المحور الثالث

المحور الثالث:

حالة تطبيقية لتنازع القوانين في مسائل الأموال


المحور الثالث:

حالة تطبيقية لتنازع القوانين في مسائل الأموال

المال من الناحية القانونية هو كل شيء يمكن تقويمه بالنقود. فهو كل عين أو حق له قيمة مادية ويشمل كل من العقار والمنقول سواء كان المنقول ماديًّا أم معنويًّا. هذا، وقد يكون المال موضوع علاقة قانونية ذات عنصر أجنبي مما يثير تنازعًا بين القوانين ذات الصلة بهذه العلاقة.

لذلك يتوجب بداية تكييف المسألة لتحديد القانون المختص، ثم إجراء التكييف الثانوي المال فيما إذا كان عقارًا منقولاً "ماديًا أو معنويًا"، إذ أن قاعدة خضوع الأموال العقارية لقنون موقعها منصوص عليها في تشريعات الدول، وهي قاعدة قديمة استقر عليها الفقه منذ القدم.

أما الأموال المنقولة بنوعيها "المادية والمعنوية"، فهي الأخرى تخضع لقانون الموقع إلا أن الصعوبة تكمن خصوصًا في الحالة التي يكون فيها للمنقول أكثر من موقع –فأي قانون سيطبق- مع العلم أن بعض التشريعات تخضعه لقانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية أو فقدها.

الأمر الذي يستدعي البحث في القانون واجب التطبيق على الأموال المادية في مبحث أول، ثم نتناول دراسة للقانون واجب التطبيق على الحقوق المعنوية في مبحث ثاني:


المبحث الأول:

حالة تطبيقية لتنازع القوانين في مجال الأموال المادية.

الأموال المادية هي "جميع الأموال المحسوسة من عقارات ومنقولات مادية"[1].

كما عرفت بأنها "كل شيء ملموس له قيمة مالية ووجود مستقل عن وجود الإنسان ويمكن حيازته وتملكه والانتفاع به"[2].

إن ما تجدر الإشارة إليه، أن مسألة القانون الذي يحكم تكييف المال، هو استثناء من القاعدة العامة للتكييف الموضوعية من طرف الفقيه "بارتان" والتي تقضي بأن التكييف يخضع لقانون القاضي كقاعدة عامة كما رأينا في المحور الأول، إذ أن المال سواء كان عقارًا أو منقولاً فإنه يخضع لقانون موقع المال[3]. هو ما أخذ به المشرع الجزائري وأكدته المادة 17 من القانون المدني التي نصت على أنه: "يخضع تكييف المال سواء كان عقارًا أو منقولاً إلى قانون الدولة التي يوجد فيها.

يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى قانون موقع العقار.

ويسري على المنقول المادي قانون الجهة التي يوجد فيها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها".

الأمر الذي يستلزم تناول القانون الواجب التطبيق في تكييف المال عقارًا كان أمنقول في مطلبين كما يلي:

 


المطلب الأول:

القانون الواجب التطبيق في تكييف المال عقارًا

عرف المشرع الجزائري العقار في المادة 683 من القانون المدني بأنه "كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه ولا يمكن نقله من دون تلف فهو عقار...".

 وعرف بأنه "كل شيء له مستقر ثابت لا يمكن نقله وتحويله كالأراضي والدور وما نحوها"[4].

وإذا كان ضابط الإسناد في مسائل الأحوال الشخصية وحالة الأشخاص يستمد من أطراف العلاقة ذات العنصر الأجنبي التي تعتبر مركز الثقل وبالنتيجة تخضع العلاقة لقانون الجنسية أو قانون الموطن، فإن ضابط الإسناد في الحقوق العينية العقارية أصلية كانت أو تبعية على خلاف ذلك، إذ يستمد موضوعه من العقار ذاته باعتباره مركز الثقل.

إذا كانت قاعدة خضوع العقار لقانون موقعه قد أصبحت قاعدة مستقر عليها فقهاء وقضاءً، غير أن الإشكال الذي يطرح نفسه بحد ذاته يتعلق بتعين نطاق هذا القانون.

الأمر الذي يستلزم معالجة الحقوق العينية التي تنقسم إلى أصلية وتبعية، من خلال الفروع التالية:

 

الفرع الأول:

 الحقوق العينية الأصلية الواقعة على العقار.

إن الحقوق العينية الأصلية هي الحقوق التي تخول صاحبها مكانة أو قدرة مباشرة على شيء مادي معين يكون له من خلالها حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، وقد يكون لصاحب الحق كل هذه السلطات أو بعضها بحسب اختلاف مضمون هذه الحقوق.

ولقد عرف المشرع الجزائري الحقوق العينية العقارية من خلال نص المادة 684 حيث ورد "يعتبر مالاً عقاريًّا كل حق عيني يقع على عقار بما في ذلك حق الملكية وكذلك كل دعوى تتعلق بحق عيني على عقار".

ومن خلال ما ورد بنص المادة 17 من القانون المدني الجزائري نجد أن المشرع أخضع العقار لقانون موقعه سواء تعلق الأمر بالحقوق العينية الأصلية الواردة على العقار من ملكية وما يتفرع عنها من حقوق ومن أسباب كسبها من حيازة وشفعة والتصاق، تم انتقال وانقضاء هذا الحق.

أما إذا كان سبب الاكتساب ناتج عن الميراث أو عقد الوصية فإن مجال تطبيق قانون الموقع ينحصر بالأثر الناقل للحق، فيحكمهما القانون الذي تحدده القاعدة الخاصة بكل منهما وهو قانون جنسية المورث أو الموصي وقت الوفاة.

أما بالنسبة لشهر التصرفات العقارية من تسجيل وقيد فإنه يخضع كذلك لقانون موقع العقار وعموما فإن تطبيق قانون الموقع فيما يتعلق بالحقوق العينية الأصلية الواردة على العقار لا يثير أي صعوبة لأن العقار هو كل شيء مادي متصل بالأرض اتصال قرار فلا يمكن نقله دون إحداث تغيير في طبيعته.

ولقد برر الفقهاء[5] تطبيق قانون الموقع على العقار بأنه يعتبر جزءًا من إقليم الدولة التي تمارس عليه سيادتها وإقليم الدولة باعتباره أهم ركن من أركان قيماها، فيجب أن يطبق عليه قانون الدولة نفسها.


الفرع الثاني:

الحقوق العينية التبعية الواقعة على العقار

الحقوق العينية التبعية الواردة على عقار هي الحقوق تخول صاحبها مكنة أو قدرة مباشرة للإفادة من شيء معين بالذات، وهي حقوق غير مستقلة بذاتها بل هي تستند إلى حق شخصي وتقوم ضمانًا للوفاء به، ثم إنها من جهة أخرى لا تخول صاحبها سلطة استعمال الشيء أو استغلاله أو التصرف فيه كما هو الشأن بالنسبة للحقوق العينية الأصلية ولكنها توجد ضمانًا لحق شخصي.

وبما أن الحقوق العينية التبعية تظل دائمًا تابعة لحق شخصي فإن مقتضياتها تظل خاضعة في بعض النواحي لمقتضيات القانون الذي يحكم الحق الشخصي.

فبخصوص وجود الحق العيني التبعي يجب أن ينظر إلى نوعه، فإذا كان تعاقديا يجب أن يخضع لقانون العقد، وإذا كان ناتجًا عن القانون نفسه فإنه يخضع للقانون الذي يحكم العلاقة.

وعلى العموم فإن الحقوق العينية التبعية متعددة نوردها فيما يلي:

أولا: حق الرهن الوارد على العقار

الرهن الوارد على عقار، هو الحق الذي يخول صاحبه اقتضاء واستيفاء حقه من مقابل الشيء –أي ثمنه- الذي يرد عليه الحق العيني، ويكون لصاحبه أسبقية في ذلك على غيره من الدائنين.

كما أنه يخول لصاحبه –أي الدائن المرتهن- حق تتبع العين محل الرهن إذا ما انتقلت ملكية العين محل الرهن من المدين الأصلي إلى شخص آخر ولا يقوم هذا الحق أي مستقلاً عن الحق الشخصي بوصفه ضمان له.

هذا وقد عرف المشرع الجزائري الرهن الرسمي للعقار في المادة 882 من القانون المدني إذ ورد: "الرهن الرسمي عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء ديونه يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين التاليين له في الرتبة في استفاء حقه من ثمن ذلك العقار في بلد كان".

هذا، وكقاعدة عامة فإن حق الرهن الواقع على العقار يخضع أيضًا لقانون موقع المال، غير أن هذه القاعدة كأصل عام ترد عليها بعض الاستثناءات اختلف الفقه في الأخذ بها من عدم الأخذ بها، كما هو الحال فيما يتعلق بالرهن الرسمي الذي ترتبه بعض القوانين الغربية مثل القانون الفرنسي لصالح الزوجة على عقارات زوجها فقد أصدر القضاء الفرنسي عدة أحكام قضى فيها بأنه لا يكفي لترتيب هذا الرهن أن يكون قانون موقع العقار يجيزه بل يجب فوق ذلك أن يكون قانون جنسية الزوجة يقر لها هذا الرهن باعتباره من أثار الزواج.

ومن جهة أخرى اعتبرت القوانين أن السفن وإن كانت في الأصل منقولاً بطبيعتها فإنه من المتفق عليه أنها تعتبر في بعض النواحي عقارًا ويرى الفقه أنها تخضع لقانون البلد الذي تحمل علمه ومسجلة في سجل سفنه وعليه فإن حق الرهن والحقوق العينية الواردة على السفينة يسري عليها قانون العلم، وهذا ما أكدته اتفاقية بروكسل المنعقدة في 01 أبريل سنة 1926 التي أخضعت رهن السفن والطائرات والبضائع الموجودة عليها إلى قانون العلم.

ثانيا: حقوق الامتياز الواردة على العقار

تخضع حقوق الامتياز الواردة على العقار فقط لقانون موقع هذا العقار، أما حقوق الامتياز العامة الواردة على جميع أموال المدين من منقول وعقار فيرى بعض الفقهاء أنه يجب أن يكون القانون الذي يسري على الدين يقرر له هذا الامتياز إلى جانب قانون موقع العقار ولا يغني أحدهما عن الآخر.


الفرع الثالث:

القانون الواجب التطبيق على العقود الواردة على العقار

إن الخصوصية التي يتمتع بها العقار انعكست على العقود المبرمة بشأنه، حيث نصت المادة 18 من القانون المدني الجزائري على أنه "يسري على الالتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.

وفي حالة عدم إمكان ذلك يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة.

وفي حال إمكان ذلك يطبق قانون محل إبرام العقد.

غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه".

أما بخصوص شكل التصرف فيبقى خاضعا للقاعدة العامة بشأن الأشكال الواردة في المادة 19 من القانون المدني التي ورد فيها: "تخضع جميع التصرفات القانونية في جانبها الشكلي لقانون المكان الذي تمت فيه.

ويجوز أيضًا أن تخضع لقانون الموطن المشترك للمتعاقدين أو لقانونهما الوطني المشترك أو للقانون الذي يسري على أحكامهما الموضوعية".

ويتضح من نصوص المواد 18/4 من القانون المدني أن الأصل وكقاعدة عامة أن العقد الذي يرد على العقار يخضع لقانون موقعه، سواء فيما يخص أثر العقد من إنشاء الحق العيني أو نقله أو زواله أو ما يخص الشروط الموضوعية لانعقاد العقد أو آثاره بما في ذلك الحقوق الشخصية كعقد الإيجار[6] عدا ما تعلق بمسألة أهلية المتعاقدين وشكل العقد، فتخضع الأهلية للقانون الشخصي طبقًا لنص المادة 10 من القانون المدني التي ورد فيها يسري على الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم.

ومع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر وتنتج أثارها فيها إذا كان أحد الطرفين أجنبيًّا ناقص الأهلية وكان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفيا لا يسهل تبنيه على الطرف الآخر فإن هذا السبب لا يؤثر في أهليته في صحة المعاملة...".

أما بخصوص شكل التصرف فيبقى خاضعًا للقاعدة العامة بشأن الأشكال الواردة في المادة 19 التي أخضعت العقد من حيث شكله لقانون المكان الذي تمت فيه، لارتباط المسألة باستثناء الأهلية اللازمة للتعاقد والشكل لارتباطها بمسائل إجرائية من كتابة العقد وتسجيله وإشهاره حتى يصبح العقد نافذًا وحجة بين الطرفين وفي مواجهة الغير وهي مسائل من النظام العام للدولة التي تم إبرام العقد على إقليمها.

هذا وإن كان بعض من الفقه يذهب إلى القول[7] أن موقع العقار يحكم العقد بما في ذلك الأهلية والشكل اللازمين للعقد على أساس أن من مصلحة الطرفين والدولة أن تخضع الأهلية لقانون موقع العقار فالعقار دائم الوجود ويخص تلك الدولة وأن الأشكال الخاصة بها تعتبر من قواعد البوليس، وهي غالبًا أشكال تتعلق بالعقلانية ولا تتم إلا لدى سلطة عامة وهي السلطات العامة في موقع المال، ناهيك عن أن هذا الحل يحقق وحدة القانون واجب التطبيق على العقود العقارية ويحقق يسرا للأطراف وطمأنينة في التعامل[8] وهو ما أخذ به كل من المشرع الأمريكي والبريطاني[9].

 

الفرع الرابع:

 موقف التشريع من نطاق قانون موقع العقار

يختص قانون موقع المال بشكل عام والعقار بشكل خاص وفقًا للتشريعات المقارنة بالأمور التالية:

1_ تحديد أحكام الحيازة والملكية وأسباب كسب الحقوق العينية، فقد نصت المادة 17 من القانون المدني الجزائري على أنه "يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى قانون موقع العقار".

ومن تم فقانون الموقع يختص بتحديد أحكام الحيازة من حيث كسبها[10] وانتقالها وزوالها ووسائل حمايتها والآثار المترتبة عليها.

وقانون الموقع يحدد مزايا حق الملكية من استعمال واستغلال وتصرف، ويبين نطاقه من حيث العلو والعمق والقيود التي ترد عليه[11] وطبيعتها من حيث كونها حقوق ارتفاق أو كونها من موانع التصرف.

كما يعني بتحديد الحقوق العينية الأصلية والتبعية من حيث أسباب الكسب وانتقالها وانقضائها ووسائل حمايتها، كالحيازة والاستيلاء والالتصاق[12] والشفعة والتقادم المكسب.

أما بالنسبة للحقوق العينية التبعية والتي تكون تابعة لحقوق شخصية فإنها تتأثر بالقانون الذي يحكمها وبالنتيجة فإنه لابد لنشوئها أن يقرها كل من قانون موقع المال وقانون الحق الشخصي التابعة له بالنسبة لحقوق الامتياز بشكل 9 عام فيجب أن تكون مقررة بموجب القانونين معًا[13].

كما أن شرط المنع من التصرف بوصفه قيدًا على سلطة المالك في التصرف يخضع لقانون الموقع على أنه إذا كان مصدر هذا الحق عقدًا أو وصية فإنه يجب أن يكون هذا الشرط صحيحًا وفقًا للقانون الذي يحكم التصرف[14].

2_ تكييف المال بتحديد الوصف القانوني للمال، فقد نصت المادة 17/1 من القانون المدني على أن "القانون الذي يحدد ما إذا كان الشيء عقارًا أم منقولاً هو قانون الدولة التي يوجد فيها" ويكون ذلك وقت إبرام التصرف أو تحقق الواقعة التي تكسب الحق على الشيء فقانون الموقع يختص بتحديد الأشياء التي يمكن أن تكون محلا للحقوق المالية وما يعد من الأشياء منقولاً أو عقار بطبيعته أو عقارًا بالتخصيص[15].

3_ يطبق قانون موقع المال على طرق اكتساب وانتقال الحق وانقضائه، كما يحدد نطاق قانون الموقع وفقًا لكل سبب من أسباب اكتساب الحق، فإذا كان سبب الحق هو الميراث أو الوصية فيقتصر تطبيق قانون مقع المال على الأثر الناقل للحق أما تفاصيل الميراث أو الوصية[16] وشروطها فتخضع للقانون المختص، حسب قاعدة التنازع الخاصة بكل منها وهو قانون جنسية المورث وقت وفاته بالنسبة للميراث وقانون الموصي وقت الوفاة بالنسبة للوصية. كما أشارت إلى ذلك المادة 16 من القانون المدني.

على أنه "يسري على العقود التي أبرمت بشأن العقار قانون موقع العقار كما أشارت إلى ذلك المادة 18/4 من القانون المدني".

فقانون الموقع يحكم العقود الواردة على العقار، سواء أكان مولدا لالتزام بنقل الحق عيني في العقار أي باعتبار العقد سببا من أسباب كسب الحق العيني كالبيع، أم أنه متعلق بترتيب التزامات على عقار "حق شخصي" كعقد الإيجار مثلا.

فهنا لا يرجع إلى قانون الموقع إلا فيما يتعلق بأثر العقد في إنشاء الحق العيني أو نقله أو زواله، أما العقد فلا يخضع لقانون الموقع سواء من حيث شروط الموضوعية أو الشكلية بل يخضع للقواعد العامة المتبعة بشأن العقود[17].

ويجب الإشارة إلى أنه يخرج من نطاق قانون الموقع كل من أهلية المتعاقدين وشكل العقد وفقًا للقوانين المقارنة.

إن اختصاص قانون الموقع هو اختصاص عام يمتد ليشمل جميع الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال سواء كانت دعوى شخصية عقارية تستند إلى حق شخصي بحت ويطلب فيها تقرير حق عيني على عقار أو كانت دعوى عينية عقارية ترمي إلى حماية حق عيني عقاري أيا كان، كحق الملكية أو الانتفاع، أو الرهن أو الاختصاص، أو كانت دعوى مختلطة كدعوى البائع ببطلان البيع واسترداد العقار.

إن تطبيق قانون موقع العقار يجد تبريره في القانون المقارن بالنظر إلى الخصوصية التي يتمتع بها العقار انعكست على العقود المبرمة بشأنه، حيث نصت المادة 18 من القانون المدني الجزائري على أنه "يسري على الالتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.

وفي حالة عدم إمكان ذلك يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة.

وفي حال إمكان ذلك يطبق قانون محل إبرام العقد.

غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه".

أما بخصوص شكل التصرف فيبقى خاضعًا للقاعدة العامة بشأن الأشكال الواردة في المادة 19 من القانون المدني التي ورد فيها: "تخضع جميع التصرفات القانونية في جانبها الشكلي لقانون المكان الذي تمت فيه.

ويجوز أيضًا أن تخضع لقانون الموطن المشترك للمتعاقدين أو لقانونهما الوطني المشترك أو للقانون الذي يسري على أحكامهما الموضوعية".

ويتضح من نصوص المواد 18/4 من القانون المدني أن الأصل وكقاعدة عامة أن العقد الذي يرد على العقار يخضع لقانون موقعه، سواء فيما يخص أثر العقد من إنشاء الحق العيني أو نقله أو زواله أو ما يخص الشروط الموضوعية لانعقاد العقد أو آثاره بما في ذلك الحقوق الشخصية كعقد الإيجار[18]، باستثناء الأهلية اللازمة للتعاقد والشكل.

فتخضع الأهلية للقانون الشخصي طبقًا لنص المادة 10 من القانون المدني أما بخصوص شكل التصرف فيبقى خاضعًا للقاعدة العامة بشأن الأشكال الواردة في المادة 19. التي أخضعت العقد من شكله لقانون المكان الذي تمت فيه لارتباط المسألة بمسائل إجرائية من كتابة العقد وتسجيله وإشهاره حتى يصبح العقد نافذًا وحجة بين الطرفين وفي مواجهة الغير وهي مسائل من النظام العام للدولة التي تم إبرام العقد على إقليمها.

هذا وإن كان بعض من الفقه يذهب إلى القول[19] أن موقع العقار يحكم العقد بما في ذلك الأهلية والشكل اللازمين للعقد على أساس أن من مصلحة الطرفين والدولة أن تخضع الأهلية لقانون موقع العقار فالعقار دائم الوجود ويخص تلك الدولة وأن الأشكال الخاصة بها تعتبر من قواعد البوليس، وهي غالبًا أشكال تتعلق بالعلانية ولا تتم إلا لدى سلطة عامة وهي السلطات العامة في موقع المال، ناهيك عن أن هذا الحل يحقق[20] وحدة القانون واجب التطبيق على العقود التجارية ويحقق يسرا للأطراف وطمأنينة في التعامل[21].

إن الخصوصية التي يتمتع بها العقار انعكست على العقود المبرمة بشأنه، حيث نصت المادة 18 من القانون المدني الجزائري على أنه "يسري على الالتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.

وفي حالة عدم إمكان ذلك يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة.

وفي حال إمكان ذلك يطبق قانون محل إبرام العقد.

غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه".

أما بخصوص شكل التصرف فيبقى خاضعًا للقاعدة العامة بشأن الأشكال الواردة في المادة 19 من القانون المدني التي ورد فيها: "تخضع جميع التصرفات القانونية في جانبها الشكلي لقانون المكان الذي تمت فيه.

ويجوز أيضا أن تخضع لقانون الموطن المشترك للمتعاقدين أو لقانونهما الوطني المشترك أو للقانون الذي يسري على أحكامهما الموضوعية".

ويتضح من نصوص المواد 18/4 من القانون المدني أن الأصل وكقاعدة عامة أن العقد الذي يرد على العقار يخضع لقانون موقعه، سواء فيما يخص أثر العقد من إنشاء الحق العيني أو نقله أو زواله أو ما يخص الشروط الموضوعية لانعقاد العقد أو آثاره بما في ذلك الحقوق الشخصية كعقد الإيجار[22].

فتخضع الأهلية للقانون الشخصي طبقا لنص المادة 10 من القانون المدني أما بخصوص شكل التصرف فيبقى خاضعا للقاعدة العامة بشأن الأشكال الواردة في المادة 19. التي أخضعت العقد من شكله لقانون المكان الذي تمت فيه. لارتباط المسألة بمسائل إجرائية من كتابة العقد وتسجيله وإشهاره حتى يصبح العقد نافذًا وحجة بين الطرفين باستثناء الأهلية اللازمة للتعاقد والشكل.

وفي مواجهة الغير وهي مسائل من النظام العام للدولة التي تم إبرام العقد على إقليمها.

هذا وإن كان بعض من الفقه إلى القول[23] أن موقع العقار يحكم العقد بما في ذلك الأهلية والشكل اللازمين للعقد على أساس أن من مصلحة الطرفين والدولة أن تخضع الأهلية لقانون موقع العقار فالعقار دائم الوجود ويخص تلك الدولة وأن الأشكال الخاصة بها تعتبر من قواعد البوليس، وهي غالبًا أشكال تتعلق بالعلانية ولا تتم إلا لدى سلطة عامة وهي السلطات العامة في موقع المال، ناهيك عن أن هذا الحل يحقق[24]. وحدة القانون واجب التطبيق على العقود العقارية ويحقق يسرا للأطراف وطمأنينة في التعامل[25].

 

المطلب الثاني:

القانون الواجب التطبيق على المنقول المادي:

إن ما تجدر الإشارة إليه بدءًا أن المشرع الجزائري لم يضع تعريفًا خاصًا وواضحًا للمنقول إذ اكتفى بتعريف العقار في نص المادة 683 من القانون المدني، وبمفهوم المخالفة للمقصود بالعقار فإن كل ما لا يعد عقار فهو منقول، وبالنتيجة فإن المنقول هو كل شيء غير مستقر بحيزه وغير ثابت فيه ويمكن نقله منه دون تلف أو تغيير في هيئته.

والمراد بالمنقول هنا هو المنقول المادي المفرد الذي له كيان ظاهر ومستقل يجعله مستقلاً بعضه عن بعض من جهة ومستقلاً من جهة ثانية عن العقار بالشكل الذي يسمح بتعيين موقعه بسهولة وهو يعتبر موجودًا متى كان داخل التراب الجزائري أي داخل الإقليم الموجود تحت السيادة الجزائرية.

أما المنقول غير المفرد والذي يدخل في مجموعة مالية مثل التركة فإنه يخضع عندنا لقانون جنسية المورث عند موته كما نصت على ذلك صراحةً المادة 16 من القانون المدني.

هذا، وإن كان تحديد موقع العقار لمعرفة القانون الواجب التطبيق لا يثير أية صعوبة كون العقار مال مستقر بحيزه الثابت ولا يمكن نقله، غير أن تحديد القانون الواجب التطبيق على المنقول باعتماده قاعدة خضوع المال لقانون موقعه يثير عدة مشاكل منها ما يتعلق بعدم إمكانية معرفة موقعه لأنه دائم التنقل وليس له موقع ثابت وينتقل من إقليم دولة إلى دولة أخرى بكل سهولة.

الأمر الذي يستلزم البحث في هذه المسألة من خلال تفصيل ضابط الإسناد المتعلق بخضوع المنقول لقانون موقعه في حالة عدم انتقاله من إقليم دولة أخرى والحلول المعتمدة في حالة تنقله كما يلي:

 

الفرع الأول:

تطبيق قانون الموقع على المنقول الثابت

لقد كان الفقه القديم يعتبر المنقولات تابعة للشخص لارتباطه بذمة مالكه[26].

إذ يفترض في المنقول وجوده مع مالكه في محل إقامته المعتادة، وأساس هذه النظرية هو خضوع التصرف المتعلق بالمنقول إلى قانون موقعه المفترض، ويعد موطن المالك هو الموقع المفترض، ذلك أن المنقول يبقى في حركة مستمرة، وللمحافظة على استقرار نظامه القانوني، فإنه يفترض وجوده في موطن المالك[27].

ويطبق قانون موقع المنقول على كل ما يرد عليه من حقوق عينية ويحدد مدى هذه الحقوق وطرق اكتسابها وانتقالها وانقضائها ويحدد أثارها، ويقرر ما إذا كان يجب شهرها وكيف يتم شهرها، للاستثناء الذي أدخله الفقيه "بارتان" على مبدأ التكييف يرجع في تكييف الشيء هل هو منقول أو عقار لقانون الموقع، وهو ما أخذ به المشرع الجزائري في نص المادة 17 من القانون المدني التي ورد فيها "يخضع تكييف المال سواء عقارًا أو منقولاً إلى قانون الدولة التي يوجد فيها".

إلا أنه هناك بعض المنقولات دائمة الحركة بحكم وظيفتها أو طبيعتها، كوسائل النقل الدولية والبضائع أثناء النقل، بحيث يصعب تحديد موقعها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الحقوق العينية أو فقدها، مما يدفعنا للتساؤل عن كيفية تعيين موقعها وتحديد القانون الذي يحكمها؟.

فالنسبة لوسائل النقل الدولية فإن السفن والطائرات هي منقولات من نوع خاص لأنها معدة للتنقل.

فالسفينة والطائرة من حيث الطبيعة هما مالاً منقولاً من طبيعة خاصة[28] وعلاوة على ذلك يمكن أن توجد خارجًا عن إقليم أية دولة أي في أعالي البحار وهي مناطق غير خاضعة لسيادة أي دولة وعليه ووفقًا للرأي الراجح فقهاء وقضاءً فهي تخضع لنظام خاص إذ تعتبر موجودة في البلاد التي تكون مسجلة فيها ما لم يتم التخلي عنها كالسفينة التي يغادرها كل البحارة في عرض البحر فهي تصبح إذًا بمثابة الشيء الذي لا مالك له.

ويمكن أن يكتسبها بوضع اليد أول من يضع يده عليها، وبناء على ذلك فإن التصرفات التي ترد على السفينة من بيع ورهن وهبة ووصية، تخضع من حيث آثارها في إنشاء الحق العيني عليها، لقانون مكان تسجيلها[29]، أي لقانون علمها.

وإذا كانت السفينة في مياه أو فضاء دولتين فإنها تخضع لقانون العلم الذي تحمله الطائرة أو السفينة[30].

إلا أنه في حالة توقف هذه الوسائل في مطار أو ميناء دولة معينة لفترة زمنية معلومة فإنه يسري عليها قانون هذه الدولة باعتباره قانون موقعها الفعلي، كما تخضع هذه الوسائل لذات القانون –أي قانون الموقع الفعلي- فيما يتعلق إجراءات الحجز[31].

أما بالنسبة للمنقولات البرية كالشاحنات ووسائل النقل بسكك الحديدية:

فيلاحظ أنه وفيما يتعلق بالسيارات والشاحنات هناك ثلاثة اتجاهات فقهية:

_ الاتجاه الأول: القانون الدولة المصدرة التي تم شحن فيها تلك البضاعة أي تطبيق قانون البائع.

_ الاتجاه الثاني: بأن قانون موقع المنقولات المشحونة هو قانون موطن المالك وهو افتراضي.

_ الاتجاه الثالث: بأن المنقولات المشحونة تخضع إلى قانون دولة المقصد أو الدولة التي تستقبل هذه البضاعة أي القانون المستقر النهائي.

بخصوص وسائل النقل بسكك الحديدية:

بما أن مستغلها هو، عادة هو شركة نقل منظمة، فإنها تخضع تلك الوسائل لنظام القيد والتصريح في دولة النشاط، فإنه يسري عليها قانون محل تسجيل العربات والقاطرات، أي قانون الدولة التي بها إدارة ومقر شركة سكة الحديد.

إذا كان المنقول المادي يخضع لقانون موقعه، بالرغم مما تثيره هذه القاعدة من صعوبات لاسيما ما تعلق بوسائل النقل والبضائع أثناء نقلها، فإن ما يمكن ملاحظته أن المشرع الجزائري لم يشير إلى القانون الواجب التطبيق على وسائل النقل والبضائع أثناء نقلها بشكل خاص، فقد اكتفت المادة 17 من القانون المدني بإيراد عبارات عامة دون تميز بين المنقولات، وبالنتيجة أخضعت المنقولات دون تميز لقانون موقعها، وهو ما يجعل من تطبيق قانون الموقع غير مجديًا.


الفرع الثاني:

تغيير موقع المنقول.

إن تطبيق قانون الموقع بالنسبة إلى المنقول كما أسلفنا، يثير كثيرًا من الصعوبات حين يتغير موقع المنقول من إقليم إلى إقليم فيترتب على انتقاله ما اصطلح على تسميته بالتنازع المتغير أو المتحرك.

فحين ينتقل المنقول من إقليم إلى إقليم آخر يكون قد تعلقت به حقوق في كلا الإقليمين أو في أحدهما فإلى أي القانونين يخضع؟ إلى قانون موقعه القديم أم إلى قانون موقعه الجديد؟ من خلال هذا التنازع المتحرك هناك رأيين لحل مشكلته.

الرأي الأول:

يرى أنه يطبق على هذا التنازع ما يطبق على التنازع بين القوانين الداخلية من حيث الزمان من القواعد ففي هذا التنازع من حيث الزمان، إذا صدر قانون جديد كان له أثر مباشر على كل ما يحدث تحت سلطانه من وقائع وما يترتب من آثار دون أن يكون له أثر رجعي يستند إلى الماضي ويكون الأمر كذلك أيضًا في التنازع المتحرك فإذا انتقل المنقول إلى إقليم آخر خضع لقانون موقعه الجديد[32] بصرف النظر عما يكون تعلق به من الحقوق تحت سلطان القانون القديم ويترتب على ذلك ما يلي:

أولاً: لو حاز شخصًا منقولاً من غير المالك في إقليم دولة لا يعرف قانونها قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ثم انتقل بهذا المنقول إلى إقليم دولة يعرف قانونها هذه القاعدة فطبقًا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد يكون له أن يتمسك بهذه القاعدة متى توافرت له شروطها ويتملك المنقول.

ثانيًا: يقضي القانون الألماني والقانون السويسري بأن بيع المنقول لا يتم إلا بتسليمه فلو اشترى شخص منقولاً في ألمانيا وفي سويسرا ولم يتسلمه ثم انتقل هذا المنقول إلى فرنسا فإن البيع يعتبر تامًا طبقًا للقانون الفرنسي ولو لم يتسلم هذا المنقول على الرغم من أن البيع لم يكن تامًا تحت سلطان قانون الموقع القانون القديم.

ثالثًا: إذا اشترى شخصًا منقولاً في فرنسا دون أن يتسلمه ثم انتقل هذا المنقول إلى سويسرا ولم يتسلمه المشتري هناك فإنه لا يستطيع أن يقول أن العقد البيع كان تامًا في فرنسا، وبالتالي لا يكون مالكًا.

رابعًا: إذا ارتهن شخص منقولاً في بلد يعرف قانونه رهن المنقول دون حياته ثم انتقل المنقول إلى إقليم دولة مثل فرنسا أو تونس لا تعرف الرهن الحيازي دون حيازة فطبقًا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد لا يكون للمرتهن أن يتمسك بهذا كالرهن.

هذا هو الرأي الذي قال به أكثر الفقهاء ومنهم الفقيه الفرنسي "Le rebours"، والفقيه الفرنسي[33] "Batifole" ولقد دافع "باتفول" عن هذا الرأي بقوله: "إنه على الرغم من الفروق الكثيرة بين التنازعين فإن هذا الرأي هو خير رأي لحل مشكلة التنازع المتغير مع إدخال بعض التعديلات، وحتى الآن لم يقترح حل آخر إلا من بين الذي وضع مبدأ احترام الحق المكتسب دوليًّا، ولتطبيق مبدأ التنازع الزمني على التنازع المتغير يجب التمييز بين مضمون الحق ووسائل كسبه فمضمون الحق كالملكية، أو حق الانتفاع هو الذي يخضع فقط للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد الذي يملك أن يعدل من نظام الحقوق الموجود من قبل، أما وسائل كسب الحقوق فتظل خاضعة للقانون الذي كان يسري عند استعمال هذه الوسائل.

هذا وليس لقانون الموقع الجديد أن يمس هذه الوسائل حتى لا يكون ذا أثر رجعي فمثلاً الدائن المرتهن حيازيًا تحت سلطان قانون يجيز له تملك المنقول المرهون عند عدم الوفاء لا يجوز له أن يتملك هذا المنقول عند عدم الوفاء إذا كان قد نقل إلى فرنسا تطبيقًا للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد على مضمون الحق والمنقول المحمل بشرط منع التصرف فيه تحت سلطان قانون يجيز ذلك، ويصبح قابلاً للتصرف فيه في فرنسا إعمالاً للأثر المباشر لقانون الموقع الجديد على مضمون الحق.

أما وسائل كسب الحق فتظل خاضعة لقانون الموقع القديم ولا يجوز لقانون الموقع الجديد أن يعدل منها وإلا كان ذا أثر رجعي ما دام كسب الحق قد تم وفقًا لأحكام القانون الأجنبي السابق، ولكن قانون الموقع الجديد يستطيع أن لا يقبل حقًا يتعارض مع النظام القانوني الساري في الدولة مثل الرهن الرسمي على المنقول أو الرهن الحيازي دون حيازة.

الرأي الثاني:

هو الاحترام الدولي لنفاذ الحق المكتسب وطبقًا لهذا الرأي وعلى رأسهم الفقيه الفرنسي "بييه" "Pillet" متى كسب حق على منقول طبقًا لقانون موقعه القديم فيجب أن يظل هذا الحق محترمًا تحت سلطة قانون الموقع الجديد، ما لم ينشأ تحت سلطان هذا القانون حق مضاد له. ولكن يشترط أن يكون الحق الذي نشأ تحت سلطان قانون الموقع القديم قد تم تكوينه وفقًا لأحكام هذا القانون، وألا يكون مخالفًا للنظام العام في دولة قانون الموقع الجديد[34].

وترتب على هذا الرأي النتائج التالية:

أولا: إذا اشترى شخص منقولاً في ألمانيا أو سويسرا دون أن يتسلمه فإنه لا يعتبر مالكًا في فرنسا أو في الجزائر حيث القانون يعتبر البيع تامًا بدون تسليم، وذلك لأن الملكية لم تكن قد انتقلت طبقًا لقانون الموقع القديم ولكن إذا حدث العكس بأن اشترى شخص منقولاً في فرنسا دون أن يتسلمه فإنه يعد مالكًا له بمجرد العقد فإذا انتقل المنقول إلى ألمانيا أو إلى سويسرا فلا يجوز أن يباع ثانية بحجة أن قانون الموقع الجديد يعتبر البيع غير تام بدون التسليم، بل يجب أن يحترم الحق المكتسب على هذا المنقول طبقًا لقانون موقعه القديم.

ثانيًا: إذا حاز شخص منقولاً بحسن النية من غير مالكه في بلد يجيز قانونه التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ثم انتقل المنقول إلى بلد لا يعرف قانونه هذه القاعدة فإنه يعتبر مع ذلك مالكًا له ويحترم حقه المكتسب طبقًا لقانون موقع المنقول السابق.

وطبقًا لهذا الرأي إذا نشأ تحت سلطان قانون الموقع الجديد حق مضاد للحق الذي نشأ تحت سلطان قانون الموقع القديم سقط الحق القديم، وإذا تعارض الحق الذي نشأ على المنقول طبقًا للقانون السابق مع النظام القانوني في الموقع الجديد سقط الحق القديم.


المبحث الثاني:

حالة تطبيقية لتنازع القوانين في الأموال غير المادية

الأموال غير المادية أو الحقوق المعنوية أو المنقولات المعنوية، فهي تلك الأشياء التي لا تقع تحت الحس ومع ذلك تصلح لأن ترد عليها الحقوق[35].

كما عرفت بأنها الأموال التي لا يمكن تحديدها باللّمس بل بالحواس الأخرى، ويعترف بالحقوق التي تقرر عليها، وما يرد عليها من حقوق معنوية، أو سلطات يقرها القانون لشخص على شيء معنوي، كحق المؤلف، وحق المخترع وحق المصمم على تصميمه[36].

وقد ورد تعريف آخر لها مضمونه، أنها حقوق لا تماس على أشياء مادية، كما لا تمارس ضد شخص معين ومنها حق المؤلف[37].

إن تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا النوع من الأموال يعد صعبًا، ومكمن الصعوبة أنه ليس لها كيان مادي يُمكّنُ من معرفة موقعها. هذا ولم يتضمن القانون المدني الصادر عام 1975 نصًا عن ضابط الاسناد فيما يخص هذا النوع من الحقوق. غير أن المشرع الجزائري أقره فيما بعد بموجب التعديل الذي جاء به القانون رقم 05/10 المؤرخ في: 20/06/2005 من خلال استحداثه لنص المادة 17 مكرر من القانون المدني التي جاء في الفقرة الأولى منها ما يلي: "يسري على الأموال المعنوية، قانون محل وجودها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها".

ومن ثم فإن التساؤل المطروح يدور أساسًا حول كيفية معالجة المشرع الجزائري للنظام القانوني للأموال الغير المادية في مجال تنازع القوانين.

الأمر الذي يستلزم تناول فكرتين أساسيتين تتعلق الأولى، بتحديد مجال تنازع القوانين فيما يخص الحقوق الذهنية. والثانية بمجال تنازع القوانين فيما يخص الملكية الصناعية والتجارية. وكل ذلك في مطلبي كما يلي:

 

المطلب الأول:

مجال تنازع القوانين فيما يخص الحقوق الذهنية

إن الإبداع الفكري الذهني سواء كان أدبيًّا أو علميًّا من الحقوق التي تحرص كل التشريعات على حمايتها قانونًا. لذلك يمكن في هذا السياق التطرق إلى حق المؤلف وبراءة الاختراع.

الفرع الأول:

 حق المؤلف.

إن المعيار لاعتبار الشخص مؤلفًا هو معيار الإبداع والابتكار، ومن ثم فإن المؤلف هو شخص أعمل فكره وأحدث ابتكارًا معبّرًا. والمصنفات التي يحميها القانون ثلاثة أنواع: المصنفات الأدبية والفنية والموسيقية.

والتطور التكنولوجي والعولمة الإلكترونية أديا إلى ظهور قرصنة للابتكار الفني سعيًا وراء الربح السريع، ولعل من أهم صور حق المؤلف الفنية التي قد تتعرض لهذه القرصنة هي: المصنفات الموسيقية، السينمائية، التلفزيونية، التسجيلات الصوتية والسمعية البصرية والمصنفات الفتوغرافية وكذا مصنفات النحت والرسم...

والاعتداء على هذا الابتكار يعد تقليدًا، والذي يمثل نقلاً لمصنف أدبي أو فني سواء بصفة كلية أو جزئية.

إن اتفاقية برن المنعقدة بتاريخ: 09/09/1886 المعدلة في بروكسل سنة 1948، وضعت مبدأ حماية حق المؤلف طبقًا لقانون البلد الذي تطلب فيه الحماية، بغضّ النظر عما إذا كان قانون البلد الذي نشر فيه لأول مرة يمنح هذه الحماية أم لا.

كما أن اتفاقية جنيف المنعقدة سنة 1952 بخصوص حق المؤلف وضعت مبدأ اختصاص قانون المكان الذي تطلب فيه الحماية، بشرط ألا تزيد عن المدة الممنوحة في البلد الأصلي إن كان هذا البلد يمنح الحماية.

وحق المؤلف يقوم على حق الشخص في أن ينسب إليه الشيء وأن تقترن فكرته باسمه عند نقلها عنه. وكذا حقه في نشر أو عدم نشر هذا المؤلف. هذا فضلاً عن إمكان استثمار منتجات أفكاره أو خياله والحُصول على ما يُدره عليه من ربح.

إن اتصال هذا العنصر المعنوي بالشخص أدى ببعض الفقهاء إلى القول بوجوب تطبيق قانون جنسيته، لكن هذا الاتجاه لاقى انتقادًا، والراجح تطبيق قانون الدولة التي نشر فيه المصنف الفني أو الأدبي.

المشرع الجزائري وبخصوص الحقوق الأدبية والفنية نص في المادة 17 مكرر فقرة 02 من القانون المدني على ما يلي:

"يعد محل وجود الملكية الأدبية والفنية، مكان النشر الأول للمصنّف أو إنجازه".

إن التمعن في قراءة النص يطرح فرضيتين، الأولى تتعلق بحالة نشر المصنف، والثانية بحالة عدم نشره.

أولا: حالة النشر.

لقد برز اختصاص قانون بلد الأصل، أي البلد الذي نُشر فيه المصنف لأول مرة، لكون النشر يعطي للمُصنف قيمته الذاتية، إذ من تاريخ هذا النشر يمكن اعتبار أن المصنف يُشكل مالاً يمكن الاستفادة منه من طرف الغير[38]. كما أنه يظهر قيمة الفكرة والابداع الذهني، لذلك فإن اعتماد المشرع على هذا المعيار "محل النشر الأول" لتحديد القانون الواجب التطبيق، يعود لكون المؤلف يكون قد استشعر فيه القدرة على تحقيق مصالحه الأدبية والمالية.

وإذا تم النشر في عدة دول وفي آن واحد، فإن المشرع الجزائري لو يورد نصًا، لكن الراجح فقها، أن القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة الذي حدث فيه النشر الأساسي. ويتم تحديد ذلك اعتمادًا على معايير تتعلق بمدى رواج هذا المصنف ونسبة الإقبال عليه.

ثانيًا: حالة عدم النشر.

رغم عدم نشر المصنف فإن المؤلف يحظى بحماية قانونية، إذ الثابت أن هذه الحماية غير مشروطة بإجراءات خاصة بل تكون تلقائية نتيجة الابداع. ونظرًا للارتباط الظاهر بين الشخص أو المؤلف وإنتاجه الذهني أو الفكري، فإنه يطبق قانون الدولة التي ينتمي إليها المؤلف بجنسيته.

وقد ذهبت بعض التشريعات المقارنة إلى اخضاع حق المؤلف لقانون الدولة التي يطلب أمام قضائها الحماية اللازمة، أو اخضاعه لقانون الدولة التي ارتكب على اقليمها الاستغلال غير المشروع لحق المؤلف[39].

هذا وتجدر الإشارة إلى أن المشرع أعطى إمكانية تطبيق قانون الدولة التي تم إنجاز المصنف على إقليمها "محل إنجاز المصنف"، والمقصود بذلك هو إخراجه، وما يترتب على ذلك من حقوق مجاورة، كالمخرجون والممثلون وفناني الأداء، ... ذلك أن تكريس فكرة الحقوق المجاورة جاء نتيجة التطور التكنولوجي، إذ عمد المكتب الدولي للعمل "هيئة اليونسكو" منذ 1930 إلى دراسة حقوق منتجي التسجيلات السمعية والبصرية والبث الإذاعي. نظرًا لكون الاستغلال خرج عن الغرض الأصلي، فقد برزت ضرورة حماية حق الفنان والاعتراف بحقوق تشابه حقوق المؤلف على أساس أن الفنان المؤدي هو الذي يبعث الحياة في المصنف ويتوقف عليه نجاحه.

لكن الاعتراف بهذا النوع من الحقوق "الحقوق المجاورة" جاء نتيجة اتفاقية روما في أكتوبر 1961. أما المشرع الجزائري فقد اعترف بهذا النوع من الحقوق بموجب الأمر 97/10 ثم بموجب الأمر 03/05.

 

الفرع الثاني:

براءة الاختراع.

تعرف براءة الاختراع بأنها الوثيقة التي تصدرها الدولة للمخترع اعترافًا منها بحقه فيما اخترع، أو المكتشف نظير اختراع يتيح طريقة جديدة لإنجاز عمل ما، أو تقديم حل تقني جديد لمشكلة ما، فيكون لصاحبها حق احتكار استغلال اختراعه واكتشافه زراعيا أو تجاريا أو صناعيا لمدة محدودة وبقيود معينة. كما يكون له التمسك بالحماية القانونية للاختراع في مواجهة آخرين[40].

تعتبر حماية الاختراع من أهم الوسائل التي تشجع الابتكار والاختراع من خلال مكافئة المبتكر باستئثاره في استغلال اختراعه. كما أن حماية الاختراع تعطي ضمانة للمشاريع لتطوير قابليتهم للمنافسة، كما أن هذه الحماية تساهم أيضًا في نقل التكنولوجيا، وخلق فرص عمل وتنمية الاستثمارات، الأمر الذي يعد حافز للأفراد والشركات من الوطنيين والأجانب للاستثمار ونقل التكنولوجيا، وبالتالي لابد من قواعد إسناد تعالج القانون الواجب التطبيق على براءة الاختراع.

لذلك سنتناول في هذا المطلب فرعين يتعلق الأول بموقف الفقه من القانون الواجب التطبيق على براءة الاختراع، ونطاق سريانه ثانيًا.


أولا: موقف الفقه من القانون الواجب التطبيق على براءة الاختراع.

إن براءة الاختراع تخول المخترع الحق الاستئثاري بفكرته الابتكارية، والتمتع بحق استغلالها اقتصاديًّا والحصول على ما تدره من ربح أو مردود مادي[41]. وبالتالي فهي تشكل بيئة خصبة لتنازع القوانين من حيث اختلاف معالجتها في تشريعات الدول من خلال التعرض إلى ثلاث مسائل.

1_ تطبيق قانون الدولة مانحة براءة الاختراع.

يرى جانب من الفقه أن القانون الواجب التطبيق على حق المخترع يتحدد بقانون الدولة مانحة براءة الاختراع، ويستند هذا الرأي إلى الحجج التالية:

1_ إن البراءة هي التي تنشئ حق المخترع، فهي مصدر لهذا الحق وبذلك فإن قانون الدولة المانحة للبراءة هو أجدر القوانين بالتطبيق.

2_ إن القواعد المنظمة لبراءة الاختراع تتصل بالتنظيم الاقتصادي وأمن الصناعة في الدولة، بمعنى أنها من القواعد ذات التطبيق المباشر وهي بهذا الوصف تكون إقليمية التطبيق. إذ لا يتصور أن يهجر القاضي الوطني تطبيقها لصالح قواعد أجنبية[42].

3_ أن الأخذ بقانون الدولة مانحة البراءة يتماشى ومبدأ إقليمية واستقلال البراءات السائدة في كل التشريعات والمقرر في الاتفاقيات الدولية[43].

2_ تطبيق قانون الدولة منشأ الاختراع.

يخضع حق المخترع وفقًا لهذا الاتجاه لقانون بلد منشأ الاختراع، إذ أن الاختراع مال معنوي يتركز فيه، وبذلك فهو بلد موقع المال. إذ أن الحق في الاختراع ينشأ بمجرد الابتكار، وأن البراءة لا تنشئ حقا جديدًا بل هي ذات أثر مقرر وكاشف[44]، ويؤدي تطبيق قانون دولة المنشأ إلى احترام الحقوق المكتسبة، كما أن تطبيق قانون آخر غير قانون بلد المنشأ كقانون الدولة التي منحت البراءة لاحقا عن نفس الاختراع يحمل مغبة القضاء بعدم جدية الاختراع، كما أن تطبيق قانون الدولة منشأ الاختراع قد يؤدي إلى التعارض ومبدأ استقلال البراءات واقليميتها الذي أقرته الاتفاقيات الدولية.

3_ تطبيق قانون الدولة التي يطلب فيها الحماية

ويجب التفرقة هنا بين أمرين، هما حالة صدور براءة الاختراع في دولة واحدة، وحالة صدورها في أكثر من دولة.

أ_ صدور براءة الاختراع في دولة واحدة، وفي هذه الحالة يطبق قانون الدولة مانحة البراءة على الحقوق العينية المتعلقة ببراءة الاختراع[45]. ذلك أن حق المخترع لا ينشأ إلا بالحصول على البراءة، وبذلك فإن قانون الدولة التي منحت البراءة هو أجدر القوانين بالتطبيق على الحق بصرف النظر عن جنسية طالب البراءة.

ب_ صدور براءة الاختراع في دولة الأصل وحصول المخترع على براءة الاختراع في دولة أو دول أخرى طلبت فيها الحماية، وهنا يوجد رأيان: الأول يقضي بتطبيق قانون دولة الأصل وذلك استنادًا إلى الحقوق المكتسبة للمخترع، ويرى أصحاب الرأي الثاني: بتطبيق قانون الدولة التي تطلب فيها الحماية، وهو الرأي الراجح طالما قد أودع صاحب الاختراع طلب البراءة في تلك الدولة[46].

مع العلم أن الاتفاقيات الدولية جاءت بمبادئ هامة من شأنها التقليل من فرص التنازع في مجال حقوق المخترع، فقد تضمنت اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية مجموعة من المبادئ أهمها: إقليمية البراءة ومبدأ التشبيه، ومبدأ إلغاء سقوط البراءة[47].

لذلك يقترح الباحثون لتقليل فرص التنازع أنه يجب وضع قواعد من شأنها توحيد الأحكام المتعلقة ببراءة الاختراع في جميع الدول الأعضاء بناءًا على اعتماد معايير واضحة لمنح البراءة في الدول الأعضاء والإقلاع عن مبدأ استغلال البراءة، كما يمكنه إصدار قانون موحد بهذا الخصوص.

 

الفرع الثالث:

القانون الواجب التطبيق على براءة الاختراع.

السلطة في الدولة هي التي تمنح للمخترع براءة الاختراع على اختراعه، ولذلك فإنه ليس لهذه البراءة أية قيمة خارج إقليم الدولة التي منحتها. ويترتب على ذلك أن هذه البراءة لا تتمتع بأية حماية خارج حدود الدولة التي منحتها.

حيث أنه كما أشرنا إليه سابقًا بأنه يخضع حق المخترع لقانون الدولة التي منحت براءة الاختراع، ذلك أن براءة الاختراع هي التي تنشئ حق المخترع، فهي بذلك مصدر لهذا الحق، وبالتالي فإن قانون الدولة التي منحتها هو الأولى بتطبيق قانونه سواء من حيث شرط صحة البراءة أو الحقوق التي تمنحها للمخترع وأسباب بطلانها أو سقوطها وتمنح له البراءة مهما كانت جنسيته[48].

وعليه فإن حماية براءة الاختراع لا تكون إلا وفقًا لقانون الدولة المانحة لها، وإذا أراد صاحب الاختراع حماية اختراعه خارج الدولة التي منحته براءة الاختراع، فعليه بالسعي للحصول على براءة الاختراع في كل دولة يريد حماية اختراعه فيها[49]، وهذا ما نصت عليه المادة 17 مكرر من القانون المدني فقرة 3 إذ جاء فيها ما يلي: "... يعد محل وجود براءة الاختراع البلد الذي منحها".


المطلب الثاني:

مجال تنازع القوانين فيما يخص الملكية الصناعية والتجارية

إن الملكية الصناعية هي سلطة مباشرة يمنحها القانون للشخص، بحيث تعطيه مكنة الاستثمار بكل ما ينتج عن فكرة فهي ترتب لصاحبها نوعين من المصالح: مصلحة في نسبة اختراعه أو فكرته الابداعية له ومصلحة الاستفادة ماليًا عن طريق الطرح والتداول في السوق.

أما الملكية التجارية هي التي ترد على قيم تجارية معنوية، ولتوسع نطاق تعاملهما بين الدول أو خارج الحدود الإقليمية أصبحا محلاً لتنازع القوانين ولتحديد مجال هذا التنازع بين القوانين فيما يخص الملكية الصناعية والتجارية ارتأينا التطرق إلى الرسوم والنماذج الصناعية في "الفرع الأول" والعلامات والأسماء التجارية في "الفرع الثاني".

 

الفرع الأول:

الرسوم والنماذج الصناعية.

إن الرسم الصناعي هو كل تنسيق جديد للخطوط على سطح المنتج يضفي عليه رونقًا جميلاً كالرسوم والنقوش الخاصة بالمنسوجات والسجاجيد والجلد والورق الخاص بتغطية الجدران وقد عرفه المشرع الجزائري[50] بأنه كل تركيب لخطوط أو ألوان لإعطاء مظهر خاص.

والنموذج الصناعي هو الهيئة الخارجية للمنتج كهياكل السيارات وعلب العطور وحسب المادة الأولى من القانون الجزائري فالنموذج هو كل شكل قابل للتشكيل أو كل شكل صناعي يمكن استعماله لصنع وحدات أخرى ويمتاز عن النماذج الأخرى بشكله الخارجي.

إذن فالرسم أو النموذج الصناعي هو كل ترتيب للخطوط على سطح المنتجات أو كل شكل أو قالب خارجي تصب فيه المنتجات أو السلع بألوان أو دون ألوان، ويستخدم في الإنتاج الصناعي بوسيلة يدوية أو آلية أو كيميائية[51] ويكون لصاحب الرسم أو النموذج الصناعي في مثل هذه الحالات حق ملكية عليها باعتبارها أموال أو منقولات معنوية تقبل التعامل وترد عليها الحقوق العينية والأصلية والتبعية[52]. وبما أن الرسوم والنماذج خلقا ذهنيا مطبقا على المنتجات الصناعية فهي إذن تمتاز بطبيعة مختلطة[53]. فهي تأخذ موقفًا وسطًا بين الملكية الفنية وبراءة الاختراع ذلك أن الحق فيها يثبت بمجرد الابتكار، إذ أن الايداع هو أمر شكلي يترتب عليه أولوية صاحب الحق في الرسم أو النموذج المودع في أكثر من دولة أكثر جلاء منها بالنسبة لبراءة الاختراع الممنوحة عن ذات الاختراع في أكثر من دولة ولتحديد القانون واجب التطبيق على الرسوم والنماذج يتوجب التطرق لموقف الفقه من القانون واجب التطبيق عليها "فرع أول" ونطاق القانون واجب التطبيق "فرع ثاني" وموقف القانون المقارن والقانون الجزائري "فرع ثالث".

أولا_ موقف الفقه من القانون واجب التطبيق على الرسوم والنماذج الصناعية.

لقد اختلفت آراء الفقهاء بشأن القانون واجب التطبيق على الرسوم والنماذج الصناعية، فهناك رأي يرى تطبيق قانون الدولة التي يتم فيها الإيداع والتسجيل لأول مرة "أولا" ورأي يعتبر تطبيق قانون دولة الاستغلال الفعلي للنموذج أو الرسم الصناعي هو القانون الواجب التطبيق "ثانيا" وهناك من يرى تطبيق قانون المحكمة المعروض أمامها النزاع "ثالثا".


1_ قانون بلد الإيداع أو التسجيل الأول.

هذا الاتجاه يسند أو يذهب إلى تقرير الاختصاص التشريعي لقانون الدولة التي يتم فيها الإيداع والتسجيل لأول مرة.

فالتسجيل هو الأداة القانونية التي تقابل نشر المصنف بالنسبة لحق المؤلف فهو قرينة على وجود حق صاحبه على الأقل منذ وقت التسجيل[54]، كما أن الإيداع أو التسجيل هما وسيلتان من الوسائل القانونية للعلانية أو النشر أو التعريف بالفكرة الإبداعية، فبها يتجسد الحق على هذه الفكرة وتتركز مكانيًا، زيادة على أن الإيداع أو التسجيل غرضه الحماية لصاحب الرسم أو النموذج الصناعي والحفاظ على حقه في احتكار الاستغلال ولا يقوم هذا الحق إلا من لحظة التسجيل.

وإن القيمة الحقيقية للفكرة الإبداعية بما تكون لها من حماية إنما تكمن باستئثار صاحبها في استغلالها أيا كانت هذه الفكرة، وهذا لا يتحقق إلا بمنح شهادة الإيداع أو التسجيل التي تعد بمثابة دليل إثبات ملكية الرسم أو النموذج الصناعي[55]. الأمر الذي يجعل الدولة التي تم الإيداع أو التسجيل لديها هي الأجدر بتأمين الحماية على هذه الملكية الصناعية، لقد أخذت بهذا الرأي اتفاقية باريس والقانون الكويتي.

2_ قانون دولة الاستغلال الفعلي.

يذهب جانب من الفقه إلى تطبيق الدولة التي يتم فيها استغلال الرسم أو النموذج دون الاعتداء على قانون الدولة التي تم فيها الإيداع أو التسجيل لأول مرة[56]، وحجتهم في ذلك مؤداها أن القوانين المتعلقة بالملكية الصناعية تعد من قواعد البوليس والأمن المدني والتي يتعين تطبيقها تطبيقًا إقليميًّا محضًا، فمن الصعب الاعتداء على الرسم أو النموذج الصناعي في غير الدولة التي يستعمل فيها لأنها تمس التنظيم الاقتصادي للدولة، فالاعتداء يكون واردًا في المكان الذي يستغل فيها وبالتالي يخضع لقانون المكان الذي يستغل فيه فإذا لم تدخل الرسوم والنماذج الصناعية حيز الصناعة أو أنها لا تكون قابلة للاستغلال الصناعي لا يمكن حمايتها بموجب هذا القانون بل يمكن حمايتها بموجب قانون آخر كما يمكن حمايتها إذا استغلت في الصناعات التقليدية أو استعملت كصورة أصلية لإنتاج صناعي خصوصًا النماذج أو التماثيل الصغيرة وهذا ما ورد في نص المادة 6 من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية.

3_ قانون دولة الحماية:

يتجه رأي آخر في الفقه إلى الاعتداد بقانون دولة المحكمة المعروض أمامها النزاع مع الأخذ بالاعتبار قانون الدولة التي تم فيها التسجيل أو الإيداع وهذا الحل يتفق مع مبدأ الإقليمية واستقلالية تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي ويرجع كل هذا لأسباب تتعلق بأمن التجارة والصناعة في الدولة التي تتصل اتصالاً وثيقًا بالطابع الإقليمي لتشريعات الدولة التي تكفل حماية الرسم أو النموذج الصناعي[57].

وهذا ما نصت عليه المادة 10 من اتفاقية باريس على أنه: "تلتزم دول الاتحاد بأن تكفل لرعايا دول الاتحاد الأخرى حماية فعالة ضد المنافسة، يعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية".

إلا أن هذه الحماية لا تكون مطلقة بل يجب مراعاة قانون الدولة التي تم فيه الإيداع أو التسجيل لأول مرة، فلا يجوز منح الحماية فمثلاً إذا اسقط الرسم أو أبطل في بلد الحماية لسبب ما كمخالفته للنظام العام والآداب العامة في بلد إسلامي كالجزائر لأن هذا الرسم أو نموذج شرب الخمر[58]، كما لا يجوز التمسك بمدة الحماية المقررة في قانون الدولة التي يطلب منها الحماية إذا ما كانت هذه المدة أطول من المدة المقررة في قانون بلد الإيداع أو التسجيل الأول بل يأخذ بمدة الحماية المقررة في القانون الأخير.

في حالة تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي في أكثر من دولة من بينها الدولة التي يطلب فيها الحماية فإن قانون الدولة التي يطلب فيها الحماية هو الذي يطبق لأنها الدولة التي تم التسجيل والإيداع لديها كما تم التعدي على عنصر الاحتكار في الملكية الصناعية وهو الحل الذي يتفق مع مبدأ الإقليمية واستقلال تسجيل الرسوم والنماذج.

هناك نوع آخر من الحماية وهو ما يعرف بالحماية المستمدة من قانون المؤلف تخضع لحماية مزدوجة[59] الحماية الأولى مستمدة من قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة والحماية الثانية مستمدة من اتفاقية باريس وأحكام الرسوم والنماذج الصناعية وتسمى بالفن الصناعي، أما الرسوم والنماذج الفنية غير المطبقة في الصناعة فتقتصر حمايتها على القانون الخاص بحق المؤلف ولو لم تكن مسجلة، أما الحماية الخاصة بالرسوم والنماذج الصناعية معلقة على التسجيل، وهناك دول تقر بالحماية المزدوجة للرسوم وحق المؤلف مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا[60].

 

الفرع الثاني:

نطاق القانون الواجب التطبيق وموقف التشريع المقارن.

يخضع القانون واجب التطبيق في تحديد ماهية الرسم والنموذج الصناعي وشروط جدته وسائر شروط الحماية، ومدة الحماية ونظام الإيداع، وإثارة والتزامات المودع، ونظام التنازل أو التصرف في الحق على الرسم أو النموذج الصناعي والحقوق العينية التي ترد عليه ونظام بطلانها أو سقوطها وانقضاء الحق عليها[61].

على أنه يخرج من مجال ذلك القانون وخصوصًا عند ظروف الاستعجال والتدابير التحفظية في حالة الاعتداء على حق صاحب البراءة أو الرسم أو النموذج الصناعي، واستغلاله بغير موافقته أو في أغراض غير مشروعة، حيث يسري قانون القاضي المختص كما يسري على الجزاءات الجنائية التي يمكن الحكم بها عند تشكل أفعال الاعتداء جريمة يعاقب عليها قانونيًّا[62].

هذا ولم يعالج القانون الأردني مسألة القانون الواجب التطبيق على حقوق الملكية الصناعية بقواعد إسناد خاصة وترك الأمر للقوانين الأخرى للقوانين الخاصة والاتفاقيات الدولية، لكن المشرع نظم أحكام حماية الرسوم الصناعية في بداية الأمر مع براءات الاختراع ضمن قانون واحد هو قانون امتيازات الاختراعات والرسوم رقم 33 لسنة 1953 كم صدر قانون الرسوم الصناعية والنماذج الصناعية رقم 14 لسنة 2000 بموجبه تم إلغاء قانون امتيازات الاختراعات.

وبالنسبة للقانون التونسي لم تورد أي قاعدة إسناد خاصة بالقانون الواجب التطبيق على الملكية الصناعية، لكن بالنظر إلى نص الفصل "5/4" يشير إلى إمكانية تطبيق قانون بلد الحماية وفقًا لمجلة القانون الدولي الخاص التونسية التي جاء فيها "تنظر المحاكم التونسية أيضا ... 4- في النزاعات المتعلقة بالملكية الفكرية إذا وقع التمسك بحمايتها بالبلاد التونسية".

وفي حالة الاعتداء على هذه الحقوق قد أخضعها المشرع التونسي لقانون مكان ارتكاب الفعل الموجب للمسؤولية أو وقوع الضرر في البلاد التونسية المادة 5/1 والتي تنص على أنه: "تنظر المحاكم التونسية أيضا 1- في دعاوى المسؤولية المدنية التقصيرية إذا ارتكب الفعل الموجب للمسؤولية أو حصل الضرر بالبلاد التونسية ..." فالمشرع هنا يشير بشكل ضمني إلى إمكانية تطبيق قانون الدولة التي تطلب فيها الحماية.

أما فيما يخص المال المنقول المرسم أو المسجل لقانون مكان التسجيل أو الرسم وهذا واضح من خلال نص الفصل 59 "يخضع المال المنقول المرسم أو المسجل لقانون الدولة التي سجل أو رسم فيها[63]. ومنه يتضح لنا أنه يمكن الاعتداد بقانون الدولة التي سجلت فيها الملكية الصناعية ليكون واجب التطبيق على براءة الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية وفقًا لمجلة القانون الدولي الخاص التونسية.

كما عالجت هذه المجلة أيضًا العقود المبرمة بخصوص الملكية الصناعية في نص المادة 69 والتي تخضع لقانون الدولة التي بها مكان الإقامة المعتاد لمن نقل حق الملكية الفكرية أو لمن تنازل عنه.

أما المشرع الجزائري فقد أولى اهتمامًا كبيرًا فيما يخص تشجيع وحماية الملكية الصناعية وطنيًّا فقد أصدر عدة قوانين أو مراسيم خاصة لحمايتها.

لكنه كنظيره المشرع الأردني لم يشير إلى ضابط إسناد خاص بالأموال المعنوية بادئ الأمر أي بعد صدور الأمر 58/75 المتضمن للقانون المدني الجزائري، تدارك الأمر بإصدار القانون 05/10 حيث خص المنقول المعنوي بحكم خاص بموجب المادة 17 مكرر والتي يبدو من خلالها أن المشرع الجزائري حرص على ضرورة الاحترام الدولي لنفاذ الحقوق المكتسبة وذلك من خلال إعطائه الاختصاص التشريعي إلى قانون الجهة التي يوجد فيها المنقول عند تحقق السبب الذي أدى إلى التملك والاستئثار أي بمعنى أنه أخضع الأموال المعنوية إلى نفس ضابط الإسناد الذي أخضع له الأموال المادية إلا أنه سهل عملية تحديد محلها ففي المادة 17 مكرر/4 من نفس القانون تكلم عن الرسم والنموذج الصناعيين، التي بموجبها حدد محل وجودها بالبلد الذي تم التسجيل أو إيداع الرسم أو النموذج ومن ثم فإن قانون هذا البلد هو الذي يطبق ومنحها له وفقًا لقوانين هذا البلد. ما نستخلصه أن المشرع الجزائري كان من المؤيدين للاتجاه الذي يسند الاختصاص التشريعي لقانون الدولة التي يتم فيها الإيداع والتسجيل لأول مرة ومن هذا المنطلق نعتقد أن المشرع الجزائري فضل تطبيق مبدأ الحقوق الدولية ونفاذها عن مبدأ التطبيق المباشر والفوري الجديد.

المطلب الثالث:

القانون الواجب التطبيق على الملكية التجارية.

تشمل الملكية التجارية كل من المحل التجاري والعلامة التجارية، والتي تعد جزء لا يتجزأ من المحل التجاري بوصفها متصلة به ومن مستلزماته التي يتحقق فيها عنصر الاتصال بالعملاء[64]. لذلك سنتطرق إلى القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية في الفرع الأول، والقانون الواجب التطبيق على المحل التجاري في الفرع الثاني.

 

الفرع الأول:

القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية.

تطرقت العديد من التشريعات ومنها التشريع الجزائري إلى مسألة تعريف العلامة التجارية، وإبراز مميزاتها وتبيان الشروط الواجب توفرها فيها حتى يصبح مودع هذه العلامة مالكا لها. ولقد جاء المشرع الجزائري في المادة 02 من الأمر من 03/06 المتعلق بالعلامات بتعريف للعلامة حيث جاء فيها ما يلي: "العلامات كل الرموز القابلة للتمثيل الخطي، لا سيما الكلمات بما فيها أسماء الأشخاص والأحرف والأرقام والرسومات أو الصور  والأشكال المميزة للسلع أو توصيفها، والألوان بمفردها أو مركبة والتي تستعمل كلها لتمييز سلع أو خدمات شخص طبيعي أو معنوي عن سلع وخدمات غيره[65].

إذا وفق هذا التعريف فإن العلامات هي تلك التي يمكن تمثيلها خطيًّا وبموجبها يمكن تمييز السلع والخدمات المتماثلة عن بعضها حتى لا يقع المستهلك في لبس أو خطأ عند عرض السلع عليه[66].

فالعلامة التجارية تعتبر وسيلة لتنافي المنافسة غير المشروعة، فهي ليست ابتكارًا ذهنيًّا، إنما هي وسيلة المشروع الاقتصادي في تمييز منتجاته عن غيرها من منتجات المشروعات الأخرى المماثلة وتحدد مركز المشروع الاقتصادي أو المنتج بالنسبة للمشروعات المنافسة، وبالنتيجة هي تثير مشكلة تنازع القوانين لكونها تصلح لأن تكون محلاً لحق الملكية لمالكها. ويكون لهذا الأخير احتكار استعمالها رمزًا للمنتجات والخدمات التي يؤديها المشروع[67]. لذلك سنتعرض في هذا الفرع إلى موقف الفقه من القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية، ثم نتعرض لموقف التشريعات المقارنة في ذلك.

أولا: موقف الفقه من القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية.

اختلف الفقهاء بشأن القانون الواجب التطبيق على النزاع المنصب على العلامات التجارية، فمنهم من يرى أن القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي تستعمل فيها العلامة التجارية لأول مرة، وهناك من يرى إخضاعها للبلد الذي سجلت فيه، وسنتناول كل عنصر على حدى.

1_ قانون دولة الاستعمال الأول: ذهب رأي فقهي إلى تقرير الاختصاص لقانون الدولة التي تستعمل فيها العلامة التجارية، أي قانون الدولة التي يوجد فيها المشروع الذي تتصل به العلامة التجارية والتي تميزه عن غيره[68]. فإذا كانت العلامة التجارية تستعمل في دولة واحدة فهذا لا يطرح أي إشكال، أما إذا كانت العلامة التجارية تستعمل في أكثر من دولة، في هذه الحالة يختار هذا الاتجاه من الفقه إخضاع التصرفات القانونية للعلامة التجارية لقانون الاستعمال الأول[69]، فيروا أن الحق على العلامات التجارية لا يتقرر بتسجيلها إنما بالأسبقية في استعمالها. وقد ساد هذا الحل في فرنسا منذ القانون الصادر سنة 1857، غير أن هذا الحل قد تغير بقانون 31/12/1964، الذي جعل اكتساب الحق في العلامة التجارية مرتبطًا بالتسجيل وليس بالأسبقية في الاستعمال، فيكون بذلك القانون الواجب التطبيق في فرنسا بعد هذا القانون على الأسماء والعلامات التجارية هو قانون الدولة التي تم فيها التسجيل[70]. إلا أن الأخذ بتطبيق قانون دولة الاستعمال الأول يوحي بضرورة تحديد وضبط التاريخ لكل استعمال حتى نكون على دراية بمعرفة الاستعمال الأول، وهنا تظهر أهمية عنصر الاستعمال في حالة تعدد الدول التي تم فيها استعمال العلامة التجارية، ذلك لأن الغاية تتمثل في تجنب المنافسة غير المشروعة، وبالتالي فهذه الأخيرة لا يمكن تصورها بدون الاستعمال الفعلي.

وتجدر الإشارة حسب هذا الرأي الفقهي، أن دولة الاستعمال هي دولة موقع المشروع صاحب العلامة، وبذلك فاختيار قانون دولة الاستعمال الأول يتضمن نتيجة إيجابية، وهي أن تخضع العلامة التجارية لنفس القانون، وبالتالي فمهما تعددت دول استعمال العلامة التجارية أو دول نشاط المشروع، فلا مخافة من تعدد القوانين، لأن القانون الواجب التطبيق يكون قانون واحد وهو قانون دولة الاستعمال الأول.[71]

2_ قانون الدولة التي سجلت فيها العلامة: هذا الاتجاه هو الرأي الراجح، حيث يرى أن يمنح الاختصاص التشريعي لقانون دولة تسجيل العلامة التجارية، عكس الرأي الأول الذي يعطي الاختصاص لقانون  دولة الاستعمال الأول، وحجتهم في ذلك أن العلامة التجارية لا تدخل في عداد الحقوق الأدبية والفنية، ولا في عداد الحقوق الصناعية، لأن الملكية الفنية والأدبية تكون مشمولة بالحماية حتى قبل تسجيلها، أما العلامة التجارية فلا تكون مشمولة بالحماية إلا بعد تسجيلها[72]. كما يروا أن العلامة التجارية هي وسيلة فنية لتمييز المنتجات، والاعتراف بتلك الوسيلة يقتضي تدخل سلطة عامة يكون باستطاعتها التحقق من عدم تطابقها أو تشابهها مع العلامات الأخرى، وبالنتيجة فإن التسجيل هو الوسيلة التي تحقق ذلك[73].

كما يرى هذا الجانب الفقهي أن وظيفة العلامة التجارية هي الحد من المنافسة غير المشروعة بين المشروعات وبذلك فإن تسجيلها والقوانين المنظمة لها هي من القوانين المتعلقة بأمن التجارة وتعتبر ذات تطبيق ضروري ومباشر، فهي تحدد ذاتها مجال سريانها مما يستوجب تطبيق قانون دولة التسجيل[74].

ثانيا: موقف التشريعات المقارنة من القانون الواجب التطبيق على العلامات التجارية

اختلفت التشريعات حول تحديد القانون الواجب التطبيق على العلامات التجارية، وسنتطرق في هذا العنصر إلى موقف التشريعات المقارنة، ثم نتطرق إلى موقف الموقف المشرع الجزائري في تحديد القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية.

1_ موقف التشريعات المقارنة في تحديد القانون الواجب التطبيق على العلامات التجارية.

ابتداءً سنتطرق إلى اتفاقية "تريبس" التي عالجت سبل حماية العلامات التجارية ونظمت ذلك فيه بموجب نصوص صريحة، وطبقًا لها حتى يكون للعلامة التجارية الحق في الحماية في البلد العضو وجب إيداعها وتسجيلها فيه، كما أحالت شروط الإيداع والتسجيل وإجراءات ذلك إلى أحكام اتفاقية باريس والتي تنيط بدورها هذه المسألة للقوانين الوطنية[75]، فمتى حصل تسجيل وإيداع العلامة التجارية كان لصاحبها حق مطلق لمنع الغير من استخدام نفس العلامة أو علامة مشابهة تخص نوع السلع أو الخدمات المماثلة لتلك التي سجلت بشأنها العلامة التجارية نظرًا للبس المحتمل حدوثه عند المستهلكين بين مختلف العلامات، كما نصت المادة 15 من نفس الاتفاقية على: "... يحظر رفض طلب التسجيل بمجرد أن الاستخدام المزمع لم يحدث قبل انقضاء فترة ثلاث سنوات اعتبارًا من تاريخ تقديم الطلب"[76].

كما نصت المادة 18 على أنه يكون التسجيل الأول للعلامة التجارية وكذا تجديد لذلك التسجيل لمدة لا تقل عن سبع سنوات ويكون تسجيل العلامة التجارية قابلة للتجديد لمدة غير محدودة[77].

هذا وبالرجوع إلى بعض التشريعات الأخرى نجد أنها تختلف في تحديد القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية، إلا أن معظمها يتفق مع اتفاقية "تريبس"، فنجد أن المشرع الأردني لم ينص على قاعدة إسناد خاصة بتحديد القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية، إلا أنه أورد نصًا خاصًا يشير إلى إتباع مبادئ القانون الدولي الخاص فيما لم يرد بشأنه نص، وبالرجوع إلى أحكام القوانين الخاصة في قانون العلامات التجارية، فإنه يأخذ بمعيار تسجيل العلامة التجارية لتقرير الحماية لها.

أما مجلة القانون الدولي الخاص التونسية فلم تعالج القانون الواجب التطبيق على العلامة التجارية بنص خاص، إلا أنها أخضعت المال المسجل لقانون بلد التسجيل، وبذلك فإنه لا يمكن إخضاع العلامة التجارية لقانون مكان التسجيل وهذا مشابهًا لموقف القانون الدولي الخاص الروماني لسنة 1994[78].

أما بالنسبة للقانون السوري فإنه يخضعها لقانون مكان منشأة الاستغلال[79].

2_ موقف المشروع الجزائري من تحديد القانون الواجب التطبيق على العلامات التجارية.

نص المشرع الجزائري في المادة 5 من الأمر 66/57 على أن الملكية تمنح للذي يقوم بالإيداع الأول فيما يخص العلامات التجارية، ويؤدي هذا إلى تطبيق قانون الموقع، وعلى ذلك فإن الأجانب ملزمون بإيداع العلامات التجارية التي تم إيداعها في الخارج بالجزائر[80]. وبهذا يكون المشرع قد أخذ بالإيداع الدولي للعلامات التجارية والقبول بأولوية الإيداع، كما نصت عليه اتفاقية باريس 1885.

هذا وقد صدر الأمر رقم: 66/86 المؤرخ في: 8 محرم عام 1386 الموافق لـ: 28 أفريل 1966 المتعلق بالرسوم والنماذج في المادة 10 منه على حمايتها بعد إيداعها وبالتالي فإذا كانت ملكيتها نتيجة إنشائها فإن حمايتها تكون نتيجة إيداعها. وعلى ذلك وحسب هذين الأمرين فإن القانون الواجب التطبيق على العلامات والرسوم التجارية هو قانون موقع الإيداع، لكن نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد ضابط إسناد معين يحدد من خلاله القانون الواجب التطبيق، إنما الحكم بموقع الإيداع مجرد استنباط لمضمون الأمرين السالفي الذكر. بعدها صدر الأمر 58/75 المتضمن القانون المدني الذي اقتصر على تنظيم المنقولات فحسب، مما أدى إلى تطبيق الآراء الفقهية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأموال المعنوية[81].

إلا أن المشرع تدارك هذا النقص وسده بإصدار القانون 05/10 المتضمن القانون المدني وخاصة في المادة 17 مكرر فقرة 05 الذي نص صراحة أنه " ... يعد محل وجود العلامة التجارية منشأة الاستغلال..." وبالتالي فالمشرع الجزائري عمل على وضع ضابط إسناد سهل عملية تحديد القانون الواجب التطبيق وهو محل تواجد العلامة التجارية، أي المكان الذي يوجد فيه المنشأة التي تستغل هذه العلامة.

 

الفرع الثاني:

القانون الواجب التطبيق على المحل التجاري.

نصت المادة 78 من القانون التجاري على عناصر المحل التجاري بنصها: "تعد جزءًا من المحل التجاري الأموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري، ويشتمل المحل التجاري إلزاميًّا عملائه وشهرته، كما يشمل أيضًا الأموال الأخرى اللازمة لاستغلال المحل التجاري كعنوان المحل والاسم التجاري والحق في الايجار والمعدات والآلات والبضائع وحق الملكية الصناعية والتجارية، وكل ذلك ما لم ينص على خلاف ذلك".

يتبين من أحكام هذه المادة أن العنصرين الأساسيين للمحل التجاري هما: العملاء أو الزبائن والشهرة.[82] ولا يقصد من المحل التجاري مكان مباشرة التجارة بل ينصرف هذا المصطلح إلى مفهوم معنوي للأصل التجاري الذي هو مال معنوي منقول يكون من العناصر السالفة الذكر، وتخصص كل العناصر لاستعمال المشروع التجاري والغاية من ذلك تتمثل في جلب العملاء وكسب الزبائن، وتدخل المحلات التجارية في الأحوال العينية لأنها تتكون بصورة عامة من عناصر مادية، أما عنصرها الأساسي فهو الزبائن[83].

وقد يتبادر إلى الذهن هنا أن القانون الواجب التطبيق هو قانون موقع المحل التجاري، إلا أن هذا التوجه لا يستقيم[84]، فقانون الموقع هو الذي يحكم مجموعة المادة المشمولة بالنظام العيني وطرق اكتساب الحقوق العينية، وبالتالي فقانون الموقع يحدد مفهوم ملكية المحل التجاري، كما يقرر إذا من الممكن أن يكون المحل التجاري محل منفعة أو رهن حيازي أو رهن رسمي ويحدد أيضًا صلاحيات أصحاب الحقوق. أيضا يحكم القوانين المتعلقة بالملكية التجارية وكذا التزامات التاجر المتعلقة بالقيد في السجل التجاري وضبط الدفاتر[85].

لذا فإن المشرع الجزائري أزال هذا الغموض ونص في المادة 17 مكرر/6 ق م ج: "... ويعد محل وجود الاسم التجاري بلد المقر الرئيسي للمحل التجاري". إذًا فإن ضابط الإسناد حدده المشرع ببلد المقر الرئيسي للمحل التجاري أي مركز الإدارة الرئيسي، أما في حالة تعدد استعمال الاسم التجاري فالعبرة بقانون البلد الذي يوجد فيه مقره الرئيسي.

من خلال ما سبق نستنتج أن نطاق الحقوق المعنوية يضم كل ما يخرج عن دائرة الحقوق الشخصية والعينية مسايرة لتسمية أغلب القوانين المدنية لها مع أن التسمية الأكثر دقة كما يرى غالبية الفقهاء هي الحقوق الذهنية والإنتاج الذهني، فهذا النوع من الحقوق هو أسمى ما تتميز به الإنسانية وما يخرجه المفكر ليرقى سلم الحضارة، مسخرًا لنا عقله لخدمة الإنسانية في مناحي الحياة كافة، وهذا ما حذا بغالبية التشريعات على حماية هذا الإنتاج الذهني على الصعيد الوطني والدولي من السطو عليه، وارتكاب الغش والتدليس وانتزاع أفكار الغير وإبداعاتهم، فقواعد القانون الدولي الخاص تحمي حقوق التأليف والإنتاج الأدبي والعلامات والأسماء التجارية والصناعية والرسوم والنماذج كما تحمي هذه الحقوق كلها من المنافسة غير المشروعة والغش التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للمشرع الجزائري الذي وفق نوعا ما في تنظيم القانون الذي يحكم المال المعنوي، فجعل محل وجود الملكية الأدبية والفنية هو مكان نشرها الأول أو بإنجازها، وبالتالي العبرة بأول نشر أو إنجاز. كما جعل محل براءة الاختراع هو البلد الذي اعترف للمخترع بحقه في براءة الاختراع ومنحها له وفقا لقوانين هذا البلد. وبالنسبة للرسم والنموذج الصناعيين حدد محل وجودها بالبلد الذي تم فيه تسجيل أو إيداع الرسم أو النموذج، ومن ثم فإن قانون هذا البلد هو الذي يطبق. أما العلامات التجارية فحدد بمنشأة الاستغلال أي أنها موجودة في المكان الذي توجد فيه هذه المنشأة التي تستغل العلامة التجارية، في حين حدد محل وجود الاسم التجاري بالمكان الذي يوجد فيه المقر الرئيسي للمحل التجاري، وبالتالي في حالة تعدد استعمال الاسم التجاري فالعبرة بقانون البلد الذي يوجد فيه مقره الرئيسي. وكل ذلك نظمه في نص المادة 17 مكرر ق م.

إلا أنه من خلال دراستنا وتحليلنا لهذا الموضوع لاحظنا أن المشروع الجزائري ترك فراغا تشريعيا في بعض الجوانب ولم يتطرق لها سواء في نص المادة 17 مكرر أو بنصوص مستقلة، بحيث لم يتطرق إلى بيان مدى رهن براءة الاختراع من عدمه وسائر الحقوق العينية التي يمكن أن ترد عليها. كما لم يحكم أيضا أسباب سقوط البراءة وبطلانها على غرار الدول الأخرى.

كما أنه لم يعالج مسألة الحجز على البراءة باعتبارها مالا وتدخل في عناصر الذمة المالية لمالكها، وبذلك فإنه يجوز لدائني مالك البراءة الحجز إليها استنادا إلى قاعدة أن جميع أموال المدين ضامنة الوفاء بديونه، حتى أنه لم يبين في حالة رهن الاختراع موضوع البراءة يعتبر رهنا لمال منقول. لذلك يجب تطبيق الأحكام العامة لرهن المال المنقول في القانون المدني إذا كان الدين مدنيا أو القانون التجاري إذا كان الدين تجاريا حتى أنه بكل هذه التفاصيل يجب تسجيل عقد الرهن لدى مسجل براءات الاختراع حتى يعتد به ويكون حجة على الكافة.

أيضا لم ينظم المشرع الجزائري القانون الواجب التطبيق على النزاعات الناشئة على الديون سواء كانت ديون الثابتة في الذمة أو الموثقة على شكل أوراق قابلة للتداول، باعتبارها حقا من الحقوق الشخصية، غير أنه يمكن أن ينظر إلى الدين على أنه مال معنوي يمكن التصرف فيه عن طريق الحوالة، مما يقتضي إعادة تنظيمها بنصوص قانونية تغني عن اللجوء أو الاعتماد على الآراء الفقهية في حالة قيام نزاع.



[1] السنهوري، عبد الرزاق أحمد: الوسيط في شرح القانون المدني (حق الملكية)، مرجع سابق، ص10-11، أنظر: الكردي، جمال محمود: مرجع سابق، ص2422.

[2] الداودي، غالب علي: القانون الدولي الخاص "تنازع القوانين"، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 2011، ص199.

[3] هشام علي الصادق: المرجع السابق، ص120.

[4] غني حسون طه: محمد البشير طه: الحقوق العينية، الجزء الأول، المكتبة القانوني، بغداد، الطبعة الثالثة، سنة 2009، ص15.

[5] أنظر كل من:

_ أبو علاء النمر: المختصر في تنازع القوانين، الطبعة1، دار النهضة العربية، سنة 2000، ص202.

_ سامي بديع منصور، نصري أنطوان دياب، عبده جمال غضوب: القانون الدولي الخاص تنازع الاختصاص التشريعي، الجزء 01، المؤسسة الجامعية، سنة2009، ص 546.

[6] أنظر كل من:

_ رياض، فؤاد عبد المنعم وراشد، سامية: مرجع سابق، ص302-303.

أنظر أيضًا: صادق، هشام علي: تنازع القوانين، مرجع سابق، ص808.

[7] الهداوي، حسن: تنازع القوانين "المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني"، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط2، 1997.

[8] عبد الكريم، ممدوح: مرجع سابق،  مرجع سابق، ص151.

[9] رياض، فؤاد عبد الفتاح، وراشد، سامية: مرجع سابق، ص301.

[10]  الصانوري، مهند أحمد: القانون الدولي الخاص دراسة مقارنة في تنازع القوانين، الطبعة الأولى، عمان، دار وائل للنشر، 2011، ص180.

[11] عبد الله، عز الدين: مرجع سابق، ص380-381.

[12] أمين: مرجع سابق، ص129.

[13] منصور، سامي بديع: مرجع سابق، ص456.

[14] صادق، هشام علي: تنازع القوانين، مرجع سابق، ص807.

[15] الصانوري، مهند أحمد: المرجع السابق، ص180.

[16] المصري، محمد وليد: مرجع سابق، ص187.

[17] دواس، أمين: مرجع سابق، ص130. الهداوي، حسن: مرجع سابق، ص131.

[18] الهداوي، حسن: تنازع القوانين "المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني"، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط2، 1997،...

[19] أنظر كل من:

_ عبد الكريم، ممدوح: مرجع سابق، ص151.

_ عبابنه، علاء الدين محمد ذيب: تنازع القوانين في العقد الإلكتروني الدولي، البحرين: مؤسسة فخراوي للدراسات والنشر، ط2، 2009، ص431.

[20]  أنظر كل من:

_ عبد الكريم، ممدوح: مرجع سابق، ص151.

_ عبابنه، علاء الدين محمد ذيب: تنازع القوانين في العقد الإلكتروني الدولي، البحرين: مؤسسة فخراوي للدراسات والنشر، ط2، 2009، ص431.

[21] رياض، فؤاد عبد المنعم وراشد، سامية: مرجع سابق، ص302.

[22] دواس، أمين: مرجع سابق، ص130. _الهداوي، حسن: مرجع سابق، ص131.

[23] الهداوي، حسن: تنازع القوانين "المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني"، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط2، 1997، ...

[24] أنظر كل من: _ عبد الكريم، ممدوح: مرجع سابق، ص151.

_ عبابنه، علاء الدين محمد ذيب: تنازع القوانين في العقد الإلكتروني الدولي، البحرين: مؤسسة فخراوي للدراسات والنشر، ط2، 2009، ص431.

[25] أنظر كل من:

_ عبد الكريم، ممدوح: مرجع سابق، ص151.

_ عبابنه، علاء الدين محمد ذيب: تنازع القوانين في العقد الإلكتروني الدولي، البحرين: مؤسسة فخراوي للدراسات والنشر، ط2، 2009، ص431.

[26] الأسدي، عبد الرسول عبد الرضا: أحكام التنازع الدولي للقانون، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، بيروت، 2012، ص2103.

[27] الداودي، غالب علي: القانون الدولي الخاص "تنازع القوانين"، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط1، 2011، ص203.

[28] علي علي سليمان: مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2003، ص95-96.

[29] نسرين شريقي، سعيد بوعلي: القانون الدولي الخاص الجزائري، تنازع القوانين، ط1، دار بلقيس للنشر، الجزائر، 2013، ص72.

[30] زروتي الطيب: القانون الدولي الخاص، الجزء الأول، تنازع القوانين في ضوء القانون، 10/05 المؤرخ بتاريخ 20/06/2005، دراسة مقارنة بالقوانين العربية والقانون الفرنسي، مطبعة الفسيلة، الجزائر، 2000، ص214.

[31] جمال محمود الكردي: تنازع القوانين، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، 2005، ص437.

[32] أنظر كل من:

_ أعراب بلقاسم: المرجع السابق، ص285.

_ نسرين شريقي: المرجع السابق، ص73.

[33] أنظر توسعًا في رأي "باتيفول" كل من:

_ زروتي الطيب: المرجع السابق، ص132 وما بعدها.

_ علي علي سليمان: المرجع السابق، ص124 وما بعدها.

[34] أنظر توسعًا في رأي الفقيه الفرنسي "بييه" "Pillet":

_ قتال حمزة: دور التحديد الزمني لضابط الإسناد في تحقيق استقرار العلاقات ذات العنصر الأجنبي، جامعة العقيد أكلي محند أولحاج، البويرة، دون سنة نشر، ص1 وما بعدها.

[35] د. أعراب بلقاسم: القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء الأول، تنازع القوانين، دار هومه، 2001، ص293.

[36] د. أحمد عبد الكريم سلامة: القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، ط، 2008ـ ص1010.

[37] د. عبده جميل غصوب: دروس في القانون الدولي الخاص، المؤسسة الجامعية للدراسات للنشر والتوزيع، لبنان، ط، 2008، ص310.

[38] د. أعراب لقاسم: المرجع السابق، ص295.

[39] الدولتان اللتان اعتمدتا هاتان القاعدتان هما: المجر "هنغاريا" والنمسا.

[40] حمد الله محمد حمد الله: الوجيز في الملكية الصناعية والتجارية، القاهرة، دار النهضة العربية، 1997، ص11.

[41] الكردي جمال محمود: تنازع القوانين، القاهرة، دار النهضة العربية، 2005، ص446.

[42] سلامة أحمد عبد الكريم: علم قاعدة التنازع في الاختيار بين الشرائع، المنصورة، مطبعة النسر الذهبي، مكتبة الجلاء، ص1032.

[43] عبد الرحمان جاد جابر: تنازع القوانين، القاهرة، دار النهضة العربية، ص530.

[44] الأصبحي مصطفى ياسين محمد حيدر: حق الأجانب في التملك في القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص630.

[45] منصور سامي بديع الدين وعبد العال: القانون الدولي الخاص، بيروت، الدار الجامعية، ص937.

[46] سلامة أحمد عبد الكريم: مرجع سابق، ص937.

[47] الصانوري مهند أحمد: القانون الدولي الخاص، دراسة مقارنة في تنازع القوانين، الطبعة الأولى، عمان، ص189.

[48] هشام علي صادق: تنازع القوانين، الإسكندرية، منشأة المعارف، ص815.

[49] P.Mayer. OP/Lit. N 635

[50] المادة 1 من الأمر 66-86 المؤرخ في 28/04/1966، المتعلق بالرسوم والنماذج الصناعية، المتضمن الجريدة الرسمية المؤرخة العدد 35.

[51] سلامة، أحمد عبد الكريم: القانون الدولي الخاص "الجنسية والمواطن ومعاملة الأجانب والتنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية الدولية"، ط1، القاهرة، دار النهضة العربية، ص938.

[52] الكردي، جمال محمود: تنازع القوانين، القاهرة، دار النهضة العربية، 2005، ص447.

[53] الأصبحي، مصطفى ياسين محمد حيدر: حق الأجانب في التملك في القانون الدولي الخاص، الاسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، ط1، 2007، ص637.

[54] الأصبحي، مصطفى ياسين محمد حيدر: مرجع سابق، ص638.

[55] الأستاذ أحمد الفقيه: سلسلة محاضرات ألقيت على طلبة الماستر القانون المدني، السنة الجامعية 2012/2013.

[56] الأصبحي، مصطفى ياسين: مرجع سابق، ص638.

[57] صادق هشام علي: تنازع القوانين، ص816.

[58] سمير جميل حسين الفتلاوي: الملكية الصناعية وفق القوانين الجزائرية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1984، ص366.

[59] إدريس فاضلي: المدخل إلى الملكية الأدبية والفنية والصناعية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2007، ص277.

[60] خاطر نوري حمد: شرح قواعد الملكية الفكرية، الملكية الصناعية "دراسة مقارنة في القوانين الأردني والإماراتي والفرنسي"، عمان، دار النشر، ط1، 2005، ص183.

[61] الكردي جمال محمود: المرجع السابق، ص448.

[62] سلامة أحمد عبد الكريم: القانون الدولي الخاص، ص941.

[63] راضي نبيه راضي علاونة: مذكرة في القانون الواجب التطبيق على الأموال، دراسة مقارنة، جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فلسطين، ص144.

[64] راضي نبيه راضي علاونة: المرجع السابق، ص 87.

[65] الأمر 03/06  المتعلق بالعلامات التجارية، الذي ألغي الأمر السابق 66/57.

[66] د. كحول وليد: ملخص محاضرات في الملكية الفكرية، السنة الجامعية، 2015/2016.

[67] راضي نبيه راضي: المرجع السابق، ص88.

[68] راضي نبيه راضي علاونة: المرجع السابق، ص89.

[69] موسى عبد: الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي، ط1، 1994، المركز الثقافي العربي، ص287.

[70] د. أعراب بلقاسم: القانون الدولي الخاص الجزائري، ج1، دار هومه، الطبعة الثانية عشر، ص297.

[71] موسى عبود: نفس المرج السابق، ص287.

[72] محمد حسن عباس: الملكية الصناعية والمحل التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1971، ص460.

[73] راضي نبيه راضي علاونة: نفس المرجع السابق، ص90.

[74]  راضي نبيه راضي علاونة: نفس المرجع السابق، ص91.

[75] أ.د. الطيب زروتي: القانون الدولي للملكية الفكرية، مطبعة الكاهنة، الجزائر، 2004، ص106.

[76]  الملحق رقم 1، اتفاقية المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية، ص13

[77] أ.د. الطيب زروتي: المرجع السابق، ص107.

[78] راضي نبيه راضي علاونة: المرج السابق، ص92.

[79] منتدى الأوراس القانوني، 12:25، 2009، 23/20.

[80] د. عليوش قربوع كمال: القانون الدولي الخاص الجزائري، دار هومه، ط1، 2006، ص299.

[81] عليوش قربوع: القانون الدولي الخاص الجزائري، نفس المرجع السابق، ص308.

[82] محمد حسن عباس: الملكية الصناعية والمحل التجاري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1971، ص460.

[83] محاضرات الدكتور بن شعبان علي، سنة 2014.

[84] الطالب فلاس خالد: رسالة ماستر في القانون المدني، القانون الواجب التطبيق على الأموال المعنوية في مجال القانون الدولي الخاص، 2014.

[85]  عليوش قربوع: قانون الدولي الخاص، الجزء الأول، نفس المرجع السابق، ص309.