المبحث الأول
المبحث الأول
الإدارة المركزية في الجزائر
يقصد بالإدارة المركزية تلك الأجهزة الإدارية على اختلاف مهامها و صلاحياتها و تنظیمها المتواجدة في قمة الهرم الإداري في الدولة و بالتحديد في العاصمة . حيث تتركز دراستنا هذه على أهم هذه الهياكل والمتمثلة في رئاسة الجمهورية ، الحكومة والهيئات الوطنية الاستشارية.
المطلب الأول
رئاسة الجمهورية
باعتبار رئاسة الجمهورية مؤسسة دستورية يتطلب الأمر تحديد كيفية تولي المهام بهذه المؤسسة و تحديد أهم المهام والصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية ثم بيان طرق انتهاء مهامه بها وفق ما ينص عليه القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري .
الفرع الأول
كيفية تولي مهام رئاسة الجمهورية
يتولى رئيس الجمهورية مهامه عن طريق الاقتراع السري و المباشر . و بما أن الأمر كذلك يجب تحديد شروط الترشح لرئاسة الجمهورية . حيث تتفرع إلى شروط موضوعية و أخرى شكلية .
أولا : الشروط الموضوعية للترشح لرئاسة الجمهورية
تم تحديد هذه الشروط بموجب المادة 87 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري وتتمثل فيما يلي :
- لم يتجنس بجنسية أجنبية
- يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط ، و يثبت الجنسية الجزائرية الأصلية للأب والأم.
- يدين بالإسلام - يكون عمره أربعين (40) سنة كاملة يوم الانتخاب - يتمتع بكامل حقوقه المدنية و السياسية - يثبت أن زوجه يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية فقط.
- يثبت إقامة دائمة بالجزائر دون سواها لمدة عشر ( 10 ) سنوات على الاقل قبل إيداع الترشح.
- يثبت مشاركته في ثورة أول نوفمبر 1954 إذا كان مولودا قبل يوليو 1942 يثبت عدم تورط أبويه في أعمال ضد ثورة أول نوفمبر 1954 إذا كان مولودا بعد يوليو 1942
- يقدم التصريح العلني بممتلكاته العقارية و المنقولة داخل الوطن وخارجه.
ثانيا : الشروط الشكلية للترشح لرئاسة الجمهورية
بالإضافة إلى الشروط المنصوص عليها بموجب المادة 87 من القانون 16-01 ، أضاف المشرع الجزائري بموجب المادة 139 و 142 / 1 من القانون العضوي رقم 19-08[1] المعدل و المتمم للقانون رقم 16-10- المتعلق بنظام الانتخابات شروط أخرى يجب توفرها في المترشح لرئاسة الجمهورية تتمثل فيما يلي :
- تقديم قائمة تتضمن خمسين الف (50000) توقيع فردي على الأقل لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية ، على أن تجمع عبر 25 ولاية على الاقل ، و ينبغي أن لا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن 1200 توقيع[2].
- إيداع تصريح بالترشح لرئاسة الجمهورية من قبل المترشح شخصيا لدى رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات[3] مقابل تسليم وصل ، يتضمن هذا التصريح اسم المعني و لقبه و توقیعه و مهنته و عنوانه . و يجب أن يرفق هذا التصريح بملف يتضمن عدة وثائق[4].
و ما تجدر الإشارة إليه أن المشرع الجزائري قد خفف من الشرط المتعلق بالتوقيعات مقارنة بما كان عليه القانون العضوي 16-10- المعدل والمتمم المتعلق بالانتخابات حيث قلص عدد التوقيعات المطلوبة إلى 50000 للناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية و ألغى توقيعات المنتخبين، كما أضاف شرط حيازة المترشح لشهادة جامعية أو ما يعادلها . و حسنا ما فعل المشرع لأن هذا يدخل ضمن تخفيف إجراءات الترشح و رفع مستوى المترشحين لرئاسة الجمهورية.
ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري والمباشر يتم التصويت على مترشح واحد في الدور الأول ، فإذا فاز أحد المترشحين بالأغلبية المطلقة يعلن مباشرة رئيسا للجمهورية[5]، و في حالة لم يفز أي من المترشحين بالأغلبية المطلقة ، يرتب كل المترشحين حسب عدد الأصوات المتحصل عليها كل منهم و يجرى دور ثاني بين المترشح الأول و الثاني و يعلن فائزا من يحصل على أكبر عدد من الأصوات المعبر عنها[6].
يتم إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية من طرف المجلس الدستوري في مدة أقصاها عشرة ( 10 ) أيام من تاريخ استلام محاضر اللجان الانتخابية[7]. يؤدي بعدها رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية أمام الشعب بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة خلال الاسبوع الموالي لانتخابه ليباشر على إثرها مهامه حيث تقدر العهدة الرئاسية بخمس (5) سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة[8].
الفرع الثاني
صلاحيات رئيس الجمهورية ذات طبيعة إدارية
بالرجوع إلى التعديل الدستوري لسنة 2016 نخلص إلى القول بأن رئيس الجمهورية يتمتع بجملة من السلطات في المجال الإداري يمكن حصرها في ثلاث مجالات : سلطة التعيين ، سلطة التنظيم ، سلطة المحافظة على أمن الدولة.
أولا : سلطة التعيين
يتولى رئيس الجمهورية سلطته في التعين بموجب التعديل الدستوري 2016 ، حيث اعترف له هذا الأخير بسلطة تعيين الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية و ينهي مهامه، كما يعين في الوظائف المدنية والعسكرية في الدولة و التعيينات التي تتم في مجلس الوزراء و الرئيس الأول للمحكمة العليا و رئيس مجلس الدولة ، و الأمين العام للحكومة ، و محافظ بنك الجزائر و القضاة و مسؤولي أجهزة الأمن و الولاة . كما يعين في الوظائف والمهام المنصوص عليها في الدستور (5) ، و هي كثيرة نذكر منها على وجه الخصوص :
تعيين أربعة أعضاء في المجلس الدستوري من بينهم رئيس المجلس و نائبه[9]، و تعيين أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى[10] و رئيس المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات[11].
ثانيا : السلطة التنظيمية
يقصد بالسلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية صلاحية هذا الأخير في إصدار قرارات ذات طابع تنظيمي في شكل مراسيم رئاسية[12]. وحرصا منه على عدم تعارض الصلاحيات بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية ، أكد المؤسس الدستوري على أن رئيس الجمهورية يمارس السلطة التنظيمية في المسائل غير المخصصة للقانون[13] و التي تعد من اختصاص البرلمان و المحددة بموجب المواد 140 و 141 من القانون 16-2001 المتضمن التعديل الدستوري 2016 غير أنه في بعض الحالات يتمتع رئيس الجمهورية باعتباره رئيس السلطة التنفيذية بسلطة التشريع بأوامر و هو ما يطلق عليه فقها بتشريع الضرورة و يرجع تقدير حالة الضرورة لرئيس الجمهورية نظرا لصعوبة معرفتها مسبقا[14]. وتتمثل هذه الحالات فيما يلي :
- المسائل العاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطل البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة[15]، علما أن البرلمان و بموجب المادة 135 من التعديل الدستوري لسنة 2016 يجتمع في دورة واحدة كل سنة مدتها 10 أشهر على الأقل تبدا من اليوم الثاني من ايام العمل من شهر سبتمبر، كما يكون لرئيس الجمهورية بموجب المادة 135 من التعديل الدستوري لسنة 2016 حل المجلس الشعبي الوطني ووضعه في حالة شغور .
فإذا حدث و أن طرأت مثل هذه الحالات و استوجب الأمر سن تشريع من أجل تنظيم مسألة معينة يكون لرئيس الجمهورية التدخل لسن تشريع على شكل أمر يعرض على البرلمان عند انعقاده في أول جلسة للمصادقة عليه[16].
- في حالة عدم مصادقة البرلمان على قانون المالية في المدة التي حددها الدستور و المقدرة ب 75 يوما ، يكون لرئيس الجمهورية إصدار هذا القانون في شكل أمر[17].
- الحالة الاستثنائية التي تتقرر عند وجود خطر داهم يهدد الدولة و مؤسساتها الدستورية و يمس استقلالها وسلامة ترابها ، يكون حينئذ لرئيس الجمهورية في هذه الحالة إصدار أمر يقرر من خلاله الحالة الاستثنائية وفق الإجراءات المنصوص عليها دستوريا[18].
ثالثا : سلطة المحافظة على أمن الدولة وسلامتها
من أجل المحافظة على كيان الدولة وسلامتها داخليا وخارجيا ، أوكل المؤسس الدستوري لرئيس الجمهورية تقرير مجموعة من الحالات تتمثل في حالة الطوارئ و حالة الحصار و الحالة الاستثنائية وحالة الحرب وكل ذلك وفق الإجراءات المنصوص عليها دستوريا[19].
الفرع الثالث
كيفية انتهاء مهام رئيس الجمهورية
تنتهي مهام رئيس الجمهورية بانتهاء مدة انتخابه والمقدرة بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة أو بوفاته أو باستقالته . وتأخذ الاستقالة شكلين اساسيين هما :
أولا : الاستقالة الوجوبية
يتقرر هذا النوع من الاستقالة في حالة حصول مانع يتمثل في المرض الخطير المزمن يترتب عنه استحالة قيام رئيس الجمهورية بمهامه لمدة تزيد عن 45 يوما ، فيجتمع حينها المجلس الدستوري وجوبا ليتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة ثم يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع . يعلن البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي ( 3/2 أعضائه ويكلف رئيس مجلس الأمة بتولي رئاسة الدولة بالنيابة لمدة اقصاها خمس و اربعون ( 45 ) يوما . و في حالة استمرار المانع بعد انقضاء هذه المدة يعلن الشغور بالاستقالة وجوبا[20].
ثانيا : الاستقالة الإرادية
يمكن لرئيس الجمهورية أن يقدم استقالته لأي سبب يراه و يقدره شخصيا[21]، و إذا حدث و أن حصل هذا الأمر كما هو الحال بالنسبة لوفاته ، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا و يثبت حالة الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية ، وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي للبرلمان الذي يجتمع وجوبا . يتولى حينها رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها تسعون (90) يوما تنظم خلالها انتخابات رئاسية . و في حالة ما إذا اقترنت استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشغور منصب رئيس مجلس الأمة لأي سبب كان ، يتولى رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة وفق الشروط والإجراءات المنصوص عليها دستوريا[22].
المطلب الثاني
الحكومة
تمثل الحكومة الجهاز التنفيذي في الدولة و تتكون من الوزير الأول و الوزراء .
الفرع الأول
الوزير الأول
أخذت الجزائر بنظام الوزير الأول بموجب القانون 08-19- المؤرخ في 15 نوفمبر 2008 المتضمن التعديل الدستوري بعد أن تم استحداث منصب رئيس الحكومة في النظام الدستوري الجزائري لأول مرة اثناء التعديل الدستوري لسنة 1988 ، و تم تكريسه في دستور 1989 و ثبت في دستور 1996[23]. ليصبح بذلك الرجل الثاني في السلطة التنفيذية بعد رئيس الجمهورية يتمتع بالعديد من الوظائف والصلاحيات . ذلك ما سنتطرق له بإيجاز إضافة إلى بيان كيفية توليه المهام و انتهائها .
أولا : كيفية تعيين الوزير الأول وانتهاء مهامه
يتم تعيين الوزير الأول من طرف رئيس الجمهورية بموجب مرسوم رئاسي بعد استشارة الأغلبية البرلمانية[24]. لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن المؤسس الدستوري لم يحدد الشروط الواجب توفرها لتقلد هذا المنصب على غرار منصب رئيس الجمهورية، سواء الشخصية منها كالمستوى الثقافي ، السن أو السياسية كأن يكون من المنتخبين أو من الأغلبية البرلمانية .... إلخ حيث ترك مطلق الحرية في ذلك إلى السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية الذي لا يجوز له بأي حال من الأحوال تفويض سلطته في تعيين الوزير الأول لأي شخص كان[25].
أما بالنسبة لانتهاء مهام الوزير الأول فتكون بموجب مرسوم رئاسي صادر عن رئيس الجمهورية[26]. أو عن طريق الاستقالة سواء كانت إرادية لأي سبب يراه مناسبا لذلك[27] أو وجوبية أي بقوة القانون في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة[28] أو في . حالة عدم الموافقة على لائحة الثقة المقدمة أمام المجلس الشعبي الوطني[29] أو في حالة ترشح الوزير الأول لمنصب رئيس الجمهورية[30].
ثانيا : صلاحيات الوزير الأول
أقر المؤسس الدستوري الجزائري ممارسة الوزير الأول لمجموعة من السلطات والصلاحيات نذكر منها ما يلي :
- يقدم مخطط عمل الحكومة إلى المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليه ، و يقدم عرضا حول مخطط عمل الحكومة لمجلس الأمة مثل ما وافق عليه المجلس الشعبي الوطني[31].
- ينفذ و ينسق مخطط العمل الذي صادق عليه المجلس الشعبي الوطني[32]
- يوزع الصلاحيات بين أعضاء الحكومة مع احترام الأحكام الدستورية
- يسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات - يراس اجتماعات الحكومة
- يوقع المراسيم التنفيذية
- يعين في وظائف الدولة بعد موافقة رئيس الجمهورية - يسهر على حسن سير الإدارة العمومية[33]
الفرع الثاني
الوزراء
تتشكل الحكومة من مجموعة من الوزراء. حيث سنتطرق إلى كيفية تولي الهام و انتهائها بالنسبة للوزراء ، و تحديد أهم صلاحياتهم بالتركيز على تلك التي لها علاقة بالمجال الإداري ثم نبين أهم الأجهزة التي يقوم عليها تنظيم الوزارة .
أولا : كيفية تولي المهام الوزارية و اتهائها
يتم تعيين اعضاء الحكومة ( الوزراء ( من طرف رئيس الجمهورية بعد استشارة الوزير الأول[34] أما بالنسبة للشروط الواجب توفرها لتقلد منصب الوزير كالمستوى الثقافي أو التخصص العلمي .. إلخ فلم تشير كل الدساتير الجزائرية إلى هذا الأمر كما هو الشأن بالنسبة للوزير الأول ، و عليه يتم إعمال الشروط العامة المألوفة من التمتع بالجنسية الجزائرية و الحقوق المدنية والسياسية و السن ... إلخ[35].
أما بالنسبة لانتهما مهام الوزراء فتكون إما بالوفاة، أو عن طريق الإقالة ، حيث يمكن الرئيس الجمهورية إقالة أحد الوزراء بموجب مرسوم رئاسي إعمالا لقاعدة توازي الأشكال . كما يمكن أن تنتهي مهام الوزير عن طريق الاستقالة ، سواء كانت إرادية يحث يمكن لأي وزير تقديم استقالته بمحض إرادته من الحكومة[36].
كما يمكن أن تكون وجوبية عند تقديم الوزير الأول استقالة حكومته لرئيس الجمهورية سواء بإرادته المنفردة[37]، أو في حالة عدم موافقة المجلس الشعبي الوطني على مخطط عمل الحكومة[38].
ثانيا : صلاحيات الوزراء ذات علاقة بالمجال الإداري
أن تحديد صلاحيات الوزير في الجزائر لا يثير أي إشكال باعتبار أن ذلك يعود للوزير الأول بموجب المادة 99 من الدستور ، حيث يتولى توزيع الصلاحيات على الوزراء بموجب مراسيم تنفيذية مباشرة بعد صدور المرسوم الرئاسي المتضمن الإعلان عن الطاقم الحكومي. و بالتركيز على الصلاحيات ذات الطابع الإداري ، و انطلاقا من أن الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى في وزارته فإنه يمارس بهذه الصفة كل مظاهر السلطة الرئاسية بكل عناصرها على جميع الموظفين في قطاعه ، مما يؤهله إلى إصدار قرارات فردية ( التعيين ، الترقية ، التأديب ... إلخ ) سواء تعلق الأمر بموظفي الوزارة أو المؤسسات التابعة لها[39]
كما يمارس الوزير وصاية إدارية على مختلف المؤسسات العامة التابعة لقطاع وزارته و التي تتمتع بالشخصية المعنوية ، كممارسة وزير التعليم العالي الوصاية على الجامعات ، وصاية وزير الداخلية على الولايات و البلديات، وصاية وزير الصحة على المؤسسات العمومية للصحة ... إلخ[40].
بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يمارس الوزير نشاطه بالاشتراك مع وزير لقطاع آخر أو مع عدة وزراء نظرا لامتداد نشاط وزارة معينة و اتصالها بنشاط وزارات أخرى مما يسمح لهم بإصدار ما يسمى بالقرار الوزاري المشترك[41].
ثالثا : تنظيم الوزارة
يقوم تنظيم الوزارة على أجهزة إدارية مركزية و مصالح خارجية اي غير ممركزة .
تتفرع الإدارة المركزية بالوزارة إلى مديريات مركزية ، و التي تنقسم بدورها إلى مديريات فرعية تتكون من مكاتب تشكل الوحدة الإدارية القاعدية في الإدارة المركزية بالوزارة . أما بالنسبة للمصالح الخارجية أو غير الممركزة للوزارة فهي تلك الأجهزة الإدارية التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية ، و الخاضعة للسلطة الرئاسية للوزير على الرغم من تواجدها خارج أجهزة الإدارة المركزية للوزارة، أي تتواجد إما في الولايات أو في جهات معينة مثل : المديريات الولائية لمختلف القطاعات ، المديريات الجهوية ... إلخ[42].
المطلب الثالث
الهيئات الوطنية الاستشارية
بالإضافة إلى الهياكل الإدارية المركزية، توجد العديد من الهيئات الإدارية المركزية ذات طابع استشاري في مختلف المجالات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية ، و نظرا لأهمية هذه الهيئات ووظيفتها الاستشارية ، سنتطرق إلى تعريفها ونبين أهم أنواعها و موضوع كل منها.
الفرع الأول
تعريف الهيئات الوطنية الاستشارية
هي عبارة عن مجموعة من أجهزة وهيئات إدارية تتكون من مجموعة من الأفراد يمثلون عادة مختلف الأطراف المعنية من سلطات ومؤسسات عامة أو خاصة ، أو تنظيمات مهنية أو حرفية أو نقابية ، تكون مجالا للحوار والتشاور وتبادل الأفكار ومناقشتها . تختص هذه الهيئات بتقديم الاستشارة للأجهزة والمؤسسات الإدارية التنفيذية (الوزارات ) حتى تتخذ قراراتها على دراية من ذوي الخبرة و أهل والاختصاص من أجل ترشيد العمل الإداري و جعله أكثر فاعلية[43].
الفرع الثاني
أنواع الهيئات الوطنية الاستشارية
أكد المؤسس الدستوري الجزائري على إنشاء مجموعة من الهيئات الوطنية الاستشارية يوضع البعض منها لدى رئيس الجمهورية والبعض الآخر لدى الحكومة . تعمل على تقديم آراء و وجهات نظر فنية ومتخصصة للسلطة التنفيذية تمكنها من الاستفادة من خدمات الأخصائيين و ذوي الخبرة في عدة مواضيع ذات علاقة بمجال عملها دون أن تكون ملزمة للجهة التي طلبت الاستشارة .
حيث تكون هذه الأخيرة اختيارية بالنسبة للإدارة أحيانا، وتكون إجبارية أحيانا أخرى عندما يلزم القانون و بنص صريح الإدارة العامة على استشارة جهة معينة قبل اتخاذ القرار تحت طائلة بطلانه تتمثل هذه الهيئات فيما يلي :
1- المجلس الإسلامي الأعلى :
ينشأ لدى رئيس الجمهورية مجلس إسلامي أعلى يتولى بالخصوص الحث على الاجتهاد في المسائل الشرعية وترقيته ، و إبداء الحكم الشرعي فيما يعرض عليه خاصة فيما يتعلق بالمسائل التي تكون موضوع خلاف فقهي ، كما يقوم برفع تقرير دوري عن نشاطه إلى رئيس الجمهورية. يتكون هذا المجلس من خمسة عشر عضوا منهم الرئيس يعينهم رئيس الجمهورية من بين الكفاءات الوطنية العليا في مختلف العلوم[44].
2- المجلس الأعلى للأمن :
هو عبارة عن هيئة وطنية استشارية يرأسها رئيس الجمهورية تقدم له آراء في كل القضايا المتعلق بالأمن الوطني . حيث تعود مسألة تنظيم المجلس و عمله لمطلق السلطة التقديرية لرئيس الجمهورية[45].
3- المجلس الوطني لحقوق الإنسان :
ينشا هذا المجلس ويوضع لدى رئيس الجمهورية . يقوم بالمراقبة و الإنذار المبكر و التقييم في مجال احترام حقوق الإنسان. كما يدرس كل حالات انتهاك حقوق الإنسان التي يعاينها أو تبلغ لديه دون المساس بصلاحيات السلطة القضائية في هذا الأمر. و يعرض نتائج تحقيقاته على السلطات الإدارية المعنية و في بعض الحالات يعرضها على الجهات القضائية المختصة.
بالإضافة إلى ذلك يقوم المجلس بأعمال التحسيس و الإعلام و الاتصال، و يبدي آراء و اقتراحات و توصيات تتعلق بترقية هذا حقوق الإنسان وحمايتها . كما يعد تقريرا سنويا يرفعه إلى رئيس الجمهورية وإلى البرلمان وإلى الوزير الأول . أما بخصوص تشكيلة هذا المجلس وكيفية تعيين أعضائه وتنظيمه وسيره فقد تمت إحالتها على التشريع[46]
و تطبيقا لهذا النص الدستوري ن صدر القانون -16-13 المؤرخ في 3 نوفمبر 2016 تشكيلة المجلس الوطني لحقوق الإنسان و كيفيات تعيين أعضائه . الجريدة الرسمية عدد 65 لسنة 2016[47]
4 - المجلس الأعلى للشباب :
هو عبارة عن هيئة استشارية توضع لدى رئيس الجمهورية يتكون من ممثلين عن الشباب و عن الحكومة و عن المؤسسات العمومية المكلفة بشؤون الشباب ، يقدم اراء و توصيات تخص المسائل المتعلقة بحاجات الشباب و تطويرها في المجال الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و الرياضي . كما يساهم في ترقية القيم الوطنية وإشاعة روح التضامن الاجتماعي في أوساط الشباب[48].
5 - الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته :
هي عبارة عن سلطة إدارية مستقلة إداريا وماليا توضع لدى رئيس الجمهورية ، تتولى اقتراح سياسة شاملة للوقاية من الفساد و تكرس مبادئ دولة الحق و القانون ، و تعكس مظاهر النزاهة والشفافية والمسؤولية في تسيير الممتلكات و الأموال العمومية و المساهمة في تطبيقها . كم ترفع هذه الهيئة تقريرا سنويا يتضمن تقييم نشاطاتها المتعلقة بالوقاية من الفساد و مكافحته و النقائص التي سجلتها في هذا المجال والتوصيات المقترحة عند الاقتضاء[49].
6 - المجلس الأعلى للغة العربية :
تم استحداث هذا المجلس لدى رئيس الجمهورية بموجب التعديل الدستوري لسنة 2016 و باعتبار اللغة العربية اللغة وطنية و الرسمية ، يكلف هذا المجلس بالعمل على ازدهارها و تعميم استعمالها في الميادين العلمية والتكنلوجية والتشجيع على الترجمة إليها لهذه الغاية.[50]
7- المجمع الجزائري للغة الأمازيغية :
باعتبار تمازيغت هي كذلك لغة وطنية ورسمية من تعمل الدولة على ترقيتها و تطويرها بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني . و قصد تحقيق ذلك أكد المؤسس الدستوري على أن ينشأ هذا المجمع و يوضع لدى رئيس الجمهورية . يكلف بتوفير الشروط اللازمة لترقية تمازيغت قصد تجسيد وضعها كلغة رسمية فيما بعد[51].
8- المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي :
يمثل هذا المجلس هيئة استشارية بالنسبة للحكومة ، و هو عبارة عن فضاء للحوار و التشاور و الاقتراح في المجالين الاقتصادي والاجتماعي . يقوم المجلس بهذه الصفة على وجه الخصوص بتوفير إطار لمشاركة المجتمع المدني في التشاور الوطني حول سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان ديمومة الحوار والتشاور بين الشركاء الاقتصاديين و الاجتماعيين الوطنيين .
بالإضافة ذلك يعمل هذا المجلس على تقييم المسائل ذات المصلحة الوطنية في المجال الاقتصادي و الاجتماعي والتربوي و التكويني و التعليم العالي ودراستها ، و يقوم بعرض توصيات و اقتراحات على الحكومة[52].
9- المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنلوجي :
يعتبر هذا المجلس بمثابة هيئة دستورية تتولى على الخصوص على ترقية البحث في مجال الاختراع التكنلوجي والعلمي، بالإضافة إلى اقتراح التدابير الكفيلة بتنمية القدرات الوطنية في مجال البحث و التطوير . كما يعمل على تقييم فعالية الأجهزة الوطنية المتخصصة في تثمين نتائج البحث لفائدة الاقتصاد الوطني ضمن إطار التنمية المستدامة ، بالإضافة إلى مهام أخرى يحددها التشريع ويرأس هذا المجلس كفاءة وطنية يعينها رئيس الجمهورية[53].
[1] القانون العضوي رقم 19-08 المؤرخ في 14 سبتمبر 2019 ، يعدل ويتمم القانون العضوي رقم 16-10 المؤرخ في 25 غشت 2016 ، المتعلق بنظام الانتخابات، ج ر العدد 55 ، الصادر في 15 سبتمبر سنة 2019 .
[2] تنص المادة 1/142 من القانون العضوي 2019 على أنه : ( فضلا عن الشروط المحددة في المادة 87 من الدستور، وكذا أحكام هذا القانون العضوي ن يجب على المترشح أن يقدم قائمة تتضمن خمسين ألف ( 50000 ) توقيع فردي على الأقل ، لناخبين مسجلين في قائمة انتخابية ويجب أن تجمع عبر 25 ولاية على الأقل وينبغي ألا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن 1200 توقيع.
[3] للتفصيل أكثر حول كيفية إنشاء هذه السلطة وتشكيلها و أهم صلاحيانا ، راجع :
القانون العضوي رقم 19-07 المؤرخ في 14 سبتمبر سنة 2019 ، يتعلق بالسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ، ج ر العدد 55 الصادر في 15 سبتمبر سنة 2019 .
[4] للاطلاع أكثر على مضمون هذه الوثائق ، راجع المادة 139 من القانون العضوي رقم 19-08 ، سبقت الإشارة إليه .
[5] المادة 21/85 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري .
[6] المادة 138 من القانون 16-10 المتعلق بالانتخابات - المادة 148 من القانون 16-10 المتعلق بالانتخابات.
[7] المواد 88 ، 89 من القانون 2016 المتضمن التعديل الدستوري.
[8] المواد 91، 92 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[9] المادة 183 / 1 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[10] المادة 196 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري.
[11] المادة 207 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري .
[12] عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 190 .
[13] المادة 143 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري
[14] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري المرجع السابق، ص 192.
[15] المادة 142 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري
[16] عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 192 .
[17] المادة 138 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري .
[18] المادة 107 من القانون 2016 المتضمن التعديل الدستوري.
[19] للتفصيل أكثر حول مضمون هذه الحالات و إجراءات تقريرها ، راجع المواد من 105 إلى 109 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[20] المادة 102 / 1.2.3 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[21] محمد الصغير بعلي ، القانون الإداري، المرجع السابق ص 98.
[22] المادة 102 / 4.5.6 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[23] عمار بوضياف الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 200
[24] المادة 5/91 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[25] المادة 101 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري.
[26] المادة 5/91 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[27] المادة 100 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري
[28] المادة 95 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري .
[29] المادة 5/98 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[30] المادة 2/104 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[31] المادة 1.3/94 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[32] المادة 97 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري .
[33] المادة 99 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[34] المادة 93 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[35] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 205 .
[36] محمد الصغير بعلي القانون الإداري ، المرجع السابق ص 112 .
[37] المادة 100 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري.
[38] المادة 95 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري .
[39] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 209 .
[40] محمد الصغير بعلي القانون الإداري، المرجع السابق ص 113.
[41] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري ، المرجع السابق، ص 210 .
[42] محمد الصغير بعلي ، القانون الإداري، المرجع السابق ص ص 116 117 .
[43] الصغير بعلي ، القانون الإداري، المرجع السابق ص 120.
[44] المواد 195 196 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[45] المادة 197 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[46] المواد 198 199 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري
[47] عمار بوضياف ، الوجيز في القانون الإداري، المرجع السابق، ص 215.
[48] المواد 200 201 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري .
[49] المواد 202 203 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري .
[50] المادة 3 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري.
[51] المادة 4 من القانون 16-01 المتضمن التعديل الدستوري.
[52] المواد 204 - 205 من القانون 2016 المتضمن التعديل الدستوري .
[53] المواد 206 207 من القانون 16-101 المتضمن التعديل الدستوري.