المطلب الخامس محكمة التنازع و قرار بلانكو الشهير

لقد كان لقرار بلانكو الشهير الأثر البالغ في إثبات ذاتية القانون الإداري باعتباره مجموعة من قواعد قانونية تحكم الإدارة العامة وتتضمن أحكاما استثنائية غير مألوفة في قواعد القانون الخاص . و تتلخص وقائع هذا القرار فيما يلي :

تعرضت بنت صغيرة تدعى ( أنياس بلانكو ) لحادث مرور تسببت فيه عربة تابعة لوكالة التبغ وكانت تنقل التبغ من المصنع إلى المستودع . رفع ولي البنت دعوى التعويض أمام محكمة القضاء العادي . إلا أن وكالة التبغ اعتبرت أن النزاع يهم الإدارة و بالتالي ينعقد الاختصاص لمجلس الدولة بالفصل في هذا النزاع وطالب بإيقاف النظر في الدعوى حتى تبت محكمة التنازع في هذا الإشكال . و عند عرض الأمر على محكمة التنازع بتاريخ 08 فيفيري 1973 أجابت بما يلي :

( حيث أن المسؤولية التي يمكن أن تتحملها الدولة بسبب الأضرار التي يلحقها أعوان المرفق العام بالأفراد لا يمكن أن تخضع لمبادئ القانون المدني التي تضبط علاقة الأفراد فيما بينهم .- حيث أن هذه المسؤولية ليست عامة أو مطلقة بل لها قواعدها التي تتغير حسب مقتضيات المرفق العام وضرورة التوفيق بين مصلحة الدولة و حقوق الأفراد .

- و حيث أصبحت بالتالي السلطة الإدارية وحدها المختصة بالنظر في هذا النزاع و هو ما يجعل قرار رئيس المقاطعة في رفع القضية لأمام المحكمة قرارا صائبا يستوجب لإقراره )

من خلال حيثيات هذا القرار نستنتج ما يلي :

- أعلن هذا القرار على وجود قواعد خاصة تحكم نشاط الإدارة ( الحيثية الأولى )

- أكد القرار على خضوع الدولة للمسؤولية عن أعمال موظفيها

- أفصح هذا القرار على المعيار المعتمد لمعرفة طبيعة المنازعة و القضاء المختص بالفصل فيها و يصطلح على تسميته بمعيار المرفق العام[1].



[1] للتفصيل أكثر في هذا القرار والتعليق عليه أنظر موقع: Legi France .fr