المبحث الثاني انقضاء المنظمات الدولية والتوارث بينها
المطلب الأول
من العناصر الرئيسية في المنظمة الدولية هو أنها مؤسسة دولية دائمة غير محددة بمدة زمنية، وهذا هو السائد فعلا في تأسيس المنظمات الدولية إذ لا تحدد مدة معينة تنقضي بها، فصفة الدوام والإستمرار من مستلزمات قيام المنظمات الدولية، غير أننا لا نجد ضيرا في تأسيس منظمات دولية تنشأ لتنفيذ مهمة معينة وتنتهي هذه المنظمات بتحقيق الغاية التي تم إنشاؤها لأجلها ،كما قد تنتهي المنظمات بأسباب خارجة عن إرادة أعضائها .
وفي حالة انقضاء المنظمات الدولية وفنائها يطرح التساؤل عن كيفية التصرف في ممتلكاتها والوضع بالنسبة لصلاحياتها ، وبعبارة أخرى تطرح مشكلة التوارث بين المنظمات الدولية .
وسنحاول في هذا المبحث التطرق في (المطلب الأول) إلى أسباب \انقضاء المنظمات الدولية ، وفي (المطلب الثاني) لأحكام التوارث بينها .
المطلب الأول
أسباب انقضاء المنظمات الدولية
تفنى الشخصية القانونية للمنظمات الدولية لعدة أسباب قد تكون إرادية وقد تكون غير إرادية وسنتناول كل صنف في فرع مستقل .
الفرع الأول
الأسباب الإرادية لانقضاء المنظمات الدولية
تنتهي المنظمات الدولية بجملة من الأسباب الإرادية، يتمثل أهمها في .
*انسحاب الدول جميعا من المنظمة :
إذا ما انسحبت الدول الأعضاء من المنظمة الدولبة، فغن ذلك ينهي وجودها ،وكذلك في حالة انسحاب الدول الأساسية من المنظمة كانسحاب العراق مثلا من حلف بغداد .
*عدم رغبة الدول الأعضاء بالإستمرار بالمنظمة :
قد تحدث ظروف دولية تدفع الدول إلى إنشاء منظمة دولية لتحقيق أهداف معينة، غير أن تغير ظروف الدول يبدد الأهداف التي أنشأت من أجلها المنظمة الدولية، مما يدفع الدول الأعضاء إلى عدم مواصلة العمل في المنظمة الدولية ويتطلب ذلك عقد اتفاق جديد لتصفية المنظمة وإعادة أموالها والممتلكات التي امتلكتها .
*إنجاز مهمة المنظمة:
تشكل الدول منظمات دولية لتحقيق غرض معين كمحكمة التحكيم أو محكمة دولية في قضية معينة أو تشكيل لجنة للتحقيق أو لتقصي الحقائق، وعندإنجاز مهامها تنتهي تلك المنظمات الدولية .
*قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول:
يقصد بقطع العلاقات الدبلوماسية الإعلان الذي تصدره إحدى الدول والذي يتضمن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة أخرى ، وتعد هذه العلاقات بين الدول من الوسائل المهمة في عقد المعاهدات وتنفيذ الإلتزامات الواردة فيها، فإذا قطعت العلاقات الدبلوماسية والقنصلية بين دولتين فإن المعاهدات المعقودة بينهما تتوقف عن التنفيذ إذا طان وجود هذه العلاقات ضروريا لتنفيذها غير ان هناك معاهدات لا تتأثر بقطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، وتلك المعاهدات هي المتعلقة بالمنظمة الدولية، لأنها معاهدات متعددة الأطراف، فقطع العلاقات بين دولتين في منظمة دولية لا يؤثر في المنظمة إلا إذا كان عدد دول الأطراف بالمنظمة قليلا، وتم قطع جميع العلاقات بين هذه الدول كلها فإن المنظمة في هذه الحالة تتوقف عن العمل[1].
الفرع الثاني
الأسباب غير الإرادية
نذكر في هذا المجال أهم الأسباب غير الإرادية التي تنهي حياة المنظمات الدولية :
*انتهاء المنظمة الدولية بزوال صفة الدولة:
إذا زالت صفة الدولة عن الدول المؤسسة للمنظمة أو عن أغلبها هذا يمكن أن يؤدي إلى انتهاء المنظمة الدولية .
*الحرب بين الدول الأعضاء في المنظمة :
من الواضح أن الحرب لا تنهي المنظمات الدولية الجماعية، غير أن الحرب بين الدول الأساسية في المنظمة الدولية قد تنهي المنظمة ومن ذلك فإن الحرب العالمية الثانية أنهت عصبة الامم، وتحدث هذه الحالة عندما تضم المنظمة الدولية عددا محدودا من الدول الأعضاء، أما بالنسبة للمنظمات العالميةفإن الحرب بين بعض الدول الأعضاء لا تنهي المنظمة الدولية .
*وقفنشاط المنظمة الدولية:
قد تحدث ظروف دولية جديدة تؤدي إلى وقف نشاط منظمة دولية دون أن يقرر الأعضاء وقف نشاطها، ومن ذلك وقف نشاط مجلس التعاون العربي الذي يضم كلا من العراق الأردن ، مصر اليمن، بعد العدوان الأمريكي على العراق عام 1990 على الرغم من أن الدول الأعضاء لم تنسحب من المنظمة[2].
*تغير الظروف الدولية :
إن المجتمع الدولي في الوقت المعاصرسريع التغير، كما أن التنظيم الدولي يتميز بخاصية المرونة حتى يتمكن من مواكبة التغيرات الدولية ، لذا فقد تنشا منظمات جديدة لها القدرة على مجابهة متغيرات ،كما تكون لها إمكانيات أكبر وأوفر وكمثال على ذلك زوال معهد التعاون الذهني بمناسبة نشأة اليونيسكو وزوال محكمة العدل الدولية الدائمة بضهور محكمة العدل الدولية .