المبحث الثاني :قواعد الاقتباس والتهميش ضوابط تجسد الأمانة العلمية في البحث
تقتضي عملية الكتابة وتحرير البحث من الباحث الالتزام بضوابط وقواعد حرصا منه تجسيد الأمانة العلمية في البحث وذلك ما تساهم به ولاشك قواعد الاقتباس وقواعد التهميش
المطلب الثالث الأمانة العلمية من أهم متطلبات ومقومات البحث
من مقومات كتابة وصياغة البحث العلمي أيضا الأمانة العلمية ، وكذا الإبداع والتجديد والإضافة العلمية ، على الباحث أن يراعي متطلبات الأمانة العلمية وذلك بحرصه على عدم إسناد أراء وأفكار واجتهادات الغير لنفسه واحترامه لقواعد الاقتباس والتهميش ، وكذا الاعتماد على الوثائق الأصلية أولا ثم الثانوية .
كما يفترض من الباحث ان يكون في بحثه مبدع يبتكر الجديد ويقدم الإضافة العلمية وذلك بكشفه لمعلومات وحقائق علمية جديدة متعلقة بالبحث لم تكن معروفة ، وحقائق جديدة إضافية [1]...
تعتبر الأمانة العلمية احد أهم المقومات البحث العلمي و الاكاديمي، و الضمان لاستمرار الإبداع الفكري و تطوره، من هنا تظهر أهمية محاربة السطو العلمي أو السرقة العلمية ، سيما مع انتشار هذه الظاهرة حيث أصبح الباحث أقل صبرا و بحثا ،يميل للنقل أكثر من النقد أو نقد صاحب الرأي بدل من نقد الرأي ذاته [2]،و لهذا وجب تربية الطلبة على الأخلاق العلمية و تنميتها لكونهم الباحثون مستقبلا، و لتنمية الفطرة في الأمانة العلمية و تصبح مبدأ لا غنى عنه و التطبع بالنزاهة الأكاديمية بما يكسبه الثقة و يعصمه من انتهاك أخلاقيات البحث العلمي و مبادئه[3]، يتعلم الباحث أن لا يخضع إلا لسلطة عقله فله حرية التفكير و البحث و التفسير بمنطق العلم[4].
لذا يتعين على الطالب او الباحث التحلي بأخلاقيات البحث العلمي ويبتعد عن كل ما من شانه المساس بالأمانة العلمية في البحث
الفرع الأول : تحلي الباحث بأخلاقيات البحث العلمي
من بين الآليات الوقائية من السرقة العلمية ، هي تكوين كل طالب و حث كل باحث على أخلاقيات البحث العلمي، الذي يحدد المبادئ والمعايير و القيم و الواجبات و الالتزامات التي ينبغي أن يلتزم بها الباحثين و الدارسين و طلاب العلم للحفاظ على مكانة العلم ، و احياء المثل الأخلاقية للبحث العلمي[5]، و زرع الوازع الديني لقوله تعالى : "مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"[6].
و من المبادئ الأخلاقية نذكر:
1-الالتزام بالمصداقية و النزاهة عند عرض الموضوع، فيسند لكل قول صاحبه و يعرض كل رأي مهما خالف أفكاره و يحرص أن تكون المعلومات دقيقة و كاملة و منقولة بأمانة دون تحريف أو تغيير.
2-الالتزام بالثقة و الخبرة: يكتسب الباحث الثقة في أرائه بعد تكوين رصيد معرفي من خلال الاطلاع على عدة مراجع ومن خلال خبرته في التحرير و الاستعانة بخبراء في الميدان ، مع تشارك الآراء مع باقي الباحثين و التعاون معهم ،دون استغلال الثقة.
3-التسجيل الرقمي لا بد على الباحث عدم تسجيل و تصوير دون موافقة صاحب البحث.
4-سرية المعلومات من واجب الباحث حماية هوية المستهدفين من البحث في كل مرحلة من مراحل البحث ، فلا يقدم أسماء أو تلميحات قد تؤدي إلى كشف هويتهم [7]، مثلا عند التطرق لبعض النزاعات و الأحكام القضائية فنستخدم الرموز .
الفرع الثاني : الابتعاد عن كل مساس بالأمانة العلمية
الأمانة العلمية تقتضي من الباحث الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي و أن تكون له ملكة البحث بأن يلتزم على الأقل بما يلي:
1- عدم تحريف أقوال المقتبسة و المستخدمة في البحث
2- عدم التزوير و اسناد أقول لنفسه و هي لباحث آخر
3- سوء استخدام الاحصائيات فلابد من إثبات الدلالة الإحصائية و مرجع المعتمد عليه.
4-عدم التظليل في المعلومة بهدف نشر أفكار مغلوطة و كاذبة و زرعها في ذهن القارئ.
5-عدم التقدير لمن ساعده في المعلومة ،فكل باحث يلجأ لأساتذة و خبراء بهدف تحصيل المعلومة أو التأكد منها أو فهمها ، فعلى الأقل الإشارة إلى هؤلاء الأشخاص في الشكر[8].
وحسب القرار الوزاري رقم 933 المؤرخ في 20/07/2016 المتعلق بالوقاية من السرقة في الجامعات و مراكز البحث قد حددت معايير تتوافق مع تطرقنا لها في مخالفة الأمانة العلمية و هي التي تثبت السرقة العلمية و التي تتمثل في :
-استعمال معطيات خاصة دون تحديد مصدرها و أصحابها الأصلين.
-اقتباس كلي أو جزئي للأفكار أو المعلومات من أي مرجع كان ، دون ذكر مصدرها الأصلي.
-استعمال برهان أو استدلال معين دون ذكر مصدره أو أصحابه الأصلين
- نشر مقال أو نص أو مطبوعة أو تقرير على انها عمل شخصي وهي منجزة من طرف باحث آخر أو هيئة أو مؤسسة.
-استعمال إنتاج فني معين أو إدراج خرائط أو صور أو منحنيات بيانية أو جداول إحصائية أو مخططات في نص أو مقال دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
-الترجمة إلى إحدى اللغات التي يستعملها الباحث دون ذكر المترجم و المصدر.
-إدراج الباحث لاسمه في بحث أو أي عمل آخر دون المشاركة في إعداده، أو إدراج الباحث الرئيسي اسم الباحث آخر دون التشارك في انجاز العمل سواء بإذن أو دون ذلك، بغرض المساعدة على نشر العمل استنادا لسمعته العلمية.
-استغلال الطلبة أو أطراف أخرى من قبل الأستاذ أو الباحث لإنجاز أعمال علمية لاستغلالها في مشروع بحث أو انجاز كتاب علمي أو مطبوعة بيداغوجية أو تقرير علمي، أو استغلال أعمالهم و بحوثهم و مذكراتهم كمداخلات في ملتقيات علمية أو لنشر مقالات علمية في مجالات و الدوريات.
-ادراج أسماء خبراء و محكمين في اللجان العلمية للملتقيات و المجالات و الدوريات من أجل كسب المصداقية دون علم و موافقة و تعهد كتابي من قبل و أصحابها أو دون مشاركتهم الفعلية في أعمالها.
و عليه تعتبر سرقة علمية في مفهوم هذا القرار كل عمل يقوم به أو يشارك فيه الطالب أو الباحث ثابت الانتحال و تزوير النتائج أو الغش في الأعمال العلمية المطالب بها أو منشورات العلمية أو البيداغوجية الأخرى[9].
ومهما اختلفت معايير تحديدها فهي كل أشكال النقل غير القانوني في المنشورات و البحوث العلمية و المذكرات الجامعية [10]،و كل استخدام غير مشروع لأفكار و أعمال الأخرين بحسن نية أو دون قصد، سواء كانت السرقة العلمية كلية أو جزئية من خلال الاقتباس دون الإشارة للمصدر الأصلي أوبسرقة الأفكار أو يترجم مراجع باللغة الأجنبية و ينسب المرجع المترجم لنفسه بإعادة الصياغة الأسلوب بطريق غير مباشر، أو باستخدام الاستعارة الوردة في مراجع أخرى لتقريب الفهم دون ذكر المرجع الأصلي[11] ، إن كان في هذين حالتين مسألة يصعب إثباتها، كذلك تعد من المساس بالملكية الفكرية طبع و نسخ كتاب دون إذن صاحبه، وهذا الأمر قد يكون محل متابعة قضائية[12].
[1] - عمار عوابدي : مرجع سابق ، ص 113 .
[2]- فؤاد علي العاجز : " معايير السلوك الأخلاقي لنشر البحوث العلمية لدى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية بغزة" ،مجلة الجامعة الإسلامية سلسلة الدراسات الإنسانية المجلد 19 العدد 1 يناير 2011 ،ص 02.
[3]-نفس المرجع ،ص 03.
[4] - مسكر سهام ، سالمي وردة :"آليات ضبط الالتزام يالامانة العلمية ومكافحة السرقة العلمية"، مداخلة مقدمة في الملتقى الوطني حول –الأمانة العلمي ثقافة الباحث الاكاديمي العلمي" يومي 07 و08 نوفمبر 2018 كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة البليدة 2 ، ص4 .
[5]- بوغراف حنان :" قراءة في العلاقة بين الأخلاقيات و أهداف مؤسسات التعليم العالي"،مجلة أفاق العلوم جامعة الجلفة العدد 08 الجزء 2 جوان 2017 ،ص 331.
[6]-سورة (ق)الآية 18 من القرآن الكريم.
[7]- احمد جلول :"أخلاقيات البحث العلمي في العلوم الاجتماعية"، مجلة العلوم الإنسانية العدد الثامن ديسمبر 2017 ص 162.
[8]- نفس المرجع ص 165.
[9]- المادة 03 من القرار وزاري رقم 933 المؤرخ في 20/07/2016 المحدد لقواعد المتعلقة بالوقاية من السرقة و مكافحتها.
[10]-طالب ياسين ،جريمة السرقة العلمية و آليات مكافحتها ،كتاب أعمال ملتقى الأمانة العلمية المنعقد 11/07/2017 ،ص 85.
[11]- عبد السلام بني حمد ،معمري مسعود ،ظاهرة السرقة العلمية مفهومها ، أسبابها ، طرق معالجتها، مجلة أفاق للعلوم، جامعة الجلفة ،العدد 09 سبتمبر 2017 ، ص 03.
[12] -مسكر سهام ، سالمي وردة : مرجع سابق ، ص 5-6 .