المبتكرات التي يهتم بها قانون الملكية الصناعية هي المبتكرات الصناعية، و حقوق الملكية الصناعية التي تقوم على ابتكارات جديدة قد تتعلق بابتكار يتناول المنتجات من الناحية الموضوعية مثل براءة الاختراع، إذ أن موضوع الابتكار يتعلق بمنتجات جديدة أو طريقة صنع مستحدثة.

    وقد تتعلق حقوق الملكية الصناعية بابتكار جديد يتناول المنتجات من حيث الشكل الخارجي، وهي تلك الحقوق الخاصة بالرسوم والنماذج الصناعية.

   وقد ظهر مجال علمي حديث نسبيا قطعت فيه الدول المتقدمة شوطا كبيرا، ومن الطبيعي أن تلجأ الدول لحمايتها و هي التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة

أولا: براءة الاختراع

تعتبر براءة الاختراع أهم تطبيق للملكية الصناعية، فالاختراع هو أعظم ما ينتجه العقل البشري وهو من أروع ثمار ،إذ يقاس مستوى الأمم باهتمامها بالاختراعات، و مع التغيرات التي شهدها العالم أجبرت الدول غلى وضع نظام قانوني يكفل حماية الاختراع و أصحابه، فيعطي الحافز على الاختراع و البحث، و بالتالي التقدم العلمي، و هذا له أهمية كبيرة في مجال التنمية و تحقيق التكامل الاقتصادي.

وبالتالي كان أول قانون براءة اختراع كان سنة 1472 بإيطاليا، ثم صدر القانون الانجليزي سنة 1610، و تبنته الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1770، ثم صدر القانون الفرنسي سنة بتاريخ 07 جانفي 1791، ثم انتشرت أسس هذا التشريع شيئا فشيئا في جميع أنحاء العالم ([1])، ثم أهمها اتفاقية باريس سالف الذكر.

والمشكل كان على صاحب الاختراع أن يودع الطلب في كل دولة بطريقة مستقلة مما أدى إلى وجود إجراءات شكلية إدارية معقدة، و دفع مصاريف باهضة، إلى جانب ضيق الوقت و هو 12 شهرا، فتم إبرام معاهدة واشنطن في 19 جوان 1970،  المعدلة في 1980، التي تهدف إلى تحقيق التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد باريس في مجال حماية الاختراعات و قد سميت ب " معاهدة التعاون بشأن البراءات"، والتي تسمح لصاحب الاختراع بإيداع ما يسمى بـ "الطلب الدولي" الذي من خلاله يطلب الحماية في كل الدول  التي يختارها من دول الأعضاء، ثم وقعت عدة معاهدات دولية لحماية حقوق المخترعين مما يدل على هذا النوع من حقوق الملكية الصناعية([2]) .

أما في الجزائر، فبعد الاستقلال بقي قانون 1844 الفرنسي الخاص بحماية الاختراعات ساري المفعول، إلى غاية صدور الأمر رقم 66-54([3]) الذي يحمي المخترعين يموجب وثيقتين:

-                   شهادة المخترع التي تمنح للمخترع الجزائري.

-                   إجازة الاختراع التي تمنح للمخترع الأجنبي.

ثم المرسوم التشريعي رقم 93-17([4]) المتعلق بحماية الاختراعات، الذي ألغي بصدور الأمر رقم 03-07 المتعلق ببراءات الاختراع ([5])، وأخيرا المرسوم التنفيذي رقم 05-275 ([6]) الذي يحدد كيفيات إيداع براءات الاختراع و إصدارها.

لا يسمح للمخترع بالتمتع بكامل حقوقه إلا إذا استكمل كافة الاجراءات المحددة قانونا، وحصوله على الوثيقة التي تؤهله للقيام بذلك، وهي براءة الاختراع، فلا تنشأ الحماية القانونية للاختراع إلا بمنح البراءة ، وقبل تناولنا تعريف لهذه الأخيرة  وخصائصها، علينا معرفة مفهوم الاختراع، ثم تحديد الاجراءات القانونية اللازمة التي يتقيد بها المخترع ليتمتع بكافة حقوقه التي سنبينها في هذا المبحث.

1-مفهوم الاختراع : عرف الفقه ([7]) الاختراع على أنه "كل اكتشاف أو ابتكار جديد و قابل للاستغلال الصناعي سواء تعلق ذلك الاكتشاف أو الابتكار بالمنتج النهائي أو وسائل و طرق الإنتاج".

أما المشرع الجزائري فقد عرف الاختراع على أنه" فكرة لمخترع تسمح عمليا بإيجاد حل لمشكل محدد في مجال التقنية"([8]) .

2- مفهوم براءة الاختراع: « brevet d’invention » السند الذي تسلمه السلطات العمومية المختصة للمخترع، أو لذوي حقوقه بناء على طلبه فيخوله حق الاستئثار باستغلاله اختراعه([9]).

أوهي شهادة تمنحها الإدارة لشخص ما يستطيع بواسطتها أن يتمسك بالحماية التي يضفيها القانون على الاختراعات ما دام قد استوفى الشروط المحددة قانونا لمنح براءات اختراع صحيحة ([10]).

أما المشرع الجزائري فقد عرفها في المادة 02 من الأمر 03-07:" هي وثيقة تسلم لحماية اختراع" من طرف المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية INAPI سالف الذكر.

3- براءة الاختراع و شهادة الاضافة: تعتبر براءة الاختراع الأداة القانونية لحماية الاختراعات الأصلية ، أما ما يتم إدخاله من تحسينات أو إضافات على الاختراعات بعد استصدار البراءة عنها، فيمكن أن يتم حمايتها إذا كانت منجزة من قبل صاحب البراءة أو ذوي حقوقه، عن طريق شهادة الإضافة  التي تعتبر إثبات على كل تغيير أو إضافة أو تحسين، و تسلم وفق الاجراءات و الشروط التي تسلم بها البراءة الأصلية، و لها نفس الأثر المترتب عن تلك البراءة ([11]).

وبالتالي تعتبر البراءة الإضافية جزء لا يتجزأ من البراءة الأصلية، بل وتابعة لها، ويظهر لنا هذا فيما يلي:

-                   لا يدفع حقوق سنوية لإضافية، بل يكتفي بحقوق الإيداع.

-                   تنتهي صلاحية شهادة الإضافة بانتهاء مدة البراءة الأصلية.

-                   إذا تقرر إلغاء براءة الاختراع، فإن البراءة الإضافية تلغى بالتبعية.

-                   تتبع الشهادة الإضافية براءة الاختراع الأصلية في حالة التنازل.

أما إذا كانت التحسينات والإضافات أنجزت من طرف شخص آخر غير صاحب الاختراع الأصلي، فإنها تعتبر اختراعا مستقلا في حد ذاته، يستوجب استصدار براءة أصلية له.

4- خصائص براءة الاختراع: يتميز حق ملكية براءة الاختراع بعدة خصائص تتلخص فيما يلي:

أ‌-                حق ملكية براءة الاختراع مرتبط بقرار إداري: يودع طلب البراءة لدى الجهة الإدارية المختصة (المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية)، وبالتالي ينشأ الحق في البراءة بصدور القرار الإداري لها.

ب‌-           البراءة تنشئ حق المخترع على اختراعه: تعتبر البراءة بمثابة سند ملكية يجسده قرار إداري، و بمجرد امتلاك المخترع لهذا السند تنشأ له عدة حقوق، و أهمها حق الاستئثار و حق الاستغلال أو حق التصرف، و بالتالي فإن هذه الحقوق غير مرتبطة بالاختراع، بل تنشأ بالحصول على البراءة.

و يترتب عن ذلك أن الاختراع قبل حصوله على البراءة لا يتمتع بأي حماية، وصاحب هذا الاختراع لا يعتبر صاحب ملكية صناعية.

فإذا ما حصل المخترع على البراءة تمتع بالحماية القانونية في هذا الخصوص. أما إذا أذاع ابتكاره قبل الحصول على هذه البراءة فمعنى ذلك أنه لا يرغب في الاحتفاظ بحق خاص على ابتكاره وأمكن للجميع الاستفادة من استغلال هذا الابتكار ماليا دون الرجوع للمخترع، لأن الاختراع في هذه الحالة يعد جزء من المعرفة الفنية .

5-الحق في براءة الاختراع

لا يمكن للمخترع أن يحضى بالحماية الوطنية والدولية إذا لم يحصل على البراءة، والتي لا يحصل عليها إلا إذا توفرت كل الشروط المطلوبة ، واستوفى كل الإجراءات القانونية، و بعد حصوله على البراءة يعترف له رسميا باختراعه مما يخول له التمتع بعدة حقوق، وهذا ما سنتناوله في هذا الفرع.

 يجب في البداية توافر شروط موضوعية، بعدها هناك بعض الاجراءات الشكلية التي يجب أن يتبعها كل من المخترع والهيئة المكلفة بإصدار البراءة.

I-                الشروط الموضوعية: و هي تلك الشروط المتعلقة بالاختراع في حد ذاته، وتتمثل فيما يلي:

- وجود اختراع أو ابتكار.

- أن يكون الاختراع جديدا.

- النشاط الاختراعي – أن يستلزم الاختراع نشاطا إبداعيا.

- قابلا للتطبيق الصناعي.

- أن يكون الاختراع مشروعا.

أ- وجود الاختراع أو الابتكار: يسري نظام براءة الاختراع في حالة تدخل يد الانسان على الانجاز الذهني،  و كذا و جود ابتكار، و بالتالي لا تكون قابلة للبراءة إلا المنشآت التي تتصف بميزة الاختراع، الأمر الذي على أساسه نستبعد بعض المنشآت، و التي لا تنطبق عليها هذه الميزة.

وقد قام المشرع الجزائري باستبعاد بعض المنشآت من مجال الاختراعات عند إصداره للأمر 03-07 السالف الذكر،  و ذكرها على سبيل الحصر في المادة السابعة، والمتمثلة فيما يلي:

1-             المبادئ و النظريات و الاكتشافات ذات الطابع العلمي و كذلك المناهج الرياضية.

2-             الخطط و المبادئ و المناهج الرامية إلى القيام بأعمال ذات طابع ثقافي أو ترفيهي محض.

3-             المناهج و منظومات التعليم و التنظيم و الإدارة و التسيير.

4-             طرق علاج جسم الإنسان أو الحيوان بالجراحة أو المداواة، كذلك مناهج التشخيص.

5-              مجرد تقديم المعلومات.

6-             برامج الحاسوب.

7-             الابتكارات ذات الطابع التزييني المحض.

كما أضاف المشرع في المادة 08 من نفس الأمر استبعاد بعض المواضيع من حصولها على البراءة، و ذكرها على سبيل الحصر، و تتمثل فيما يلي:

1-              الأنواع النباتية أو الأجناس الحيوانية و كذلك الطرق البيولوجية المحضة للحصول على نباتات أو حيوانات.

2-             الاختراعات التي يكون استغلالها على الإقليم الجزائري مضرا بصحة وحياة الأشخاص و الحيوانات أو بحفظ النباتات أو يشكل خطرا جيما على حماية البيئة.

ب - أن يكون الاختراع جديدا:  يشترط لاستصدار البراءة أن يكون الاختراع جديدا، فهذا هو مبرر منح البراءة، فإذا لم يكن جديدا، فهذا يعني أنه تم الكشف عن تقنية موجودة من قبل لا تؤدي لأي منفعة اقتصادية، وبالتالي ليس هناك أي مبرر لجعله ضمن الملك الخاص لشخص ما، يستأثر به و يستغله لحسابه.

والمقصود بالجدة هو عدم علم الغير بسر الاختراع قبل إيداع طلب البراءة عنه، فلا يكفي أن يكون الاختراع جديدا في موضوعه أو أن يقوم أساسا على فكرة ابتكار شيء جديد فقط، بل يجب أن يكون هذا الابتكار الجديد غير معروف سره لدى الغير قبل طلب البراءة ([12]).

ويكفي أن يكون وصف الاختراع او رسمه بصفة واضحة حتى يتمكن ذوي الخبرة من معرفة سره و تطبيقه و تنفيذه، هنا يعتبر أنه تم نشره، و بالتالي فقد صفة الجدة.

 المشرع الجزائري اعتبر الاختراع جديدا إذا لم يكن مدرجا في حالة التقنية، فما هي حالة التقنية؟

بين المشرع  بأن الحالة التقنية الصناعية تشمل كل ما وضع في متناول الجمهور، عن طرق وصف كتابي أو شفوي أو استعمال أي وسيلة أخرى عبر العالم، و ذلك قبل يوم من إيداع طلب الحماية أو تاريخ مطالبة الأولوية بها.

وبالتالي يتم تقدير جدة الاختراع بالنظر إلى الحالة التقنية التي تتضمن كل ما وضع في متناول الجمهور، و يقصد ب " متناول الجمهور" أن الاختراع أصبح معروفا لدى الجمهور، ولا يشترط أن تؤخذ هذه العبارة بمعناها الواسع أي "جمهور الناس" بل يكفي أن يكون الاختراع قد وصل إلى علم مجموعة من الأشخاص، فالمهم أن يكونوا غير ملزمين بحفظ سر الاختراع ([13]).

ومما يجب التأكيد عليه أن تقديم الاختراع في أحد المعارض لأول مرة في حد ذاته كشفا عن هذا الاختراع، مما يؤدي إلى فقدانه طابع الجدة، و لكي لا يعتبر اختراع العارض داخلا ضمن حالة التقنية الصناعية يجب ([14]):

- أن يكون الاختراع المعني بالأمر قد تم تقديمه للمرة الأولى في معرض للاختراعات و أن يكون هذا المعرض دوليا و رسميا، و أن يكون بالاضافة إلى ذلك منظما في أراضي إحدى الدول المشتركة في الاتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية، و قد انضمت الجزائر إلى البروتوكول الموقع في باريس بتاريخ 30 نوفمبر 1972، بخصوص المعارض الدولية ([15])، الذي حدد شروط المعرض الدولي، و فرق بين المعارض المسجلة و المعارض المعترف بها ، وهذا في المواد من 01 إلى 04، كما تم إنشاء مكتب دولي للمعارض مهمته السهر على هذه الاتفاقية و السعي لتطبيقها.

- أن يقوم العارض بإيداع طلب براءة عن الاختراع الذي سبق أن قدمه لأول مرة في معرض دولي رسمي، في أجل اثني عشر شهرا الموالية لتاريخ اختتام المعرض، و هذا ما نصت عليه المادة 24 من الأمر 03-07 المتعلق ببراءات الاختراع.

ج- النشاط  الاختراعي : أو النشاط الإبداعي للاختراع ،فلا يتم اعتبار أي ابتكار اختراعا بمدلول الملكية الصناعية، إلا إذا كان جديدا بالنظر إلى حالة التقنية الصناعية، ومعبرا في ذات الوقت على نشاط ابداعي يفيد ان المخترع بذل مجهودا فكريا متميزا للوصول إلى نتيجة صناعية، لم تكن معروفة من قبل، و الهدف منه الحيلولة دون منح البراءة للاختراعات البسيطة، التي و إن كانت جديدة فإنها لا تبتعد كثيرا عن التقنيات الجديدة ([16]).  

على خلاف قوانين الدول العربية التي لم تنص على هذا الشرط، فقد  حذى المشرع  الجزائري حذو نظيره الفرنسي([17])، فنص في المادة 05 من الأمر 03-07 على ما يلي: »يعتبر الاختراع ناتجا عن نشاط اختراعي إذا لم يكن ناجما بداهة من حالة التقنية. «

والمقصود بذلك أنه كي يتضمن الاختراع نشاطا إبداعيا يجب أولا أن لا يكون ناتجا بصورة واضحة و بديهية عن حالة التقنية الصناعية، و يكون ذلك من وجهة نظر رجل الحرفة ثانيا.

عندما نقوم بفحص النشاط الاختراعي، فإننا لا نبحث فقط عن سابقة مصطنعة، و إنما يجب دراسة مجموعة السوابق كاملة أو مجزأة، لأنه يمكن أن يكون بديهيا بالنسبة لرجل الحرفة أو المهنة الاستنباط بالكثير من السوابق و ذلك بنقلها أو تركيبها.

أي يجب أن يكون الاختراع قد استلزم نشاطا إبداعيا، فلا يكون بديهيا، إذ يمكن لكل شخص مختص في مجال هذا الاختراع أن يعرف أسراره بسهولة، من خلال إمعان النظر فقط فيه، و بالتالي لا يعتبر ابتكارا يتوفر على نشاط اختراعي.

وبالتالي يجب لتحديد شرط النشاط الاختراعي، النظر في حالة التقنية الصناعية، وكفاءة رجل الحرفة.

- حالة التقنية: كما سبق الذكر أن الحالة التقنية تتألف من كل العناصر التي تكون في متناول الجمهور، و عليه يتم تحديد حالة التقنية فيما يخص مدى احتواء الاختراع على نشاط إبداعي بنفس الطريقة لتحديد مدى جدة الاختراع سابق الذكر، و لا يكون بديهيا، و في فرنسا تحدد البداهة إذا استعمل رجل الحرفة معارفه العامة، و استنتج ببساطة أسرار الاختراع.

- رجل الحرفة كمرجع لتحديد النشاط الإبداعي للاختراع: و هذا ما بينته  الفقرة الثالثة من المادة 22 من الأمر 03-07 المتعلق ببراءات الاختراع.

ويقصد برجل المهنة الشخص الذي يتوفر على معارف و معلومات و مهارات صناعية مرتبطة بالميدان الذي يدخل في إطاره الاختراع المراد تحديد احتوائه([18]).

د- التطبيق الصناعي:

من بين الشروط التي نص عليها المشرع الجزائري أيضا أن يكون الاختراع قابلا للتطبيق الصناعي حتى تشمله الحماية القانونية ([19]).

1-مدلول التطبيق الصناعي للاختراع: و المقصود بذلك إمكانية تطبيق هذا الاختراع عمليا و ترجمته إلى شيء مادي ملموس بصورة يمكن معها الاستفادة منه عمليا عن طريق استعماله أو استغلاله، أو استثماره في أي مجال من المجالات الصناعية المتعددة ([20]).

أي يتحقق شرط التطبيق الصناعي، إذا كان الاختراع لا ينتمي إلى ميدان المجردات وإنما إلى ميدان الانجازات، فيجب أن يرتبط بمبدأ مجرد و لكن بتفكير يُطبق في الصناعة .

2-مجال التطبيق الصناعي: وهو إمكانية استعمال الاختراع في أي نوع من أنواع الصناعة أو الفلاحة، علما أن المشرع الجزائري في ظل المرسوم التشريعي رقم 93 -17 فتح مجال التطبيق الصناعي في أي نوع من الصناعة و حتى الفلاحة([21])، أما في الأمر 03-07 تم حذف عبارة "الفلاحة"،    ويكون الاختراع قابلا للبراءة إذا كان موضوعه قابلا للصنع أو الاستخدام في أي نوع من أنواع الصناعة، و لا يحتم توفر الشرطين معا، أي أنه لا يتوجب على المخترع أن يكون قابلا للصنع و الاستعمال في آن واحد، بل يكفي أن يكون قابلا للصنع يوم إيداع طلب البراءة

   هـ- مشروعية الاختراع: بالنسبة للمشرع الجزائري توسعت اهتماماته في الأمر 03-07، إذ استبعد كل اختراع مضر بالصحة، و كذا الذي يشكل خطرا على البيئة، و ليس فقط الاختراعات التي تمس النظام أو الآداب العامة.

1-             مخالف للنظام و الآداب العامة: أي يكون هذا الاختراع مخالفا للقانون، أو لديانة البلد،  و بالتالي شرط النظام و الآداب العامة هو مرن، يختلف باختلاف الزمان و المكان، وباختلاف القانون الوضعي لكل بلد، و مثال ذلك اختراع آلات لفتح الخزائن الحديدية للأموال، أو آلات لتزوير المستندات، أو تزييف النقود أو إخفاء بصمات، أو تلك التي تخدش الحياء. وبالتالي لا يجوز للمخترع اكتساب براءة اختراع ، تمس بالمصلحة الاقتصادية و الاجتماعية والأخلاقية  للمجتمع.

2-             مضر بصحة و حياة الأشخاص و البيئة: استبعد المشرع الجزائري كل اختراع من شأنه المساس بصحة الإنسان و الحيوان على حدّ سواء، أو اختراع يشكل خطرا جسيما على البيئة أو يضر بحفظ النباتات، و يظهر هذا في الاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر و مثال على ذلك اتفاقية فيينا لحماية الأوزون([22])، أو الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات([23])، أو حفظ التنوع البيولوجي من مخاطر التكنولوجيا الأحيائية الحديثة ([24]) .

       وهذا لا يخالف ما أقر به المشرع الفرنسي الذي نص على أن كل اختراع يشكل خطرا على البيئة لا يكون قابلا للبراءة ([25]).

كما سار المشرع الجزائري بنفس الاتجاه مع القانون الفرنسي عندما استثنى من هذه الحالة تلك المنتجات التي تصنع بطرق أو عمليات كيماوية خاصة كالمختصة بعلم الجراثيم، وبذلك لا تنصرف البراءة إلى المنتجات ذاتها بل إلى طريقة صنعها، بمعنى أنه تمنح البراءة بالطريقة الصناعية في إنتاج تلك المنتجات، و هذا تشجيعا للبحث العلمي و تطبيقاته في هذا المجال الحيوي الذي يتعلق بمكافحة الأمراض و القضاء عليها، حيث لا يجوز أن يحتكر المخترع حق إنتاج بعض المواد و العقاقير الطبية، و لذلك غلب المشرع مصلحة المجتمع على مصلحة المخترع ([26]).

II-الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على البراءة: إضافة للشروط الموضوعية هناك إجراءات شكلية يجب إتباعها للحصول على براءة الاختراع التي تعتبر وسيلة قانونية لحماية حقوق المخترع، و تتمثل في تقديم طلب براءة الاختراع للهيئة المختصة، ثم تقوم هذه الهيئة بفحص هذا الطلب، بعدها يتم إصدار البراءة و تسليمها لصاحبها.

أ‌-       إيداع الطلب : يعتبر الطلب وسيلة إجبارية لاكتساب حق شرعي على الاختراع، مما يفرض على المخترع تكوين ملف و إيداعه لدى المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية .

1-            الشخص المؤهل للقيام بإيداع الطلب: الحق في برا ءة الاختراع لا يتم الاعتراف به للمخترع الأول بل يتم منحه للمخترع الذي كان سباقا في إيداع طلب البراءة، مع أنه من المفروض ان تمنح براءة الاختراع للمخترع أو خلفه.

 إلا أن المشرع الجزائري مثل نظيره الفرنسي منح البراءة للمودع الأول، بينما يلتزم المودع الأمريكي بإثبات أنه المخترع الأوّل و الأصلي للاختراع([27]).

-                  يقدم الطلب من طرف المخترع الحقيقي، أو من طرف شخص آخر يكون قد آل إليه الاختراع عن طريق الهبة أو الشراء أو التنازل أو الميراث أو الترخيص بالاستغلال، أو أي وسيلة قانونية أخرى.

-                  لم يشترط المشرع توفر الأهلية فيمن يطلب براءة الاختراع، إذ يجوز للقاصر أن يباشر بنفسه إجراءات طلب البراءة ([28])، أما في حالة توليه شخصيا استغلال البراءة في مشروع صناعي، فهذا يخضع لأحكام الأهلية في مزاولة التجارة([29]).

-                  قد يكون المودع شخصا طبيعيا أو معنويا، أو جزائريا أو أجنبيا دون تمييز بخلاف الأمر رقم 66-54 سالف الذكر الذي يمنح للجزائري شهادة مخترع و للأجنبي براءة اختراع، و هذا ما أشار إليه المشرع الجزائري في المرسوم التنفيذي رقم 05-275([30]) بمقتضى المادة04 و المادة08، والتي بينت كذلك الشروط الواجب توافرها في الإيداع المقدم من طرف شخص معنوي.

-                  قد يكون المودع قاصرا، و مع ذلك فإن إيداعه مقبول رغم عدم توفر إذن الولي أو الوصي لأنه ليس من شروط الإيداع بلوغ المودع سن الرشد، لكن لا يجوز له استغلال اختراعه إلا باحترام الشروط القانونية للقيام بالأعمال التجارية كإلزامية توفر الأهلية لمباشرة هذه الأعمال([31]) .

-                  يجوز للمودع أن يقوم بالإيداع بواسطة وكيل، و الوكيل هو شخص مؤهل يمنح له الاعتماد من قبل وزارة الصناعة لمباشرة هذه الأعمال وفق ما يتطلبه القانون([32])، على أن يلتزم هذا الأخير بتقديم وكالة ممضاة بخط يد الموكّل، و هذا ما نصت عليه المادتين 03 و 08 من المرسوم التنفيذي 05-275، على أن يتضمن الطلب اسم و عنوان و إمضاء الوكيل مع بيان صفته، و تاريخ الوكالة.

-                  بمكن أن يكون عدد المودعين اثنان فما فوق، وهذا لأن الاختراع كان ثمرة تفكيرهم و نتيجة جهدهم جميعا، و بالتالي يمنح الحق في الإيداع لجميعهم على وجه الاشتراك، على أن تذكر في الطلب جميع البيانات الخاصة لكل واحد منهم، و ذلك لحماية حقوقهم، و هذا ما نصت عليه المادة 10 من الأمر 03-07، و المادة 04 من المرسوم التنفيذي 05-275 .

2-             اختراع الخدمة :الذي نظمه المشرع في المواد 17 و 18 من الأمر 03-07 والمواد 25 و 26 من المرسوم التنفيذي 05-275  و قد عرفه بأنه " الاختراع الذي ينجزه شخص أو عدة أشخاص خلال تنفيذ عقد عمل يتضمن مهمة إختراعية تسند إليهم صراحة"، والسؤال المطروح هو لمن يرجع حق امتلاك الاختراع؟ و للإجابة علة هذا السؤال لدينا احتمالين:

-                  للهيئة المستخدمة الحق في تملك البراءة عن طريق اتفاقية تنظمها مع المخترع، على أن توفر له الوسائل و تهيّء له الظروف المناسبة لذلك و هذا ما نصت عليه المادة 18 من الأمر 03-07، و بالتالي هنا المخترع يقوم بمهامه ضمن عقد عمل يتضمن مهمة اختراعية، وهذا ما نصت عليه المادة 17 من نفس الأمر، و يحق لصاحب الاختراع ذكر صفته كمخترع للبراءة، لكن امتلاك الاختراع من حق المؤسسة المستخدمة بصفتها شخص معنوي. لكن تقتضي القواعد العامة بأن الشخص الذي توصل إلى اختراع الخدمة من حقه المطالبة بمقابل خاص يناسب الأهمية الاقتصادية للاختراع ([33]).

-                  للهيئة المستخدمة التخلي عن حقها لصاحب الاختراع، على أن يكون هذا التخلي بالتعبير الصريح يتمثل في تصريح يؤكد تخليها عن حق امتلاك البراءة ، و في هذه الحالة يكون طلب العامل المخترع للبراءة مرفق بتصريح الهيئة المستخدمة و هذا ما نصت عليه المادة 26 من المرسوم التنفيذي رقم 05-275.

لم يتطرق المشرع الجزائري إلى موضوع الإثبات في حالة وجود نزاع بين الهيئة المستخدمة والعامل المخترع، هنا في هذه الحالة يجوز اعتبار أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي([34])، إذ تلتزم المؤسسة بإثبات ان الاختراع الذي تم إيداعه هو اختراع خدمة، و في المقابل يلتزم العامل المخترع بإثبات أن اختراعه شخصي و حر.

3-             محتوى طلب الإيداع  : يجب أن يكون الطلب مراعيا للشروط القانونية المطلوبة شكلا ومضمونا، علما أن المشرع الجزائري أحاط هذا الجانب إحاطة شاملة من خلال الأمر والمرسوم التنفيذي المتعلقين ببراءة الاختراع، و تتمثل هذه الشروط فيما يلي:

-                  العريضة (la requète) و هي استمارة إدارية يوفرها المعهد  الوطني الجزائري للملكية الصناعية، ويقوم المودع بملئها بعدة بيانات سواء تتعلق بالمودع أو بالاختراع، فبالنسبة للبيانات المتعلقة بالمودع فهي اللقب والاسم، و المسكن و الجنسية، و إذا كان شخص اعتباري فيتطلب اسم الشركة و مقرها، و إذا كان الاختراع مشتركا بين عدة أشخاص فيجب ذكر بيانات كل فرد منهم ([35])،و إذا لم يكن المودع هو نفسه المخترع، يجب أن يرفق طلبه بتصريح يثبت حقه في امتلاك البراءة، و يجب أن يتضمن هذا التصريح اسم و عنوان المخترع و يذكر اسمه في البراءة، و اسم الشخص المرخص له بالاستفادة من حق البراءة، و تنازل المخترع عن حقه في البراءة([36])، أما إذا كان وكيلا يجب أن يبين لقبه و جنسيته وعنوانه.

أما فيما يخص البيانات المتعلقة بالاختراع نفسه فتتمثل في عنوان الاختراع بكل دقة، وهذا ليتم تصنيفه في قائمة الاختراعات، و يمكن أن يتعلق الايداع بطلب براءة أصلية أو براءة إضافية ([37]).

 وتكون العريضة مصحوبة بوثائق إثباتية تتمثل في وصل الدفع أو سند الأداء المتعلق برسم الإيداع ورسم النشر([38]).

-                  الوصف  أي يجب ان يكون الطلب معززا بظرف مختوم يتضمن وصف الاختراع وصفا واضحا، و الوصف التفصيلي يعد ورقة أساسية في ملف الإيداع، ولهذا حدد المشرع بدقة الشروط الواجب توافرها من ناحية الشكل و المضمون ([39]).

-                    الرسوم و الملخص(et l’abrégé les dessins)، حتى يعتبر الوصف شاملا ومفهوما يحتاج أن يكون مرفقا برسوم، و التي تلعب دورا مهما في تفسير الوصف التفصيلي([40]).

-                    أما الملخص فهو عرض موجز للمعلومات التقنية الموجودة في الوصف يسمح للقارئ سواء كان متعودا على وثائق بالبراءة أم لا باستيعاب محتوى الموضوع الموجود في البراءة بسرعة، كما أن الملخص أداة تسمح بتقديم المعلومات التقنية في إطار البحث الوثائقي في الميدان التقني المقدم و خصوصا يسمح بإحكام التعرف أكثر إذا كان من الضروري البحث في البراءة نفسها ([41]).

ب- الفحص: يقوم المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية بدراسة كل ملفات الإيداع الموجهة إليها، و يتحقق من توفر كل الشروط اللازمة.

و إذا كان الأصل أنه الوحيد المؤهل للقيام بالعمليات الإدارية المتعلقة بقبول الملف أو رفضه، فإن المشرع الجزائري أعطى الحق لوزير الدفاع الوطني دراسة الملفات التي تتضمن اختراعات تهم الأمن الوطني أو ذات أثر خاص على الصالح العام، وبالتالي له الحق أن يعتبرها اختراعات سرية، أي لا يمكن إفشاء فحواها لأن الدولة تريد احتكار استغلالها ([42])، فيما عدا ذلك هو من اختصاص المعهد الوطني.

إذا لم يستوف الطلب الشروط اللازمة كعدم وجود العريضة، أو الوصف أو الرسومات أو أي شرط آخر، يستدعى طالب البراءة أو وكيله لتصحيح الملف في أجل مدته شهرين، و قد تمدد هذه المدة في حالة الضرورة المعللة بطلب من المخترع أو وكيله، و في حالة عدم تقديم الطلب مصححا في أجله المحدد يرفض و هذا ما نصت عليه المادة 27 من الأمر 03-07.

 لا يقتصر الفحص على الشروط الشكلية فقط، بل تمتد أيضا إلى الشروط الموضوعية، أي  يتأكد المعهد من أن هذا الاختراع  غير مدرج في حالة التقنية وقابل للتطبيق الصناعي و غير مخالف للنظام و الآداب العامة.

كما عليها التأكد من أن هذا الاختراع غير مدرج ضمن الاختراعات غير المعترف بها من قبل المشرع الجزائري و المذكورة في المادتين 07 و 08 من الأمر 03-07.

ج- إصدار البراءة: عند توافر كل من الشروط الشكلية و الموضوعية يُتوج الطلب بالقبول، إذ يقوم المعهد بتسليم الطالب شهادة تثبت صحة الطلب و تمثل براءة الاختراع.

تسلم البراءة باسم المودع الأصلي أو باسم المتنازل له شريطة أن تكون عملية التنازل قد تم تبليغها إلى مدير المعهد، و إذا تم قيدها في دفتر البراءات قبل عملية التسليم، تُمنح البراءة باسم المتنازل له ([43]).

تمسك الهيئة المختصة سجلا يسمى سجل البراءات، تدون فيه كل براءات الاختراع التي تم تسليمها، و هذا حسب تسلسل صدورها و قيد جميع المعلومات اللازمة، و لذلك يمكن لأي شخص الاطلاع على هذا السجل و الحصول على نسخة منها لكن بعد دفع الرسوم.

بعد تسجيل البراءة يقتضي نشرها في نشرة رسمية للبراءات، على أن لا تنشر البراءات السرية التي تخص الأمن الوطني([44]).

2- الحقوق و الالتزامات المترتبة عن ملكية براءة الاختراع

عند استيفاء جميع الشروط الموضوعية و كل الإجراءات الشكلية، يكتسب صاحب الاختراع ملكية البراءة، مما يمنح صاحبها عدة حقوق ، و يترتب عليه التزامات.

I-                حقوق صاحب البراءة و انتقالها:

-                  لمالك البراءة وحده حق الاستئثار بالاختراع و منع الغير من استغلاله إلا بعد موافقته، و قد ميّز المشرع الجزائري بين إذا كان موضوع الاختراع منتجا أو طريقة صنع ([45])، فعندما يكون موضوع الاختراع منتجا ماديا، يحق له منع أي شخص من صناعة المنتوج أو استخدامه أو بيعه أو عرضه للبيع أو استيراده، أما إذا كان موضوع الاختراع طريقة صنع، فيحق له منع الغير من استعمال هذه الطريقة أو استعمال المنتج الناتج عن هذه الطريقة، أو بيعه أو عرضه للبيع أو استيراده.

-                  يحق لصاحب البراءة طيلة صلاحية البراءة إدخال تغييرات أو تحسينات على اختراعه، و يتم إثبات هذه التحسينات بشهادة الإضافة ([46]).

-                  يحق لمالك البراءة التنازل عنها، سواء بمقابل كعقد البيع أو المقايضة، أو بدون مقابل كعقد هبة.

-                  تدخل البراءة ضمن الذمة المالية للمدين، ويستطيع الدائنون الحجز عليها([47]) .

-                  ينتقل حق ملكية البراءة بالميراث إذا توفي مالك البراءة، أومنح الغير ترخيصا باستغلالها.

II-             التزامات مالك البراءة: 

-                  الالتزام بدفع الرسوم السنوية، فزيادة عن رسوم الإيداع و رسوم النشر، يلتزم مالك البراءة بدفع رسوم سنوية تصاعدية، أي تتصاعد نسبتها مع مرور السنين ([48])، و تعتبر رسوم الإبقاء على سريان المفعول، أي في حالة عدم الدفع تسقط ملكية البراءة([49]).

-                  الالتزام باستغلال الاختراع فعلا، فالاستغلال لا يعتبر حقا من حقوق المالك بل هو أيضا التزام، و إلا تعرض لإجراء الترخيص الإجباري، أي منح ترخيص استغلال الاختراع لشخص آخر.

  ومبرر وجود التراخيص الإجبارية هي الضرورة و المصلحة العامة للمجتمع، ذلك أن الاختراع لا تقتصر منفعته على المخترع فقط بل تمتد لتشمل المجتمع ككل، و لذلك الاختراع له وظيفة اجتماعية من خلال تلبيته لحاجات المواطنين ([50]).

ثانيا:الاعتداء على براءة الاختراع بالتقليد

 التقليد- بوجه عام – هو عكس الابتكار، و يتم بقيام المقلد بإعادة إنتاج الشيء المبتكر محل البراءة  بدون رضا مالك البراءة، و سواء كان ذلك الشيء – المبتكر- مماثلا للشيء الأصلي أو كان غير مماثل تماما، و إنما قريب منه إلى درجة كبيرة، لذلك يشترط لقيام التقليد التماثل أو التقارب بين الاختراع الأصيل و الاختراع المقلّد، سواء من حيث الوظيفة التي يؤديها كل منهما، أو من حيث الشكل و الهيئة([51])

والتماثل نقصد به قيام المقلد على تقليد الاختراع الأصيل تقليدا ذاتيا، أي نقله كأنه طبع أو نسخ عن الأصيل، أما التقارب فيعني أن التقليد ليس ذاتيا، أي نقله جوهريا مع بعض الفروق.

كما تقوم جريمة التقليد سواء أحسن المقلد تقليد الاختراع موضوع البراءة أو لم يحسنه، و سواء قام بذلك عن حسن نية أو سوء نية، و سواء جنى من ذلك ربحا أو لحقته خسارة، وسواء كان الاختراع موضوع البراءة ذا قيمة عالية أو تافهة([52]).

ويقوم تقدير التقليد على عدة معايير أهمها([53]):

-    الأخذ بأوجه الشبه لا بأوجه الاختلاف، إذ يؤخذ عند مقارنة الاختراع المقلد و الاختراع الأصيل بالأمور المتشابهة بينهما، و ليس بالأمور المختلفة بينهما.

-    الأخذ بالجوهر لا بالمظهر، لإذ أن إجراء بعض التعديلات على الاختراع الأصيل بالحذف منه أو الإضافة عليه ينفي جريمة التقليد ما دامت تلك التعديلات قد اقتصرت على مظهر الاختراع و لم تمس جوهره.

-    عدم النظر إلى نتيجة تقليد الاختراع إذ تقوم جريمة التقليد دون أن نعتد بنجاح المقلد في تقليده للاختراع أو فشله، أو قام بإتقان التقليد أو أهمل ذلك.

   والتقليد لا يمكن أن يتحقق إلا بالإنجاز المادي للشيء المحمي، هذا الإنجاز الذي يعد شرطا أساسيا لوجود التقليد، و بالتالي في حالة وجود إعلان كاذب عن التقليد و مثال ذلك أن يقوم شخص بتقديم إعلان كاذب عن صنع جهاز يحتوي على قطعة غيار محمية بموجب براءة اختراع فلا يكون هذا الشخص مرتكبا لفعل التقليد، لأن الشيء لم يتم إنجازه ماديا، وبالتالي متابعته هنا تكون على أساس قيامه بفعل من أفعال المنافسة غير المشروعة، و ليس على أساس التقليد .

 تنص المادة 61 من الأمر 03-07 تحت عنوان الدعاوى الجزائية:"يعد كل عمل متعمد يرتكب حسب مفهوم م 6 أعلاه جنحة تقليد"

وقد حدد المشرع الجزائري الأفعال التي تشكل تقليدا للبراءة في المادة 56 من الأمر 03-07 المتعلق ببراءات الاختراع، و التي بينت أنه يعتبر مساسا بالحقوق الناجمة عن براءة الاختراع كل عمل من الأعمال المنصوص عليها في المادة 11 على أن يتم بدون موافقة صاحب البراءة، و بالنظر للمادة 11  تقسم الأفعال الماسة ببراءة الاختراع إلى قسمين، أولا تقليد المنتوج موضوع البراءة، و ثانيا تقليد الطريقة أو الوسائل التي هي موضوع البراءة .

3-الاعتداء على براءة الاختراع بالاستعمال و التسويق

إن مجرد استعمال منتج مقلد يعتبر اعتداء على حقوق مالك البراءة، فإذا استعمل صانع ما آلة مقلدة فهو يعتبر معتد و يمكن متابعته قضائيا.

فاستعمال المنتج المقلد يعتبر في حد ذاته اعتداء حتى و لو كان مستقلا عن فعل تقليد المنتج أو تقليد طريقة الصنع، فمن يستعمل آلة حتى و لو لم يقم بصنعها يعد معتديا مثل صانعها.

غير أن هذا بشرط أن يكون الاستعمال قد تم لأغراض مهنية أو تجارية، وليس لأغراض علمية أو شخصية بحتة دون هدف تحقيق الربح ([54]).

2لم يكتف المشرع الجزائري بمنع التقليد بل منع أيضا عرض المنتج المحمي أو طريقة الصنع المحمية للبيع ، أو بيعها فعلا ، أو القيام باستيرادها أي إدخالها للتراب الوطني.

و يشترط المشرع لهذه الجرائم أن تكون بقصد التجارة سواء قام بها مرة واحدة أو عدة مرات، و سواء حقق ربحا أم لا. 

إذا كان الشخص الذي قام بعرض المنتج المقلد للبيع و ليس هو من قام بفعل التقليد، فإنه لا يُسأل عنه، و إنما يسأل عن فعل الاعتداء بالبيع أو العرض للبيع، لكن يجب أن يكون هذا الشخص على علم بأن المنتج تم صنعه بدون موافقة مالك البراءة.

 

ثانيا: الرسوم و النماذج الصناعية

لم يتعاظم شأن الرسوم والنماذج الصناعية من الناحية الصناعية إلا خلال القرن التاسع عشر، فمنذ قيام الثورة الصناعية فإن الصناع كانوا يولون الأهمية للوظائف التقنية للمنتجات ويهملون شكلها، غير أنه مع ازدياد التطور الصناعي واشتداد المنافسة بين المؤسسات الصناعية أصبح الاهتمام شيئا فشيئا بمظهر المنتجات، من أجل تمييزها لاعن مثيلاتها في السوق من جهة، و التأثير على الزبون من جهة أخرى ([55])

 أما من الناحية القانونية فقد بدأت إرهاصات حماية الرسوم و النماذج من القرن الثامن عشر، حيث أصدر المشرع الفرنسي قانون 18 مارس 1806 الخاص بالرسوم و النماذج الصناعية، لكنه يقتصر على الإبداعات الفنية المطبقة على الصناعة، ثم تم تعديله بقانون 1909 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، الذي جرى تعديله بموجب قانون الملكية الفكرية رقم 92-597، سنة 1992، و الذي جرى تعديله بموجب قانون يوليو 2001 الذي صدر بقصد ملاءمة القانون الفرنسي مع قانون الاتحاد الأوروبي، أما من الناحية الدولية فقد تم التوقيع على اتفاقية لاهاي بشأن الإيداع الدولي للرسوم و النماذج الصناعية سنة 1925([56])، ثم اتفاقية لوكارنو بشأن التصنيف الدولي للرسوم و النماذج الصناعية، التي أُبرمت بتاريخ 08أكتوبر 1968، ودخلت حيز التنفيذ في 28 أفريل 1971.

أما بالنسبة للقانون الجزائري، تخضع الرسوم و النماذج لأحكام الأمر 66-86 ([57])، وكذا المرسوم رقم 66-87 ([58])المتضمن تطبيق الأمر رقم 66-86،و من الملاحظ أن المشرع الجزائري تبنى أحكام القانون الفرنسي المؤرخ في 14 يوليو 1909 السالف الذكر.

1-مفهوم الرسوم و النماذج الصناعية

هي عبارة عن ابتكارات ذات طابع فني تُكسب المنتجات رونقا و جمالا، و بالتالي فهي تتعلق بالفن الصناعي و فيما يلي سنحاول تحديد مفهوم الرسم و كذا النموذج.

تعريف الرسم: يعتبر رسما كل تركيب خطوط أو ألوان يقصد به إعطاء مظهر خاص لشيء صناعي او خاص بالصناعة التقليدية.

تعريف النموذج: يعتبر نموذجا كل شكل قابل للتشكيل و مركب بألوان أو بدونها أو كل شيء صناعي أو خاص بالصناعة التقليدية يمكن استعماله كصورة أصلية لصنع وحدات أخرى و يمتاز عن النماذج المشابهة له بشكله الخارجي.

   وبالتالي ما يميز الرسم عن النموذج هو أن الرسم يجسد شكلا فنيا مبتكرا، يتمثل على مساحة مسطحة، مثال الأشكال التي ترد على الأقمشة، أو المنسوجات ذات الرسوم المطبوعة، أو الورق الملون المستعمل لتغطية الجدران أو لتغليف السلع.

أما النموذج فيتضمن حجما( volume) ، أي قالب ثلاثي الأبعاد يتشكل من مواد يُصنع منها هذا المنتج، كالزجاج أو البلاستيك، أو الخشب.

ولذلك تطبق التصاميم الصناعية على طائفة واسعة من منتجات الصناعة والحرف اليدوية:  من الأدوات التقنية والطبية إلى الساعات اليدوية والمجوهرات وغيرها من السلع الكمالية، ومن الأدوات المنزلية و الأجهزة الكهربائية إلى هياكل المركبات والمباني، ومن تصاميم النسيج إلى السلع الترفيهية.

إلا أنه هناك فرق بين الرسم الفني و الرسم الصناعي، و هي صفة التبعية للسلعة، إذ تقتصر وظيفة الرسم الصناعي على إضفاء جمال للسلعة، مما يؤدي إلى منفعة اقتصادية، أما الرسم الفني البحت فله كيان مستقل يستخدمه الفنان كأداة لإبراز فكرته الفنية.

جواز إخضاع الرسوم و النماذج للتشريع الخاص بحقوق المؤلف:

عادة لا يشترط  أن تكون الرسوم و النماذج  ذائما على مستوى فني رفيع، بل يكفي أن تضفي زينة إلى منفعة المنتجات، أما الرسوم و النماذج التي تتميز بقيمة فنية راقية، فهي تقبل الحماية المزدوجة، فهي تتمتع بالحماية المقررة بقانون الرسوم و النماذج الصناعية متى كانت مسجلة، كما تتمتع بالحماية الخاصة لحقوق المؤلف([59])، إذ ينص الأمر رقم 03-05 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة ([60])، في المادة 03 منه على:" تُمنح الحماية مهما يكن نوع المصنف و نمط تعبيره و درجة استحقاقه و وجهته، بمجرد إيداع المصنف..." وكذا المادة 04 من نفس الأمر التي ذكرت أن مؤلفات الفنون التطبيقية تشملها الحماية.

كما أكدت هذا المعنى معاهدة لاهاي الخاصة بالإيداع الدولي للرسوم و النماذج الصناعية سالفة الذكر، والتي نصت في المادة 21 أن أحكام المعاهدة لا تمنع من تطبيق أحكام معاهدة برن الخاصة بحماية المصنفات الفنية و الفن التطبيقي في الصناعة.

ويترتب على هذه الحماية المزدوجة للرسوم و النماذج الصناعية أنها تتمتع بالحماية حتى و لو لم تكن مسجلة، إذ يستطيع المالك أن يتمسك بالحماية الخاصة بحقوق المؤلف، عكس الحماية الخاصة بحقوق الملكية الصناعية التي تشترط التسجيل، كما تتمتع بحماية طويلة، بوصفها مصنفات فنية، أي مدى حياة المؤلف([61]) .

2-الحق في الرسوم و النماذج

 باعتبارها حق من حقوق الملكية الصناعية، فإن الرسوم و النماذج الصناعية تستفيد من الحماية الممنوحة لها بموجب الأمر66-86، فيتمتع مبدعوها بدورهم بالحقوق التي منحها لهم هذه الحماية، إلا أن هذه ىالحماية مشروطة بالحصول على شهادة تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي.

I –الشروط الموضوعية: و تتمثل فيما يلي

-                  الجدة و البتكار

-                  قابل للتطبيق الصناعي

-                  غير مخالف للآداب و النظام العام.

أ-الجدة و الابتكار:  و هو العنصر الجوهري إذ يُشترط أن يكون الرسم و النموذج جديدا حتى يستحق الحماية القانونية بغض النظر عن قيمته الفنية، و بالنسبة للمشرع الجزائري اشترط شرط الجدة في الفقرة الثانية من المادة الأولى من الأمر66-86  بقوله "...إن الحماية الممنوحة بموجب هذا الأمر تشمل الرسوم و النماذج الأصلية الجديدة دون غيرها.."

كما عرف الجدة في الفقرة الثالثة من نفس المادة كما يلي:" يعتبر رسما جديدا كل رسم أو نموذج لم يبتكر من قبل..." أي حتى يعتبر الرسم و النموذج جديدا يجب ألا يكون مسبوقا على مستوى الرسوم و النماذج من جهة، و أن لا يتم الكشف عنه قبل إيداع طلب تسجيله فيكون في متناول الجمهور سواء عن طريق النشر أو أي طريقة أخرى.

ولا يُشترط أن يكون في الابتكار الجدة في كل العناصر، فقد تكون الرسوم مقتبسة من التراث الفني أو رسوم و نماذج شائعة، على أن يكون متميزا بتعبير خاص ([62]).

ب-قابل للتطبيق الصناعي: شرط الاستغلال الصناعي نص عليه المشرع بصراحة في الفقرة الأولى من المادة الأولى من الأمر 66-86 " يعتبر رسما كل تركيب خطوط أو ألوان يقصد به إعطاء مظهر خاص بالصناعة التقليدية، و يعتبر نموذجا كل شكل قابل للتشكيل...."

أي لا تكون الرسوم و النماذج مجرد بل يجب أن تكون مجسدة، و قابلة للتحقيق عن طريق التصنيع أو الاستخدام.

أي أن أي رسم أو نموذج لا يمكن أن يكون قابلا للاستخدام كنموذج لصنع منتج صناعي أو حرفي إلا أن أمكن استثماره او استعماله في الميدان الصناعي أو الزراعي([63]) .

ج- عدم مخالفة الآداب و النظام العام:  و هو أمر بديهي، و قد نص عليه المشرع بوضوح في المادة 07 من الأمر 66-86 التي تنص على ما يلي:" يُرفض كل طلب يتضمن أشياء لا تحتوي على طابع رسم أو نموذج مطابق للمعنى الوارد في هذا الأمر أو تمس بالآداب العامة" ، فلا يجوز أن يجسد صورا أو أشكالا لا أخلاقية، أو أفكارا ثورية تحرض على العنف أو تمس بالدين أو بالوطن،...

II–الشروط الشكلية: هي الإجراءات التي يجب على صاحب الرسم و النموذج أن يتبعها، و هي إجراءات الإيداع و التسجيل و النشر.

أ‌-               الإيداع :  يلعب الإيداع دورا مهما كضمان للرسوم و النماذج، إذ تنص المادة الثانية على أنه:" يختص بملكية الرسم و النموذج أول من أجرى إيداعه..."

1-طلب الإيداع: يقوم صاحب الرسم أو النموذج سواء بنفسه أو عن طريق وكيله، شرط أن تكون هذه الوكالة ممضاة بخط اليد، بطلب الإيداع لدى الجهة المختصة.

و يتم الإيداع إما بتسليم الرسم أو النموذج مباشرة أو بإرساله عن طريق البريد برسالة موصى عليها مع طلب الإشعار بالتسليم ([64]).

    وعلى الأجانب الذين يريدون إجراء إيداع في الجزائر أن ينيبوا عنهم وكيلا جزائريا و مقيما بالجزائر([65]) .

2-مضمون الإيداع:  إضافة إلى اسم و لقب المودع و جنسيته، و إذا كان شخصا معنويا يُذكر اسمه و مقره ([66])، يجب أن يتضمن طلب الإيداع تحت طائلة الإبطال ما يلي ([67]):     

- أربع نسخ من تصريح الإيداع .  

- ست نسخ مماثلة من تمثيل الرسم أو عينتان من كل واحد من الأشياء أو الرسوم.

- وصل بدفع الرسوم الواجب أداؤها .

- يجوز إيداع كل رسم إما في شكل تخطيطيGraphique أو مصور Photographique أو في شكل عينة ([68]).

- ملحقات مبينة لمعاني الرسوم، و تودع في صندوق محكم الإغلاق و يوضع عليه خاتم و توقيع المودع ([69])، مع دفع ضريبة مستقلة عن الرسوم و النماذج المودعة ([70]).

ب- تسجيل الإيداع: تقوم المصلحة المختصة بنقل التصريح بالإيداع في دفتر الرسوم و النماذج، مع ذكر تاريخ استلام الظرف الذي يتضمنها، و كذا رقم الإيداع، كما عليها وضع ختمها و رقم التسجيل على كل المستندات المسلمة ([71]).                                                                               

 ثم تقوم أولا بفحص طلب الإيداع للتحقق من أن المودع استوفى كامل الإجراءات المنصوص عليها، و ليس دورها التحقق من جدة و ابتكار الرسم أو النموذج، بعدها توجه إلى المودع أو وكيله نسخة من التصريح الذي يعتبر بمثابة شهادة تسجيل.

ومدة الحماية الممنوحة هي 10 سنوات مقسمة إلى قسمين، الاولى تمتد مدة سنة، والثانية تسع سنوات، وتنتهي الحماية بانتهاء الفترة الأولى إذا لم يجر المطالبة بتمديد الحماية([72]).

ج- النشر: قد يكون النشر علنيا أو سريا، فيكون سريا في السنة الأولى من الإيداع شرط ألا يطلب المعني بالحق نشره، لأن أصحاب الصناعة بصفة عامة يرفضون نشر إنجازاتهم الفكرية قبل الترويج لمنتجاتهم، ثم تنتهي صفة السرية بانتهاء فترة الحماية الأولى وهي سنة، فيصبح النشر العلني إلزاميا([73]).

 أما بالنسبة لإجراءات النشر فيقوم مبتكر الرسم و النموذج بتوجيه عريضة نشر الإيداع إلى الهيئة المختصة، إما في آن واحد مع التصريح بالإيداع و إما خلال فترة الحماية الأولى، و يلتزم المعهد بوضع فهارس سنوية و نسخ صورية من الرسم أو النموذج الذي أصبح علنيا، مرفقا بملحق تفسيري تحت اطلاع الجمهور لكن بمقابل دفع رسم معين مع المنع من الاستنساخ تفاديا للتقليد ([74]).

2- آثار اكتساب ملكية الرسوم و النماذج

يترتب على ملكية الرسوم و النماذج التي تم إيداعها لصاحبها أو ذوي حقوقه، حق الاستئثار بالاستغلال، و حق التصرف فيها، و تسري آثار اكتساب الملكية من تاريخ الإيداع.

أ‌-               حق الاستئثار بالاستغلال: إن شهادة تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي هي سند ملكية صناعية، تخول لصاحبها السلطة المطلقة لاستغلال رسمه أو نموذجه شخصيا.

على خلاف الأمر بالنسبة للعلامة او البراءة، فالاستغلال الفعلي لايشكل شرطا للحصول على الحماية للرسم أو النموذج الصناعي ذو الطابع الفني، حتى بعد انقضاء مدة حق الاستئثار بالاستغلال، لكن ذلك لا يعني حرمانه من الحماية، بل يظل يتمتع بالحماية التي يخولها له القانون المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة ([75]).

ب‌-            حق التصرف: باعتبار الرسوم و النماذج حقا من حقوق الملكية الصناعية، تخوّل لصاحبها الحق في إجراء كافة التصرفات القانونية و المتمثلة فيما يلي([76]) :

-                  يجوز له التنازل عن حقوقه سواء جزئيا أو كليا، على أن يتم التنازل كتابة، و تسجيله في السجل الخاص بالرسوم و النماذج، ولم يشترط المشرع الرسمية في العقد، الأمر الذي يسمح بقبول العقد العرفي([77]).

-                  يجوز له الرهن، إلا أن المشرع الجزائري لم ينظم رهن الرسوم و النماذج، مما يقض إلى الرجوع للأحكام العامة المتعلقة بالرهن الحيازي للحقوق المعنوية. و الجدير بالذكر أنه لا يجوز أن يشمل الرهن الحيازي للمحل التجاري الرسوم و النماذج الصناعية إلا إذا عيّن ذلك وعلى وجه الدقة في العقد ([78]).

-                  يجوز لمبتكر الرسم أو النموذج أو خلفه وحده حق استثماره و بيعه و عرضه للبيع، والتكليف ببيعه ([79]).

-                  كما يجوز له الترخيص أي أن يمنح للغير حق امتياز لاستغلاله، سواء كان بالتراضي، أو جبري أي أن تقوم السلطة المختصة بمنح حق الاستغلال لكل مؤسسة تطلب ذلك، و هذا لمقتضيات المصلحة العامة ([80])، أي إما بسبب عدم الاستغلال، أو عدم استغلاله كفاية حتى يخدم الاقتصاد الوطني.

4-الاعتداء على الرسوم و النماذج الصناعية

أ-الاعتداء بالتقليد: لا تنحصر أعمال المنافسة غير المشروعة في تقليد الرسم أو النموذج جزئيا أو كليا، بل تمتد لأي عمل يتم فيها استغلالهما دون موافقة صاحب الحق، سواء بالبيع أو الاستيراد إلى داخل البلاد. 

 

 

يتحقق تقليد الرسم أو النموذج الصناعي إما باستخراج نسخ مطابقة له و هذا ما يسمى بالتقليد الكلي، و إما باستعمال رسم أو نموذج مشابه له، عن طريق تقليد العاصر الأساسية                                                        

والجدير بالذكر أن المشرع الجزائري اكتفى بذكر أن كل مس بحقوق صاحب الرسم أو النموذج يشكل جنحة تقليد ([81])، و لم يتطرق إلى صوره و أشكاله.

إن التقليد الكلي لا يجعل مجال للشك، أما بالنسبة للتقليد الجزئي فيجب أن نتبع معيار مهم لتحديده، و هو تقدير أوجه التشابه القائم بين الرسمين أو النموذجين، و لإذا وُجد بينهما بعض أوجه الاختلاف، فهذا لا يؤثر على قرار المحكمة ([82])

وبالتالي يكفي لتحقق جنحة التقليد أن يوجد تشابه إجمالي بين الرسمين أو النموذجين من شأنه خداع المستهلك أو المشتري و حمله على عدم التمييز بينهما وعدم لفت انتباهه على الفوارق الجزئية الموجودة بينهما ([83]).                                                                                                                                                                                                                                        

وبالتالي تقدير وجود التشابه بين رسمين أو نموذجين صناعيين يتم عادة بناء على خبرة من قبل مهنيين مؤهلين يقيّمون الرسم أو النموذج الصناعي المتهم بالتقليد انطلاقا من الانطباع العام الذي يخلفه عندهم بعد مقارنته بالرسم أو النموذج المحمي([84])

كما يجب أن يكون التقليد من أجل أغراض صناعية و تجارية، أي بقصد الربح، لذلك إذا كان التقليد لأغراض غير تجارية، تعليمية مثلا، فإن ذلك لا يعتبر تعديا على الحق في الاستئثار.

ويعتبر التقليد قائما حتى و لو استعملت الرسوم و النموذج المقلدة في تمييز منتجات مخالفة لتلك التي تستعمل الرسم أو النموذج المحمي، و هذا لأن الرسوم و النماذج إبداعات فنية و لذلك لا يجوز للغير أن يستعملها بقصد الربح دون علم صاحبها و مثال ذلك قرار القضاء الفرنسي بأن مجرد وضع في القمصان الصيفية رسومات تتخذ نموذج زجاجة عطر من نوع ungaro et lancome هذا يعتبر تقليدا للنموذجين ([85]).  

ب-الاعتداء على الرسوم و النماذج  بالاستيراد و البيع : يعتبر من أعمال الاعتداء على الرسوم و النماذج الصناعية كذلك استيراد منتج مقلد، أو عرضه للبيع أو بيعه، إلا أن المشرع الجزائري لم ينص بوضوح  عن هذا النوع من الاعتداءات.

فبالنسبة للاستيراد، أي إدخال منتوجات تحمل رسوم أو نماذج مقلّدة إلى داخل الوطن، هو اعتداء.

ويشترط أن يكون الاستيراد قد تم لأغراض تجارية أو صناعية، أما إذا كان الاستيراد من أجل استعمال شخصي أو إجراء تجارب علمية، فإن ذلك لا يعتبر اعتداء ([86]).

  أما البيع فهي عملية وضع المنتج المقلّد في يد المستهلك بغرض استعماله، و سواء تم ذلك من قِبل تاجر أو شخص عادي، و سواء قصد البائع تحقيق الربح أو لم يقصد ذلك.

 ويدخل في حكم البيع أو العرض من أجل البيع، الوارد على منتج مقلد عن رسم أو نموذج صناعي محمي، ذلك الفعل المتمثل في تقديم هذا المنتج كجائزة ـأو كهدية للمشتري بمناسبة قيامه بشراء منتج آخر غير مزيف، فتقديم منتج ما كجائزة أو كهدية يتم في إطار تقنية تسويقية ترتكز على اعتبار ثمن الجائزة أو الهدية جزء من ثمن الشيء المبيع ([87]).

 لكن مرتكب هذا الفعل لا يُسأل إذا لم كن على علم بأن المنتج الذي يعرضه للبيع أو باعه قد تم تقليده عن رسم أو نموذج آخر، محمي بشهادة تسجيل.

ثالثا:التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة

تعتبر التصاميم التي تشكل الدوائر المندمجة مهمة جدا في المجال الاقتصادي، حيث أن كل تطور تقني أو تكنولوجي مبني على تصاميم الدوائر المندمجة. إن ابتكار الدوائر المتكاملة وتطويرها كان أحد أهم اكتشافات القرن العشرين, حيث دخلت الدوائر المتكاملة في سائر جوانب الحياة العامة وتغلغلت في البنية التقنية للعالم, فأصبحت كل آلة أو جهاز إلا والدوائر المتكاملة تشكل جزءا مهما منها إن لم تكن نواتها ومحركها.

ونظرا لأهميتها أعدت اللجنة الأوروبية مشروع قانون الحماية، أصدره مجلس أوروبا عام 1986 كدليل لحماية الدوائر المتكاملة، بغرض توفير الانسجام التشريعي بين دول أوروبا، وفي عام 1989 أُبرمت اتفاقية واشنطن بشأن الدوائر المتكاملة، و مصر هي الدولة العربية الوحيدة المنظمة في هذه الاتفاقية.

لكن تنظيم اتفاقية تربس لقواعد حماية الدوائر المتكاملة (من المواد 35 إلى 38) ساهم في تزايد الجهد التشريعي في هذا الحقل.

 وقد نظمها المشرع الجزائري لأول مرة سنة 2003 في الأمر رقم 03- 08 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر([88])، ولإعطاء الأمر أهمية أكثر تم إصدار المرسوم التنفيذي رقم 05-276 الذي يحدد كيفيات إيداع التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة و تسجيلها ([89])

1-مفهوم التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة

''الدائرة المتكاملة هي كل منتج في هيئته النهائية أو في هيئته الوسطى يتضمن مكونات- أحدها على الأقل يكون عنصرا نشطا- مثبتة على قطعة من مادة عازلة، و تشكل بعض الوصلات أو كلها كيانا متكاملا يستهدف تحقيق وظيفة إلكترونية محددة'' ([90])

عرفها فؤاد معلال كما يلي: " هي اختراعات كذلك إلا أنها تتعلق بالميدان الالكتروني، حيث تأتي إما في شكل دائرة مندمجة circuits intégré و تسمى كذلك puce أو في شكل منتج وسيط سيدخل في تشكيل أي منتج نصف موصل produit semi conducteur ، و هذا يعني أنه يجب التمييز بين الدائرة المندمجة و بين تصميم تشكلها( أو طبوغرافيتها)" ([91]).

وعرفها المشرع الجزائري في المادة الثانية من الأمر 03-08 كما يلي:

"- الدائرة المتكاملة: منتوج في شكله النهائي أو في شكله الانتقالي يكون أحد عناصره على الأقل عنصرا نشيطا و كل الارتباطات أو جزءا منها هي جزء متكامل من جسم و/أو سطح لقطعة من مادة و يكون مخصصا لأداة وظيفة إلكترونية

- التصميم الشكلي: (نظير الطبوغرافيا) كل ترتيب ثلاثي الأبعاد، مهما كانت الصيغة التي يظهر فيها لعناصر يكون أحدهما على الأقل عنصرا نشيطا و لكل وصلات دائرة متكاملة أو للبعض منها أو لمثل ذلك الترتيب الثلاثي الأبعاد المعد لدائرة متكاملة بغرض التصنيع"

-                  عرفتها اتفاقية واشنطن للدوائر المتكاملة بأنها([92]) :

1) يقصد بعبارة ''الدائرة المندمجة'' كل منتج تكون فيه العناصر، على أن يكون أحد العناصر الأقل عنصرا نشطا و بعض الوصلات أو كلها جزءا لا يتجزء من قطعة من المادة و/أو عليها، في شكله النهائي أو شكله الوسط، و يكون الغرض منه أداء وظيفة الكترونية.

2) يقصد بمصطلح ''التصميم( الطبوغرافية)'' أي ترتيب ثلاثي الأبعاد للعناصر، على أن يكون أحد العناصر على الأقل نشطا، و لبعض الوصلات أو كلها دائرة متكاملة، أو الترتيب ثلاثي الأبعاد المعد لدائرة متكاملة بغرض التصنيع''  

نلاحظ أن التعريفين لا يختلفان عن بعضهما البعض، إلا أنهما ركزا على الجانب الفني للدوائر المتكاملة، و لا يعتبر تعريفا قانونيا، يحدد الخصائص موضوع الحماية القانونية.

ومما لا شك فيه أن إنتاج المبدع لتصاميم الدوائر المتكاملة هو إنتاج ذهني يدخل ضمن حقوق المؤلف و الحقوق المجاورة مثله مثل الرسوم و النماذج الصناعية، أي أن له حماية مزدوجة ( كما ذكرناها سالفا)

2-الحق في التصاميم الشكلية للدوائر

لكل مبدع لتصميم تشكل الدائرة المندمجة حق تملكها، لكن هذا الحق لا يكون محمي قاونا إلا إذا كان مستوفي لكل الشروط الموضوعية، ثم يقوم المبدع ببعض الاجراءات الشكلية حتى تكتمل هذه الحماية.

I الشروط الموضوعية: نص المشرع الجزائري على شرطين مهمين وهما([93]) :

أ‌-               شرط الأصالة: Originalité شرح المشرع الجزائري مفهوم الأصالة في المادة الثالثة بمايلي: '' إذا كان ثمرة مجهود فكري لمبتكره ''.

وبالتالي يجب أن يكون التصميم (التركيبة أو الترتيب) ناتج عن مجهود فكري بذله مبدعه، أي يجب ألا يكون بديهيا، أو بسيطا، أو مبتذلا، و إنما اقتضى مجهودا فكريا خاصا، بحيث يصدق عليه بالفعل وصف إبداع ([94]).

ب‌-            كون التصميم غير معروف:  أو عدم الشيوع، و كما ذكر المشرع الجزائري: '' لم يكن متداولا  لدى مبتكري التصاميم الشكلية و صانعي الدوائر المتكاملة'' أي أن لا يكون مألوفا لدى مبتكري الدوائر المتكاملة، و عدم الشيوع هو عدم اطلاع أهل الخبرة من المبدعين على هذا التصنيف، قد يكون في ذهنهم لكنه غير مألوف، فاضاف شيئا جديدا إلى معرفتهم، و عمل على تحسين أداء وظيفي هم بحاجة إليه ([95])

II – الشروط الشكلية: هي إجراءات حدد مبادئها كل من الأمر 03-08، و المرسوم التنفيذي رقم 05-276 سالفي الذكر، و لذلك على مبتكري التصاميم الشكلية و صانعي الدوائر المتكاملة اتباعها حتى تتمتع مبتكراتهم بالحماية القانونية، و تتمثل هذه الاجراءات فيما يلي :

أ‌-              الطلب: هو طلب كتابي يقدم للمعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية.

1-             المؤهلون لإيداع الطلب: الحق في الإيداع يعود إلى مبدعه أو ذوي حقوقه أو وكيله، أما إذا تشارك شخصان فأكثر في هذا الإبداع، فإن الحق في إيداع الطلب مشترك بينهم جميعا([96]).

أما إذا تم إنجاز التصميم الشكلي ضمن إطار عقد عمل أو عقد مؤسسة، فإن الحق في الإيداع بطبيعة الحال يعود للهيئة المستخدِمة، فهذا من حقها لأنها تموله و توفر له الجو المناسب، إلا إذا كان العقد الذي بينهما نص على خلاف ذلك ([97]).

إذا كان أصحاب الطلب مقيمون خارج الوطن، عليهم أن ينتدبوا وكيلا لهم لدى االمصلحة المختصة ([98]).

2-             مضمون الطلب: يجب أن يتضمن الطلب المعلومات التالية([99]) :

-                  اسم المودع و عنوانه و جنسيته، و إذا كانوا عدة مودعين يقدم كل منهم بياناته الخاصة به، أو   اسم وعنوان الوكيل و تاريخ الوكالة، و إذا كان الشخص معنوي فاسم شركته، و عنوان مقرها.

-                  وصف مختصر و دقيق للتصميم الشكلي، مع نسخة أو رسم للتصميم، مع المعلومات التوضيحية الكافية التي تحدد الوظيفة الالكترونية للدائرة المتكاملة ([100]).

-                  يجب أن يكون الطلب مِرخا و ممضيا من صاحب الطلب أو وكيله.

ب‌-            التسجيل و النشر: يتم تسجيل التصميم الشكلي في سجل يسمى ''سجل التصاميم الشكلية'' و هذا بعد استيفاء الطلب لكل الشروط الشكلية و دفع الرسوم المستحقة، فالمعهد لا يقوم بفحص الشروط الموضوعية، و إذا لم يستوف شروطه الشكلية تستدع المصلحة المختصة المودع و تعطيه أجل مدته شهرين لإتمام ملفه و هذا ما نصت عليه المادة السادسة من المرسوم 05-276 السالف الذكر. 

بعدها يسلم للمودع شهادة تسجيل، ثم يُنشر في النشرة الرسمية للملكية الصناعية مع كل بياناته([101])، و يجوز لكل شخص الحصول على مستخرجات لكن بشرط أن يكون بترخيص من صاحبه، و تسديد الرسم المحدد قانونا ([102]).

3-الحقوق و الالتزامات الناتجة عن تسجيل التصميم الشكلي للدوائر المتكاملة:

أ – الحقوق المترتبة عن تسجيل التصميم الشكلي للدوائر المتكاملة: يترتب على تسجيل التصميم حق ملكيته مما يخول لمبدعه عدة حقوق أهمها:

-                  حق الاستئثار بالاستغلال للمبدع أو ذوي حقوقه طيلة فترة الحماية، و يكون الاستغلال بالاستفادة منه ماليا بكافة الطرق المسموحة بها قانونا.

-                  حق التصرف، أي التنازل عنه سواء كليا أو جزئيا، وسواء كان بمقابل كالبيع ، أو بدون مقابل الارث أو الوصية أو الهبة.

-                  الترخيص بالاستغلال، و عقد الترخيص ليس ناقلا للملكية، بل ينتقل بموجبه الاستغلال فقط و تبقى الملكية للمبدع ([103]).

-                  الرهن .

ب-الالتزامات المترتبة عن تسجيل التصميم الشكلي للدوائر المتكاملة:

-                  الالتزام باستغلال التصاميم الشكلية، و هذا نظرا للدور الكبير الذي تلعبه هذه الأخيرة في المجال التكنولوجي

-                  الالتزام بالترخيص للغير في حالة عدم استغلاله للتصميم، أما إذا لم يقم المبدع باستغلال التصميم أو لم يرخص للغير باستغلاله، فإن الوزير المكلف بالملكية الصناعية،أنيقرر، و لو بدون موافقة المالك بأن هيئة عمومية للغير الذي يعينه، يمكنها استغلال التصميم الشكلي.  

خاصة عندما يقتضي الصالح العام ذلك مثل الأمن الوطني، أو التغذية ،أو الصحة،أو قطاعات حيوية أخرى للاقتصاد الوطني([104]) .

4-الاعتداء على التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة

حصر المشرع الجزائري مدة الحماية للتصميم الشكلي في 10 سنوات، ابتداء من ([105]):

-                  تاريخ أول استغلال تجاري في أي مكان في العالم بموافقة مالك الحق، على أن يودع مالك الحق طلبا للحماية لدى الهيئة المختصة في مدة لا تزيد عن سنتين.

-                   تاريخ إيداع الطلب لدى الهيئة المختصة، ما لم يتم استغلاله ماديا من قبل.

وبما أن تسجيل التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة يخول لصاحبها حق الاستئثار بالاستغلال، فإن المشرع يمنع دون علم صاحب الحق ما يلي، في نص المادة 05 من ، الاعتداء على التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة يكون إما بالتقليد(مع أن المشرع استعمل مصطلح نسخ)الكلي أو الجزئي، أو بالتسويق أي الاستيراد او البيع أو التوزيع.

أ-الاعتداء على التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة بالتقليد : نص عليها المشرع في نص المادة 05 من الأمر  03-08:'' تعطي الحماية الممنوحة بموجب هذا الأمر، لصاحبها حق منع الغير من القيام بالأعمال الآتية دون رضاه:

1)               نسخ التصميم الشكلي المحمي للدائرة المتكاملة بشكل جزئي أو كلي، بالإدماج في دائرة متكاملة أو بطريقة أخرى، إلا إذا تعلق الأمر بنسخ جزء لا يستجيب لشروط الأصالة كما هي محددة في المادة 3 أعلاه''.

وكما بينا سابقا أن التقليد هو اصطناع شيء كاذب على قاعدة شيء أصلي و قانوني.

أو هو نقل شيء عن الأصل بصورة احتيالية و تدليسية، قصد التحريف و الغش، وتنسيبه لغير صاحبه الأصلي لإيقاع الغير في الخطأ و الخلط بين الأصلي و المقلد

ولا تمتد الحماية عندما يتم استنساخ دائرة متكاملة تتضمن تصميما شكليا متوفر في السوق وبرضا صاحبها ([106]).

كما أن الحماية القانونية تقتصر على الاستعمال التجاري للتصميم، أما إذا كان الاستغلال لأغراض خاصة هدفها التقييم أو البحث العلمي فهنا لا تشمله الحماية ([107])، و القصد من هذا الاستثناء هو تشجيع الابتكار في مجال التصميم التخطيطي المفيدة في الحياة العلمية لمواكبة التطور الالكتروني([108]).

وكذلك لا يعتبر تعديا من قِبل شخص أُمر بإنجاز العمل دون أن يعلم أنه يعمل على تصميم مستنسخ ، و لمثل هذا الشخص حتى بعد إعلامه بواقع التقليد على التصميم يمكنه مواصلة إنجاز عمله على المخزون الذي طلبه قبل إعلامه بذلك، على أن يدفع إتاوة لصاحب الحق أي صاحب التصميم الأصلي([109]) .

ب-الاعتداء على التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة بالبيع و التسويق:  نص عليها المشرع في نص المادة 05 من الأمر  03-08 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر:

'' تعطي الحماية الممنوحة بموجب هذا الأمر، لصاحبها حق منع الغير من القيام بالأعمال الآتية دون رضاه: 1-......

2 - استيراد أو بيع أو توزيع، بأي شكل آخر، لأغراض تجارية، تصميم شكلي محمي أو دائرة متكاملة يكون تصميمها الشكلي المحمي يتضمن هذه الدائرة بحيث يظل يحتوي على التصميم الشكلي المنسوخ بطريقة غير شرعية.''

تفترض هذه الجريمة، بأن تقليد التصميم قد تم بالفعل، و بالتالي فإن موضوعها ليس التقليد، وإنما هو القيام ببيع التصميمات المقلدة، عرضها للبيع، أو تسويقها باستيرادها داخل الوطن وتوزيعها.

وبالتالي فإن الاعتداء على التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة لا يقف عند حد البيع باعتباره تملك المبيع لقاء عوض معلوم، بل إنه يمتد ليشمل عرض التصاميم المقلدة للبيع، أو استيرادها بقصد البيع، أو حيازتها بقصد البيع([110]) ، لأن فعل عرض المنتجات المقلدة أو استيرادها بقصد البيع أو حيازتها، يشكل ترويجا للسلع المقلدة، و يؤدي إلى إخلال الثقة في المنتجات الأصلية، و في ذلك خرق للحماية التي أصبغها القانون على التصاميم.

وسواء كان استيراد التصميم التخطيطي أو بيعه أو توزيعه تم على وجه الانفراد، أو كان مندمجا في دائرة متكاملة، أو كان أحد المكونات لسلعة، المهم انه يلزم لتوافر هذه الجريمة أن يثبت أن أيا من هذه الأفعال قد تم بقصد التجارة ([111]).

لكن إذا كان الشخص الذي باشر هذه الأعمال أو أمر بمباشرتها لا يعلم، و ليس لديه سبب معقول لكي يعلم بأنه تصميم تخطيطي غير مشروع، فيجوز له مباشرة هذه الأعمال بعد علمه، لكن فقط بالنسبة للكمية الموجودة، على أن يدفع لمالك الحق أي صاحب التصميم التخطيطي الأصلي، تعويضا عادلا، يتم الاتفاق عليه([112]).



([1])  سمير حسين جميل الفتلاوي، مرجع سابق، ص22.

([2]) Jean-Christophe GALLOUX, Droit de la propriété industrielle, DALLOZ , Paris,2000, P 176.

([3]) الأمر رقم 66-54 المتعلق بشهادة المخترعين و إجازات الاختراع، المؤرخ في 03 مارس 1966.

([4]) المرسوم التشريعي 93-17 المتعلق بحماية الاختراعات، المؤرخ في 07 ديسمبر 1993، الجريدة الرسمية عدد 81، الملغى بموجب الأمر 03-07.

([5]) الأمر رقم 03-07 المتعلق ببراءات الاختراع، المؤرخ في 19 جويلية 2003، الجريدة الرسمية الصادرة في 23 جويلية 2003، عدد 44.

([6]) المرسوم التنفيذي رقم 05-275 المؤرخ في 02 أوت 2005، يحدد كيفيات إيداع براءات الاختراع و إصدارها، الجريدة الرسمية الصادرة في 07 أوت 2005، عدد 54.

([7]) أنظر: محمد حسني عباس، مرجع سابق، ص57 ، وصلاح زين الدين، الملكية الصناعية و التجارية، مرجع سابق، ص 24.

([8]) المادة 02 من الأمر رقم 03-07  المتعلق ببراءات الاختراع، مرجع سابق.

([9]) فؤاد معلال، مرجع سابق، ص67.

([10]) حساني علي، مرجع سابق، ص32.

([11])  المادة 15 من الأمر 03-07 المتعلق ببراءات الاختراع، مرجع سابق.

([12]) حساني علي، مرجع سابق، ص 69.

([13]) فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري –الحقوق الفكرية-، مرجع سابق،ص63 .

([14]) محمد لفروجي، مرجع سابق، ص45 .

([15]) المرسوم الرئاسي رقم 97-317 المتضمن انضمام الجزائر إلى البروتوكول المتعلق بالمعارض الدولية، المؤرخ في 21 أوت 1997، الجريدة الرسمية عدد 54 .

([16]) فؤاد معلال، مرجع سابق، ص 114 .

([17]) سميحة القليوبي، مرجع سابق، ص 42.

([18]) محمد لفروجي، مرجع سابق، ص49 .

([19]) أنظر: المواد 03 و 06 من الأمر 03-07 المتعلق ببراءة الاختراع، مرجع سابق.

([20]) حساني علي، مرجع سابق، ص85.

([21]) المادة 06 من المرسوم التشريعي 93-17 المتعلق بحماية الاختراعات، الملغى بموجب الأمر 03-07، مرجع سابق.

([22]) أنظر المرسوم الرئاسي رقم 354-92 المؤرخ في 23 سبتمبر1992، الذي يتضمن التصديق على اتفاقية فيينا لحماية الأوزون، المبرمة في 22 مارس 1985.

([23]) أنظر المرسوم الرئاسي رقم 2002-400 المؤرخ في 25 نوفمبر 2002، الذي يتضمن التصديق على الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات، الجريدة الرسمية الصادرة في 27 نوفمبر 2002، عدد 28.

([24]) أنظر المرسوم الرئاسي رقم 2004-170 المؤرخ في 08 يونيو 2004، الذي يتضمن التصديق على بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الأحيائية، التابع للاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، الجريدة الرسمية الصادرة في 13 يونيو 2004، عدد 38.

([25]) A .CHAVANE et J. BURST, op.cit , P 54 .

([26]) عباس حلمي المنزلاوي، الملكية الصناعية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1983، ص 81.

([27]) فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري –الحقوق الفكرية-، مرجع سابق، ص94.

([28]) القاصر هنا هو من بلغ سن التمييز و لم يبلغ سن الرشد.

([29]) أنظر المادة 05 من القانون التجاري.

([30]) المرسوم التنفيذي رقم 05-275 الذي يحدد كيفيات إيداع براءات الاختراع، مرجع سابق.

([31]) محمود ابراهيم الوالي، حقوق الملكية الفكرية في التشريع الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1983، ص47.

([32]) حساني علي، مرجع سابق، ص108.

([33]) صلاح زين الدين، الملكية الصناعية و التجارية، مرجع سابق، ص 52.

([34]) فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري –الحقوق الفكرية-، مرجع سابق، ص92.

([35]) المادة 04 من المرسوم التنفيذي 05-275 الذي يحدد كيفيات إيداع براءات الاختراع، مرجع سابق.

([36]) المادة 09 من المرسوم التنفيذي 05-275 ، نفس المرجع، و المادة 20 من الأمر 03-07 المتعلق ببراءة الاختراع، مرجع سابق.

([37]) المادة 15 من الأمر 03-07 ، نفس المرجع.

([38]) المادة 20 من الأمر 03-07 ، نفس المرجع، و المادة 03 من المرسوم التنفيذي 05-275، نفس المرجع.

([39]) المادة 22 من الأمر 03-07 ، نفس المرجع، انظر المواد من 10 إلى 18 من المرسوم التنفيذي 05-275، نفس المرجع.

([40])  أنظر المواد من 18 إلى 23 من المرسوم التنفيذي 05-275، مرجع سابق.

([41])  حساني علي، مرجع سابق، ص126.

([42]) أنظر المادة 19 من الأمر 03-07 ، مرجع سابق، و المادة 27 من المرسوم التنفيذي 05-275، نفس المرجع.

([43])  فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري –الحقوق الفكرية-، مرجع سابق، ص126.

([44]) أنظر المادتين 33 و 34 من الأمر 03-07 ، مرجع سابق.

([45]) أنظر المادة 11 من الأمر 03-07 ، مرجع سابق،

([46]) أنظر المادة 15 من الأمر 03-07 ، نفس المرجع ،

([47]) سميحة القليوبي، مرجع سابق، ص34،

([48])  فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري –الحقوق الفكرية-، مرجع سابق، ص135،

([49]) أنظر المادة 54 من الأمر 03-07 ، مرجع سابق،

([50])  عبد الله حسين الخشروم، مرجع سابق، ص 99.

([51])   صلاح زين الدين، الملكية الصناعية و التجارية، مرجع سابق، ص 150.

([52])  حساني علي، مرجع سابق، ص 172.

([53])  محمد حسني عباس، مرجع سابق، ص 197.

([54]) P. Roubier, op.cit , P374 .

([55])   فؤاد معلال، مرجع سابق، ص356.

([56]) تم التوقيع على هذه الاتفاقية في 6 يونيو 1925 ودخلت حيز التنفيذ سنة 1928، وقد تمت مراجعة هذه الاتفاقية عدة مرات خصوصا بلندن سنة 1934 وبلاهاي سنة 1960.

([57])  الأمر رقم 66-86 المؤرخ في 28 أفريل سنة 1966، المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، الجريدة الرسمية الصادرة في 03 ماي 1966، عدد 35، ص 406.

([58])  المرسوم رقم 66-87 المؤرخ في 28 أفريل سنة 1966، المتضمن تطبيق الأمر رقم 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، الجريدة الرسمية الصادرة في 03 ماي 1966، عدد 35، ص 410.

([59])   محمد حسني عباس، مرجع سابق، ص146.

([60])  الأمر رقم 03-05 المؤرخ في 19 يوليو 2003، المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، الجريدة الرسمية الصادرة في 05 نوفمبر2003، عدد 67.

([61])   محمد حسني عباس، مرجع سابق، ص 146.

([62])   محمد حسني عباس، مرجع سابق، ص150، 

([63])   محمد لفروجي، مرجع سابق، ص242، 

([64])   أنظر المادة 09 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق، و المادة 01 من المرسوم رقم 66-87، مرجع سابق،

([65])   أنظر المادة 08 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([66])   أنظر المادتين 02 و 04  من المرسوم 66-86، المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([67])   أنظر المادة 09 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([68])   أنظر المادتين 02 و 04  من المرسوم 66-86، المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([69])   أنظر المادة 09 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([70]) المرسوم رقم 74-207 المؤرخ في 1 أكتوبر1974، المتضمن تحديد الرسوم المطبقة على الرسوم و النماذج الصناعية، الجريدة الرسمية الصادرة في 11 أكتوبر 1974، عدد 82، 

([71])  أنظر المادة 11 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([72])  أنظر المادة 13 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([73])  أنظر المادة 16 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([74])  أنظر المادة 17 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([75])  فؤاد معلال، مرجع سابق، ص396.

([76])  أنظر المادة 21 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([77])  سمير جميل حسين الفتلاوي، مرجع سابق، ص382.

([78])  فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري –الحقوق الفكرية-، مرجع سابق، ص382.

([79]) علي نديم الحمصي، الملكية التجارية والصناعية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2010، ص271.

([80])  أنظر المادة 20 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([81])  أنظر المادة 23 من الأمر 66-86 المتعلق بالرسوم و النماذج الصناعية، مرجع سابق.

([82])  فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري –الحقوق الفكرية-، مرجع سابق، ص336.

([83])  مصطفى كمال طه ، مرجع سابق، ص726.

([84])  فؤاد معلال، نفس المرجع، ص404.

([85])  cass paris –19 mars 1992 - R،D،P،I-1994-N34-10،P 04.

([86])  محمد لفروجي، مرجع سابق، ص267 .

([87])  محمد لفروجي، مرجع سابق، ص269.

([88])  الأمر 03-08 المؤرخ في 19 يوليو 2003، يتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة، الجريدة الرسمية الصادرة في 23-07-2003، العدد44.

([89]) المرسوم رقم 05-276 المؤرخ في 02 أوت 2005 ، يحدد كيفيات إيداع التصاميم الشكلية للدوائر المتكاملة وتسجيلها، الجريدة الرسمية عدد 54، ص09.

([90])  عمار طهرات، أمحمد بلقاسم، مرجع سابق، ص11.

([91])  فؤاد معلال، مرجع سابق، ص346، 

([92])  أنظر المادة الثانية من اتفاقية واشنطن، مرجع سابق.

([93])  المادة 03 من الأمر 03-08، المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر، مرجع سابق،  ما يقابلها المادة L،22-1 من قانون الملكية الفكرية الفرنسي

([94])  فؤاد معلال، مرجع سابق، ص347.

([95])  نوري حمد خاطر، مرجع سابق، ص212.

([96])  المادة 09 من الأمر 03-08، المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر، مرجع سابق.

([97])  المادة 09 من الأمر 03-08 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر، مرجع سابق.

([98])  المادة 05 من المرسوم ، رقم 05-276 ، مرجع سابق، 

([99])  المادة 04 من المرسوم ، رقم 05-276 ، مرجع سابق، 

([100])  المادة 03 من المرسوم ، رقم 05-276 ، مرجع سابق، 

([101])  المادة 18 من الأمر 03-08 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر، مرجع سابق.

([102])  المادة 19 من الأمر 03-08 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر، مرجع سابق.

([103])  المادة 30 من الأمر 03-08، نفس المرجع،

([104])  المادة 31 من الأمر 03-08، مرجع سابق،

([105])  المواد 07 و 08  من الأمر 03-08، مرجع سابق.

([106])  المادة 06 الفقرة 02، من الأمر 03-08 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر، مرجع سابق.

([107])  المادة 06 الفقرة 01، من الأمر 03-08 المتعلق بحماية التصاميم الشكلية للدوائر، مرجع سابق.

([108])  سعيد بن عبد الله بن حمود المعشري، مرجع سابق، ص200.

([109])  المادة 06 الفقرة 04، من الأمر 03-08، مرجع سابق.

([110])  أنظر سميحة القليوبي، مرجع سابق، ص244،

([111]) أمين مصطفى محمد ، مرجع سابق، ص65،

([112])  سعيد بن عبد الله بن حمود المعشري، مرجع سابق، ص202،

Modifié le: samedi 4 mai 2024, 22:26