المحاضرة السادسة
المحاضرة السادسة: أسباب الحد من العقاب
المحاضرة السادسة: أسباب الحد من العقاب
في ظل التطور الذي اهتدى إليه الفكر الجنائي إلى البحث عن عقوبة السالبة للحرية كأنسب عقاب يمكن إحلاله محل العقوبة البدنية، التي دعا إلى إلغائها، حيث منذ ذلك الوقت انشغل بضرورة إعادة النظر في المعاملة العقابية للمحكوم عليه ومراعاة الكينونة الإنسانية في التنفيذ العقابي ، حتى يحقق العقاب المرجو منه بإعادة تأهيل المحكوم عليه للعودة مرة أخرى إلى الحياة الاجتماعية، وهو الإصلاح والتأهيل كشعار للسياسة العقابية الحديثة التي أصبحت ترى في السجن مؤسسة اجتماعية تربوية لا مؤسسة للتحفظ على الجاني وإهماله.
وبالرغم من أن المؤسسات العقابية التي تنفذ فيها العقوبات وفرت بيئة – تختلف درجة نموذجيتها من دولة إلى أخرى ومن نظام عقابي لآخر، لإصلاح وتأهيل المحكوم عليه ومراقبة سلوكهم، غير أن هذه التجربة لم تحقق النتائج المرجوة منها كاملة، بل في بعض الأحيان أتت بنتائج عكسية، مما أثار الشكوك حولها في أدائها للغرض المنوط بها، وعن مدى قدرة العقوبة السالبة للحرية على وجه الخصوص، تلك التي تنفذ لمدة قصيرة على مكافحة الإجرام وذلك لعجزها عن تحقيق وظيفة الردع العام والخاص وتحقيق العدالة.
وقد تعرضت العقوبات السالبة للحرية لجملة من الانتقادات بسبب ما آلت إليه من نتائج سلبية تتمثل في مجموعة من النتائج منها ما هو اجتماعي، اقتصادي، ومنها ما هو نفسي يمس الشخص المحكوم عليه.
أمام هذه المؤشرات أوصت مجموعة من مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بشأن الوقاية من الجريمة وعلاج المجرمين، بالبحث عن بدائل للحبس تطبق كجزاء للجناة، عبر ترشيد العقاب والبحث عن بدائل للعقوبة السالبة للحرية تتضمن عدالة جنائية.
من أبرز أسباب الحد من العقاب فشل النظام العقابي التقليدي ومساوئ الحبس قصيرة المدة (أولا) كما يمكن لسياسة الحد من العقاب أن تأخذ شكلين وهما الحد من العقاب داخل القانون الجنائي نفسه والحد من العقاب خارج نطاق القانون الجنائي (ثانيا).