المطلب الأول أجهزة المنظمات الدولية

    من المتفق عليه أن المنظمة الدولية إذ تمارس اختصاصها المنوط بها القيام به يتعين أن تعتمد على جملة أجهزة تستهدف من خلالها عملها تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها وفيما يلي سنتناول في (مطلب أول) أهمية وجود أجهزة بالمنظمة الدولية ،وفي (مطلب ثان) سنتناول أنواع أجهزة المنظمات الدولية

الفرع الأول

أهمية أجهزة المنظمات الدولية وتعددها

    غني عن البيان أنه لا يتصور قيام أو استمرار لأي من المنظمات القائمة في المجال الدولي إلا بوجود أجهزة داخلية تستطيع هذه المنظمة أو تلك من خلالها مباشرة أعمالها \وتنفيذ أهدافها .

وقد اقتضى تشعب أهداف المنظمات الدولية أن أنشأت عدة أجهزة متخصصة داخل بنيانها، تسعى كل منها بالتعاون مع الأخرى إلى تحقيق استمرارية وديناميكية العمل في منظمة بعينها، ويرى فقهاء القانون الدولي العام أن هناك اعتبارين أساسيين لتعدد الأجهزة داخل المنظمات الدولية وهما

*الإعتبار السياسي:

 ويتمثل في ضرورة مراعاة الأهمية النسبية للأعضاء ، فلا يخفى أن أسلوب التعدد يشبع رغبات الدول الكبرى، إذ يكون لها وضع متميز في إحداها بالإضافة إلى وجود جهاز عام تمثل فيه كافة الدول أعضاء المنظمة ،ويغلب على عمله الإطار التنفيذي ،وإلى جانب هاذين الجهازين يوجد جهاز ثالث يتولى تصريف الأعمال اليومية للمنظمة الدولية وغالبا ما يطلق عليه مصطلح الجهاز الإداري للمنظمة الدولية

*الاعتبار الفني :

 ويرجع إلى اتساع دائرة نشاط المنظمة الدولية بحيث بات من الصعب على جهاز واحد القيام بكافة أعباء ومستويات المنظمة الدولية لذا فقد استوجب الحال إنشاء أكثر من جهاز يقسم فيما بينهم أعمال واختصاصات المنظمة .

 

 

 

 

الفرع الثاني

أنواع أجهزة المنظمات الدولية

    القاعدة العامة أن للمنظمات الدولية ثلاث أجهزة رئيسية هي الجهاز العام والجهاز التنفيذي وجهاز إداري، إلا أن هناك من المنظمات ما تنص مواثيقها على إمكانية إنشاء أجهزة رئيسية أخرى إضافة إلى إمكانية استحداث فروع ثانوية حسب الحاجة، وفيما يلي سنتناول أهم أجهزة المنظمات الدولية

*الجهاز العام:

لكل منظمة دولية جهاز عام يطلق عليه الجمعية العامة أو المؤتمر تمثل فيه الدول الأعضاء على قدم المساواة فيكون لكل دولة عضو مقعد ومندوب واحد أو أكثر، وقد يكون للدولة العضو عدد من الأصوات تعادل أهميتها في المنظمة كما هو الشأن في صندوق النقد الدولي الذي تتمتع فيه الدول بقوة تصويتية تعادل مساهمتها في رأس مال الصندوق.

     يمثل الدول العضو في المنظمة مندوبين حكوميين يتم اختيارهم من طرف حكوماتهم ، وفي بعض المنظمات الدولية يختار الأعضاء لصفتهم الشخصية وكفاءته الخاصة كما هو الشأن بالنسبة لقضاة محكمة العدل الدولية، ويمكن أن تمثل الدولة بمندوبين حكوميين ومندوبين آخرين يمثلون بعض الفئات الخاصة في المجتمع كما هو الشأن بالنسبة للتمثيل الثلاثي في منظمة العمل الدولية

     يتولى الجهاز العام اختصاص عام بشأن كافة المسائل التي تدخل في اختصاص المنظمة ويستعين بعدة لجان رئيسية يكون لها في بعض المنظمات سلطة إنشاء لجان فرعية، وتعقد الجلسات العادية للجهاز العام بصفة دورية كل سنة أو كل سنتين وقد تكون كل ثلاث سنوات بالإضافة للدورات غير العادية أو الإستثنائية أو الطارئة وفقا لميثاق كل منظمة ،والقاعدة العامة أن تعقد جلسات الجهاز العام في المقر الرئيسي للمنظمة ،وقد تعقد في أماكن أخرى إذا دعت الضرورة لذلك[1] .

*الجهاز التنفيذي :

لكل منظمة دولية جهاز تنفيذي يتكفل بمتابعة تنفيذ قرارات المنظمة ومواجهة الأزمات والأمور ذات الصفة العاجلة التي تواجهها المنظمة ،والقاعدة العامة أن يتم تشكيله من عدد محدود من الدول يتم إختيارهم عن طريق الإنتخاب لمدة محددة ويعد هذا خروجا على مبدأ المساواة ، وقد يكون فيه أعضاء دائمين كما هو الشأن بالنسبة لمجلس الأمن في الأمم المتحدة ومجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعادة ما يؤخذ بعين الإعتبار التوزيع الجغرافي العادي بين المناطق .

ونظرا لأهمية متابعة الجهاز التنفيذي لقرارات المنظمة يستلزم التمثيل الدائم لأعضائه في مقر المنظمة وتخضع قراراته لقاعدة الأغلبية أو الإجماع حسب ما ينص عليه قانون المنظمة .

*الجهاز الإداري:

يطلق على الجهاز الإداري للمنظمة اسم الأمانة العامة أو السكرتارية، ويتكون من عدد محدود من الموظفين التابعين للمنظمة يرأسهم أمين عام أو سكرتير المنظمة يساعده مجموعة من الأمناء المساعدون ويتكفل الجهاز الإداري للمنظمة بعدد من المهام أبرزها ما يلي[2] :

- يعتبر جهاز الإتصال بين أعضاء المنظمة وبين فروعها المختلفة .

- يقوم بالإعداد لإجتماعات الأجهزة وتحضير بعض المشروعات التي ستعرض عليها.

- يتولى متابعة تنفيذ القرارات التي تصدر عن أجهزة المنظمة .

- يرأس الأمين العام للمنظمة دورات الجهاز العام ويحضر جلسات الأجهزة الأخرى، كما قد يتكفل بتعيين مبعوثين إلى بعض دول العالم أو التوسط شخصيا لحل بعض النزاعات الدولية .

*الجهاز القضائي:

حرصا من المنظمات الدولية على تسوية النزاعات التي قد تثور بين أعضائها أنشأ بعضها أجهزة قضائية أو شبه قضائية كما هو الشأن بالنسبة لمحكمة العدل الدولية التي تعتبر فرعا رئيسيا من فروع الأمم المتحدة وجهاز تسوية النزاعات في إطار منظمة التجارة العالمية .

*الأجهزة الثانوية :

يمكن للمنظمة الدولية إنشاء فروع ثانوية أخرى لمساعدتها على القيام بوظائفها المختلفة ويتم إنشاؤها بقرار من أحد الأجهزة الرئيسية في المنظمة، وتحكمها القواعد الآتية:

- تظل هذه الفروع خاضعة للجهاز الذي أنشأها .

- يمكن للجهاز ألمنشئ أن يقرر إنهاء عمل تلك الأجهزة

- تعد الأجهزة الثانوية جزءا من المنظمة الدولية

- الفروع لا تخضع لسيطرة أو رقابة دولة ما، فالعلاقات بين أجهزة المنظمات الدولية والدول أعضائها علاقات تعاون وتنسيق وليست علاقات خضوع وتبعية .

- تدخل وظائف الفروع الثانوية في إطار الوظائف الممنوحة للفروع الرئيسية التي أنشأتها .

 



[1] للمزيد من التفصيل حول اختصاصات الجهاز العام والتصويت فيه  أنظر محمد المجدوب ، ص 90-93

[2] جمال عبد الناصر مانع،  التنظيم الدولي ، المرجع السابق ، ص 132