أولا/ جريمة اختلاس ممتلكات من قبل الموظف العمومي أو استعمالها على النحو غير شرعي.

صورة9

إن المال العام يعتبر أهم مصادر الدولة الاقتصادية لتنفيذ برامجها في مختلف جوانب الحياة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية،حيث تؤثر الاختلاسات بشكل كبير على اقتصاد البلاد وتؤدي إلى عدم استثمار الأموال بطريقة فعالة لعدم القدرة على التحكم بنسبتها أوحتى أماكن تواجدها.

وعليه ومن أجل حماية هذا المال العام من كل انتهاك أو اعتداء قام المشرع الجزائري بتجريم اختلاس المال العام واقر له جزاءات وعقوبات تتناسب وطبيعته.

1- أركان الجريمة :

إن المشرع الجزائري كباقي التشريعات أخرى لم يعطي تعريفا لجريمة اختلاس لكن بالرجوع إلى نص المادة 29 من قانون مكافحة الفساد نجد أنه قد استعمل لفظ الاختلاس عام على جميع جرائم الاختلاس في جميع صوره، وهذا اللفظ يعتبر عنصر من عناصر الركن المادي للجريمة كالإتلاف،التبديد، الاحتجاز بدون وجهة حق أو استعمالها على نحو غير شرعي،كما قام بذكر مجموعة من الأغراض التي يقع عليها الاختلاس أو الاستعمال وهي الممتلكات، والأموال والأوراق المالية ..الخ.

وقد عرف الاختلاس على أنه"استيلاء الموظف العام أو من في حكمه على المال المسلم إليه بسبب أو بمقتضى وظيفته".[1]

وبهذا فإن جريمة اختلاس ممتلكات  من قبل الموظف العمومي أو استعمالها على النحو غير شرعي تقوم على ثلاثة أركان ، تتمثل في الركن المادي والركن المعنوي والركن الشرعي، بالإضافة إلى ركن مفترض يتعلق بالجاني، التي سوف نوضحها على النحو التالي:

أ/الركن المفترض:لقد اصطلح المشرع الجزائري على صفة الجاني في جريمة الاختلاس في القطاع العام طبقا للقانون 06/01بالموظف العمومي، وهو نفس المصطلح الذي اعتمدته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ولقد عرفه المشرع الجزائري في الفقرة ب من المادة 02 من القانون أعلاه[2]الموظف العمومي على النحو الأتي:

-       01- كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو فيأحد المجلس الشعبية المحلية المنتخبة، وسواء أكان معينا أو منتخبا، دائما أو مؤقتا، مدفوع الآجر بصرف النظر عن رتبته أو أقدميته.

-       02- كل شخص أخر يتولى ولو مؤقت وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون اجر ، ويساهم الصفة في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأسمالها، أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية .

-       03- كل شخص اخر معرف بنه أاااتتت أأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما".

ومن خلال ما سبق يتبين أم مصطلح الموظف العمومي[3]  يشملالاشخاص وذوي المناصب والوظائف التالية[4]:

* ذو المناصب التنفيذية : كرئيس الجمهورية والوزير الاول وأعضاء الحكومة والذين لهم أجراءات خاصة في المتابعة

* الشخص الذي يشغل منصب اداري: يقصد به كل من يعمل في إدارة عمومية سواء بصورة دائمة او مؤقتة في وظيفته بأجر أو غير أجر بغض النظر عن رتبته او اقدميته.

الشخص الذي يشغل منصبا قضائيا :  يقصد به القاضي بالمفهوم الضيق طبقا لنص المادة 02 من القانون الاساسي للقضاء .

*ذوو الوكالة النيابية:  وتشمل الاشخاص الذين يشغلون مناصب تشريعية كالنواب في مجلس الامة والشعبي الوطني و اعضاء المجالس الشعبية الولائية والبلدية ورؤسائهم.

* من يتولى وظيفة أو وكالة في مرفق عمومي او مؤسسة عمومية او في مؤسسة ذات راس مال مختلط.

* من في حكم الموظف العمومي.: تشمل كل شخص أخر معرف بأنه موظف عمومي أو في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما  كالمستخدمين العسكريين والمدنيين للدفاع الوطني والضباط العمومين كالموثقين والمحضريين.

 

        الملاحظ أن المشرع الجزائري قد أحاط الموظف العمومي بتعريف جامع مانع يهدف من ورائه أن يطال التجريم المساس بالمال العام ولو كان في ذمة شخص قانوني عام يحترف التجارة ويمارسها ويخضع لقوانين الخواص، حيث شمل هذا التعريف كل من يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا.

وأمام تطور فكرة المرفق العام وتفتح الدولة على القطاع الخاص وجد المشرع من اللازم اعتبار بعض الخواص موظفين عندما يتولون وظيفة أو وكالة في خدمة أي شخص معنوي عام ولو كان خاضعا في تسييره وشكله للقانون التجاري مثل المؤسسات العمومية الاقتصادية، فالمقصود هنا هو حماية المال العام أينما وجد وليس حمايته بعنوان المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري والتردد في حمايته بعنوان المؤسسة العمومية التي تمارس التجارة.

ولم يكتف المشرع بهذا المفهوم الواسع بل أضاف لها بموجب الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون 06-01 "كل شخص معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما" وتوحي صياغة هذه المادة أن المشرع يحتاط لهذا الأمر لما قد يستجد في التشريع من منطلق أن ميزة المؤسسات الإدارية والمرافق العامة في تطور مستمر، لكن بالرغم من أخذ المشرع بمفهوم واسع للموظف العمومي مما يضمن حماية مثلى للمال العام إلا انه ما زال قاصرا بالمقارنة مع التشريعات المقارنة كالتشريع الأمريكي الذي يضم إلى مفهوم الموظف العمومي الشخص المرشح لوظيفة انتخابية وكذلك مسيرو الأحزاب السياسية وفي هذا السياق أرى أننا سنكون ربما في حاجة إلى التوسيع بالنظر إلى تطور الممارسة الحزبية في بلادنا.

كماقامالمشرعالجزائريأيضابتعريفالموظفالعموميبموجبالتعديلالأخيرلقانونالعقوبات 21-14 [5]منخلالالمادة 138 مكررعلىأنهكلشخصيشغلمنصباتشريعياأوتنفيذياأوإدارياأوفيأحدالمجالسالمحليةالمنتخبة،سواءكانمعيناأومنتخبا،دائماأومؤقتا،مدفوعالأجرأوغيرمدفوعالأجربصرفالنظرعنرتبتهأوأقدميته.

 

ب -الركن المادي:

ويعني اختلاس الممتلكات التي عهد بها للجاني بحكم وظائف أو بسببها أو إتلافها أو تبديدها أو احتجازها بدون حق.

يتكونالركن المادي من ثلاثة عناصر هي:السلوك المجرم محل الجريمة وعلاقة الجاني بمحل الجريمة .

1/ سلوك المجرم: يتمثل في الاختلاس أو الإتلاف أو التبديد أو الاحتجاز بدون حق ، استعمال الممتلكات على نحو غير شرعي، والتي سوف نوضحها على النحو التالي:[6].

·       فالاختلاس: فيقصد به تحويل الأمين حيازة المال المؤتمن عليه من حيازة وفتية على سبيل الأمانة إلى حيازة نهائية على سبيل التمليك ومن هذا مدبر البنك الذي يستولي على المال المودع به، وهذا المعنى لا يتفق مع النص بالفرنسية الذي يفيد الأخذ.

·       أما الإتلاف: يتحقق بهلاك الشيء أي القضاء عليه وقد يتحقق بالحرق التمزيق الكامل، التفكيك حتى يفقد الشيء قيمته، وهذا يختلف عن إفساد الشيء أو الاضرار به جزئيا.

·       التبديد: لكي يتحقق يقوم الأمين بإخراج المال الذي اؤتمن عليه من حيازته باستهلاكه أو بالتصرف فيه تصرف المالك كان يبيعه أو يرهنه أو يهبه.

·        الاحتجاز بدون وجه حق: فأمين الصندوق في هيئة عمومية الذي يحتفظ لديه بالإيرادات اليومية التي يتوجب عليه إيداعها لدى البنك أو إيداع أموال الهيئة العمومية في حسابه الخاص عوض إيداعها في حساب تلك الهيئة.

·       الاستعمال على نحو غير شرعي: وهي صورة جاءت بنص المادة 29 من القانون 06-01 وتتحقق هذه الصورة بالتعسف في استعمال الممتلكات، كإستعمال الموظف سيارته لاغراضه الشخصية او منح استعمالها لشخص اخر خارج الغرض المخصص وخارج اوقات العمل.

2- محل جريمة الاختلاس: لقد حددت المادة 29 من قانون مكافحة الفساد محل الجريمة وهو كالآتي : الممتلكات أو الأموال أو الأوراق المالية العمومية والخاصة أو أي أشياء آخري ذات قيمة .

·       الممتلكات biens:  وقد عرفتها المادة 2 في فقرتها كالآتي :

-       الموجودات avoirs: بكل أنواعها، سواء كانت مادية أو غير مادية، منقولة أو غير منقولة، ملموسة أو غير ملموسة، والمستندات actes والسندات documents القانونية التي تثبت ملكية تلك الموجودات أو وجود الحقوق المتصلة بها .

-       المستندات:هيالوثائق التي تثبت حقا كعقود الملكية والأحكام القضائية والشهادات،  المحررات التي تثبت صفة كالبطاقات ، كما يشمل هذا المصطلح الأرشيف وكل الوثائق التي تكون لها قيمة ولو معنوية .

    والملاحظ أن المشرع توسع في تعريفه للممتلكات حيث شمل غير المنقولات، أي العقارات، التي لم يكن يشملها التجريم في التشريع السابق .

ويشمل الممتلكات،على سعتها، كافة الأموال المنقولة ذات قيمة كالسيارات والأثاث والمصوغات المصنوعة من المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، كما تشمل العقارات من مساكن وعمارات وأراضي.

*الأموال fonds: ويقصد بها النقود سواء كانت ورقية أومعدنية ،وقد يكون المال محل الجريمة من الأموال العامة التى  ترجع ملكيتها للدولة أومن الأموال الخاصة كالمال المودع من قبل الزبائن لدى كتابة الضبط وأموال المتقاضين المودعة بين يدي المحضر وودائع الزبائن لدى الموثق .

* الأوراق المالية valeurs : ويقصد بها أساسا القيم المنقول المتمثلة في الأسهم والسندات والأوراق التجارية.

* الأشياء الأخرى ذات قيمة: يتسع محل الجريمة ليشمل أي شيء آخر غير الممتلكات والأموال والأوراق المالية على النحو الذي سبق بيانه .

 والأصل أن تكون لهذه الأشياء قيمة مادية وإن كنا لا نستبعد القيمة الأدبية لعدم تخصيص المشرع القيمة المادية في النص، على أن يكون الشيء قابلا للتقويم بمال .

ومن قبيل هذه الأشياء الأخر التي قد لا يشمل تعريف الممتلكات الأعمال الجزائية القضائية كالمحاضر التي تحرر في إطار الدعاوي القضائية المدنية أو الجزائية (محضر استجواب) وشهادة الاستئناف أو المعارضة، وعقود الحالة المدنية وكذا مختلف الوثائق التي يدفعها الأفراد للإدارات العمومية لإثبات حالة أو للحصول على حق .

وقد جاء نص المادة 29 من قانون مكافحة التهريب عاما وواسعا بحيث يشكل كل مال منقول أو عقار عهد به إلى الأمين بحكم وظائفه أو بسببها محلا للجريمة، سواء كان للمال قيمة مالية واقتصادية أو كانت قيمته اعتبارية فقط، بل وقد يكون شيئا يقوم مقامه أو وثيقة أو سندا أو مستندا أو عقدا أو مبلغا ماليا .

ويستوي أن تكون هذه الممتلكات او الأموال أو الأوراق المالية أو الأشياء الأخرى عمومية، تابعة للدولة أو لإحدى هيئاتها أو مؤسساتها، أو خاصة تابعة لأحد الأفراد أو لشخص معنوي .

3  ـ علاقة الجاني بمحل الجريمة : يشترط لقيام الركن المادي لجريمته الاختلاس المنصوص عليها في المادة 29 من قانون مكافحة الفساد أن يكون المال أو السند محل الجريمة قد سلم للموظف العمومي بحكم وظيفته أو بسببها، أو بمعنى آخر أن تتوافر صلة السببية بين حيازة الموظف للمال وبين وظيفته، وعلى هذا الاساس يجب توفر الشروط التالية لقيام الركن المادي للجريمة وهي [7]:

-       يجب أن يكون المال قد سلم للموظف : أي أن يكون المال قد دخل في الحيازة الناقصة للموظف التي تتحقق بسيطرته الفعلية على المال،  والعبرة في تقدير حيازة المال بحكم أو بسبب الوظيفة هي بالواقع الوظيفي.

وتفترض الحيازة الناقصة تسليم الموظف المال العام على أساس أنه ليس صاحب المال وإنما يحوزه باسم صاحبه ولحسابه وأنه ملزم بالمحافظة على استعماله في الغرض الذي عينه صاحب المال في حدود ما يرخص به القانون،ولاتهم الطريقة أو الوسيلة التي استلم بها الموظف المال فقد يتم التسليم مقابل وصل رسمي أو عرفي أو بدون وصل .

والأصل أن يتم التسليم على أساس عقد من عقود الائتمان المنصوص عليها في المادة 376 من قانون العقوبات المتعلقة بجنحة خيانة الأمانة، لاسيما عقود الوديعة والوكالة والرهن، مما يجعل جنحة الاختلاس على وضعها هذا لا تعدو أن تكون صورة من صور جنحة خيانة الأمانة شدد المشرع عقوبتها اعتبارا لصفة الجاني .

ولكن ليس بالضرورة أن يتم التسليم على إحدى عقود الائتمان المشكلة لجنحة خيانة الأمان، فمن الجائز أن يتم تسليم الممتلكات على أي أساس آخر.

   - يجب أن يتم التسليم بحكم الوظيفة أو بسببها: أي أن وظيفة الجاني هي التي جعلت صاحب المال يسلمه ماله، فلولا تلك الوظيفة لما عهد إليه بذلك المال.

   ـ الأصل أن يكون التسليم بحكم الوظيفة، أي أن يكون استلام المال من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص الجاني استنادا إلى نص قانوني أو لائحة تنظيمية أو استنادا إلى مجرد أمر إداري صادر من رئيس إلى مرؤوسه، ومن قبيل التسليم بحكم الوظيفة، المال الذي يستلمه المحاسب العمومي أو أمين صندوق لحساب هيئة عمومية، والمال الذي يتسلمه كاتب الضبط من المتقاضين بعنوان مصاريف رفع الدعوى، والأشياء التي يستلمها رئيس مخزن بإدارة عمومية.

ج:الركن المعنوي:

 

تعتبر جريمة الاختلاس من الجرائم المعدية مثل الجرائم الأخرى كالسرقة وخيانة الأمانة، فلا يقع الاختلاس بالخطأ فهي إما أن تكون جريمة عمديه أو لا تكون أصلا.

1- القصد الجنائي العام يتكون من العلم والإرادة أي علم الجاني بأنه موظف عام وانه مؤتمن على المال العام أو الشيء الذي سلم إليه بحكم وظيفته ولا يمكن التصرف فيه خارج حدود وظيفته وما هو مخصص له وإلا تعتبر جريمة معاقب عليها ، وعلى الرغم من ذلك يقوم بتبديده او اختلاسه او حجزه دون وجه حق او استعماله على نحو غير شرعي من طرفه شخصيا لو لفائدة شخص اخر[8].

يعني إن يكون الجاني على علم بالمال الذي بين يديه هو ملك للدولة أو إحدى مؤسساتها وقد سلم له بمناسبة وظيفتهومع  ذلك تتجه إرادته إلى اختلاسه أو تبديده أو احتجازه أو إتلافه استعماله على نحو غير شرعي[9].

 

   2-القصد الجنائي الخاص يتمثل في اتجاه نية الجاني الى تملك الشيء الذي عهد ووضع تحت تصرفه بمناسبة وظيفته.

 

د- الركن الشرعيهو نص المادة 29 من قانون الوقاية ومكافحة الفساد والتي حلت محل المادة 119بعد الغائها من قانون العقوبات المعدل والمتمم والتي تنص على أنه "يعاقب بالحبس من سنتين(2) الى عشر سنوات(10) وبغرامة من 200.000 دج الى 1.000.000 دج كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو يحتجز بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي لصالحه أو لصالح شخص أو كيان أخر أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم وظيفته أو بسببها.

د-1/  إجراءات المتابعة :

إجراءات المتابعة في جرائم الفساد بصفة عامة فإنها تخضع لاحكام جرائم القانون العام .

-       بخصوص الشكوى: لا تحضع متابعة جرائم الفساد بصفة عامة لاية إجراءات خاصة و لا يوجد اي قيد على مباشرتها او تحريكها .

-       بخصوص أساليب البحث والتحري الخاصة: تسهيلا لجمع الادلة عن الجريمة ومرتكبيها أجاز المشرع الجزائري اللجوء الى اساليب بحث وتحري خاصة والتي تتمثل في[10] :

-       * التسليم المراقب : اجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة بالخروج او المرور عبر الاقليم الوطني بعلم السلطات المختصة وتحت رقابتها ، من أجل كشف هوية الفاعلين[11].

-       *  الاختراق او التسرب :  اجراء يسمح من خلاله لعون او ضابط تحت مسؤولية ضابط شرطة قضائية مكلف بالتنسيق مراقبة اشخاص مشتبه فيهم في ارتكاب جناية او جنحة بايهامهم بانه فاعل معهم او شريك تحت اسم مستعار غير هويته الحقيقية[12].

-       الترصد الاكتروني: هو اجراء يسمح بترصد حركات مشتبه فيهم والاماكن التي يترددون عليها بإستعمال اجهزة ارسال [13].

-       التعاون الدولي واسترداد الموجودات : كما أقر المشرع الجزائري أيضا اجراءات وتدابير ترمي للكشف عن العمليات المالية المتصلة بجرائم الفساد والوقاية منه واسترداد العائدات المتأتية منها[14].

-       تجميد الاموال وحجزها : كإجراءات تحفظية إذا مثلا ما أرتيطت جريمة الفساد بجرائم أخرى أقر المشرع الجزائري امكانية الامر بتجميد وحجز العائدات والاموال المشبوهة الناتجة عن جرائم الفساد والجرائم المتصلة بها بأمر من السلطات القضائية المعنية[15].

-       تقادم الدعوى العمومية: رتب المشرع الجزائري حكما مميزا بخصوص جرائم الفساد فيما تعلق بتقادم الدعوى العمومية والتي جعلها غير قابلة للتقادم في حالة ما إذا حولت عائداتها خارج التراب الوطني، أما مدة تقدمها في جريمة اختلاس الموظف العمومي للممتلكات فتكون مساوية للحد الاقصى للعقوبة المقررة لها أي 10 سنوات، على خلاف مدة تقادم الجنح الاخرى والتي متها 03 سنوات طبقا لنص المادة 08 من قانون الاجراءات الجزائية المعدل والمتمم [16].

د-2/ العقوبات المقررة للجريمة .

لقد رتب المشرع الجزائري لجريمة الاختلاس عقوبات مختلفة، إذ فرق المشرع الجزائري في هذا المجال بين العقوبات المقررة للشخص الطبيعي وتلك المقررة للشخص المعنوي.

1-1: العقوبات المقررة للشخص الطبيعي:

إن العقوبات المقررة للشخص الطبيعي تنقسم إلى عقوبات أصلية وأخرى تكميلية .

*-العقوبات الأصلية:حيث تعاقب المادة 29 من القانون 06-01 على جريمة الاختلاس الحبس من سنتين2 إلى عشرة سنوات 10 وبغرامة من 200.000 دج الى 1.000.000 دج

-* تشديد العقوبة: تشدد العقوبة لتصبح من 10 الى 20 سنة وبنفس الغرامة إذا كان الجاني من إحدى الفئات المذكورة في المادة 48 من قانون 06/01 مكافحة الفساد (قاضي أو موظف يمارس وظيفة عليا في الدولة أو ضابط عمومي أو ضابط عون الشرطة القضائية أو ممن يمارس بعض صلاحيات الشرطة القضائية ويتعلق الأمر أساسا برؤساء الأقسام والمهندسين والأعوان النفسيين المختصين في الغابات وحماية الأراضي و استصلاحها وبعض الموظفين وأعوان الإدارات والمصالح العمومية كأعوان الجمارك والضرائب والأعوان التابعين لوزارة التجارة المكلفين بضبط ومعاينة المخالفات المتعلقة بالمنافسة والممارسات التجارية ، أو موظف أمانة الضبط.

*الإعفاء من العقوبات :

يستفيد الجاني من الإعفاء من العقوبات و تحفيظها حسب الشروط والظروف المنصوص عليها في المادة 49 حيث يستفيد الفاعل أو الشريك الذي قام بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية أو الجهات المعنية عن الجريمة كما يساعد على معرفة مرتكبها شريطة أن يكون ذلك قبل مباشرة إجراءات المتابعة إما بتخفيض العقوبة الى النصف بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي يساعد في القبض على الجناة في الجريمة بعد إجراءات المتابعة وبهذا يكون القانون قد وضع تحفيز للجناة من اجل الكشف عن الجريمة والقبض على مرتكبيها حين فرق بين مرحلة ما قبل مباشرة و إجراءات المتابعة و ما بعدها.

*-العقوبات التكميلية:أجازت المادة 50 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته للجهة القضائية أن تتخذ بالعقوبات التكميلي الواردة في المادة 9 مكرر 1 من قانون العقوبات في حالة الإدانة بالجريمة.

1-2/ العقوبات المقررة الى الشخص المعنوي:

اقر المشرع في المادة 53 من القانون 06-01 المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في جرائم الفساد بوجه عام وفق لقواعد المقررة في قانون العقوبات كما تناول قانون العقوبات الجزائري العقوبات المطبقة في المادة 18 مكرر من قانون 06-23 المؤرخ في 20/12/2006 والتي ورد فيها العقوبات التي تطبق على الشخص المعنوي في مواد الجنايات هي كالآتي:

*غرامة تساوي من مرة واحدة إلى خمس مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي أي غرامة تتراوح مابين1.000.000دج وهو الحد الأقصى المقرر جراء تحقق الاختلاس، و5.000.000دج وهو ما يعادل خمس مرات الحد الأقصى.

إحدى العقوبات التكميلية الآتية:

حل الشخص المعنوي.

غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات.

الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز خمس سنوات.

المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة خمس سنوات.

مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها.

 نشر وتعليق حكم الإدانة .

- الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة لا تتجاوز خمس سنوات وتنصب الحراسة على ممارسة نشاط الذي أدى الى جريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته.

 



[1]-  محمد زكي أبو عامر، قانون العقوبات ( القسم الخاص) ، الدار الجامعية ، بيروت، ط 1994، ص79 .

[2]-  القانون رقم: 06/01 المؤرخ في 20/02/2006  المتعلق بقانون الوقاية من الفساد ومكافحته ( ج ر ع 14-2006) المعدل بــــ - بالامر 10-05 المؤرخ في 26/ 08/02010( ج ر ع 50-2010) .

- القانون  رقم 11-15 المؤرخ في 02/08/2011( ج رع 44- 2011)

- القانون رقم : 22-08  المؤرخ  في 05/05/2022 المتعلق بتحدبد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحتها وتشكيلها وصلاحياتها( ج رع 32-2022).

[3]- جرائم الفساد بصفة عامة تقتضي ركن مفترض في صفة الجاني الذي قد يكون موظف عمومي  كما هو الحال في جريمة إختلاس الموظف العمومي للممتلكات واستعمالها على نحو غير شرعي  ، كما قد يكون  موظف عمومي أجنبي  او موظف منظمة دولية عمومية الذين عرفتهما المادة 02 من القانون 06-01 المعدل والمتمم .

[4] - أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي الخاص ( جرائم الفساد، جرائم المال و الاعمال ، جرائم التزوير، ط 12، ج 2، دار هومة  للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 2012، ص 23.

[5] -  أنظر : القانون 21-14 المؤرخ في الصادرفي 28 /12/ 2021 المعدل والمتمم لقانون العقوبات الجزائري ( ج ر ع 14 الصادرة في 28 فيفري 2021...).

[6] - أحسن بوسقيعة ، ط 2012، مرجع سابق، ص 32 وما يليها .

[7] -  العيدي ابراهيم ، الاختلاس بمنظور القانون 06-01 االمعدل والمتمم، مقال منشور بمجلة القانون الدولي و التنمية ، ع 1، م 5، جامعة مستغانم، ص 13 وما يليها.

[8] -  أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجزائي الخاص ، ط 2012، مرجع سابق، ص 39.

[9]-  العيدي ابراهيم ، مرجع سابق، ص 14.

[10] - أنظر: المادة 56 من القانون 06-01 المعدل والمتمم.

[11]- نظمته وعرفته المادة 20 ف ك من قانون الفساد 06-01 المعدل والمتمم.

[12] - نظمته وعرفته المادة 120 من قانون الاجراءات الجزائية 25-14 المؤرخ في 03 أوث 2025 ج ر ع 54-2025.

[13]- الملاحظ أن المشرع لم يقدم اي تعريف لهذا الاجراء ولم ينظمه بأي نص سوى النص عليه في المادة 56 من القانون 06-01 كأحد الاجراءات الحاصة التي يمكن اللجوء اليها لبحث والتحري عن جرائم الفساد.

[14] - أنظر : المواد 56 الى غاية 70 الباب الخامس من قانون الفساد 06-01 المعدل والمتمم.

[15]-  أنظر : المادة 51 من القانون 06-01 المعدل والمتمم.

[16] - أنظر : المادة 54 من القانون 06-01 المعدل والمتمم.