محاضرة السابعة: أشكال الحد من العقاب

  يقول الفيلسوف جورج برناردشو " من أجل إصلاح الفرد يجب جعله أفضل ولا نجعله أفضل بأن نسيئ إليه"، من هذا المنطلق استوجب توجه السياسة الجنائية الحديثة إلى اعتماد جملة من التدابير المرتبطة بإصلاح المذنب لا معاقبته من أجل العقاب فقط، ولا يمكن أن يتأتى هذا الطرح إلا من خلال تلني سياسة عقابية بديلة عن الحبس قصير المدة الذي اظهر قصورا وعيوبا عديدة تجاوزت مزاياه.

  وفي هذا الإطار ظهرت في الفقه الجنائي جملة من الحلول الداعية إلى استبدال عقوبة الحبس القصير المدة ببدائل أخرى[1] بمكن تطبيقها وفق شروط وضوابط صارمة ومحددة.

  حيث يجب الإشارة هنا، أن أشكال الحد من العقاب تتنوع وتتعدد حسب كل دولة والسياسة التشريعية، وتنفيذا لمحتوى السياسة الجنائية تلجأ الحكومات على وضع استراتيجية فعالة تؤدي دور توجيه ومساعدة المشرع في المجال الجنائي خاصة ما تعلق منها بتجريم الأفعال، وإبراز أشكال العقاب عليها، إضافة إلى الآليات الوقائية التي تساهم في التقليل من الجرائم

  فهناك من دول من أخذت بسياسة الحد من العقاب داخل القانون الجنائي نفسه وذلك من خلال تقليص الحد الأدنى من العقوبة، كما فعل المشرع الجزائري من خلال إحلال كثير من البدائل مكان العقوبات السالبة للحرية على غرار النظام السوار الالكتروني او عقوبة العمل لصالح النفع العام.

 وهناك من أخذ بسياسة الحد من العقاب خارج إطار القانون الجنائي أو ما يسمى بقانون العقوبات الإداري ومن أمثلة هذه التشريعات نجد التشريع الإيطالي والالماني.



[1] - يعتب أصحاب هذا الرأي أن الحد من العقاب قد يكون كليا وذلك بنزع صفة الجريمة عن السلوك كان مجرّما والاعتراف بمشروعية إتيانه، وفي هذا المستوى يتقاطع نزع التجريم مع الحد من العقاب بحيث يؤدي الأول أليا وبالضرورة إلى الثاني كما قد يكون الحد من العقاب جزئيا ويفترض من ذلك الإبقاء على الصفة الإجرامية للسلوك مع التخفيف في الجزاء الجنائي لارتكابه. أنظر، أحمد فتحي سرور، المشكلات المعاصرة للسياسة الجنائية، مجلة القانون والاقتصادي، العدد الخاص بالعيد المئوي لحقوق القاهرة 1983، ص399.