المبحث الثاني

 الأسس العامة للتنظيم الإداري

يقوم التنظيم الإداري في الدول المعاصر على إحدى الأسس أو الأساليب ، فمنها ما يقتضي تركيز كل مظاهر الوظيفة الإدارية في يد السلطة المركزية دون مشاركة لها من هيئات أخرى و هو ما يعرف بالمركزية الإدارية ، و منها ما يعتمد على توزيع مظاهر الوظيفة الإدارية في الدولة بين السلطة المركزية و هيئات محلية إقليمية أو مرفقية تخضع لرقابة السلطة المركزية و تسمى باللامركزية الإدارية . بالإضافة إلى هذه الأساليب ، فهناك من الدول المعاصرة من تأخذ بالدمج بين النظامين لتسيير نشاطها الإداري . نتطرق بشيء من التفصيل إلى دراسة أهم هذه الأساليب ويتعلق الأمر بكل من النظام المركزي و اللامركزي وفق المحاور التالية :

المطلب الأول

 المركزية الإدارية

تعتبر المركزية الإدارية إحدى الأسس و الأساليب التي يقوم عليها التنظيم الإداري في الدولة. للتفصيل أكثر في هذا الأسلوب يتطلب التطرق إلى تعريفه، تحديد الأركان التي يقوم عليها ، بيان أهم صوره وتقديره .

الفرع الأول

 تعريف المركزية الإدارية

يقصد بالمركزية الإدارية كأسلوب لممارسة النشاط الإداري جمع و تركيز كل مظاهر الوظيفة الإدارية في الدولة من تخطيط و تنسيق وتوجيه ورقابة في يد ممثلي السلطة المركزية في العاصمة و هم الوزراء دون أي مشاركة من هيئات أخرى . فهي تقوم على توحيد الإدارة و جعلها تنبثق من مصدر واحد مقره العاصمة[1].

غير أنه لا يمكن تصور قيام ممثلي السلطة المركزية في العاصمة بتسيير شؤون كل أجزاء الإقليم بمفردهم ، بل يمكن لهم القيام بذلك عن طريق ممثلهم بالأقاليم من خلال إنشاء وحدات إدارية إقليمية ( جهوية أو ولائية ) و منحها بعض الاختصاصات تمارسها باسمها ولحسابها ، بشرط أن تخضع هذه الوحدات في سيرها ومباشرة عملها للإشراف المباشر و الرقابة الكلية للسلطة المركزية ولا يكون لها أي وجود ذاتي و قانوني مستقل ( اي لا تتمتع هذه الوحدات بالشخصية المعنوية)[2].

الفرع الثاني

 أركان المركزية الإدارية

من خلال هذا التعريف نخلص إلى القول أن نظام المركزية الإدارية يقوم على ركنين اساسيين هما

أولا : تركيز السلطة الإدارية بين أيدي الإدارة المركزية

تقوم المركزية الإدارية على استئثار السلطة المركزية ( الحكومة ) بمباشرة كل مظاهر الوظيفة الإدارية في الدولة . فلا يقتصر عملها على جزء معين من الدولة فحسب ، بل يمتد ليشمل جميع أنحاء إقليم الدولة حيث تحتكر السلطة المركزية فيها الإشراف على جميع المرافق و الهيئات الإدارية بالدولة سواء كانت مرافق عامة وطنية أو محلية من خلال معاونيها بهذه المرافق . لأنه لا توجد في هذا النظام مجالس محلية منتخبة تتولى عملية الإشراف و تسيير المرافق المحلية ، حتى و إن وجد موظفون على مستوى الأقاليم فيعتبرون بمثابة موظفي السلطة المركزية[3].

ثانيا : خضوع موظفي الحكومة المركزية لنظام السلم الإداري والسلطة الرئاسية

إذا كانت الوظيفة الإدارية في نظام المركزية الإدارية تنحصر في يد السلطة المركزية ، فإنه يكون من الصعب أن لم نقول من المستحيل القيام بما تقتضيه هذه الوظيفة من طرف ممثل واحد عن السلطة المركزية، مما يتطلب وجود مجموعة من الموظفين يعملون على تمثيل السلطة المركزية ، يرتبون عند ممارستهم لوظائفهم الإدارية وفق درجات متصاعدة يشكلون بذلك ما يسمى بالسلم الإداري .

يتم توزيع هؤلاء الموظفون على درجات تتبع كل درجة منها الدرجة الأخرى الموالية حتى تصل إلى قمة هذا السلم الذي يقف عليها الرئيس الإداري الأعلى . حيث يقتضي هذا النظام خضوع الموظف الأقل درجة في السلم الإداري و يسمى المرؤوس في ممارسة وظيفته إلى الموظف الأعلى درجة منه و الذي يسمى الرئيس الإداري حتى تنتهي إلى من يقف في أعلى الدرجات و الذي تتركز بيده السلطة الإدارية الذي عادة ما يكون الوزير كل وزارة يخضع له كل المرؤوسين و هو ما يطلق عليه بالسلطة الرئاسية[4].

لكن ما ينبغي الإشارة إليه أن التدرج في السلم الإداري لموظفي السلطة المركزية لا يخل بوحدة الجهاز الإداري في الدولة على اعتبار أنهم مرتبون في انسجام تام وفق درجات في شكل هرمي داخل الجهاز الإداري لا يتمتعون بأي شكل من الاستقلال تجاه الإدارة المركزية و يخضعون تسلسليا للرؤساء حتى الوصول إلى قمة السلم الإداري الذي عادة ما يمثله الوزير في كل قطاع .

أ - تعريف السلطة الرئاسية :

يقصد بالسلطة الرئاسية مجموعة من السلطات يتمتع بها كل رئيس إداري في مواجهة مرؤوسيه يرتبط بمقتضاها هؤلاء المرؤوسين برابطة الخضوع و التبعية للرئيس الإداري . و لا تمثل هذه السلطة امتيازا أو حقا مطلقا للرئيس الإداري يستعمله كيف ما شاء ، بل هي عبارة عن اختصاص يمنحه القانون أياه من أجل ضمان حسن أداء العمل الإداري و المحافظة على سير المرافق العامة بانتظام تحقيقا للمصلحة العامة . لا تمارس هذه السلطة إلا في إطار القوانين و اللوائح و يكون الرئيس الإداري مسؤولا عن كيفية ممارستها أمام رؤسائه من الدرجات العليا كما قد يكون مسؤولا قضائيا عن سوء استخدام هذه السلطة أمام الجهات القضائية[5].

 ب - مظاهر السلطة الرئاسية :

يمارس الرئيس الإداري بموجب السلطة الرئاسية بعض السلطات و الصلاحيات على شخص المرؤوس و البعض الآخر على أعمال المرؤوس .

1 - سلطة الرئيس الإداري على شخص المرؤوس :

تتمثل هذه السلطة في تعيين المرؤوس ونقله و ترقيته و توقيع الجزاءات التأديبية عليه قد تصل إلى العزل في حالة ارتكابه لأخطاء تأديبية بالإضافة إلى منح العلاوات الدورية و المكافئات التشجيعية[6]. و بما أن هذه السلطة ليست حقا مطلقا للرئيس الإداري تمارس في إطار القانون كما سبق بيانه يكون للمرؤوس الحق في التظلم إداريا من قرارات الرئيس الإداري متى أصيبت بعيب إساءة استعمال السلطة ، و في حالة عدم كفاية ذلك يمكن له الطعن فيها قضائيا أمام القضاء الإداري .

2- سلطة الرئيس الإداري على أعمال مرؤوسيه :

يمارس الرئيس الإداري عدة سلطات على أعمال مرؤوسيه تتلخص في سلطة التوجيه و سلطة التعقيب و الرقابة . ذلك ما سنتطرق له بشيء من التفصيل فيما يلي :

·        سلطة توجيه المرؤوسين :

يكون للرئيس الإداري بموجب هذه السلطة حق إصدار أوامر وتعليمات داخلية لتوجيه المرؤوس من أجل ضمان حسن سير العمل الإداري و أداء الخدمة الإدارية على نحو أمثل و بالمقابل يكون على المرؤوس المخاطب الأول بهذه التعليمات أو المنشورات الالتزام بها و احترامها و طاعتها . حيث يعتبر التزام المرؤوس بطاعة الأوامر الصادرة إليه من رئيسه نتيجة طبيعية لوجود السلطة الرئاسية و ما تفرضه من واجب الطاعة . فالمرؤوسون لا يخضعون لحكم القانون فحسب بل يخضعون أيضا لما يصدر عن رؤسائهم في العمل من أوامر و نواهي يكون لها صفة الإلزام ، يشكل مخالفتها من قبل المرؤوس ركن السبب الموجب لتقرير المسؤولية التأديبية تجاهه[7].

و إذا كان من الواجب على المرؤوسين الخضوع لأوامر رؤسائهم و طاعتها ، فإن التساؤل الذي قد يطرح في هذا الإطار يتعلق بمدى الخضوع والطاعة الملزمة للمرؤوسين تجاه رؤسائهم ؟ للإجابة على هذا التساؤل يتطلب الأمر التمييز بين الأوامر المشروعة و غير المشروعة .

·        أوامر الرئيس المشروعة :

فإذا كانت أوامر الرئيس الإداري التي يصدرها غلى المرؤوس مشروعة اي منسجمة مع ما ينص عليه القانون ، فإن طاعتها واجبة ، لكن لا يوجد مانع من أن يناقش المرؤوس رئيسه قبل إصدار القرار بخصوص مسألة معينة في حدود أخلاقيات الوظيفة .

·        أوامر الرئيس غير مشروعة والمخالفة للقانون :

فإذا كانت الأوامر التي يصدرها الرئيس إلى المرؤوس غير مشروعة ، يقع هذا الأخير بين أمرين : إما أن يحترم القانون و بالتالي عدم طاعة أوامر رئيسه ، أو عدم احترام القانون و طاعة رئيسه، فالمرؤوس يجد نفسه بين واجبين : واجب طاعة الرئيس و واجب احترام القانون . للفصل في هذا الإشكال فقد تضاربت آراء الفقهاء حول هذا الأمر و تفرقت بين عدة اتجاهات نتطرق لها باختصار فيما يلي :

الاتجاه الأول يتزعمه الفقيه دوجي DUGUIT يقول بأن المرؤوس غير ملزم بطاعة الأوامر غير المشروعة الصادرة عن رئيسه ، فهو ملزم باحترام القانون قبل طاعة أوامر الرئيس و استثنى ذلك فئة الجنود على اعتبار أنهم ملزمون بطاعة كل الأوامر الصادرة لهم . و إذا كان الأخذ بهذا الراي يعمل على الحفاظ على مبدأ المشروعية و احترام القانون من جهة ، فمن جهة ثانية قد يعاب عليه أنه يؤدي إلى عرقلة سير الجهاز الإداري و يجعل من المرؤوس قاض للمشروعية يتمتع بسلطة فحص وتقدير أوامر رئيسه و هو ما يتنافى و حدود صلاحياته ، مما يزعزع مبدأ السلطة الرئاسية ويخل بالتنظيم الإداري .

ينما ذهب أنصار الاتجاه الثاني الذي يتزعمه الفقيه موريس هوريو إلى القول بأولوية طاعة أوامر الرئيس على الالتزام بالمشروعية ( احترام القانون ) ، حيث يلتزم المرؤوس بتنفيذ الأوامر الصادرة إليه من رئيسه الإداري حتى و لو كانت غير مشروعة ) مخالفة للقانون ) و لا يمكن له فحصها وتقديرها . لكن إذا كان العمل بهذا الاتجاه يحافظ على حسن سير المرفق العام والتنظيم الإداري على حد سواء ، فإنه بالمقابل يخل بأحد أهم المبادئ الثابتة و هو مبدأ المشروعية الذي يجب أن يخضع له الكل حكاما و محكومين . أما الاتجاه الثالث الذي تبناه القضاء الفرنسي و الفقه الألماني حاول التوفيق بين الراي الأول و الثاني ، فذهب إلى القول بأنه على المرؤوس تنفيذ كل أوامر الرئيس إذا كانت مكتوبة واضحة ، دقيقة و محددة. بعد أن يتأكد من أن الأمر صدر إليه من سلطة مختصة و أن تنفيذه بدخل في مجال اختصاصه ولا يهمه إن كانت هذه الأوامر مشروعة أو غير مشروعة و عليه فالأضرار التي تترتب على إثر تطبيق هذا الأمر يتحمل المرفق العام مسؤولية التعويض عنها بدلا من الموظف العمومي ( يقصد به الرئيس أو المرؤوس ) إقرارا لمبدأ : مسؤولية الدولة عن أعمال موظفيها[8].

أمام كل هذه الاختلافات الفقهية بخصوص هذا الموضوع يكون من الضروري استقراء موقف المشرع الجزائري من هذه المسألة . فمن خلال فحص مختلف النصوص ذات علاقة بالوظيفة العامة ، يتبين أن المشرع الجزائري قد فصل في هذا الموضوع بموجب المادة 129 من الأمر 75-58 المعدل بموجب القانون 05-10 المتضمن القانون المدني الجزائري حيث أكد من خلالها على أنه :( لا يكون الموظفون و الاعوان العموميون مسؤولين شخصيا عن أفعالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رئيس متى كانت إطاعة هذه الأوامر واجبة علیهم ).

من خلال نظرة تقييمية لهذا النص ، و أن كان يبدو في الظاهر أنه فصل في الموضوع ، غير أن ما يمكن تسجيله عليه هو أنه جاء بصيغة غامضة و مهمة و غير دقيقة ، بحيث لم يحدد طبيعة الأوامر الصادرة من الرئيس والتي يلتزم بتنفيذها المرؤوس وطبيعة الأوامر التي لا يلتزم بتنفيذها . و هل المقصود بالأوامر الواردة في النص والملزمة للمرؤوس هي كل ما يصدره الرئيس من أوامر سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة ؟

·        سلطة الرقابة والتعقيب :

يختص الرئيس الإداري بموجب السلطة الرئاسية بمجموعة من الصلاحيات تتعلق اساسا بمراقبة أعمال مرؤوسيه، سواء من حيث الملاءمة أو المشروعية ، فيكون له سلطة إقرار عمل المرؤوس وتعديله وإلغائه، كما يكون له حق الحلول محله للقيام ببعض اختصاصاته هذا ما سنتذرق له بشيء من التفصيل فيما يلي :

- سلطة المصادقة والتعديل والإلغاء :

يكون للرئيس الإداري بموجب السلطة الرئاسية الحق في إقرار و إجازة أعمال مرؤوسيه و يكون ذلك بشكل ضمني من خلال سكوته أو بشكل صريح بإصدار قرار يصادق فيه على عمل المرؤوس . كما يكون للرئيس الإداري الحق في تعديل أعمال مرؤوسيه سواء المشروعة منها أو غير المشروعة وجعلها أكثر انساما مع القانون و ما تقتضيه ظروف العمل الإداري بالإضافة إلى هذا يكون للرئيس الإداري كذلك سلطة إلغاء قرارات المرؤوس غير المشروعة و إعدامها بأثر فوري و بالنسبة للمستقبل فقط مع ترك آثارها الماضية قائمة[9].

- سلطة السحب والحلول :

يمكن للرئيس الإداري بموجب ما يتمتع به من سلطة رئاسية سحب قرارات مرؤوسيه غير

المشروعة فقط ، كما يمكن له في حالات معينة أن يحل محل مرؤوسيه في ممارسة مهامهم . و ما يمكن ملاحظته من خلال ما تقدم أن سلطة الرقابة التي يمارسها الرئيس الإداري بموجب السلطة الرئاسية على أعمال مرؤوسيه لا تقتصر على رقابة المشروعية أي رقابة مدى مطابقة قرارات المرؤوس للقانون فحسب، بل تمتد لتشمل رقابة الملاءمة التي يمكن بموجبها الرئيس أن يلغي و يسحب ويعدل قرارات المرؤوس في حالة ما إذا كانت غير ملائمة لمقتضيات سير العمل الإداري و معوقة له ، حتى و لو كانت هذه القرارات مشروعة و منسجمة و أحكام القانون ( مثال على القرار المشوب بعيب عدم الملاءمة : عقوبة فصل موظف تغيب لأول مرة ليوم واحد بعد خبرة مهنية تقدر ب 15 سنة ).

هذا ما يميز الرقابة الإدارية التي يمارسها الرئيس على أعمال المرؤوس عن الرقابة القضائية على أعمال الإدارة العامة . ( س ؟؟ فالنوع الأول يشمل رقابة المشروعية و رقابة الملاءمة ، أي أن الرقابة تنصب على القرارات المشروعة وغير المشروعة ، بينما النوع الثاني يقتصر على رقابة المشروعية دون رقابة الملاءة اي رقابة القرارات المشروعة فقط ، بمراقبة مدى تطابق أعمال الإدارة ( القرارات الإدارية مع أحكام القانون فقط[10].

الفرع الثالث

 صور المركزية الإدارية

يتخذ نظام المركزية الإدارية صورتين : التركيز الإداري و عدم التركيز الإداري .

أولا : التركيز الإداري

يقصد بالتركيز الإداري أن تتركز السلطة الإدارية كلها أي في جزئياتها و عمومياتها في يد الوزراء في العاصمة ، بحيث لا يتمتع ممثلهم في العاصمة أو في الأقاليم بأية سلطة خاصة في تصريف الأمور واتخاذ القرارات، مما يتحتم عليهم الرجوع إلى الوزير المختص في كل أمر يتعلق بشؤون الإقليم أو المرافق العامة. يمثل هذا النظام الصورة البدائية للمركزية الإدارية.[11]

 وإذا كان الأخذ بهذا النظام قد يحقق نوع من التجانس في أساليب ممارسة مظاهر الوظيفة الإدارية بالدولة ، بالمقابل فإنه قد يؤدي إلى حالة من الاختناق في العمل الإداري و شيوع نوع من البيروقراطية وسط الإدارة المركزية نظرا لما سيترتب عنه من تراكم الملفات على مستوى كل وزارة و طول مدة الفصل فيها من طرف الوزير بسبب تزايد وظائف الدولة واتساع نشاطها و تعقده بما يصعب على الوزير الفصل في العديد من الأمور بنفسه في العاصمة[12].

ثانيا : عدم التركيز الإداري

يقصد به منح السلطة المركزية العليا ( الوزير ) بعض موظفيها في العاصمة أو في الاقاليم سلطة الفصل و التقرير النهائي ) أي اتخاذ قرارات نهائية ) بخصوص جزء من اختصاصاتها دون الرجوع إلى رئيس السلطة الإدارية العليا و هو الوزير . مما يخفف العبء عنه و يحقق السرعة في إنجاز الوظيفة الإدارية خاصة في الأماكن النائية عن العاصمة ، ويوفر الجهد والوقت والمال على اعتبار أن المرؤوسين هم الأكثر قربا و اتصالا بالواقع العملي و أكثر اطلاعا على المشاكل و الصعوبات التي تواجه حسن سير العمل الإداري .

غير أن تمتع موظفي الإدارة بهذه السلطة لا يعني استقلالهم عن الوزير باعتباره رأس الجهاز الإداري التابعين له ، بل يظل هؤلاء الموظفون يمارسون اختصاصاتهم الممنوحة لهم من طرف السلطة المركزية بالعاصمة في نطاق السلطة الرئاسية التي توجب خضوعهم لمن يعلوهم من الرؤساء في السلم الإداري حتى الوصول إلى الوزير[13].

بناء على ما تقدم نستنتج أن عدم التركيز الإداري قد يكون خارجيا من خلال منح بعض ممثلي السلطة المركزية خارج العاصمة أي في الأقاليم سلطة اتخاذ بعض القرارات بصفة نهائية دون الرجوع إليها . كما يمكن أن يكون عدم التركيز داخليا عن طرق منح سلطة البت النهائي في بعض القرارات الإدارية لأحد المرؤوسين المتواجدين مع الرئيس الإداري الأعلى فيمقر السلطة المركزية بالعاصمة كالمدراء المركزيين و الأمناء العامون بالوزارات[14].

و بعد ضبط تعريف لعدم التركيز الإداري قد يثور التساؤل حول كيفية تحقيق هذا النظام بانتقال سلطة البت في الأمور الإدارية بشكل نهائي من الرئيس الإداري الأعلى إلى مرؤوسيه في السلم الإداري ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه فيما يلي :

أ- وسائل تحقيق عدم التركيز الإداري ( المركزية النسبية )

تتحقق عدم التركيز الإداري أو ما يسمى بالمركزية النسبية بوسيلتين: تتمثل الوسيلة الأولى في النصوص التشريعية وتتمثل الثانية في تفويض الاختصاص .

1- النصوص التشريعية كوسيلة لتجسيد عدم التركيز الإداري

يمكن أن يتجسد نظام عدم التركيز الإداري بمقتضى نصوص تشريعية صريحة تتضمن توزيع الاختصاص بين الرئيس الإداري الأعلى وهو الوزير وبقية المرؤوسين . و يتحقق ذلك من خلال منح المشرع للمرؤوس بشكل صريح سلطة البت في بعض الأمور الإدارية دون الحاجة إلى الرجوع للرئيس الإداري[15].

2- التفويض في الاختصاص كوسيلة لتحقيق عدم التركيز الإداري

1-2 تعريف تفويض الاختصاص : يقصد به أن تعهد السلطات المركزية ( الوزراء ) بموجب نصوص قانونية ببعض صلاحياتها واختصاصاتها إلى كبار موظفيها الإداريين ( مرؤوسيها ) سواء على مستوى الوزارة نفسها ( المدراء المركزيين والأمناء العامون بالوزارة ) أو في بعض الجهات و الأقاليم الوالي المدراء الولائيين لمختلف القطاعات الصحة ، التجارة ... إلخ ) يكون لهم بموجبها إصدار قرارات نهائية فيما فوضوا فيه دون الحاجة للرجوع إلى الرئيس المفوض صاحب الاختصاص الأصيل[16].

2-2 شروط صحة التفويض في الاختصاص

يشترط لصحة التفويض في الاختصاص توفر عدة شروط اساسية تتلخص فيما يلي :

- يجب أن يكون التفويض جزئيا أي أن يقتصر على جزء من اختصاصات الرئيس الإداري ( المفوض ) وليس جميعها ، وإذا شمل التفويض جميع اختصاصاته اعتبر تنازلا منه و ليس تفويض و هو ما لا يدخل في صلاحياته إلا إذا كان منصوص عليه قانونا .

- عدم تفويض الاختصاصات المفوضة للمرؤوس، أي لا يمكن لهذا الأخير إعادة تفويض السلطات التي فوضت له من طرف الرئيس الإداري إلى من هم أدنى منه في السلم الإداري ، لأن عملية التفويض بالنسبة للاختصاصات نفسها لا تتم إلا مرة واحدة حتى لا تضيع المسؤولية عنها . و إذا حدث و أن تم ذلك فقرار التفويض يصبح مشوبا بعيب عدم الاختصاص . - لا يتحقق التفويض إلا من الأعلى إلى الأسفل وهذا أمر بديهي لأن أهم أهداف اللجوء إلى التفويض هو التخفيف من تركيز السلطة في قمة السلم الإداري[17].

- يجب أن يكون التفويض في السلطة وليس في المسؤولية ، فإذا كان الرئيس الإداري فوض بعض اختصاصاته إلى المرؤوس، فهذا الأخير يمارس الاختصاصات المفوضة له تحت رقابة ومسؤولية المفوض ( الرئيس الإداري )[18].

فإذا كان من غير الممكن على المفوض ( الرئيس ( ممارسة الاختصاصات المفوضة للمرؤوس خلال مدة التفويض ، فهذا لا يمنع الرئيس من سلطة التعقيب على القرارات الصادرة عن المفوض إليه و هو ما يمثل أحد مظاهر السلطة الرئاسية و المتمثل في رقابة الرئيس على أعمال المرؤوس . و بالنتيجة يصبح كل من الرئيس المفوض و المرؤوس المفوض إليه مسؤولين عن الاختصاصات المفوضة . و هذا ما قال به فقهاء الإدارة العامة بأنه ( لا تفويض في المسؤولية )[19].

- يجب ان يكون التفويض بناء على نص تشريعي يجيز فيه المشرع صراحة للرئيس الإداري تفويض بعض اختصاصاته و سلطاته . و إذا حدث و أن تم التفويض دون الاستناد إلى نص قانوني كان قرار التفويض باطلا .

- يجب أن يكون النص التشريعي الذي يسمح للرئيس بالتفويض في بعض صلاحياته له القوة القانونية نفسها و من ذات المرتبة للنص التشريعي الذي خول الصلاحيات للرئيس ( المفوض ، الأصيل ) نفسه[20].

بناء على ما تقدم قد يثور التساؤل التالي :

هل يمكن للمفوض ( الرئيس الإداري ) الذي فوض جزء من اختصاصاته أن يبقى يمارس هذه الاختصاصات خلال مدة التفويض ؟

للإجابة على هذا التساؤل فقد ميز الفقه الفرنسي بين نوعين من التفويض : تفويض السلطة أو الاختصاص  Délégation de pouvoir ou Délégation de compétence

- تفويض التوقيع : Délégation de signature

2- 3 مزايا التفويض في الاختصاص :

يمثل التفويض في السلطة أحد الضرورات التي يتطلبها حسن تنظيم وتسيير الإدارة العامة في الوقت المعاصر و ذلك نظرا للمزايا التي يحققها تتمثل أهمها فيما يلي :

يترتب عن عملية التفويض سرعة إصدار القرارات الإدارية والسرعة في الإجراءات و يساهم في حل المشاكل الإدارية التي تواجه العمل الإداري قبل تعقيده و يصعب حلها في حال البطء في معالجتها بإحالتها على السلطة المركزية . كما يسمح التفويض للرئيس الإداري بالتفرغ للمهام الأساسية المسندة له .. ممن خلال التخلص من الأعباء الثانوية بتفويضها غلى المرؤوسين مما يؤدي إلى سير العمل الإداري بفعالية و تحقيق أهدافه المنشودة.

بالإضافة إلى ذلك يؤدي التفويض إلى توفير الجهد والوقت والمال الذي كان يتطلبه النشاط الإداري في حالة تركيز السلطة في يد الرئيس الإداري نظرا لسرعة إصدار القرارات الإدارية و من مستوى قريب من المشكلة التي يراد حلها . و بما أن التفويض يمنح الفرصة للمرؤوسين للمشاركة في تسيير شؤون الإدارة وتولى مهام إدارية و إصدار القرارات و تحمل المسؤوليات ، فكل هذا من شأنه تكوين كفاءات جديدة قادرة على التسيير الإداري وتحمل المسؤولية بجدارة وفعالية[21].

2-3 الفرق بين تفويض الاختصاص وتفويض السلطة : يترتب عن هذا التمييز النتائج التالية :

- يؤدي تفويض السلطة أو الاختصاص إلى حرمان المفوض صاحب الاختصاص الأصيل من ممارسة الاختصاصات التي تم تفويضها للمفوض له خلال مدة التفويض . لان هذا النوع من التفويض ينتج عنه نقل الاختصاصات المفوضة . اما بالنسبة لتفويض التوقيع فلا السلطة المفوضة من ممارسة اختصاصها الذي تم تفويضه إلى جانب المفوض إليه . أي يمكن للمفوض التوقيع بجانب المفوض إليه .

- تفويض السلطة أو الاختصاص يوجه إلى المفوض إليه بصفته لا بشخصه كالأمين العام بالوزارة المدير المركزي، المدير الولائي ...إلخ و يترتب على ذلك بقاء التفويض ساري المفعول حتى في حالة تغير شخص المفوض إليه . بينما العكس من ذلك بالنسية لتفوض التوقيع فهو شخصي ، و بالتالي ينقضي ( ينتهي ) إذا تغير المفوض و المفوض إليه كذلك[22].

2-5 الفرق بين تفويض الاختصاص والحلول :

يتم الحلول في حالة ما إذا حصل مانع لصاحب الاختصاص الأصلي يحول دون مزاولة اختصاصاته ، و يغيب عن مقر عمله ، فيحل محله الشخص الذي نص القانون بصراحة على إنابته في مثل هذه الحالات المباشرة جميع اختصاصاته . اي يجب أن يستند الحلول إلى نص تشريعي يجيزه فإذا لم يوجد نص صريح في هذا الموضوع لا يمكن تطبيقه[23]

و يختلف التفويض في الاختصاص عن الحلول من حيث عدة جوانب نوجزها فيما يلي:

- يتم التفويض في حضور المفوض وبإرادته، في حين يقع الحلول في حالة غياب صاحب الاختصاص الأصيل لأسباب قاهرة لا دخل لإرادته فيها .

- يتم التفويض في الاختصاص بناء على قرار صادر عن المفوض ، أما الحلول فيقع بقوة القانون و بمجرد وجود مانع لصاحب الاختصاص الأصيل يمنعه من مباشرة اختصاصاته.

- يشترط في تفويض الاختصاص أن يكون التفويض في جزء من اختصاصات المفوض فقط و لا يجوز تفويض كل الاختصاصات، بينما الحلول يشمل كل الاختصاصات ، أي يمكن للحال ) الذي حل محل صاحب الاختصاص الأصيل ) أن يمارس كل اختصاصات الأصيل طول فترة غيابه .

- لا يجوز للمفوض إليه أن يفوض في الاختصاصات التي انتقلت إليه بالتفويض ، و لكن يجوز للحال أن يفوض في جزء من اختصاصات الأصيل الغائب لأنه يحل محله في جميع اختصاصاته

- ينتهي التفويض في الاختصاص بانتهاء مدته أو بانتهاء المهمة المحددة في قرار التفويض، أو بقيام المفوض بسحب اختصاصاته التي قام بتفويضها. في حين ينتهي الحلول بعودة صاحب الاختصاص الأصيل إلى مقر عمله ومباشرته لاختصاصاته بنفسه، أو بصدور قرار بتعيين من يحل محله في منصبه في حالة استقالته أو فصله أو وفاته مثلا[24].

الفرع الرابع

 تقدير المركزية الإدارية

 يحقق اسلوب المركزية الإدارية بعض المزايا كما يسجل عليه بعض العيوب نوجزها في يما يلي :

 أولا : مزايا المركزية الإدارية

- يؤدي اسلوب المركزية الإدارية إلى تقوية السلطة المركزية ( الحكومة ) و بسط نفوذها على كل أجزاء إقليم الدولة مما يحافظ على وحدتها ويقوي أركانها ، حيث يمثل هذا النظام ضرورة ملحة للدولة الحديثة عند بداية نشأتها .

- يترتب عن الأخذ بالنظام المركزي التقليل من النفقات العامة إلى أكبر حد ممكن على اعتبار أن موظفي السلطة المركزية يتميزون عن نظرائهم على المستوى اللامركزي بقدر كبير من الخبرة في التسيير مما يمكنهم من حسن أداء العمل الإداري و ترشيد النفقات على العكس ما يمكن أن يترتب عن الاستقلال المالي من إسراف و تبديد في المال العام.

- يعتبر النظام المركزي بمثابة الأداة المناسبة و ربما الوحيدة لإدارة و تسيير المرافق العامة الوطنية على أحسن وجه نظرا لما يتطلبه تسيير مثل هذه المرافق من خبرات و إمكانيات فنية و موارد مالية تعجز الوحدات الإدارية اللامركزية عن توفيرها[25].

- يؤدي النظام المركزي إلى تحقيق والمساواة بين الأفراد المتعاملين مع الإدارة على اختلاف مناطقهم دون تمييز بين سكان منطقة وأخرى طالما أن سلطة اتخاذ القرار تم تركيزها في يد واحدة و هي السلطة المركزية[26].

- يحقق النظام المركزي نوع من العدالة بين جميع المواطنين في الاستفادة من خدمات المرافق العامة و يكفل تجانس في النظم والأنماط الإدارية على مستوى كل أجهزة الدولة بحكم تركيز السلطة الإدارية ، الأمر الذي يؤدي إلى استقرار ووضوح الإجراءات و المعاملات الإدارية وعدم تناقضها و اختلافها فيما بينها ، مما ينتج عنه ترقية مستوى الأداء الإداري و تفهم المتعاملين مع الإدارة[27].

ثانيا : عيوب المركزية الإدارية

على الرغم من تمتع النظام المركزي بالعديد من المزايا إلا أن هناك ما يؤخذ عليه من عدة جوانب نذكر منها على وجه الخصوص :

- يؤخذ على نظام المركزية الإدارية عدم استجابته لرغبات سكان الوحدات المحلية و عدم تلبية احتياجاتهم المتعددة والمتنوعة التي عادة ما تغيب في معظمها عن أعضاء السلطة المركزية[28].

- إن تطبيق النظام المركزي في الواقع العملي ينتج عنه حالة من الاختناق في المجال الإداري بسبب تعدد الإجراءات و تراكم الملفات و تركيز السلطة في يد شخص واحد أو مجموعة أشخاص مما يؤدي إلى نمو ظاهرة البيروقراطية و المحسوبية و الفساد الإداري[29].

 إن تبني نظام المركزية الإدارية يؤدي إلى إشاعة نوع من الديكتاتورية و يحد من إعمال مبدأ الديمقراطية الإدارية من خلال حرمان سكان الأقاليم من المشاركة في صنع القرار و تسيير شؤونهم المحلية بأنفسهم عن طريق مجالس منتخبة[30].

- يؤدي تركيز السلطة بيد الوزراء و فئة قليلة من الرؤساء والإداريين في العاصمة إلى قتل روح المثابرة و الإبداع لدى الموظفين الآخرين نظرا لانحصار دورهم في تنفيذ الأوامر و التعليمات الصادرة من السلطة المركزية و عدم مشاركتهم فيها . كما لا تتماشى هذا الأسلوب ( المركزية الإدارية ) مع المبادئ الديمقراطية التي تقتضي أن تسير الأقاليم المحلية من طرف سكانها من خلال مجالس منتحبة[31].

المطلب الثاني

 اللامركزية الإدارية

تعتبر اللامركزية الإدارية أحد أساليب التنظيم الإداري التي تعتمد عليه معظم الدول في تنظيم نشاطها الإداري . لدراسة هذا الموضوع نتطرق إلى تعريفها ، تحديد أهم الأركان التي تقوم عليها تمييزها عن بعض النظم المشابهة ، بيان صورها و تقديرها .

الفرع الأول

 تعريف اللامركزية الإدارية

يقصد باللامركزية الإدارية توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة و بين أشخاص معنوية عامة إقليمية أو مرفقية (هيئات محلية أو مصلحية ) مستقلة قانونيا ( غير سياسيا ) عن السلطة المركزية مع بقائها خاضعة لإشرافها و رقابتها عند ممارسة مهامها عن طريق ما يسمى ب :  "الوصاية الإدارية" [32].

من خلال هذا التعريف يتبين لنا أن النظام المركزي يقابله النظام اللامركزي ، فإذا كان الأول يقوم على جمع و تركيز مظاهر الوظيفة الإدارية فإن الثاني يقوم على توزيعها . ومن بين أهم معايير التمييز بين النظامين ، معيار وحدة السلطة الإدارية أو تعددها ، فإذا كنا أمام سلطة إدارية واحدة فنحن بصدد النظام المركزي، وإذا تعددت السلطات الإدارية بحيث توجد سلطات لامركزية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال في ممارسة اختصاصاتها تحت إشراف السلطة المركزية نكون حينئذ بصدد الامركزية إدارية[33].

الفرع الثاني

 أركان اللامركزية الإدارية

يقوم هذا النظام على ثلاثة أركان تتجسد في وجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية الاعتراف بوجود هيئات محلية أو مصلحية مستقلة و ممارسة هذه الهيئات نشاطها تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية بموجب ما يسمى بالوصاية الإدارية . ذلك ما سنتطرق له باختصار فيما يلي :

أولا : الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية

يرتكز نظام اللامركزية الإدارية على الاعتراف بوجود مصالح إقليمية ( محلية ) متميزة يكون من الأفضل أن يترك الإشراف عليها ومباشرتها إلى المعنيين بها على مستوى الاقليم ، حتى تتفرغ السلطة المركزية لمباشرة و تسيير المصالح ذات الامتداد الوطني أي التي تهم كل إقليم الدولة.

فإذا كان من الضروري أن تحتكر الدولة بصفة حصرية تسيير بعض المرافق الوطنية الحيوية على مستوى كافة أرجاء الإقليم، كمرفق الأمن والدفاع والقضاء و المواصلات ، فإن هناك من المرافق المحلية : كالصحة والتعليم وتوزيع المياه والكهرباء و الغاز و المحافظة على البيئة.... إلخ يستحسن ترك تسييرها من طرف المستفيدين منها مباشرة على اعتبار أنهم أدرى بحاجاتهم إليها أكثر من أي شخص أخر و هم أقدر على إشباعها[34].

و يتم تحديد المصالح المحلية المتميزة عن المصالح الوطنية بموجب التشريع ، ففي الجزائر بموجب قانون الولاية و قانون البلدية ، مما يمثل ضمانا حقيقيا لدعم الطابع اللامركزي ، و يحمي الهيئات والوحدات اللامركزية من إمكانية تدخل الإدارة أو السلطة المركزية للتقليص والتضييق من نطاق تلك الاختصاصات[35]

ثانيا : الاعتراف بوجود هيئات محلية أو مصلحية مستقلة

يتطلب نظام اللامركزية الإدارية أن يعهد بتسيير و إدارة المصالح المحلية المتميزة السابق ذكرها إلى هيئات و أجهزة إدارية محلية أو مرفقية مستقلة أثناء مباشرة مهامها عن الإدارة المركزية، يكون لها حق اتخاذ القرار و تسيير شؤونها بنفسها دون الرجوع إلى السلطة المركزية على أن يتم الاعتراف لها بالشخصية القانونية[36].

و بما أن جوهر الإدارة المحلية يقتضي أن يعهد إلى أبناء الهيئة الإدارية بأن يلبوا رغباتهم وحاجتهم المحلية بأنفسهم ، فلا يكفي أن يعترف المشرع بوجود مصالح محلية متميزة ، و إنما يجب أن يشرف على هذه المصالح المحلية سكان الإقليم أنفسهم بانتخاب من ينوبهم في ذلك لاستحالة قيامهم بهذا الأمر بصفة جماعية ، لتشكيل مجلس منتخب يكون بمثابة الأداة المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام الإقليمي، حيث يمثل ذلك ضرورة قصوى لاستقلال هذه الهيئات عن السلطة المركزية و قيام النظام اللامركزي الإقليمي[37].

أما بالنسبة للمجالس المسيرة للهيئات الإدارية المصلحية أو ما يسمى بالمؤسسات و الهيئات العمومية ) مجلس إدارة المؤسسة العمومية ( فلا يشترط تشكيلها بصفة كلية عن طريق الانتخاب على اعتبار أن هذه المجالس تقوم على أساس التخصص الفني لأعضائه ، الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق بصفة كلية عن طريق الانتخاب ، بل يمكن أن يجمع بين الانتخاب و التعيين لتشكيل مجلس إدارة هذه الهيئات ، يكون بمثابة الأداة المعبرة عن إرادة الشخص المعنوي العام المرفقي أو المصلحي حيث لا يمثل الانتخاب ضرورة لقيام نظام اللامركزية الإدارية المصلحية .

ثالثا : خضوع الهيئات الإدارية المستقلة لوصاية ( رقابة ) السلطة المركزية

إذا كان نظام اللامركزية الإدارية يقتضي وجود هيئات إدارية محلية أو مصلحية تستقل في مباشرة مهامها دون الرجوع إلى السلطة المركزية، فإن هذا الاستقلال لا يصل إلى حد الانفصال المطلق لهذه الهيئات تنتفي بموجبه وجود أي علاقة لها مع السلطة المركزية ، بل تظل العلاقة قائمة بينهما من خلال مباشرة هذه الهيئات لمهامها و صلاحياتها تحت رقابة السلطة المركزية عن طريق ما يعرف بنظام : الوصاية الإدارية .

أ - تعريف الوصاية الإدارية :

يقصد بالوصاية الإدارية مجموع السلطات التي يقررها القانون تمارسها السلطة المركزية تجاه الهيئات اللامركزية و أشخاصها و أعمالها لضمان وحدة العمل الإداري وعدم تجاوز هذه الهيئات حدود الصلاحيات القانونية الممنوحة لها تحقيقا للمصلحة العامة[38].

ب - تمييز الوصاية الإدارية عن بعض المصطلحات المشابهة :

قد يتداخل مصطلح الوصاية الإدارية في كثير من الأحيان مع عدة مصطلحات متشابهة مما يقتضي تمييزه عن البعض منها.

1 - الوصاية الإدارية والوصاية المدنية :

تختلف الوصاية الإدارية في القانون الإداري عن الوصاية المدنية في القانون الخاص من حيث عدة جوانب نوجزها فيما يلي:

- تتقرر الوصاية في القانون الخاص على ناقصي الأهلية أو فاقدوها ، حيث أقر المشرع ذلك بموجب المادة 81 من قانون الأسرة[39]. أما الوصاية الإدارية يتم تقريرها من السلطة المركزية تجاه الهيئات اللامركزية الإقليمية أو المرفقية ليس باعتبارها ناقصة الأهلية. بل تتمتع هذه الأشخاص بأهلية كاملة ( المادة 49 ، 50 من القانون المدني ( في مباشرة جميع التصرفات القانونية في إطار الحدود المقررة لها قانونا .

- يقوم الوصي في الوصاية المدنية بالأعمال نفسها التي كان يمكن أن يقوم بها القاصر في حالة ما إذا كان كامل الأهلية ، بينما تختلف طبيعة عمل السلطة المركزية أثناء قيامها بالوصاية الإدارية على عمل الأشخاص اللامركزية ، حيث يستقل كل طرف السلطة المركزية و الأشخاص اللامركزية ( بعمله عن عمل الطرف الآخر من الناحية العملية والقانونية ، يملك كل واحد منهما سلطة التصرف باسمه و لحسابه ، مما يحول دون تصرف أي شخص باسم ولمصلحة شخص آخر[40].

- يمارس الوصي في المجال المدني أعماله باسم و لحساب القاصر طالما كان نائبا قانونيا عنهر، بينما في الوصاية الإدارية يتولى النائب مباشرة جميع ا الأعمال باسم الشخص المعنوي .

- تهدف الوصاية في المجال المدني إلى حماية المال الخاص و هو ما من كانت أهليته ناقصة أو مفقودة بينما تهدف الوصاية في المجال الإداري إلى حماية المال العام[41].

2 - الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية :

- الوصاية الإدارية لا تمارس إلا بوجود نص قانوني صريح يجيزها ، لأن الأصل في النظام اللامركزي هو استقلال الهيئات اللامركزية و عدم خضوعها للسلطة المركزية في مباشرة مهامها وما الرقابة التي تمارسها هذه الأخيرة إلا استثناء يرد على هذا الأصل .و خلافا لذلك بالنسبة للسلطة الرئاسية فهي عبارة عن رقابة إدارية تمارس بصفة تلقائية باعتبارها من متطلبات النظام المركزي الذي يرتب نوع من الخضوع والتبعية بين الرئيس الإداري و المرؤوس .

- لا يمكن للمرؤوس في ظل النظام المركزي أن يطعن أمام القضاء في قرارا رئيسه الإداري بسبب ممارسته لمقتضيات السلطة الرئاسية أي في حالة تعديل قرار المرؤوس أو إلغائه . بينما يجوز للهيئات اللامركزية الطعن في قرارات السلطة المركزية بالإلغاء في حالة انحراف هذه الأخيرة عن ممارسة رقابتها الوصائية بتجاوزها لحدود سلطاتها وصلاحياتها في الرقابة المقررة لها قانونا بإصدار قرارات غير مشروعة تجاه الهيئات اللامركزية .

- يتحمل الرئيس في النظام المركزي المسؤولية التامة عن أعمال المرؤوس باعتباره مصدر القرار و يتمتع بحق الرقابة والإشراف والتوجيه بينما لا تتحمل السلطة المركزية في نظام اللامركزية الإدارية مسؤولية الأعمال الصادرة عن الهيئات الإدارية اللامركزية[42].

غير أنه يمكن تقرير مسؤولية السلطة المركزية ( السلطة الوصية ) عن كل ضرر يترتب لدى الغير نتيجة إهمال أو تقصير أو انحراف في ممارسة صلاحياتها الرقابية ، كأن تصدق على قرار غير مشروع ، أو تأذن للشخص اللامركزي بالقيام بتصرف لا يقره القانون، ففي هذه الحالة يتحمل كل من السلطة المركزية والهيئات اللامركزية كامل المسؤولية.

لا تملك السلطة المركزية في نظام اللامركزية الإدارية تعديل قرارات الهيئات الإدارية اللامركزية بل تملك حق التصديق عليها أو إلغائها بصفة كلية و لا يمكن لها التصديق أو إلغاء جزء من القرار فقط دون الجزء الآخر. بينما في النظام المركزي يملك الرئيس حق تعديل قرارات المرؤوس أو إلغائها كلية.

في النظام اللامركزي لا يمكن للسلطة المركزية إصدار أوامر وتعليمات إلزامية للشخص اللامركزي. لكن يمكن لها تقديم بعض التوجهات قصد النصح والإرشاد دون أن يكون لها الطابع الإلزامي . أما بالنسبة للسلطة الرئاسية يكون للرئيس حق إصدار أوامر ذات طابع إلزامي للمرؤوس يجب عليه طاعتها والعمل بمقتضاها و في حالة رفضه يكون سببا في مساءلته تأديبيا . - توجد السلطة الرئاسية حتى داخل أجهزة الإدارة التابعة للهيئات الإدارية اللامركزية ذاتها سواء الاقليمية أو المرفقية، على اعتبار أن هذه الأخيرة تتشكل من تدرج هرمي متعدد الطبقات تشمل كل طبقة موظفين والإداريين من الرؤساء و المرؤوسين ، يكون للرؤساء سلطة رئاسية على مرؤوسهم[43].

ج - مظاهر الوصاية الإدارية

تتجلى مظاهر الرقابة الإدارية في نظام اللامركزية الإدارية في ثلاث مجالات : رقابة على الهيئات رقابة على عمل الهيئات، رقابة على أشخاص الهيئات.

1- الرقابة على الهيئات اللامركزية و أشخاصها :

على الرغم من استقلال الهيئات اللامركزية ، فلا يمنع ذلك من ممارسة السلطة المركزية رقابتها على الهيئات والأشخاص المسيرين لها سواء المعينين منهم أو المنتخبين. ويبرز هذا النوع من الرقابة باحتفاظ السلطة المركزية ) وزارة الداخلية مثلا ) بحقها في تعيين بعض أعضاء الهيئات اللامركزية ( الولاة و المدراء التنفيذيين ( إلى جانب الأعضاء المنتخبين ( المجلس الشعبي الولائي ) و نقلهم و تأديهم.

كما تحتفظ السلطة المركزية بحقها في إيقاف أو عزل بعض أعضاء هذه الهيئات سواء المعينين منهم أو المنتخبين وفق الشروط والإجراءات المقررة قانونا[44]. بالإضافة إلى ذلك يمكن للسلطة المركزية وقف و حل المجالس المنتخبة بأكملها للهيئات اللامركزية دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان هذه الهيئات للشخصية المعنوية[45].

2 - الرقابة على أعمال الهيئات :

يشمل هذا النوع من الرقابة الأعمال الإيجابية والأعمال السلبية للهيئات اللامركزية فكثير من أعمال هذه الهيئات لا تصبح نافذة إلا بعد تصديق ( موافقة ( السلطة المركزية عليه سواء كانت صريحة بإصدار قرار يجيز ذلك العمل أو ضمنية بسكوت السلطة الوصية تجاه العمل أو القرار المعروض عليها . كما يكون للسلطة المركزية الحق في بعض الأحيان وقف أو إلغاء قرارات صادرة عن الهيئات اللامركزية لعدم مشروعيتها . بالإضافة إلى ذلك تمتد رقابة السلطة المركزية لتشمل الأعمال السلبية للهيئات اللامركزية ، فإذا امتنعت هذه الهيئات عن القيام بعمل يوجبه القانون أو أهملته ، فإن للسلطة المركزية أن تحل محل الهيئات اللامركزية في القيام بذلك العمل[46].

و تعود الحكمة من إقرار هذا الإجراء ) الحلول ( إلى التوفيق بين المصالح المحلية التي فرضت الاعتراف بالشخصية المعنوية للهيئات اللامركزية و بين فكرة المصلحة العامة التي يجب أن تبقى في منأى عن الخلافات المحلية، بالإضافة إلى تأمين المصالح المحلية ضد كل تقاعس قد يحدث من السلطات المحلية خاصة إذا تعلق الأمر بمسائل تمس النظام والأمن العموميين[47].

غير أن تصديق السلطة المركزية على قرارات الهيئات اللامركزية لا يقيد حرية هذه الهيئات في الرجوع عن هذه القرارات إذا ما تبين لها أن مقتضيات المصلحة العامة تتطلب ذلك . كما أن عدم تصديق السلطة المركزية على قرارات الهيئات اللامركزية لا يعني إعدام القرارات المعترض عليها نهائيا ، بل يكون لهذه الهيئات مراجعة السلطات المركزية عن مبررات اعتراضها و الدفاع عن وجهة نظرها أمام السلطات الرئاسية العليا أو أمام القضاء[48].

د - كيفية ممارسة الوصاية الإدارية :

تمارس الرقابة الإدارية على الهيئات اللامركزية السلطة المركزية في العاصمة عن طريق التركيز الإداري . كما يمكن ممارستها عن طريق عدم التركيز الإداري من خلال منح بعض ممثلي السلطة المركزية في الأقاليم ( الولاة مثلا صلاحية ممارسة جزء من الرقابة على أعمال الهيئات اللامركزية ( البلديات ) . بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تمارس الهيئات اللامركزية وصاية إدارية على هيئات لامركزية أخرى أقل أهمية منها ( مثال : رقابة الولاية على البلدية )[49].

الفرع الثالث

 صور اللامركزية الإدارية

يأخذ النظام اللامركزي صورتين أساسيتين تتمثل في اللامركزية الإقليمية (المحلية ) واللامركزية المرفقية ( المصلحية ) .

أولا : اللامركزية الإقليمية

تتمثل هذه الصورة من النظام اللامركزي في استقلال جزء من إقليم الدولة في تسيير شؤونه المختلفة و إشباع حاجات أفراده . و من أهم الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ مثل هذا الاسلوب الإداري عجز السلطات الإدارية المركزية على القيام بكل صغيرة و كبيرة في مختلف أجزاء الإقليم ، و تميز كل منطقة من إقليم الدولة بمميزاتها الخاصة[50].

يقتضي هذا الأسلوب الاعتراف بالشخصية المعنوية لجماعات إقليمية بالدولة تتوفر على أجهزة منتخبة من قبل مواطنين يسكنون إقليم هذه الجماعات. يتميز هذا النوع من اللامركزية بتوفر مصالح محلية بالإضافة إلى وجود سلطات محلية منتخبة. أما بالنسبة لمجال عمل الأشخاص العامة فهو أكثر اتساعا في اللامركزية الإقليمية على اعتبار أن الجماعات الإقليمية يعترف لها بصلاحيات تتعدى إطار المرفق العام[51].

ثانيا : اللامركزية المرفقية

تتمثل هذه الصورة من النظام اللامركزي منح مرفق عام معين ) الصحة ، التعليم ، النقل السياحة ... الشخصية المعنوية ليصبح مستقلا عن السلطة المركزية في أداء وظيفته و نشاطه . و ترتكز اللامركزية المرفقية على الاختصاص الموضوعي و الوظيفي دون الأخذ بعين الاعتبار المجال الإقليمي الذي يمارس فيه ذلك النشاط سواء كان وطنيا أو محليا[52].

ظهرت هذه الصورة من اللامركزية الإدارية حديثا على إثر تدخل الدولة المعاصرة و اقتحامها للعديد من النشاطات والمجالات التي كانت حكرا على الأفراد حيث تحجم الدولة عن ممارستها و ذلك بغرض النهوض بوظائفها الجديدة والمتزايدة بتزايد التقدم الحضاري الذي واكبه تزايد رغبات الأفراد الأمر الذي أدى إلى كثرة المشاريع والمرافق العامة ، وظهرت معه الحاجة إلى منح بعض هذه المرافق والمشاريع الشخصية المعنوية لتستقل في إدارة شؤونها عن الدولة و بعيدا عن التعقيدات الإدارية، على أن تبقى خاضعة لإشراف ورقابة السلطة المركزية[53].

الفرع الرابع

 تمييز اللامركزية الإدارية عن بعض النظم المشابهة

قد يثور التباس بين اللامركزية الإدارية و بعض النظم المشابهة لها، سيما منها عدم التركيز الإداري و اللامركزية السياسية (الفدرالية) ، مما يقتضي ضرورة التمييز بينهما وفق ما يلي :

 أولا: اللامركزية الإدارية وعدم التركيز الإداري

 قد يصعب التمييز بين اللامركزية الإدارية وعدم التركيز الإداري خاصة إذا علمنا أن كل منهما يعد أسلوب من أساليب ممارسة الوظيفة الإدارية مما يقتضي تحديد أوجه الاختلاف بينهما :

- ينتمي كل من المفهومين إلى أسلوب مختلف من أساليب التنظيم الإداري . فعدم التركيز الإداري هو عبارة عن صورة من صور نظام المركزية الإدارية الذي يخول بمقتضاها للهيئات الإدارية غير الممركزة اتخاذ قرارات وفق الأوامر والصلاحيات المحددة من طرف السلطة المركزية، على أن تبقى السلطات غير الممركزة خاضعة للسلطة المركزية وفق نظام السلم الإداري[54].

 - إن الاستقلال الذي يتمتع به ممثلو السلطة المركزية في نظام عدم التركيز الإداري الذي يمكنهم من القيام بأعمال إدارية و اتخاذ قرارات دون الرجوع إليها هو عبارة عن استقلال عارض ( شكلي ) على اعتبار أن هؤلاء يمارسون مهامهم وفق مقتضيات السلطة الرئاسية أي تحت الإشراف والرقابة الكلية و المباشرة لأعضاء السلطة المركزية ( الوزراء ) .

بينما استقلال الهيئات المحلية أو المصلحية يعتبر استقلال أصيل مفروض على السلطة المركزية بموجب نصوص تشريعية لا تستطيع أن تنقص منه أو تفرض خضوع أو تبعية الهيئة المحلية لها حيث يعتبر أحد الأركان الذي يقوم عليه نظام اللامركزية الإدارية . كما أن مسيري الهيئات المحلية لا يرتبطون برابطة التبعية للسلطة المركزية كما هو عليه في عدم التركيز الإداري ، بل يخضعون للرقابة الوصائية أو ما يسمى (الوصاية الإدارية ( من طرف السلطة المركزية[55].

هذا الهامش من الاستقلال يسمح للسلطات اللامركزية باتخاذ قرارات باسم ولصالح الجماعات الإقليمية[56].

- وإذا أخذنا بالمفهوم الشامل و العام لأسلوب عدم التركيز الإداري الذي يقضي بأن يقوم الرئيس الإداري بنقل سلطة اتخاذ القرار و الفصل النهائي في جزء من اختصاصاته إلى نوابه و مرؤوسيه دون الرجوع إليه بغرض التخفيف من حدة التركيز في السلطة الإدارية و تجنب مساوئه ، فهذا النظام وبهذه الصورة يمكن تطبيقه كذلك حتى في أسلوب اللامركزية الإدارية سواء الإقليمية منها أو المرفقية و لا يقتصر الأخذ به على المركزية الإدارية ، كما لا يمكن اعتباره صورة خاصة بها فقط[57].

و ما يؤكد ذلك بوضوح هو أنه كما يمكن للوزير مثلا بالعاصمة باعتباره الرئيس الإداري الأعلى أن يأخذ بأسلوب عدم التركيز الإداري الداخلي أو الخارجي ، فوالي الولاية مثلا في التشريع الجزائري يتمتع بالصفتين المركزية واللامركزية إي أنه يمثل الأسلوبين معا في الوقت نفسه .

فهو يمارس بعض الاختصاصات المفوضة له من طرف رئيسه الإداري و هو وزير الداخلية و يمثل بهذه الصفة اسلوب عدم التركيز الإداري الخارجي الذي يعتبر أحد صور المركزية الإدارية . و من جهة ثانية فهو يعتبر كممثل قانوني لأحد الهيئات الإدارية العامة المحلية المستقلة التي تتمتع بالشخصية المعنوية و التي تعتبر أحد الأركان الأساسية لنظام اللامركزية الإدارية و هي الولاية.

حيث يمكن له بهذه الصفة (كممثل قانوني للولاية ) الأخذ بأسلوب عدم التركيز الإداري الداخلي من خلال منح سلطة اتخاذ القرار دون الرجوع إليه بخصوص جزء من اختصاصاته إلى الأمين العام للولاية أو بعض المدراء الولائيين مثلا بغرض التخفيف من حدة تركيز السلطات و الاختصاصات الممنوحة له من طرف المشرع ( قانون الولاية ).

و لا يقصد بذلك السلطات و الاختصاصات الممنوحة له من طرف وزير الداخلية باعتباره ممثلا له و الذي لا يمكن له تفويضها مرة ثانية على اساس أنها عبارة عن تفويض اختصاص وتشكل صورة من صور عدم التركيز الإداري الخارجي .

كما يمكن له ( والي الولاية) باعتباره ممثل قانوني للولاية أن يأخذ بأسلوب عدم التركيز الإداري الخارجي من خلال تفويض سلطة اتخاذ قرارات نهائية دون الرجوع إليه في بعض اختصاصاته الممنوحة له من طرف المشرع ( قانون الولاية ) لممثليه على مستوى الأقاليم و هو ما يتجسد في نظام الدوائر و الأمر نفسه في نظام الفروع البلدية بالنسبة لرئيس المجلس الشعبي البلدي .

بالإضافة إلى ما تقدم، يمكن تطبيق أسلوب عدم التركيز الإداري في نظام اللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية . حيث يمكن لمدير أو رئيس مجلس إدارة مؤسسة إدارية مرفقية تتمتع بالشخصية المعنوية أن يخفف من تركيز السلطات و الاختصاصات الممنوحة له بموجب التشريع من خلال توزيع البعض منها على نائبه أو مديري الإدارات المختلفة على مستوى الإدارة العامة للمؤسسة و هو ما يطلق عليه بأسلوب عدم التركيز الإداري الداخلي .كما يمكن له اتخاذ اسلوب عدم التركيز الإداري الخارجي في حالة وجود فروع لهذه المؤسسة[58].

ثانيا : اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية ( النظام الفدرالي )

تنقسم الدول من حيث التكوين إلى دولة بسيطة وة دولة مركبة. فالدولة البسيطة تمارس فيها خصائص السيادة سلطة واحدة في العاصمة ، فيكون فيها سلطة واحدة لكل من التشريع و التنفيذ و القضاء سواء تبنت النظام المركزي أو اللامركزي في ممارسو مقتضيات الوظيفة العامة.

أما الدولة المركبة فهي التي تتكون من عدة دويلات ( أو ولايات ) كالولايات المتحدة الأمريكية تتوزع مظاهر السيادة فيها بين الحكومة الاتحادية ( المركزية ) و بين الولايات ، فتكون فيها سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية اتحادية تمارس اختصاصاتها على كافة أرجاء إقليم الدولة الاتحادية ، و يقابلها سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية في الدويلات المشكلة لها بالإضافة إلى دستور خاص بكل دويلة و هو ما يطلق عليه باللامركزية السياسية[59].

و يقصد باللامركزية السياسية توزيع الوظيفة السياسية في الدولة على سلطات عامة اتحادية و أخرى محلية خاصة بكل ولاية أو دويلة على حده . حيث يجد هذا النظام تطبيقا له في الدول المركبة دون الدول البسيطة ، على العكس من ذلك بالنسبة لللامركزية الإدارية الذي يقصد بها توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة الإدارية المركزية و بين هيئات مستقلة، إقليمية أو مرفقية تباشر اختصاصاتها تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية ، و يمكن تطبيقها في جميع الدول و بمختلف اشكالها، سواء البسيطة منها أو المركبة[60].

كما أن توزيع الصلاحيات بين الدولة الاتحادية ( المركزية ) و الدويلات المشكلة لها ( الدول الأعضاء ) يتم عن طريق الدستور الاتحادي ، بينما يتم توزيع الصلاحيات في نظام اللامركزية الإدارية بين الإدارة المركزية والهيئات الإدارية المحلية بموجب قانون الإدارة المحلية ( قانون الولاية و البلدية )[61].

الفرع الخامس

 تقدير اللامركزية الإدارية

إن ظهور نظام اللامركزية الإدارية يستند إلى العديد من المزايا و المبررات ، غير أنه لم يسلم هو الآخر من النقد أو العيوب تتمثل أهمها فيما يلي :

أولا : مزايا اللامركزية الإدارية

- اللامركزية الإدارية لا تهدد الوحدة الترابية للدولة وجهازها الإداري . فإذا كان هذا النظام يؤدي إلى تعدد الأشخاص المعنوية العامة خاصة الإقليمية منها و استقلالها عن الدولة ، فإن ذلك لا يعني استقلالها بالمفهوم السياسي الذي يؤدي إلى انفصالها التام عن إقليم الدولة بل يقصد به استقلال هذه الأشخاص في تسيير شؤونها الإدارية المحلية بنفسها . و هذا الأمر لا يتعارض مع وحدة الجهاز الإداري في الدولة، على اعتبار أن هذه الأشخاص لا تتمتع باستقلال مطلق في هذا المجال، بل تبقى خاضعة لنوع من الرقابة الإدارية تمارسها السلطة المركزية عليها و المتمثلة في الوصاية الإدارية و التي تهدف إلى تحقيق الى وحدة النظام الإداري و حماية المصلحة العامة[62].

- فإذا كانت الديمقراطية السياسية تهدف إلى مباشرة الشعب لشؤون الحكم وتبعاته بنفسه عن طريق العملية الانتخابية، فإن اللامركزية الإدارية ترمي إلى تسيير الشعب لشؤونه المحلية الإدارية بنفسه من خلال مجالس يشترك سكان الهيئات الإدارية المحلية في تشكيلها عن طريق الانتخاب[63].

و بهذه الصورة تعتبر اللامركزية الإدارية مدرسة للديمقراطية على اعتبار أنها تعمل على تدريب سكان الهيئات المحلية على ممارسة العملية الانتخابية ( الترشح و الانتخاب ) و تعلمهم كيفية اختيار أفضل العناصر التي تصلح لإدارة المرافق والشؤون المحلية للإقليم ، كما تمكنهم من اكتساب الخبرة في ممارسة الشؤون العامة[64].

بناء على ما سبق نخلص إلى القول بأن اللامركزية الإدارية

- يؤدي نظام اللامركزية الإدارية إلى تقريب الإدارة من المواطن والقضاء على الروتين و البطء في أنجاز الأعمال الإدارية المترتبة عن تبني نظام المركزية الإدارية من خلال صدور القرارات المتعلقة بالمصالح المحلية من هيئات لامركزية قريبة و سرعة الاستجابة إلى تحقيق كل ما يتطلبه حسن سير المرافق العامة[65].

- يؤدي نظام اللامركزية الإدارية إلى تخفيف العبء عن الإدارة المركزية الناتج عن ازدياد اقتحام الدولة المعاصرة للعديد من المجالات الجديدة كالمجال الاقتصادي و الصناعي، و ذلك من خلال منح بعض الهيئات اللامركزية صلاحية إدارة بعض المرافق و المصالح المحلية لتفرغ الإدارة المركزية للقضايا ذات البعد الوطني .

كما يؤدي نظلم اللامركزية الإدارية إلى تحسين وجودة العمل الإداري نظرا لإدارة و تسيير الشؤون المحلية من طرف أشخاص لهم مصالح مباشرة وحقيقية في ذلك ، الأمر الذي يدفعهم إلى الاهتمام أكثر والحرص الكبير على تلبية الاحتياجات المحلية للمواطنين بالإضافة إلى تحسين الأداء في تسيير مختلف المرافق أو المؤسسات العامة[66].

- اللامركزية الإدارية أقدر على مواجهة الأزمات و وتخطي الكوارث ، فإذا ما حل بالجهاز الإداري بالعاصمة خلل أو اضطراب نتيجة لظروف معينة فغن ذلك سيؤدي إلى شلل الأجهزة الإدارية في كامل إقليم الدولة في حالة تبني نظام المركزية الإدارية . بينما العكس من ذلك في نظام اللامركزية الإدارية حيث تستطيع الهيئات الإدارية الإقليمية أن تصمد بمفردها لفترة معينة و تتحدى هذه الأزمات و تتخطى تلك الكوارث عن طريق مواردها الذاتية نظرا لما تتمتع به هذه الهيئات من استقلال في ممارسة وتسيير شؤنها المحلية.[67]

- يجسد أسلوب اللامركزية الإدارية مبادئ الديمقراطية على مستوى الإدارة ، على اعتبار أنه يهدف إلى إشراك الشعب في اتخاذ القرارات وإدارة المرافق العامة المحلية، كما يحقق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب و توفير الخدمات في كل أرجاء إقليم الدولة ، على عكس المركزية الإدارية حيث تحظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية أكبر على حساب المدن و الأقاليم الأخرى[68].

 

 

 ثانيا : عيوب اللامركزية الإدارية

يرى البعض أن تطبيق اللامركزية الإدارية من شأنه أن يؤدي إلى المساس بوحدة الدولة و تشتيت الوظيفة الإدارية من خلال توزيعها بين السلطة المركزية من جهة و الأشخاص المحلية أو المرفقية المستقلة من جهة ثانية. غير أن هذا الراي تم انتقاده على أساس أن استقلال الهيئات الإدارية المحلية لا يعني استقلالها سياسيا أي انفصالها بشكل نهائي عن إقليم الدولة بل تستقل بممارسة الشؤون الإدارية الإقليمية أو المصلحية فقط و تحت إشراف و رقابة السلطة المركزية ، على أن تترك ممارسة الشؤون الإدارية ذات الطابع الوطني للسلطة المركزية مما يحول دون المساس بالوحدة الترابية للدولة أو خروج هذه الهيئات في ممارسة وظيفتها عن الحدود المرسومة لها من قبل السلطة المركزية[69].

- كما انتقدت اللامركزية الإدارية على أساس أنها تحتاج إلى نفقات كبيرة تثقل كاهل خزينة الدولة ، و أن الهيئات الإدارية اللامركزية تفتقر إلى الخبرة لإدارة المشروعات و المرافق العامة مقارنة بالإدارة المركزية، بالإضافة إلى ذلك يعاب على اللامركزية الإدارية أنها تهتم بالمرافق المحلية على حساب المرافق الوطنية ، و قد تتسبب في نشوب نزاعات بين الوحدات الإدارية المحلية و بين الإدارة المركزية أو بين بعضها البعض .

غير أن هذه الانتقادات تم نفيها على أساس أن الهيئات اللامركزية لا تثقل كاهل خزينة الدولة على اعتبار أن معظم نفقاتها تحصل عليها من الضرائب والرسوم المحلية التي تفرضها على سكان الإقليم و تتحصل على الباقي من خزينة الدولة . كما أن القول بافتقار الهيئات اللامركزية إلى الخبرة فذلك أمر طبيعي بالنسبة لهذه الهيئات سيما في بداية تطبيق اللامركزية لكن هذا الأمر يمكن تداركه عن طريق تقديم المساعدة الفنية من السلطة المركزية لهذه الهيئات حتى تكتسب قدر معقول من الخبرة في تسيير شؤونها الإدارية . أما بالنسبة للنزاعات التي قد تتسبب فيها الهيئات اللامركزية، فيمكن التغلب عليها بتدخل السلطة المركزية بتقديم نصائح و توجهات لحل هذه النزاعات أو اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة للفصل فيها[70].

و مما تجدر الإشارة إليه في الأخير أن معظم الدول لا تأخذ بأسلوب واحد دون الآخر في تنظيم أجهزتها الإدارية وممارسة وظائفها الإدارية بل بالأسلوبين معا حتى و إن اختلفت في ذلك من حيث المدى و الدرجة الظروف كل دولة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية و السياسية . فتأخذ الدول بالمركزية الإدارية لتسيير المرافق العامة الوطنية التي تهم الشأن العام كمرفق الدفاع و الأمن ، وتأخذ باللامركزية الإدارية لإدارة الشؤون المحلية و المتميزة فتنشئ لذلك أشخاصا إقليمية و أخرى مرفقية نظرا لعجز الدولة على القيام بذلك لاتساع وظائفها و تعدد مجالات تدخلها في الوقت الراهن[71].

- و يؤخذ على اللامركزية الإدارية على أن هذا الأسلوب قد يؤدي إلى حرص المنتخبون المحليون على إعادة انتخابهم أكثر من حرصهم على خدمة شؤنهم المحلية ذات المنفعة العامة كما قد يؤدي في بعض الأحيان عدم توفر عناصر ذات كفاءة في التسيير على المستوى المحلي إلى حدوث أخطاء عديدة في اتخاذ القرارات[72].

الفصل الثالث



[1] سليمان محمد العلماوي ، مبادئ القانون الإداري المرجع السابق ص : .105

 

[2] بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 148 .

[3] عمار عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 119 .

[4] هاني علي الطهراوي، القانون الإداري ، المرجع السابق ، ص 132 .

[5] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري ، المرجع السابق ، ص 152 .

[6] مجدي مدحت النهري، مبادئ القانون الإداري المرجع السابق، ص 108 .

[7] ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ و أحكام القانون الإداري، المرجع السابق، ص ص : 154-153

[8] عمار ہو . الوجيز في القانون الإداري المرجع السابق، ص ص 154-155

 

[9] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع نفسه، ص 157 .

[10] ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ و أحكام القانون الإداري المرجع السابق، ص 3

[11] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري المرجع السابق، ص 107 .

[12] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري ، المرجع السابق ص 162 .

[13] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري المرجع السابق، ص 108.

[14] ماني علي الطهراوي، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 135

[15] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري ، المرجع السابق، ص 164 .

[16] الصغير بعلي ، القانون الإداري المرجع السابق ص .57

 

[17] عبد الغني بسيوني ، القانون الإداري، المرجع السابق، ص186.

[18] ماني علي الطهراوي ، القانون الإداري المرجع السابق ص 139

[19] سليمان محمد العلماوي ، مبادئ القانون الإداري، المرجع السابق، ص 144

[20] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ وأحكام القانون الإداري المرجع السابق ص ص 165-166 .

[21] عبد الغني بسيوني عبد الله القانون الإداري، المرجع نفسه، ص 187 .

[22] سليمان محمد العماوي ، مبادئ القانون الإداري، المرجع السابق ص ص 142-143

[23] عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 192.

[24] عبد الغني بسيوني عبد الله القانون الإداري، المرجع نفسه، ص ص 193-194

[25] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري، المرجع السابق، ص ص 171-170

[26] عمار ب الوجيز في القانون الإداري المرجع السابق ص 160 .

[27] محمد الصغير بعلي القانون الإداري، المرجع السابق ص 59 .

[28] ماني علي الطهراوي، القانون الإداري ، المرجع السابق، ص 141

[29] عمار بوضياف الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 161 .

[30] محمد الصغير بعلي القانون الإداري المرجع السابق ص 60 .

[31] عبد العزيز بن محمد الصغير ، القانون الإداري بين التشريع المصري و السعودي، المركز القومي للاصدارات القانونية ، القاهرة الطبعة الأولى ، 2015، ص 67 .

[32] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري، المرجع السابق، ص 151 .

[33] عبد الغني بسيوني عبد الله، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 137.

 

[34] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري المرجع السابق، ص 152

[35] محمد الصغير بعلي القانون الإداري، المرجع السابق، ص 64 .

[36] محمد الصغير بعلي ، القانون الإداري المرجع نفسه، ص 67 .

[37] سليمان محمد الطماوي، مبادئ القانون الإداري، المرجع السابق ص 157 .

[38] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري ، المرجع السابق ، ص215 .

[39] القانون رقم 843-11 المؤرخ في 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة ، المعدل والمتمم بالأمر رقم 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 ، و الموافق بالقانون رقم 05-09 المؤرخ 04 مايو 2005 ، العدد 43، الصادر في 22 يونيو 2005.

[40] - تنص المادة 81 من القانون رقم 84-11 المعدل و المتمم على : ( من كان فاقد الأهلية أو ناقصها لصغر السن أو جنون أو عنه أو سفه ينوب عنه قانونا ولي أو وسي أو مقدم طبقا لأحكام هذا القانون )

[41] ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ و أحكام القانون الإداري ، المرجع السابق، ص 215 . عمار بوضياف الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 169

 

[42] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع نفسه، ص 170

[43] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري، المرجع السابق ، ص 227 و ما بعده .

[44] عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري ، المرجع السابق، ص 171 .

[45] هاني علي الطهراوي، القانون الإداري، المرجع السابق ، ص 150

 

[46] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري، المرجع السابق ص 189 .

[47] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 172 .

[48] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري المرجع السابق ص 192.

[49] سليمان محمد الطماوي ، مبادئ القانون الإداري ، المرجع نفسه ،ص 193 .

[50] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 173 .

[51] Virginie Donier, Droit des collectivités territoriales, Dalloz,cedex, paris, France, 1" édition, 2014,p13.

[52] محمد الصغير بعلي القانون الإداري، المرجع السابق ص 79.

[53] عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 150 .

[54] Virginie Donier, Droit des collectivités territoriales, op cit, p14 .

[55] عمار بوضياف الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق ، ص ص 162-163

[56] Virginie Donier, Droit des collectivités territoriales, op cit,p15.

[57] عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 182 .

 

[58] عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، المرجع السابق ص 183.

[59] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري، المرجع السابق، ص 195.

[60] ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ و أحكام القانون الإداري، المرجع السابق، ص 233 .

[61] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 164 .

 

[62] عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري المرجع السابق ، ص 236 .

[63] ماني علي الطهراوي، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 158 .

[64] الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري، المرجع السابق ص 152 .

[65] سليمان محمد العماوي، مبادئ القانون الإداري المرجع السابق ص: 198.

[66] محمد الصغير بعلي القانون الإداري، المرجع السابق ص 82 .

[67] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري المرجع السابق، ص 237 .

[68] عبد العزيز بن محمد الصغير المرجع السابق، ص ص 72-73

 

[69] ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ و أحكام القانون الإداري ، المرجع السابق، ص 238 .

[70] عبد الغني بسيوني عبد الله ، القانون الإداري ، المرجع السابق ص ص 153-154

[71] ابراهيم عبد العزيز شيحا، مبادئ و أحكام القانون الإداري ، المرجع نفسه، ص 239 .

[72] اللامركزية في القانون الجزائري، متواجد في :

http://droit7.blogspot.com/2013/10/blog-post 2938.html

تاريخ التصفح : 2020/01/06 على الساعة 20سا 45 د.

 


Modifié le: vendredi 19 janvier 2024, 20:25