظهر أهمية التمييز بين الدومين العام، والدومين الخاص في اختلاف الأنظمة القانونية التي تخضع لها، لذلك اختلف الفقهاء وتباينت النظريات التي قيلت في محاولة تحديد معيار محدد، للتفرقة بين الدومين العام والخاص([20]).
وإذا كان المشرع الفرنسي لم يقم بتحديد معيار واضح لتمييز الأملاك العامة، وترك هذه المهمة للفقه والقضاء للاجتهاد في تحديد معيار جامع في هذا الشأن، فما هو موقف المشرع الجزائري في ذلك؟
إن قيام المشرع بالتمييز بين الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة والجماعات الإقليمية، أدت بالكثيرة إلى التساؤل حول المعايير التي اعتمد عليها في تحديد هذه الأملاك.
لقد اعتمد المشرع الجزائري في تحديده للأملاك العمومية على مجموعة من المعايير التقليدية المستنبطة من الفقه والقضاء الفرنسيين، ويتمثل في معيار عدم قابلية الأملاك العامة للملك الخاص، ومعيار تخصيص المال للاستعمال الجماهيري العام أو للمرفق العامة، بالإضافة إلى بعض المعايير الخاصة بالقانون الجزائري.
1- معيار عدم قابلية الأملاك العمومية للتملك الخاص:
تنص المادة (03) من القانون 90/30 المتضمن الأملاك الوطنية على:«تتشكل الأملاك الوطنية من تلك الأملاك المشار إليها في المادة 17 من الدستور والتي لا يمكن أن تكون ملكية خاصة بحكم طبيعتها، أو تخصيصها للغرض التي أنشأت من أجلها».
فالمتمعن لهذه المادة يلاحظ بسهولة المعيار الذي اعتد عليه المشرع لتحديد الأملاك العمومية، وهو عدم قابليتها للملك الخاص، حيث تعد هذه الفكرة من النظريات الفرنسية التي تعتمد على طبيعة المال في حد ذاته، إذ لا يعد ملكا عاما إلا ما كان بطبيعته غير قابل للملكية الخاصة، لذلك فإن صفة العمومية موجودة في المال العام قبل أن نعترف بها للإدارة، وأن اعتراف الإدارة له بها ليس إلا عملا كاشفا من جانبها، وليس منشأ، حيث اتفق الفقه على رد الصفة العامة إلى طبيعة هذا المال في حد ذاته، باعتباره غير قابل للملكية الخاصة([21]).
إلا أن هذا المعيار قد تعرض للنقد، باعتبار أنه ينافي طبيعة الأشياء فليس ثمة مال غير قابل للتملك بطبيعته.
ونتيجة لهذه الانتقادات العديدة التي وجهت إلى هذا المعيار، حاول أصحاب هذا الاتجاه أن يوسعوا من نطاق الأموال العامة، فذهبوا إلى أنه يجوز إلى جانب المال العام بطبيعته إنشاء مال بنص القانون([22]).
2- معيار التخصيص:
تنص المادة (12)من قانون الأملاك الوطنية على أنه: «تتكون الأملاك الوطنية العمومية من الحقوق والأملاك المنقولة والعقارية التي يستعملها الجميع والموضوعة تحت تصرف الجمهور إما مباشرة، وإما بواسطة مرفق عام شريطة أن تكيف في هذه الحالة، بحكم طبيعتها أو تهيئتها الخاصة تكييفا مطلقًا أو أساسًا مع الهدف الخاص بهذا المرفق، وكذا الأملاك التي تعتبر من قبيل الملكية العمومية...».
يظهر من خلال هذا التعريف أن المشرع الجزائري قد عاد إلى معيار المنفعة العامة حيث يفترض أن الأملاك العمومية مخصصة للصالح العام كما اعتمد على المعايير الواردة في الفقه والقضاء الفرنسي، والذي يقسم الأملاك العمومية إلى أملاك مخصصة للاستعمال الجماهيري العام وأملاك مخصصة للمرافق العامة([23]).
-معيار تخصيص المال للاستعمال الجماهيري:
تعتبر أملاكا مخصصة للاستعمال العام تلك الأملاك التي يقوم الأفراد باستعمالها مباشرة دون اللجوء إلى مرفق معين.
وبالتالي فلا يقتصر هذا الاستعمال الجماعي فقط لأنه يمكن للأفراد أن تستعمل بعض الأملاك بصورة فردية مثل: "مكان في السوق العمومي" وقد أضاف القضاء الفرنسي أن بعض الأموال المخصصة للاستعمال العام لا تشكل أملاكا عمومية إلا إذا أدخلت عليها، تهيئة خاصة تعدها لاستعمال الجمهور، حيث أن مجلس الدولة الفرنسي أصدر قرار في قضية تتعلق بالمياه الصالحة للشرب لا تكون أملاك عمومية إلا إذا تم إعداد وسائل تطهيرها وتوزيعها([24]).
-معيار التخصيص للمرافق العامة:
يقصد بتخصيص الأملاك لمرفق عام إجراء إداري يرمي إلى نقل الحيازة التي تعتبر صورة من صور ملكية الدولة إلى حيازة هذا المرفق والذي يهدف من خلالها إلى الإسهام في تحقيق مهمة من مهام المنفعة العامة المخولة لمرفق عام.
وقد أشرنا إلى أن كافة الأملاك التي تحوزها المرافق العامة لا تتوفر فيها شروط الأملاك العمومية، لأن القضاء والفقه "الفرنسي" يشترطان أن تكون الأملاك ضرورية لاستغلال المرفق العام، ولهذا وضع القضاء شرطين أكدّ عليها المشرع الجزائري:
-أن تكون الأملاك بطبيعتها مناسبة للمرفق العام.
-أن تكون مهيأة خصيصا لهدف المرفق العام.
حيث أنه لا يحتاج دمج بعض الأملاك ضمن عناصر الأملاك العمومية المخصصة لمرفق عام إلى إعداد خاص، فهذه الأملاك تشكل بطبيعتها وسيلة للمرفق العام([25]) وهذا ما ذهب إليه مجلس الدولة الفرنسي في قضية قطعة أرض تابعة لميناء ومستأجرة من طرف مؤسسات خاصة بأنها بطبيعتها تساهم في تسيير مرفق الميناء، بالإضافة إلى تهيئتها إعدادا خاصا لربطها بالسكة الحديدية وبالطرق لتصبح مرتبطة بالميناء ([26]).
وبالرجوع إلى المشرع الجزائري يرى أنه أخذ بالمعايير التي حددها القضاء الفرنسي، ويمكن القول أن تعريف الأملاك العمومية في القانون الجزائري هو تعريف تشريعي أي جاء عن طريق التشريع وليس عن طريق القضاء كما هو الحال في القانون الفرنسي([27]).
3- المعيار الخاص بالقانون الجزائري.
لقد حددت المادة (17) من دستور 23 فبراير 1989 قائمة الأملاك العمومية عندما نصت على أن: «الأملاك العمومية هي ملك المجموعة الوطنية، وتشمل باطن الأرض، والمناجم، والمقالع، والموارد الطبيعية للطاقة، والثروات المعدنية، الطبيعية والحية في مختلف مناطق الأملاك الوطنية البحرية والمياه والغابات».
«كما تشمل النقل بالسكك الحديدية، والنقل البحري والجوي، والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية وأملاك أخرى محددة في القانون».
فلتعريف الأملاك العمومية قد اعتمد المشرع على عدة وسائل وذلك من خلال تعيين صاحبها وهي المجموعة الوطنية، حيث نلاحظ أنه لم يشير للدولة، ولكن يطرح التساؤل حول نية المشرع في استخدام عبارة "المجموعة الوطنية" مع العلم أن هذه الأخيرة لا تتوفر فيها الصفة القانونية للتملك إلا للأشخاص المعنوية، ومن المعلوم أن تمثيل المجموعة الوطنية ينحصر في الدولة([28]).
بالإضافة إلى هذا فقد لجأ المشرع من خلال الدستور إلى تعداد الأملاك التي تشكل الملكية العمومية من الموارد والثروات الطبيعية.
إن تحدد الأملاك العمومية يترتب عنه عدة نتائج قانونية، فعلى المستوى القضائي فإن تدخل المشرع في تحديد هذه الأملاك يجعل دور القضاء في هذا المجال محصور من زوايا عديدة([29]) يتطلب البحث عن تفسيرات أو مبررات لذلك.
أ-التفسير التشريعي:
تحديد المشرع لقائمة الأملاك الوطنية يجعل القاضي الجزائري مقيدًا، وملزما، ففي حالة وجود نزاع ملك عام أو خاص يلجأ إلى قواعد القانون التي حددها المشرع بشكل "حصري" لا يقبل أي مجال "للاجتهاد"، وهو عكس ما طبقه القضاء الفرنسي في قضية (Jaquemin)، والتي تتمثل وقائعها أن "بقرة أكلت عشب مزروع في ملكية بلدية فقام الحارس باحتجاز البقرة لتعديها على ملك عمومي، ولجأت بعد ذلك البلدية إلى مقاضاة صاحبها للتعويض"، فاجتهد مجلس الدولة للبحث في مدلول الملكية العامة، وكيف يمكن اعتبار هذه المزرعة أو العشب ملك عام؟
وبالتالي ما يهمنا في هذه القضية أن القاضي هو الذي يبين تحديد طبيعة الملك، هل يدخل ضمن نطاق الملكية العامة أم لا، وليس المشرع، وهكذا على عكس المؤسس الدستوري الجزائري الذي قام بتحديد قائمة الأملاك العمومية، مما أدى إلى اختزال دور القضاء في الفصل في القضايا المطروحة دون الخروج عن هذه الأحكام.
إن التحديد التشريعي تحديد نظري فحسب، فلو افترضنا أن المشرع بين قائمة الممتلكات العمومية بشكل حصري، وكان تدخل الطبيعة بعد ذلك أدى إلى تغيير طبيعة أو وصف هذا الملك، فهل نحتاج إلى نص قانوني آخر (أي تعديل القانون)، حتى نعيد قائمة الأملاك، أو نحتاج إلى قرار إداري من أجل إخراج هذا المال من نطاق الملكية العامة.
ب-أثار التفسير التشريعي على النظام القانوني للأملاك العمومية:
نعلم أن التعريف التقليدي للأملاك العمومية كان مبنيا على فكرة أن هذه الأملاك مخصصة لاستعمال الجمهور بصورة جماعية أو مباشرة، أو بصورة غير مباشرة عن طريق المرافق العامة، حيث يشكل التخصيص في النظرية التقليدية المحرك الرئيسي لإضفاء الصفة العمومية على الأموال، أما الأملاك المنصوص عليها في المادة 17 من الدستور تخصص للاستعمال الجماهيري العام، ولا للمرافق العامة، وبالتالي أصبحت الأملاك الوطنية العمومية تتكون من مجموعتين:
*مجموعة تشمل على الأملاك المخصصة للاستعمال الجماهيري العام، ولمرافق العامة وهي الأملاك العمومية التقليدية.
*مجموعة غير مخصصة، والقصد من استغلالها هو تحقيق أهداف مالية وأغراض امتلاكية.
ومن ثم يمكن القول أن الأملاك الوطنية قد فقدت وحدتها كمجموعة مخصصة للنفع العام، فمن الناحية القانونية أصبحت الأملاك العمومية لا تخضع إلى قواعد قانونية موحدة، بحيث تختلف القواعد التي تحكم وتسير الموارد والثروات الطبيعية عن تلك الأحكام التي تسير الأملاك الأخرى المنصوص عليها في المادة (17)من الدستور، حيث تخضع لقواعد قانونية خاصة ونذكر من بينها:
-القانون 84/06 المؤرخ في 07 يناير 1984 المتعلق بالأنشطة المنجمية([30]).
-القانون 84/12 المؤرخ في 23 يونيو 1984 المتعلق بالنظام القانوني للغابات([31])...إلخ.
نرى إذا أن الأملاك العمومية تخضع إلى نظامين قانونيين مختلفين، أي إلى نظام قانوني ثنائي، سواء من حيث التسيير والاستغلال، أو من حيث المنازعات والقاعدة القانونية الواجب تطبيقها، فتكريس ازدواجية الملكية يؤدي حقا إلى ازدواجية في الاختصاص، حيث يخضع الدومين العام بصرف النظر عن السلطة المالكة أو المسيرة أو أطراف النزاع إلى فواعد القانون العام أو اختصاص القاضي الإداري.
أما فيما يتعلق بالدومين الخاص فقد يختلف الوضع، حيث يجب التمييز بين القواعد القانونية والاختصاص القضائي.
فبالنسبة للاختصاص القضائي يخضع الفصل في المنازعات المتعلقة بالدومين الخاص إلى القاضي العادي، عندما يكون شخص عادي طرفا في النزاع، ويرجع الاختصاص إلى القاضي الإداري إذا كان طرف في النزاع شخص عام.
([2])-القانون 84/16 المؤرخ في 30 يونيو 1984، المتضمن قانون الأملاك الوطنية، ج.ر، عدد 27، الملغى بالقانون رقم 90/30 المعدّل والمتمم بالقانون 08/14 المؤرخ في 20 يوليو 2008، ج.ر، عدد 44.
([4])-خاصة بعد تدهور أسعار البترول في تلك المرحلة، فأصبحت الدولة عاجزة عن تحقيق أهدافها، والقيام بدورها الذي حدَدته من خلال دستور 1976، مما أدى إلى ضرورة تعديل الميثاق الوطني باعتباره المرجع الأساسي لتأويل نصوص الدستور. "(سمير) بو عنجاق، تطور المركز القانوني للأملاك الوطنية، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، بن عكنون، جامعة الجزائر، السنة الجامعية 2003/2004، ص 24".
([5])-(محمد) أنس قاسم جعفر، النظرية العامة لأملاك الإدارة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1992، ص 120.
([6])-التقسيم الداخلي للأملاك الوطنية هي عبارة عن تقسيمات عملية تسمح بفرز القواعد القانونية العملية لكل نشاط من نشاطات الدولة، فلا يعني هذا التقسيم خضوع فئة من الأملاك إلى نظام قانوني موحّد حيث يمكن أن يخضع جزء من الأملاك إلى قواعد القانون العام، وجزء آخر إلى قواعد القانون الخاص." (سمير) بو عنجاق، مرجع سابق، ص 61".
([7])-وحدة الأملاك الوطنية تعني أن الأملاك التابعة للدولة والمجموعات المحلية تتسم بطابع واحد وهي ملكية الدولة. "(سمير) بو عنجاق، مرجع سابق، ص62."
([14])-في حقيقة الأمر تمّ استعمال مصطلح "الملكية العمومية" كما وردت في فحوى دستور 1989، بالإضافة إلى مشروع قانون الأملاك الوطنية 90/30، ص1، بقولها: «...تُمثل الأملاك الوطنية من الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة، الولاية، البلدية».
(المادة 02 من القانون 90/30، المؤرخ في 31/12/1990، ج. ر، عدد 52 المعدّل والمتمم بالقانون 08/14 المؤرخ في يوليو 2008، المتضمن الأملاك الوطنية، ج. ر، عدد 44).
([15])-نذكر في هذا الصدد بأن قانون 84/16 عدل عن تعبير "ملكية الدولة" إلى تعبير "الأملاك الوطنية" كتكريس لفكرة وحدة الأملاك في مفهومها الجديد،" (سمير) بو عنجاق، مرجع سابق، ص 101".
([16])-عرض الأسباب لمشروع قانون الأملاك الوطنية، رقم 90/30، المؤرخ في 31/12/1990، ج. ر، عدد 52، ص 31.
([17])-تنص المادة 17 من دستور 1989 المحوّل بموجب الاستفتاء الشعبي في 28/1/1996، ج. ر، عدد 61 المؤرخة في 16/10/1996 على: «الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية...»
([18])-تنص المادة 02نمن القانون 90/30 على: «...تتكون الأملاك الوطنية من الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة، الولاية والبلدية».
-
مر التنظيم الوقفي في الجزائر بثلاث مراحل اساسية بدءا بمرحلة ما قبل الاستقلال حيث عرف فيها نظام الوقف مرحلتين متباينتين ، مرحلة ساد فيها الحكم الاسلامي اعتمد فيها الوقف على الاحكام المقررة في الشريعة الاسلامية ومرحلة العهد العثماني عرفة مجالاتها اوقاف لصالح مؤسسة الحرمين الشريفين ، مؤسسة سبل الخيرات ،مؤسسة بيت المال ،اوقاف الاولياء والاشراف واهل الاندلس ،اوقاف الثكنات والمرافق العامة ، اما في مرحلة الاحتلال الفرنسي صادرت السلطات العسكرية كل الاملاك التابعة لبيت مال المسلمين من املاك الدايات والبايات والعقارات التابعة للوقف وقامت باصدار مراسيم وقرارات تهدف الى رفع المناعة عن الاملاك المحبسة لتتمكن من تسييرها ثم تحويل العديد من الاراضي والاملاك الوقفية الى مكاتب ومصالح ادارية ومرافق عمومية فاصبحت حسابات المؤسسات الدينية تخضع لقواعد فرنسية ومداخيلها جزءا لا يتجزء من الميزانية الفرنسية ليدخل بعدها في دائرة التبادل العقاري والتصرف فيه لصالح الاوروبيين، وتمثلة المرحلة الاخيرة في نظام الوقف ما بعد الاستقلال الذي شهد صدور عدة قوانين ومراسيم ادت الى عدة تعديلات لقانون الاوقاف كامرسوم 64/283 المتضمن الاملاك الحبسية العامة وقانون 90/25 المتضمن التوجيه العقاري وقانون 91/10 المتضمن قانون الاوقاف حيث قام بتنظيم شامل لها واكد على امكانية تحول الوقف من خاص الى عام واخيرا المرسوم التنفيذي رقم 98-381 يحدد شروط ادارة الاملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك ، فما هو النظام القانوني المتبع في ادارة وتسيير ورقابة وحماية واستغلال الاملاك الوقفية العامة والمتبع في الجزائر.
المطلب الاول : التعريف القانوني للوقف :
عرفته المادة 03 من القانون رقم 91-10 ((هو حبس العين عن التملك على وجه التابيد والتصدق بالمنفعة على الفقراءاو على وجه من وجوه البر والاحسان )) كما جاء في المادة 05 من نفس القانون ((الوقف ليس ملكا للاشخاص الطبيعيين ولا الاعتباريين ويتمتع بالشخصية المعنوية وتسهر الدولة على احترام ارادة الواقف وتنفيذها )) كما جاء في المادة 17 من نفس القانون (( اذا صح الوقف زال ملكية الواقف ويؤول حق الانتفاع الى الموقوف عليه في حدود احكام الوقف وشروطه )) يستنتج ان المشرع الجزائري لم ينقل ملكية العين الموقوفة الى ملكية الموقوف عليهم وجعل من الوقف ذو طابع مؤسساتي مادام انه يتمتع بالشخصية المعنوية.
المطلب الثاني : خصائص الوقف :
تنقسم خصائصه الى خصائص شرعية وخصائص قانونية .
اولا / خصائص شرعية :
- الديمومة والاستمرار فهو صدقة جارية.
- مستقل عمن اوقفه وعن ذريته وعن الحاكم .
- الوقف اختياري الانفاق ينبع من ارادة الواقف الحرة المخيرة .
- الوقف لا يقف عند الحدود الاقليمية للبلد.
- منفعة الوقف عامة وريعه يشمل جميع افراد المجتمع.
- · ثانيا / الخصائص القانونية :
- 1-الوقف عقد شرعي من نوع خاص .
- 2-الوقف حق عيني .
- 3-الوقف شخص اعتباري.
- 4-الوقف عقد معفى من رسوم التسجيل .
- 5-الوقف يتمتع بالحماية القانونية .
- · المطلب الثاني :اركان الوقف وشروط نفاذه :
- · الفرع الاول : اركان الوقف:[1]
- اولا –الواقف :هو الشخص الذي يصدر منه تصرف قانوني من جانبه من شانه ان يغير ملكية العقار الموقوف ويجعله غير مملوك لاحد من العباد وينشيء حقوقا عينية فيه للموقوف عليهم ويجعله خاضعا لنظام خاص يقرر القانون قواعده ويشترط في الواقف لكي يكون وقفه صحيحا :
- 1-ان يكون مالكا للعين المراد وقفها ملكا مطلقا .
- 2-ان يكون الواقف ممن يصح تصرفه في ماله (بالغا سن الرشد ) ،غير محجور عليه لسفه او دين .
- 3-ان لايكون مريضا مرض الموت .
- · ثانيا- محل الوقف :
- هو العين المحبوسة التي تجري عليها احكام الوقف وقد تكون عقارا او منقولا او منفعة ، وقد اشترط المشرع الجزائري مجموعة من الشروط لصحة الموقوف والمتمثلة في[2] :
- *ان يكون محل الوقف معلوما محددا .
- *ان يكون محل الوقف مشروعا.
- *ان يكون محل الوقف مفرزا.
- · -بالنسبة لوقف المال المرهون :
- الرهن يعد تامينا عينيا يمكن ان يؤدي الى بيع المال المرهون وفاء للدين المضمون بالرهن وهو الامر الذي يتعارض مع مبدا عدم جواز التصرف في المال الموقوف بالبيع وباي تصرف اخر على اصل المال الموقوف.
- · -بالنسبة لوقف المال المنقول :
- المشرع الجزائري ساوى في حكم الوقف بين العقار والمنقول غير انه يتعارض مع شرط التابيد اذ ان المنقول يكون دائما عرضة للتلف عكس العقار الذي يحدد صفة التابيد حيث ان المادة 03 من القانون 91/10 تقضي بان الوقف هو حبس العين عن التملك على وجه التابيد.
- -بالنسبة لوقف المنفعة :
- ان صفة التابيد التي يتصف بها نظام الوقف لايكون الا في عين دائمة البقاء وهو ما لا يتحقق في وقف المنفعة اذا كانت مؤقتة ،كذلك من يملك المنفعة دون الرقبة فملكيته للشىء تكون ناقصة ولا يصح الوقف الا اذا كانت ملكية الواقف للشىء الموقوف ملكية تامة.
- · ثالثا/ صيغة الوقف:
- تكون صيغة الوقف باللفظ او الكتابة او الاشارة والصيغة قسمان صريحة ومكنية ولا تكون صحيحة ولا تكفي لانشاء الوقف الا اذا توافرت لها شروط معينة تتحقق بها الصيغة وهي[3]:
- 1-ان تكون الصيغة تامة ومنجزة .
- 2-ان تكون الصيغة دالة على التابيد.
- 3-عدم اقتران الصيغة بشرط باطل .
- 4-جواز اقتران الصيغة بالشروط الصحيحة.
رابعا/ الموقوف عليهم :
وهم كل من يستحق الانتفاع بالعين الموقوفة بمقتضى حجة الوقف سواء كان الموقوف الواقف ذاته وهو الوقف على النفس ، او غيره من ذوي القربى او مواضع البر والاحسان وسواء كانوا اشخاصا طبيعيين او معنويين ، وقد نصت المادة 13 من قانون الاوقاف (( الموقوف عليه هو الجهة التي يحددها الواقف في عقد الوقف ، ويكون شخصا معلوما طبيعيا او معنويا ))
المطلب الثالث : شروط نفاذ الوقف
لنفاذ الوقف شروطا واحكاما يتطلبها القانون حتى ينتج الوقف اثاره وهي :
الفرع الأول/ الرسمية في عقــــد الوقف :
المشرع الجزائري استوجب من خلال قانون الاوقاف رقم 91/10 الرسمية ، شانه شان قانون الاسرة رقم 84/11 حيث قرر بان الوقف لا يثبت الا من خلال تصريح امام الموثق وتحرير عقد بذلك وهو شرط الرسمية الذي قررته المادة 191 قانون الاسرة والذي يخص الوصية ويمتد الوقف ايضا بحكم نص المادة 217 من نفس القانون .
- · الفرع الثاني / تسجيل عقـــد الوقف :
- ان وجوب تسجيل عقد الوقف واعتبره المشرع كقاعدة عامة تشمل كل العقود الوقفية وقد نصت المادة 41 من القانون 91/10 (( ...وان يسجل لدى المصالح المكلفة بالسجل العقاري )) ويتم ذلك امام مفتشيات التسجيل المختصة اقليميا ، حتى يتمكن الاطراف من شهره فيما بعد .وعقد الوقف معفى من رسوم التسجيل وهو مانصت عنه المادة 44 من قانون 91/10 ((تعفى الاملاك الوقفية العامة من رسوم التسجيل والضرائب والرسوم الاخرى ، لكونها عمل من اعمال البر والخير .)) وهذه الصفة تنطبق ايضا على الوقف الخاص .
- · الفرع الثالث/ شهر العقود الوقفية :
- -العقد الوقفي لا يكون له وجود الا بقيده في مصلحة الشهر العيني رغم انعقاده صحيحا ، من اجل حماية العقار الوقفي من التعدي من طرف الغير وبسط رقابة الدولة على العقارات الوقفية عبر التراب الوطني و احالة نسخة من عقد الوقف المشهد الى السلطة المكلفة بالاوقاف .[4]
- -وبعد التعديلات التي جاء بها قانون الاوقاف 91/10 استحدثت سجلات عقارية خاصة بالاملاك الوقفية يتم فيها تسجيل جميع العقارات الوقفية بعد اجراء عملية جرد عامة من طرف مصالح املاك الدولة بالموازات مع الجماعات المحلية ليتم التثبيت وجرد الاملاك الوقفية نهائيا في هذا السجل الخاص مع اشعار السلطة المكلفة بالاوقاف ، ولقد جاء في المادة 08 مكرر من قانون 91/10 ((تخضع الاملاك الوقفية لجرد عام حسب الشروط والكيفيات والاشكال القانونية والتنظيمية المعمول بها .
- · -يحدث لدى المصالح المعنية باملاك الدولة سجل عقاري خاص بالاملاك الوقفية ، تسجل فيه العقارات الوقفية ، وتشعر السلطة المكلفة بالاوقاف بذلك)) وعليه فان الرسمية وحدها غير كافية لنفاذ ما جاء في العقد بل يجب تسجيله وشهره لدى مصلحة الشهر العقاري /المحافظة العقارية.
- -وقد اكدت المادة 11 من قانون الاوقاف 91/10 على ضرورة الزام المحافظ العقاري بارسال نسخة من عقد الوقف بعد اشهاره الى السلطة المكلفة بالاوقاف وهو ناظر الاوقاف بالولاية عبر ما يسمى بكشف ارسال ولقد حددت التعليمة رقم 00287 (29/01/2000) النمودج الرسمي لكشف الارسال الذي يتم بموجب تحويل نسخة من عقد الوقف.
المطلب الرابع : انواع الوقف:
لقد اخد المشرع الجزائري تقسيم الوقف وفقا لمعيار الجهة الموقوف عليها فقسمه الى وقف عام ووقف خاص .
الفرع الاول: الوقف الخاص :
عرفته المادة 06 من قانون 91/10 (( ما يحبسه الواقف على عقبه من الذكور والاناث وعلى اشخاص معينين ثم يؤول الى الجهة التي يعينها الواقف بعد انقطاع الموقوف عليه.
الفرع الثاني : الوقف العام :
عرفته المادة 06 من قانون 91/10 ((ما حبس على جهات خيرية من وقت انشائه ويخصص ريعه للمساهمة في سبل الخيرات )) وهو قسمان قسم يحدد فيه مصرف معين لريعه فلا يصح صرفه على غيره من وجوه الخير الا اذا استنفذ وقسم لا يعرف فيه وجه الخير الذي اراده الواقف فيسمى وقفا عاما غير محدد الجهة ويصرف ريعه في نشر العلم وتشجيع البحث فيه وفي سبل الخيرات.
وجاء في المادة 08 من القانون 91-10 ((الاوقاف العامة المصونة هي :
- الاماكن التي تقام فيها الشعائر الدينية.
- العقارات او المنقولات التابعة لهذه الاماكن سواء كانت بعيدة عنها .
- الاموالوالعقارات والمنقولات المرفوقة على الجمعيات والمؤسسات والمشاريع الدينية.
- الاملاك العقارية المعلومة وفقا والمسجلة لدى المحاكم.
- الاملاك التي تظهر تدريجيا بناء على وثائق رسمية او شهادات اشخاص عدول من الاهالي وسكان المنطقة التي يقع فيها العقار.
- الاوقاف الثابتة بعقود شرعية وضمت الى املاك الدولة او الاشخاص الطبيعيين او المعنويين.
- الاوقاف الخاصة التي لم تعرف الجهة المحبس عليها.
- كل الاملاك التي الت الى الاوقاف العامة ولم يعرف واقفها ولا الموقوف عليها ومتع عليها انها وقف.
- الاملاك والعقارات والمنقولات الموقوفة او المعلومة وقفا والموجودة خارج الوطن تحدد عند الضرورة كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم .))
- كما جاء في المادة 06 ((في اطار احكام المادة 08 من القانون رقم 91-10 .. تعتبر من الاوقاف العامة :
- الاملاك التي اشتراها اشخاص طبيعيون او معنويون باسمهم الشخصي لفائدة الوقف.
- الاملاك التي وقفت بعدما اشتريت باموال جماعة من المحسنين .
- الاملاك التي وقع الاكتتاب عليها في وسط هذه الجماعة .
- الاملاك التي خصصت للمشاريع الدينية.))
*قانــون 02-10 :
- بموجب القانون رقم 02/10 المؤرخ في 14 ديسمبر2002 والتعديل الذي اخرج الوقف الخاص
- § من دائرة احكام قانون الاوقاف ليقتصر على تنظيم الوقف العام الذي استقر بموجب هذا القانون على هذه التسمية وصدرت عدة نصوص تطبيقية لتطبيق هذا القانون اهمها :
- -المرسوم التنفيذي رقم 91-81 المؤرخ 23 مارس 1991 المتعلق ببناء المسجد وتنظيمه وتسييره وتحديد وظيفته.
- -المرسوم التنفيذي رقم 91-82 المؤرخ في 23 مارس 1991 المتضمن احداث مؤسسة المسجد
- -المرسوم التنفيذي رقم 98-381 المؤرخ في 01 ديسمبر 1998 يحدد شروط ادارة الاملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك .
- -المرسوم التنفيذي رقم 03-51 المؤرخ في 04 فبراير 2003 يحدد كيفيات تطبيق المادة 08 من القانون 91-10 المتعلق بالاوقاف .
*واعتبرت اهم اهداف هذا القانون في :
- العمل على استرجاع الاوقاف واستردادها بما فيها الاوقاف التي ضمت الى املاك الدولة عن طريق الاستيلاء او التاميم او اي شكل من الاشكال .
- ايجاد استراتيجية متوافقة مع المتغيرات العصرية من اجل نماء الثروات الوقفية بواسطة الاستثمار .
- وضع قواعد حماية الاملاك الوقفية واثباتها با شراك المصالح المختصة في الدولة كالبلديات والمحافظات العقارية.
المطلب الخامس: طرق ادارة وتسيير الاملاك الوقفية
لقد اتبع المشرع الجزائري في تسيير الاملاك الوقفية اداريا نمطين من التسيير ، الاول في الاسلوب المركزي المتمثل في حصر مهمة التسيير والحماية على المستوى الوطني ، بيد هيئة واحدة وهي لجنة الاوقاف لدى الوزير المكلف بالشؤون الدينية واما النمط الثاني الاسلوب اللامركزي والمتجسد في شكل نظارة للاوقاف على مستوى كل ولاية مهمتها ادارة وتسيير وجرد كلالاملاك الوقفية وذلك من خلال استحداث منصب وكيل الاوقاف في كل مقاطعة ادارية يتابع اعمال مديرية الاوقاف في الولاية .
الفرع الاول/ التنظيم الهيكلي للادارة المسيرة للاوقاف :
بموجب المرسوم التنفيذي رقم 98-381 الذي يعد شروط ادارة الاملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك حيث انشئت بموجب هذا المرسوم لجنة للاوقاف مستحدثة لدى الوزير المكلف بالشؤون الدينية تتولى ادارة الاملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها.
- -حيث تم انشاء هذه اللجنة بموجب قرار صادر من الوزير المكلف بالشؤون الدينية والذي منحه القانون ايضا صلاحية تحديد تشكيلة هذه اللجنة وتحديد مهامها وصلاحياتها ليتجلى من خلال هده اللجنة النمط المركزي في التسيير الاداري.
- -لتتدرج الهياكل الاخرى ، بعد هده اللجنة تدريجيا من خلال انشاء نظارة للشؤون الدينية في كل ولاية ، تمنح لها مهمة المشاركة في التسيير والتوثيق الاداريين والجرد للاملاك الوقفية طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 2000-200 المحدد لقواعد تنظيم مصالح الشؤون الدينية والاوقاف في الولاية وعملها.وهو الاسلوب الثاني الذي تقوم عليه التركيبة المؤسسية والهيكلية للادارة المسيرة للاوقاف في الجزائر والمتمثل في الاسلوب الامركزي في التنظيم الاداري لهذه المؤسسة والذي يوزع المهام والسلطات في يد مديريات ولائية ، يشاركها في ذلك وكيل الاوقاف عبر مديرية ولائية ، مهمته المراقبة والاشراف الميداني في حدود اختصاصه/في مقاطعته ، تحت اشراف ناظر الشؤون الدينية وفقا لاحكام المادة 25 من المرسوم التنفيذي رقم 91-114 والمتظمن القانون الاساسي الخاص بعمال الشؤون الدينية كل حسب تخصصه.
- · أولا/ الناظر وشروط تعيينه :
- 1-مفهوم الناظر :
- يطلق على الشخص الذي يثبت له الحق في وضع اليد على الوقف لادارته اسم المتولي او القيم او الناظر ولقد اعطت المادة 07 من المرسوم التنفيذي رقم 98 السالف الذكر مفهوما عاما للنظارة على الملك الوقفي بحيث لخصتها في العناصر التالية :-التسيير المباشر للملك الوقفي—رعايته -- عمارته – استغلاله – حفظه – حمايته.
- -ولقد نصت المادة 16 من المرسوم التنفيذي السالف الذكر على ترتيب معينا للاشخاص الذين تصح ولايتهم وذلك كالتالي :
-الواقف او من نص عليه عقد الوقف.
-الموقوف عليه ، اومن يختارونه ، اذا كانوا معينين محصورين راشدين .
-ولي الموقوف عليهم ، اذا كانوا معينين محصورين غير راشدين .
من لم يطلب النظارة لنفسه ، من اهل الخير والصلاح ، اذا كان الوقوف عليه غير معين ، او معينا غير محصولر وغير راشد ولا ولي له.
- · 2/ شروط تعيين الناظر :
يعين ناظر الوقف بقرار من الوزير المكلف بالشؤون الدينية وذلك بعد ان يستطلع راي لجنة الاوقاف وذلك اذا كان الوقف عاما كما يعتمد ضمن صلاحياته ناظرا حتى للملك الوقفي الخاص –عند الضرورة- ويجب ان يكون المتولي بالغا عاقلا وعادلا امينا على الاموال الموقوفة وقد نصت المادة 17 من المرسوم السالف الذكر على ضرورة تحقق شروط في المتولي او الناضر لهده المهمة وهي :
- -ان يكون مسلما ،-جزائري الجنسية ،-بالغا سن الرشد ، -سليم العقل والبدن، -عدلا امينا ، -ذا كفاءة وقدرة على حسن التصرفوتثبت هذه الشروط بالتحقيق والشهادة المستفيظة والخبرة .
- -اضافة الى شرط –العدالة- لصحة النظر سواء كان الناظر الواقف ام غيره –المادة 16 قانون 98-381.
- · 3/ مهام الناظر وانتهاء صلاحياته:
- جاء في المادة 13 انه يباشر عمله تحت مراقبة وكيل الاوقاف ومتابعته ويتولى على الخصوص المهام التالية :
- 1-السهر على العين الموقوفة ويكون بذلك وكيلا على الموقوف عليهم وضامنا لكل تقصير .
- 2-المحافظة على الملك الوقفي وملاحقته وتوابعه من عقارات ومنقولات.
- 3-القيام بكل عمل يفيد الملك الوقفي او الموقوف عليهم.
- 4-دفع الضرر عن الملك الوقفي مع التقيد بالتنظيمات المعمول بها وبشروط.
- 5-السهر على صيانة الملك الوقفي المبني وترميمه واهادة بنائه عند الاقتضاء وزراعتها وفقا لاحكام المادة 45 قانون 91-10 .
- 6-تحصيل عائدات الملك الوقفي.
- 7-السهر على اداء حقوق الموقوف عليهم مع مراعات شروط الواقف ، بعد خصم نفقات المحافظة على الملك الوقفي وحمايته وخدمته المثبتة قانونا .
* كذلك للناظر مهام اخرى تتمثل في :
- مهمة البحث عن الاملاك الوقفية التي خلفها الواقف وجردها والسعي في توثيقها اداريا طبقا للتنظيم المعمول به .
- مهمة رعاية الملك الوقفي وعمارته.
- · اولا /رعاية الملك الوقفي :
- انجاز مشاريعه.
- استصلاح اراضيه وبساتينه والقيام بكل مستلزماته ان كان عبارة عن اراضي فلاحية .وتجهيزه ان كان عبارة عن محل .
- · ثانيا/ عمارة الملك الوقفي :
- صيانة الملك الوقفي وترميمه.
- اعادة بناء الملك الوقفي عند الاقتضاء.
- استصلاح الاراضي الوقفية وزراعتها بغرس الفسيل وغيره وذلك باستحداث كل اوجه التجدد الاخرى ذات الطابع التحسيني والتنموي.
- · ثالثا/ مهام مسندة اليه تتعلق بالتسيير المباشر للملك الوقفي :
- تتمثل في مسك حسابات ريوع الملك الوقفي وتوزيعها على الموقوف عليهم حسب شروط الواقف ان كان الوقف خاصا او يقوم بصب المبالغ المحصلة في حساب الاملاك الوقفية للولاية ان كان وقفا عاما .
- · رابعا/ انتهاء مهـــام الناظـــر :
- · 1 /حـــالات الاعفاء :
- -اذا مرض مرضا افقده القدرة على مباشرة العمل او افقده قدرته العقلية.
- -اذا ثبت نقص كفاءته
- -اذا تخلى عن منصبه بمحض ارادته مع ابلاغ السلطة السلمية كتابيا عن رغبته في الاستقالة وتاريخ مغادرته.
- -اذا ثبت انه تعاطى اي مسكر او مخدر او لعب الميسر او رهن الملك الوقفي كله او جزء منه او باع مستغلات الملك الوقفي دون اذن من السلطة المكلفة بالاوقاف او الموقوف عليهم او ادعى ملكية خاصة في جزء من الملك الوقفي او خان الثقة الموضوعة فيه او اهمل شؤون الوقف.
- · 2/ حــــالات الاسقاط
- -اذا ثبت انه يضر بشؤون الملك الوقفي وبمصلحة الموقوف عليهم
- -اذا تبين انه يلحق ضررا بمستقبل الملك الوقفي او موارده
- -اذا رتكب جناية او جنحة.
- -في حالة رهن او بيع المستغلات دون اذن كتابي يعتبر الرهن او البيع باطلين بقوة القانون ويتحمل الناظر تبعات تصرفه.
-
-
-
-
-