المطلب الثاني شروط ونتائج التمتع بالشخصية القانونية الدولية للمنظمات الدولية

يخضع تمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية الدولية إلى عدة شروط قد يتم النص عليها في الميثاق المنشئ للمنظمة أو يتم التأكد من تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية الدولية من خلال توفر بعض المتطلبات ، وبتمتع  المنظمة الدولية بالشخصية القانونية الدولية فإن ذلك يرتب مجموعة من النتائج ، وفيما يلي سنتناول ابتداء شروط تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية  في (الفرع الأول) ونتائج تمتعها بتلك الشخصية في (الفرع الثاني).

الفرع الأول

شروط التمتع بالشخصية القانونية الدولية للمنظمات الدولية

تنشأ شخصية المنظمات الدولية نتيجة لتنازل الدول لها اختيارا عن بعض الاختصاصات وهي لا تتعدى نطاق الغرض الذي وجدت المنظمة من أجله، وتستطيع المنظمة في سبيل مباشرة الإختصاصات المعترف لها بها أن تدخل في علاقات مع الدول ومع المنظمات الدولية الأخرىفتتبادل معها المبعوثين أو تعقد معها الاتفاقات، وكيان هذه المنظمات ونظامها متوقف على إرادة الدول التي أنشأتها، إذ أن هذه الأخيرة تمتلك على الدوام تعديل اختصاصاتها أو إلغائها كلية، على أنه يلزم لتمتع المنظمات الدولية بالشخصية الدولية توافر الشروط التالية :

1-أن يكون للمنظمة حق تكوين إرادة ذاتية مستقلة عن إرادة الدول التي تدخل في تكوينها، ويكون ذلك عن طريق مجالسها وجمعياتها التي تصدر قرارات بالأغلبية أو بالإجماع .

2-أن يكون للمنظمة اختصاصات محددة لا تظهر شخصيتها الدولية إلا في حدودها، فليس معنى تمتع هيئة ما بالشخصية الدولية أن يكون لها حق مباشرة جميع ما للدولة من اختصاصات، وإنما هي تباشر فقط الإختصاصات التي منحت لها في الميثاق المنشئ لها، والإختصاصات اللصيقة بها وهي اختصاصات تكون في العادة مقصورة على بعض الأمور وبقصد تحقيق بعض الوظائف 3- أن يحصل الإعتراف بشخصيتها من جانب الدول صراحة أو ضمنا، ويكون ذلك بقبول الدخول مع المنظمة في علاقات دولية لإعتبارها شخصية دولية مستقلة .

4-تكامل النظام القانوني للمنظمة الدولية، حيث يتوجب أن يكون للمنظمة مقرونظام مالي مستقل عن الدول الأعضاء، بالإضافة إلى أجهزة وموظفين يعملون على مباشرة اختصاصات المنظمة .

الفرع الثاني

نتائج تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية الدولية

القاعدة في هذا الخصوص هي ارتباط نطاق الشخصية القانونية الدولية للمنظمة الدولية ضيقا واتساعابالوظائف المعهود إليها ممارستها من أجل تحقيق الأهداف التي رمت إليها الدول المؤسسة لها ، ومن ثم يحق للمنظمة ممارسة كافة التصرفات اللازمة لمباشرة وظائفها على النحو الذي استهدفته الدول الأطراف في الميثاق المنشئ لها، وبناء عليه يؤدي تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية إلى ترتيب كافة النتائج الناجمة عن إضفاء هذه الصفة عليه، وفيما يلي نشير إلى أهم هذه النتائج:

 

1-الأهلية القانونية وأهلية إبرام المعاهدات

تمتلك المنظمات الدولية أهلية ممارسة الحقوق المتصلة بشخصيتها الدولية ، وعلى ذلك فهي تشترك في تكوين العرف الدولي وتستطيع إبرام الاتفاقيات الدولية ،كما يمكنها أن تقبل التحكيم الدولي ، ولقد قرر بعض الفقهاء أن أهلية المنظمة ترتبط ارتباطا وثيقا بميثاقها ، بمعنى أنها لا تمارس إلا الأعمال والحقوق، ولا تبرم إلا الاتفاقات التي نص الميثاق المنشئ للمنظمة عليها ومنحها بذلك أهلية ممارستها، على أن الراجح هو الإعتراف للمنظمات الدولية بأهلية ممارسة كل عمل أو حق يرتبط ارتباطا وثيقا بالوظائف الممنوحة للمنظمة، وذلك على أساس أن المنظمة الدولية لها الحق في ممارسة السلطات الممنوحة لها وكذلك السلطات اللصيقة بوظائفها[1]،كما تمتلك المنظمة الدوليةالأهلية القانونية لممارسة الحقوق في القوانين الداخلية للدول الأعضاء، وللدول التي تعترف بها، ومن ذلك أن يكون لها الحق في التعاقد وفي التملك

2-حق التقدم بمطالبات دولية :

يجوز للمنظمات الدولية أن تدخل في علاقات مع الدول ومع المنظات الدولية الأخرى، وهي تملك الحق في التقدم بمطالبات دولية، ومن أهم أمثلتها المطالبات المتصلة بالتعويضات عن الأضرار التي تصيب المنظمة أو تلحق بموظفيها .

3-المسؤولية الدولية :

حيث يجوز مسائلة المنظمة الدولية عن الأضرار التي تصيب الغير نتيجة لممارسة المنظمة لنشاطه .

4-الحصانات والإمتيازات :

حيث تتمتع المنظمة الدولية وممثلو الدول الأعضاء فيها وموظفوها بموجموعة من الحصانات والإمتيازات، والقصد منا تسهيل ممارسة المنظمة لأعمالها .

وقد يأتي النص على امتيازات وحصانات المنظمة في إطار اتفاقية دولية توقعها الدول الأعضاء مثل اتفاقية مزايا وحصانات الأمم المتحدة، واتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى ذلك فقد تبرم اتفاقيات خاصة بين المنظمة وإحدى الدول بشأن امتيازات وحصانات المنظمة كإتفاقية المقر التي تتضمن التنظيم الخاص باتخاذ المنظمة الدولية لدول معممة مقرا لها أو لبعض فروعها، مثل اتفاق المقر بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة عام 1947[2].

5-المساهمة في إنشاء قواعد القانون الدولي:

وذلك بالإشتراك في تكوين قواعد العرف الدولي أو عن طريق ما تصدره من قرارات تحمل الطابع تشريعي.

 



[1] محمد حافظ غانم ، المرجع السابق، ص 63

[2] حمال عبد الناصر مانع، التنظيم الدولي ، المرجع السابق ،ص 105