مقدمة
مقدمة
مقدمة
يعتبر القانون الدولي الخاص بالنظر إلى فروع القانون الأخرى قانون حديث النشأة ويعرف بأنه "مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات الخاصة المتضمنة عنصرًا أجنبيًا في مجال جنسية الأشخاص التابعين للدولة. ومركز الأجانب فيها، وحالات التنازع الدولي للقوانين والاختصاص القضائي الدولي"[1].
من خلال هذا التعريف يتجلى لنا بصورة واضحة موضوع ونطاق القانون الدولي الخاص الذي يتحدد بثلاثة أو أربعة مواضيع أساسية هي:
1_ الجنسية: يعتبر موضوع الجنسية من أهم مواضيع القانون الدولي الخاص وتعرف الجنسية بصفة عامة بأنها "الرابطة السياسية والقانونية التي تربط الفرد بدولته ومنها يتحدد من هو المواطن ومن هو الأجنبي".
وقواعد الجنسية هي قواعد موضوعية تضعها الدولة بكل حرية مراعية في ذلك ما تمليه عليها الاتفاقيات الدولية في هذا المجال.
2_ مركز الأجانب: يكتسي موضوع مركز الأجانب في القانون الدولي الخاص مكانة هامة إذ أنه من المعروف أن مركز الأجنبي يختلف عن مركز المواطن ومن ثم يأتي القانون الدولي الخاص لتحديد حقوق وواجبات هؤلاء.
3_ تنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية: كما نعلم أن الهدف من تحديد قواعد تنازع الاختصاص القضائي هو تحديد المحكمة المختصة دوليا لنظر النزاع.
فلو فرضنا أن زوجان تونسيان رفعا دعوى طلاق أمام محكمة جزائرية، فهل ستكون هذه المحكمة مختصة بنظر النزاع أم أن على القاضي الجزائري التصريح بعدم اختصاصه نظر المسألة على اعتبار أن أطراف الدعوى هم أجانب وليسوا مواطنين جزائريين وما على الأطراف إلا اللجوء إلى القضاء التونسي؟.
وفي نفس السياق قد يصدر حكم عن الجهات القضائية الجزائرية ويراد تنفيذه في دولة أخرى فكيف سيتم هذا الحكم؟ وهل تنفيذ حكم أجنبي ليس فيه مساس بالسيادة؟ ومن تم كيف يمكن ترجمة هذا الحكم في الواقع وتنفيذه في غير البلد الذي أصدره دون المساس بفكرة سيادة الدولة؟ وهو الأمر الذي يطرح موضوع تنفيذ الأحكام الأجنبية.
أن مسألة تنفيذ الأحكام الأجنبية ينظم في الغالب بقواعد موضوعية تتمثل في المعاهدات والاتفاقيات الدولية بين الدول جماعية كانت أو ثنائية.
تنازع القوانين: قد يؤدي اصلاح تنازع القوانين للوهلة الأولى إلى الاعتقاد بوجود صراع أو تضارب بين قانونين أو أكثر لفض نزاع دولي معين إذ يدعي كل قانون أنه صاحب سند شرعي لحكم المنازعة.
غير أن الحقيقة خلاف ذلك فالمراد من اصطلاح تنازع القوانين الدولية يراد به المفاضلة بين قانونين أو أكثر مرجحة أو مؤهلة لفض نزاع ينطوي على عنصر أجنبي.
وعلى اعتبار أن جوهر ظاهرة تنازع القوانين يكمن في اختيار القانون الأنسب فإن القاضي إن لم يكن مخولا هذه السلطة فإنه لا مجال للحديث عن المفاضلة، وبالنتيجة الحديث عن اختيار قانون أنسب يحكم النزاع.
ومن جهة ثانية فإن المفاضلة تفترض لزومًا وجود تباين للقواعد القانونية المرشحة لحكم العلاقة فإن تماثلت القواعد فلا مجال للحديث عن تنازع القوانين.
ويشترط من جهة ثالثة انتساب القواعد القانونية المرشحة لحكم العلاقة موضوع التنازع لدول أجنبية تعترف بها دولة القاضي، فإذا كانت الدولة غير معترف بها من طرف دولة القاضي المسند له نظرًا لنزاع أستبعد لزومًا تطبيق قانون تلك الدولة، ذلك أن عدم اعتراف دولة القاضي بدولة أجنبية يراد به عدم الاعتراف بوجود هذه الدولة من الناحية القانونية وينسحب أثر ذلك على قوانين هذه الدولة[2].
كما تنازع القوانين لا يثور بين القوانين الصادرة عن وحدات إقليمية متعددة داخل الدولة الاتحادية ولا بين أحكام وقوانين طائفية داخل الدولة الواحدة.
فمجال تنازع القوانين إذن يتجدد بالعلاقات ذات الطابع الدولي وهي العلاقة التي تنطوي على عنصر أجنبي سواء من حيث أطراف العلاقة أو موضوعها أو السبب المنشئ لها.
وهذا وتنازع القوانين الدولية في حقيقة الأمر لا يتعدى أحد الصورتين، فإما أن يكون ثابت ويظهر هذا النزاع عند إنشاء العلاقات القانونية التي لا يمكن أن ترتب أي أثر ما لم يحل النزاع بين القوانين[3].
وقد يكون متحرك ويبرز وقت سريان العلاقات القانونية وليس وقت إنشائها.
الأمر الذي يستدعي الوقوف على مفهوم النظرية العامة لتنازع القوانين في محور أول ثم نتناول بالتفصيل الحالة التطبيقية لتنازع القوانين في مجال الأموال.
[1] د. عبد السند يمامة: تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي، كلية الحقوق، جامعة المنوفية، طبعة 1999، ص 31-32.
[2] د. حامد سلطان، القانون الدولي وقت السلم، الطبعة الخامسة، ص100.
[3] د. مالكي محمد الأخضر، دروس في القانون الدولي الخاص، المركز الجامعي، خنشلة، سنة 2006، ص10.