المحاضرة الثالثة: أغراض العقوبة

   تطورت أغراض العقوبة في النظم القانونية عبر العصور المختلفة للتطور الإنساني، ففي البداية انحصر غرض العقوبة في الانتقام الفردي الذي تحول إلى انتقام جماعي، وفي الوقت الحاضر يركز الباحثون على غرض العقوبة الذي يجعل منها أداة إصلاح للمجرم وتأهيل للحياة الاجتماعية[1] ، وقد أصبح الإصلاح والتأهيل هو الغرض الأساسي للعقوبة وتغلب على الأغراض الأخرى.

 وبالرجوع إلى تعريف العقوبة على أنها: "جزاء جنائي يقرره المشرع لمن تثبت مسؤوليته الجزائية"، من خلال هذا التعريف نجد أن العقوبة نظام قانوني مقرر، بموجب التشريعات بالعقوبات مسألة قانونية بالدرجة الأولى كذلك يفترض أن تكون هذه العقوبة ملائمة للجريمة أي عادلة، كذلك فالعقوبة يستحقها مرتكب الفعل شخصيا (مبدأ شخصية العقوبة) كذلك العفوية يفترض في إيقاعها المساواة بين الحياة إذا تشابهت الظروف والأصناف الجرمية،

وقد تطورت أغراض العقوبة في النظم القانونية[2] عبر العصور المختلفة للتطور الإنساني، ففي البداية انحصر غرض العقوبة في الانتقام الفردي الذي تحول إلى انتقام جماعي وفي  الوقت الحاضر يركز الباحثون على غرض العقوبة الذي يجعل منها أداة إصلاح للمجرم وتأهيل للحياة الاجتماعية، وقد أصبح الإصلاح والتأهيل هو الغرض الأساسي للعقوبة وتغلب على الأغراض الأخرى.

 لكن هذا الغرض الحديث للعقوبة لم يتحدد دفعة واحدة بل كان كما قلنا ثمرة تطور طويل، وبصفة خاصة فإن الدراسات العقابية لم تتوقف منذ نهاية القرن 18 عن محاولة استكشاف أغراض العقوبة ووظيفتها في النظام القانوني، وقد تعددت المذاهب والنظريات منذ هنا الوقت وحاول أنصار كل مذهب وفق خطته في البحث ونظرته إلى النظام الجنائي،، تحديد أغراض العقوبة ، وقد نتج عن ذلك حصاد فكري تميز فيه كل مذهب بإتجاه خاص.

وترجع أهمية أغراض العقوبة في علم العقاب إلى أنه السبيل إلى تحديد الأساليب اللازمة لتنفيذ العقوبات بما يحقق هذه الأغراض، فمن المؤكد أن استعمال أساليب غير ملائمة أو متنافرة مع الأغراض المستهدفة من العقاب من شأنه تفويت هذه الأغراض وجعل العقاب غير ذي فائدة.

لمعالجة هذه الدراسة، نتناول ( أولا ) أغراض العقوبة و مختلف المدارس التي بحثت في أغراض العقوبة، ثم نعرج لدراسة مبادئ النظرية العامة للتدابير الاحترازية ( ثانــــيا).



[1]- فهد يوسف الكساسبة، وظيفة العقوبة ودورها في الإصلاح والتأهيل، دراسة مقارنة، دار وائل للنشر، عمان، 2009،ص 19و 21

[2] - سمير عالية، مبادئ علوم الأجرام والعقاب والسياسة الجزائية، منشورات حلبي الحقوقية، بيروت، 2019، ص21، عبد الرحمان خلفي، الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري والمقارن، دار بلقيس للنشر، الجزائر، 2018، ص 13.

  - إن العقوبة  "جزاء جنائي يقرره المشرع لمن تثبت مسؤوليته الجزائية"، من خلال التعريف نجد أن العقوبة نظام قانوني مقرر، بموجب التشريعات بالعقوبات مسألة قانونية بالدرجة الأولى كذلك يفترض أن تكون هذه العقوبة ملائمة للجريمة أي عادلة، كذلك فالعقوبة يستحقها مرتكب الفعل شخصيا (مبدأ شخصية العقوبة) كذلك العفوية يفترض في إيقاعها المساواة بين الحياة إذا تشابهت الظروف والأصناف الجرمية،

  - إن الدراسات العلمية للعقوبة لم تبدأ إلا في القرن 18،