المطلب الأول ضرورة احترام الباحث لقواعد الاقتباس

تفرض عملية تحرير البحث وكتابته استعانة الباحث بأفكار  ومعلومات الآخرين ممن كتبوا سواء كانت كتاباتهم لها علاقة مباشرة بالموضوع المشمول بالدراسة ، او تناولتها بصفة جزئية .

عندما نكون أمام وضعية اقتباس ، فهذا معناه عملية توثيق او تهميش لان التوثيق يعتبر بمثابة تأصيل علمي وموضوعي للمعلومات التي استفاد منها الباحث في إعداد بحثه[1] .

الفرع الأول : ضوابط عملية الاقتباس

يلجأ الباحث للاقتباس لتدعيم فرضياته وأرائه  بغرض نقدها وتحليلها ، ولكي تحقق عملية الاقتباس أهدافها في حدود أخلاقيات النزاهة والموضوعية والأمانة العلمية وتأكيد وجود الكفاءة العلمية للباحث ، توجد مجموعة من الضوابط المنهجية ، يجب على الباحث احترامها و التقيد بها في عملية الاقتباس[2] :

-         الدقة والجدية واختيار ما يقتبس منه ، واختيار الأفكار التي تعتبر حجة علمية جوهرية مثل نص قانوني ، حكم قضائي ، أراء الفقهاء الذين يعتبرون حجة علمية في ميدان تخصصهم

-         الفطنة والدقة والعناية التامة أثناء عملية النقل وتجنب الأخطاء

-         حسن الانسجام والتوافق بين المقتبس وما يتصل به،  تحاشي التعارض وعدم الانسجام

-         عدم التطويل والمبالغة في الاقتباس حيث أن الحد الاقصى المتفق عليه أن لا يتجاوز الاقتباس الحرفي 6 اسطر .

-         الحرص على عدم ذوبان واختفاء شخصية الباحث العلمية بين ثنايا الاقتباس[3] .

الفرع الثاني : أنواع الاقتباس

ينقسم الاقتباس الى أنواع : الاقتباس الحرفي أو المباشر ، الاقتباس الفكرة أو المعنى ويسميه البعض الاقتباس غير المباشر  ، الاقتباس في الهامش .

الاقتباس الحرفي المباشر :

يعني أن الباحث ينقل ويدون معلومة وردت في مرجع كما ذكرها صاحبها دون زيادة او نقصان ، أي لم يتصرف في الألفاظ وتراكيب الجمل ،تاركا الصياغة كما ذكرها صاحب المرجع (أطروحة أو مقال ، مداخلة...) يفضل أن يكون حجم الاقتباس الحرفي قصيرا،فإذا اقتنع الباحث بضرورة الاستدلال بفقرة طويلة تعين عليه القيام بتفكيكها لمقاطع.

ويجوز للباحث حذف العبارات التي ليس لها علاقة بالوضعية محل الاستدلال سواء كان ذلك في بداية الفقرة او وسطها او آخرها ،لكن بمراعاة شرطين أساسيين : ما تم حذفه يرمز له بالعلامة الدالة على المحذوف وهي ثلاث نقاط ، وألا يغير المقطع المحذوف معنى الفقرة كما أرادها المؤلف الأصلي[4]

سواء كان الاقتباس لنص قانوني أو قرار أو رأي فقهي ...، يجب أن ينقل بعناية ويكتب بين قوسين وبطريقة واضحة وبشكل مختلف علة كتابة المتن ، كان يكتب في وسط الصفحة وبحروف صغيرة وسطور متقاربة ، ويرقم الاقتباس ثم يشار في الهامش إلى كافة المعلومات المتعلقة بالمصدر المقتبس منه وفقا لقواعد التهميش[5]، لأنه عدم وضع علامة التنصيص الدالة على الاقتباس الحرفي مع ذكر العبارة كاملة يعني أننا أمام سرقة علمية الأمر يستوجب العقاب  .

يستعمل الاقتباس الحرفي في الأبحاث القانونية في حالة الاستدلال بنص رسمي (قانوني)، تعريف ما ، الاستدلال  بقرار قضائي يتعين عليه أن يسوق القرار ويذكره بألفاظه دون التصرف فيه ، الاستدلال بما ورد في تقرير او وثيقة ، الآراء والتعليقات..[6] .

الاقتباس غير الحرفي ( غير المباشر)

يقصد به أن يأخذ الباحث الفكرة من مرجع ويشير لها بعباراته الخاصة فهو صاحب التراكيب اللفظية ،لذا ينصح الباحث بالقراءة الجيدة والمركزة لفهم أراء الآخرين حتى لا يخرج عن المعنى المقصود في سياق الفكرة الأصلية التي تأثر بها[7] ، نقل الأفكار واقتباسها اي أن الباحث قام بصياغة الأفكار التي اقتبسها بأسلوبه الخاص، لا يعني انه لم يعتمد على الغير بل اعتمد عليه بشكل غير مباشر ، لذا يتعين عليه الإشارة  في الهامش إلى أصحاب الآراء والأفكار وفقا لقواعد التهميش للأمانة العلمية  دون وضع ما تم اقتباسه بين قوسين[8] .

 

 



[1] - المرجع السبق ، ص 202 .

[2] - عمار عوابدي : مرجع سابق ، ص 97 .

[3] - المرجع السابق ، ص 98-99 .

[4] - عمار بوضياف : مرجع سابق ، ص 206-207 .

[5] -عمار عوابدي : مرجع سابق ، ص 100 .عبد المنعم نعيمي : مرجع سابق ، ص 171 ./ احميدوش مدني : مرجع سابق ، ص 161

-عمار بوحوش ، محمد الذنيبات : مرجع سابق ، ص 154 .

[6] -عمار بوضياف : مرجع سابق ، ص ص 207-218

[7] -المرجع السابق ، ص 218 ./ احميدوش مدني : مرجع سابق ، ص

[8] -عمار عوابدي : مرجع سابق ، ص102