المبحث الثالث :طرق تسيير المرافق العامة
المبحث الثالث
طرق تسيير المرافق العامة.
أرينا فيما سبق أن المرافق العامة أنواع مختلفة، لذا كان من الطبيعي أن تتباين أساليب تسييرها ،في اختيار طريقة من الطرق تراعي الإدارة اعتبارات متعددة: سياسية واجتماعية واقتصادية، ففي الدولة الليبرالية الكلاسيكية كانت الأساليب تنحصر في الاستغلال المباشر، وفي استلزام بعض المرافق الاقتصادية ثم تنوعت طرق إدارة المرفق العامة، تحت تأثير الأفكار الإشتراكية وتدخل الدولة المكثف في المجال الإقتصادي والإجتماعي، فظهرت أساليب جديدة في التسيير ،تعتمد التأميم والمؤسسات والمنشآت العمومية و الإقتصاد المختلط، ومع ت ارجع الأفكار الإشتراكية إثر انهيار المعسكر الشيوعي وتفوق الأفكار الليبرالية التي تنادي بخوصصة طرق تسيير المرافق العامة وإخضاعها لقواعد المنافسة[1]، قامت الدولة بإفساح المجال للقطاع الخاص بالمشاركة في تسيير المرافق العامة.
وعلى ضوء ما تقدم يمكن أن نميز بين الأساليب التالية في تسيير واستغلال المرافق العامة:
المطلب الأول :الأساليب العامة لإدارة المرفق العام (الطرق الكلاسيكية )
تتمثل الطرق العامة لإدارة وتسيير المرافق العامة في تكفل الدولة بنفسها القيام بتلك المهمة
وهذه الطرق العامة تتخذ شكلين أو صورتين هما[2]:
الفرع الأول
الاستغلال المباشر
وهو الشكل العادي لتسيير المرفق العمومي، ويقصد به أن تقوم الدولة أو الجماعة المحلية بإدارة المرفق مستعينة بأموالها وموظفيها ومستعملة في ذلك وسائل القانون العام[3].
إن أسلوب الإدارة المباشرة، la régie يتبع عادة في إدارة المرافق العمومية التقليدية أي الإدارية في الوقت الحاضر، وذلك لأنها غير مربحة من جهة ،ومن جهة أخرى ترى الدولة أنه من الخطورة التنازل عنها سواء بإخضاعها للتخصص أو بتوكيلها للأفراد ( وكالة المرفق العام)، ففي السابق كانت الدولة تحتكر كل نشاطات المنفعة العامة( سواء الإدارية أو التجارية والصناعية)[4].
إلا أن هذا لا يمنع من استخدام أسلوب الإدارة المباشر في عدد من المرافق العامة التجارية والصناعية سواء كانت تابعة للدولة أو الجماعات المحلية ،إذا أرت هذه الأخيرة مصلحة في ذلك[5].
وتجدر الإشارة أن الميزة الأساسية في أسلوب التسيير المباشر في مختلف أشكاله أن المرفق العام ضمن هذا الأسلوب لا يتمتع بالشخصية المعنوية[6]، بحيث تتولى الإدارة سواء كانت إدارة مركزية كالوزارات أو إدارة لا مركزية إقليمية كالبلديات، القيام بالنشاط (المرفق العام) بنفسها ولحسابها ،فتتولى تنظيم المرفق وتشغيل وتعيين موظفيه وتمويله وتتحمل مخاطر التشغيل والمسؤولية عن الأضرار التي يسببها المرفق للغير وتدخل في علاقة مباشرة بالمنتفعين بخدمات المرفق العام الذي تسيره تسييرا مباشرا.
واستنادا إلى ما سبق ذكره فإن النتائج المترتبة على التسيير المباشر هي[7]:
- موظفو المرافق العمومية المسيرة تسييرا مباشرا هم موظفون عموميون يخضعون لقانون الوظيفة العامة بكل ما يحمله من حقوق والتزامات.
- تعتبر كل أملاك المرفق العام أملاكا عمومية تخضع لأحكام الدومين العام.
- القرارات التي تصدرها قرارات إدارية.
- العقود التي تبرمها عقود إدارية.
- القضاء الإداري هو المختص بالمنازعات المتعلقة بها.
- تعتمد في تمويلها على الميزانية العامة للدولة أو على ميزانية الجماعة المحلية[8]، ومن ثم تخضع لقواعد المحاسبة العمومية وللرقابة على المالية العمومية.
ويقوم بالإستغلال المباشر كل من الدولة، وذلك عن طريق الوزارات أو مصالحها الخارجية، وتدعى كذلك المرافق الوطنية التي ينص على إنشائها القانون (العدالة، الأمن...) والتي تستهدف قضاء حجات مشتركة لجميع سكان الدولة. أو الجماعات المحلية (البلدية والولاية) لسد حاجات مشتركة ومنافع معينة لسكان إقليم معين، ومن أمثلة ذلك مرافق النقل المحلية والنظافة...، وهو ما أجازه المشرع للولاية بموجب المادة 142 من قانون الولاية استغلال مصالح عمومية بصفة مباشرة، كما نصت المادة 151 من قانون البلدية على أنه يمكن للبلدية أن تستغل مصالحها العمومية عن طريق الاستغلال المباشر.
الفرع الثاني :أسلوب المؤسسة العامة: (Etablissement Public)
أولا: مفهوم المؤسسة العامة:
المؤسسة العامة هي شخص معنوي عام، الهدف من إنشائها هو التسيير المستقل والمتخصص للمرفق العام، إلى جانب الدولة والمجموعات المحلية وعليه فإن تسيير المرافق العامة قد يعهد إلى أشخاص عمومية أخرى، والتي أطلق عليها اسم المؤسسة العامة[9].
وتعرف المؤسسة العامة على أنها " شخص معنوي خاضع للقانون العام وهي مكلفة بتسيير مرفق عام[10]".
ويعرفها سليمان الطماوي بأنها" :مرفق عام يدار عن طريق مؤسسة عامة ،يتمتع بالشخصية المعنوية"
كما يعرفها Pierre-Laurent Frier على أنها" :شخص معنوي من القانون العام يسير مرفق عمومي متخصص ،مستقل عن الدولة والجماعات المحلية ،ولكنه مرتبط بهما"
"L'établissement publique est une personne morale de droit publique gérant une
service publique spécialisé, distincte de l'état des collectivités locales mais rattachée à eux."[11]
ولقد أطلق عليها الفقه باللامركزية المرفقية ( التقنية) كمقابل للامركزية الإقليمية، حيث تفوض الدولة لشخص معنوي عام تسيير مرفق عام، وذلك بمنحها استقلالية مالية وإدارية وفي إطار التخصص بهدف تحسين الخدمة العمومية. وهي بذلك تختلف عن التسيير المباشر، كونها تتمتع بالشخصية المعنوية.
ويترتب على استقلالية المؤسسة عن الدولة جملة من النتائج [12]:
- الإستقلال المالي: تتمتع المؤسسة العامة بذمة مالية مستقلة عن الدولة أو الجماعة الإقليمية المنشئة لها ،فهي مستقلة في تحصيل إي ايرادتها وفي الإنفاق.
- الاستقلال الإداري(الأجهزة): حتى تعمل بصورة منتظمة ومستمرة، تقوم المؤسسة العامة على أجهزة إدارية خاصة بها وتتكون هذه الأجهزة بصفة عامة ،من جهاز تداولي يتمثل في مجلس الإدارة مكون من ممثلي الوزارات المعنية بالمجال ،معينة من قبل الوصاية وهو المسؤول عن اختيار الإست استراتجيات وتحديد برنامج النشاط وكذا اتخاذ كافة القرارات ،وجهاز تنفيذي يتمثل في المدير وقد يساعدوه معانون وهو المسؤول عن تنفيذ قرارات مجلس الإدارة ويمارس السلطة السلمية على الموظفين وهو كذلك الآمر بالصرف فيما يخص ميزانية المؤسسة العامة[13].
- أن يكون لها حق قبول الهبات والوصايا.
- أن يكون لها حق التعاقد دون الحصول على رخصة.
- أن يكون لها حق التقاضي.
- أن تتحمل نتائج أعمالها وتسأل عن الأفعال الضارة التي تلحق بالغير.
ولقد نصت المادة 146 من قانون الولاية بأنه يمكن للمجلس الـشـعبي الـولائي أن يـنشئ مـؤسسـات عـمـوميـة تتـمـتع بـالشـخـصـية المـعـنـوية والاستقلال المالي ،قصد تسيير المصالح العمومية. كما نصت المادة 153 من قانون البلدية بأنه يمكن البلدية أن تنشئ مؤسسات عمومية بلدية تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة من أجل تسيير مصالحها.
ولقد ضبط نظام المؤسسة العامة عموما بقيدين هما:
أ :/قيد التخصص:
تنشأ المؤسسة العامة مهما كان مجال تدخلها (محلي أو وطني)، من أجل القيام بأعمال محددة في نص إنشائها، فهي ملزمة بأن لا تتجاوز مجال نشاطها أو استعمال ذمتها لمهام أخرى فالجامعة مثلا مهمتها التكوين في مجال التعليم العالي ،فليس لها أن تخرج عن هذا الإطار، فهي بذلك لا يمكنها أن تقبل الهبات أو الهدايا المخصصة لتحقيق نشاط خارج عن إطار تدخلها[14].
فالقانون أو التنظيم يحدد بدقة مجالات التدخل وقد تكون هناك مجالات أساسية (نشاط رئيسي) ومجالات ثانوية مكملة للنشاط الرئيسي ومساعدة له ،ولا يجوز أن تكون منفصلة عنه تماما.
ب :/نظام الوصاية
إذا كانت المؤسسة العامة تتمتع بالاستقلالية بما أنها تمثل اللامركزية في جانبها المرفقي فإن ذلك لا يعني قطع كل علاقة بينها وبين سلطة الوصاية ،بل تبقى المؤسسة خاضعة لنظام الوصاية كفكرة مقابلة للاستقلالية المطلقة[15]، فمن حق الإدارة العامة المركزية أن ت ارقب نشاطها بهدف التأكد من عدم خروجها عن المجال المحدد لها[16]. وضمانا لسلامة ومشروعية أعمال المؤسسات العمومية، وحفاظا على متطلبات وحدة نظام الدولة الإدارية[17] ولكن يجب أن تمارس الإدارة العامة المركزية الوصاية، في حدود القانون تطبيقا لقاعدة "لا وصاية بدون قانون". وقد تكون هذه الوصاية على الأشخاص أو الأعمال (المصادقة على المداولات ذات الأهمية)، فهي وصاية مالية وتقنية أي حسب طبيعة نشاط المؤسسة.
ثانيا :النظام القانوني للمؤسسات العمومية
إن تطور دور الدولة وتعدد المرافق العمومية وتنوعها حسب المجال، فرضت بالضرورة تنوع طبيعة النظام الذي تخضع له، سواء من حيث الإنشاء أو النظام القانوني الذي يخضع له كل نوع من أنواع المؤسسات حسب نوعية الخدمات العمومية والمرفق الذي تسيره، فلكل خصوصيته المميزة ،سنحاول معالجة النظام القانوني للمؤسسة العمومية من خلال التعرض لطريقة إنشائها والغائها وأصنافها.
أ /إنشاء والغاء المؤسسات العمومية:
إنشاء المؤسسات العمومية :يقصد بإنشاء المؤسسة العمومية تدخل السلطة المختصة قانونا لإنشاء مرفق عام جديد، واختيار أسلوب المؤسسة العامة أسلوبا لإدارته ،ويتغير إنشاء المؤسسات العمومية حسب امتدادها.
أولا -المؤسسات العمومية الوطنية: يتم إنشاء المؤسسات العمومية الوطنية من قبل السلطات الإدارية المركزية المختصة (الوزير الأول ،الوزير) ،وبناء عليه فإن إنشاء المؤسسات العمومية الوطنية، يبقى أصلا من اختصاص التنظيم، ماعدا مجال فئات المؤسسات الذي يعد مجالا محصورا للبرلمان[18].
ثانيا -المؤسسات العمومية المحلية: للمجلس الشعبي البلدي والمجلس الشعبي الولائي الإختصاص في إعداد وتنظيم المؤسسة العمومية والمحلية، فتنص المادة 153 على أنه" :يمكن للبلدية أن تنشأ مؤسسات عمومية بلدية تتمتع بالشخصية المعنوية والذمة المالية المستقلة من أجل تسيير مصالحها"[19].
وقد تأخذ المؤسسة العمومية البلدية الطابع الإداري أو الصناعي و التجاري[20].
أما في قانون الولاية فتنص المادة 146 منه على أنه":يمكن للمجلس الشعبي الولائي أن ينشأ مؤسسات عمومية ولائية تتمتع بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي قصد تسيير المصالح العمومية ".
وقد تأخذ المؤسسة العمومية الولائية شكل المؤسسة العمومية ذات طابع إداري ومؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري[21].
2/ إلغاء المؤسسات العمومية: تعتبر المؤسسة العمومية كائن قانوني (تتمتع بالشخصية المعنوية) تبدأ حياته القانونية منذ إنشاء المؤسسة العامة، ويستمر حتى ينتهي نهاية قانونية أيضا.
وتنتهي وتنقضي المؤسسة العامة لعدة أسباب من أهمها ،سحب الشخصية المعنوية من المرفق العام، فالمرفق العام يبقى قائما في هذه الحالة لكن يتحول من مرفق عام مدار بأسلوب المؤسسة العامة إلى مرفق عام تتولى السلطة الإدارية تسييره تسييرا مباشرا ،فمن حق السلطة العامة اختيار أسلوب الإدارة التي تراه مناسبا ،فذلك يعد من الأمور التقديرية التي تدخل في مجال السلطة الإدارية المختصة بلا معقب عليها من القضاء[22].
وتجدر الإشارة إلى أن إلغاء المؤسسة العامة يكون بنفس طريقة إنشائها ،أي أن يتم بأداة قانونية لها نفس القوة القانونية لأداة إنشائها أو أقوى منها، إحتراما لقاعدة توازي الأشكال.
ب /أنواع المؤسسات العامة:
إن تنوع نشاط ومجالات تدخل الدولة ،يفرض بالضرورة تنوع أصناف المؤسسات العامة منها الكلاسيكية[23]، ومنها ما ظهر حديثا لتخصص بعض المرافق العامة. لذلك لا تتخذ المؤسسات العامة شكلا واحد بل يختلف شكلها حسب طبيعة نشاطها.
والدارس للتشريع الجزائري خاصة ابتداء من سنة 1988 بصدور القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية[24] والإصلاحات التي توالت فيما بعد ،يلاحظ مدى التطور الكبير الذي عرفه أسلوب المؤسسات والتصنيفات التي طرأت عليه ،والتي يمكن إرجاعها إلى ما يلي:
1/: المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداريEPA:
إن المؤسسات العمومية الإدارية هي المؤسسات التي تمارس نشاطا ،ذا طبيعة إدارية محضة تتخذها الدولة والمجموعات الإقليمية ،كوسيلة لإدارة بعض مرافقها الإدارية من خلال إعطائها الشخصية المعنوية وتخضع للقانون العام[25].
ويعرفها سليمان الطماوي بأنها":مؤسسات تتناول نشاطا يختلف عما يزاوله الأفراد عادة".
فهي بصفة عامة تخضع لمبدأ التخصص ولنظام المحاسبة العمومية ،فهي لا تملك طابعا مرنا يخص محاسبتها ،وتخضع للقانون العام كما تعرض منازعاتها على القضاء الإداري ويعتبر العاملين بها، موظفون عموميون وقراراتها قرارات إدارية وتخضع عقودها لقانون الصفقات العمومية[26]، وتعتبر أموالها أموالا عامة تتمتع بالحماية القانونية التي فرضها المشرع.
ولقد استعملت منذ الاستقلال بشكل واسع جدا وهي تمثل اليوم %90 من مجموع المؤسسات العمومية[27]. والأصل في عمل هذه المؤسسات هو مبدأ المجانية ما لم تقرر النصوص الخاصة خلاف ذلك. ومن أمثلتها: المدارس والمعاهد والديوان الوطني للخدمات الجامعية ،المستشفيات...
ثانيا :المؤسسة العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاريEPIC :
نشأت المؤسسة العامة الصناعية والتجارية عندما تميزت عن المؤسسة العامة الإدارية[28] وعندما تطور دور الدولة وزاد مجال تدخلها للميدان الاقتصادي، فقد تبين أن صيغة المؤسسة العامة التقليدية لم تعد تتماشى وهذه المهمة الجديدة للدولة ( مهمة النشاط ضمن اقتصاد السوق) لذلك لجأت لهذه الصيغة[29]. إن المشرع الجزائري لم يقدم تعريفا للمؤسسة العمومية الصناعية والتجارية من خلال القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية[30]، إلا أنه تطرق إلى أهم الخصائص التي تتميز بها ،وهذا من خلال نص المادة 44 التي نصت على أن ":المؤسسة العمومية التي تتمكن من تمويل أعبائها الاستغلالية جزئيا أو كليا عن طريق عائد بيع إنتاج تجاري يحقق طبقا التعريفة، معدة مسبقا ولدفتر الشروط العامة الذي يحدد الأعباء والتقييدات وكذا عند الاقتضاء حقوق وواجبات المستعملين".
نستنج من خلال المادة المذكورة أعلاه أنه حتى تصنف المؤسسة على أنها مؤسسة أو هيئة عمومية صناعية وتجارية ،يتوجب أن تتوفر فيها ثلاث معايير: الإنتاج التجاري التسعير المسبق، دفتر الشروط العامة.
وتختلف المؤسسة العمومية الصناعية والتجارية عن المؤسسة العمومية الإدارية من عدة جوانب نوضحها في الجدول التالي:
ومثال هذا النوع من المؤسسات، بريد الجزائر المنشئ بموجب المرسوم التنفيذي رقم 02/43[31] ومؤسسة الجزائرية للمياه المنشأة بموجب المرسوم التنفيذي 101-01.[32]
وتجدر الإشارة إلى أنه قد يتم الانتقال من نظام المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري إلى نظام المؤسسة ذات الطابع الصناعي والتجاري ،ومن أمثلة ذلك ديوان الترقية والتسيير العقاري.
* التمييز بين المؤسسة العمومية الإدارية والمؤسسة العمومية الصناعية والتجارية[33]:
|
طبيعة النشاط |
من حيث القانون الواجب التطبيق
|
نوع ميزانيتها |
من حيث الجهة القضائية المختصة |
المؤسسة العمومية الإدارية |
نشاطها غير مربح ويجوز لها القيام بنشاط ثانوي مربح |
تخضع فقط للقانون العام فقط (وتبعا لذلك العاملين فيها موظفيين عموميين وعقودها عقود إدارية وقراراتها إدارية |
ميزانيتها تابعة للميزانية العامة وتخضع لقواعد المحاسبة العامة |
القضاء الإداري )منازعاتها إدارية حسب المادة 801 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية) |
المؤسسة العمومية الصناعية والتجاري |
نشاطها تجاري وصناعي يهدف لتحقيق الربح |
تخضع للقانون العام فيما يخص علاقتها مع الدولة، وتخضع علاقتها مع الغير للقانون الخاص: من حيث المستخدمين فهم عمال يخضعون لتشريع العمل |
ميزانيتها مستقلة كليا والقواعد المحاسبية المطبقة هي قواعد القانون التجار |
القضاء العادي )ألن المادة 801 استثنتها من دائرة اختصاص القضاء الإداري) |
ج :/المؤسسات العمومية الأخرى:
وهي المؤسسات العمومية الحديثة وسنتطرق لأهمها:
* المؤسسة ذات الطابع العلمي والتكنولوجي:
نص عليها القانون 88/11 المتضمن القانون التوجيهي للبحث العلمي[34]، ولقد بينت المادة 17 منه بأن هذه المؤسسة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالية المالية وأن الغرض من إنشائها هو تحقيق نشاطات البحث العلمي والتكنولوجي ،والتطور في هذا المجال للحاق بالركب الحضاري .ولقد نص القانون 98-11 خضوع هذا النوع من المؤسسات لنظام الرقابة المالية البعدية، كخطوة لتمييز هذه المؤسسة عن غيرها ،خاصة ذات الطابع الإداري ،وهذا بهدف بعث نوع من المرونة على نشاطها العلمي وأدائها[35].
ولقد نصت المادة 3و 3من المرسوم التنفيذي 99-256 أنها تتم بمرسوم تنفيذي وتحل بذات الشكل.[36]
* المؤسسة العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني:
وهي مؤسسة حديثة العهد في الج ازئر من حيث التصنيف ،ولقد ورد تعريفها في المادة 32 من القانون 99-05 المؤرخ في 4 أفريل 1999 المتضمن القانون التوجيهي للتعليم العالي[37] بالصيغة التالي": المؤسسة العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني هي مؤسسة وطنية للتعليم ،تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وبينت المادة 29من القانون المذكور أشكالها :الجامعة، المركز الجامعي، المدارس والمعاهد .
إن الهدف من إنشائها حسب القانون 99-05 السالف الذكر، هو تحديث تسيير الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والتجديد يكمن في[38]:
* سلطات مت ازيدة في مجال البيداغوجي والعلمي،
* إمكانية تسويق الأملاك الثقافية واستعمال مواردها مباشرة،
* إمكانية إنشاء فروع ،مرونة في الرقابة المالية السابقة.
المطلب الثاني
الأساليب الخاصة لتسيير المرفق العام
إن الاتجاه إلى القطاع الخاص لإدارة المرفق العامة يتزايد بشكل واضح في إطار عالمي جديد، ويرجع هذا الاتجاه إلى سببين، فالسبب الأول فهو رغبة الدول في البحث عن وسائل لتمويل المشروعات والثقة في القطاع الخاص من حيث إمكانياته المالية وقدراته الفنية وكفاءته في الإدارة.
أما السبب الثاني فهو أن إدارة الم ارفق العامة بواسطة القطاع الخاص أصبحت أداة لتحقيق سياسة تحرير الاقتصاد[39].
ونتيجة للتغيرات التي عرفتها الجزائر منذ 1989 واستجابة للتحولات الاقتصادية التي نجم عنها الانتقال من النظام الاشتراكي المعتمد على أساليب التسيير المباشر للمرافق العامة، إلى النظام الليبرالي قامت الدولة بإفساح المجال للقطاع الخاص بالمشاركة في تسيير المرافق العامة وذلك عن طريق البحث عن أسلوب فعال يغطي النقائص التي عرفها التسيير الكلاسيكي و الإختلالات التي واجهته من حيث نوعية التسيير، الموارد البشرية...الخ وذلك عن طريق الاعتماد على تقنية التفويض كأسلوب جديد لتسيير المرافق العامة.
الفرع الأول
تفويض المرافق العامة[40]
يعتبر مصطلح تفويض المرفق العام مصطلحا جديدا في تداوله في النظام القانوني قديما في تطبيقاته، ولما كان بهذه الصفة ،وجب الأمر التعرض لتعريفه وكذا تحديد أشكاله أو صوره.
أ /تعريف تفويض المرفق العام:
يعتبر تفويض المرفق العام أحد أهم أوجه الشراكة الاقتصادية بين القطاع العام والقطاع الخاص في ميدان المرافق العامة، إلا أن الفقه والاجتهاد مازال في طور بلورة هذا المفهوم وتحديد الأسس التي يقوم عليها .واستعمل مصطلح تفويض المرفق العام لأول مرة من طرف الأستاذ AUBY M-J في سنوات الثمانينات في كتابه المرافق العمومية المحلية[41] ولقد عرفه بأنه العقد الذي يهدف إلى تحقيق الأهداف التالية: - أن يعهد إلى شخص آخر يطلق عليه تسمية (صاحب التفويض)، تنفيذ مهمة المرفق العام والقيام باستغلال ضروري للمرفق.
- أن يتحمل صاحب التفويض مسؤولية تشغيل المرفق العام وإقامة علاقة مباشرة مع المستفيدين الذين تؤدى إليهم الخدمات مقابل تأديتهم لتعريفات محددة.
- أن يتقيد صاحب التفويض بالمدة المحددة والتي تعكس الإسثمارات التي يهدف إلى تغطيتها[42].
كما يعرفه الأستاذ Stéphane Braconnier بأنه "عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى (المفوض) ،لمدة محدودة تسيير مرفق عام ،يتولى مسؤوليته لشخص معنوي خاضع للقانون الخاص يسمى (المفوض إليه) ،فيخول له حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التفويض المذكور أو بهما معا "[43]
ولقد كرس المشرع الفرنسي تقنية تفويض الم ارفق العامة منذ القرن الماضي عندما لجأ إلى تفويض أشخاص القانون الخاص لإدارة بعض الم ارفق العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري لكن دون وضع نظام قانوني لضبط هذا الأسلوب إلا في مطلع التسعينات من خلال القوانين التالية:
- قانون رقم 92- 152 الذي أطلق عليه تسمية "joxeLoi" يتعلق بالإدارة المحلية[44]. -قانون رقم 93-122 يتعلق بمكافحة الفساد وتكريس الشفافية في الحياة الاقتصادية والإجراءات العامة لسنة، 1993 الذي أطلق عليه تسمية، "sapinLoi" وقد تضمن التنظيم الواضح لتفويض المرافق العامة[45]. من خلال هذا القانون أورد المشرع الفرنسي تعريفا واضحا لتفويض المرافق العامة في المادة 38 منه كالآتي: " تفويض المرفق العام هو العقد الذي يعهد بموجبه شخص من أشخاص القانون العام إلى شخص عام أو خاص تسيير مرفق عام ،بمقابل مالي مرتبط باستغلال المرفق"[46].
لقد وضع المشرع الجزائري لأول مرة نظام قانوني خاص بتقنية التفويض ،بموجب المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام[47]، حيث خولت المادة 207 منه الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام و المسؤول عن مرفق عام ،أن يقوم بتفويض تسيره إلى المفوض له، ينصب موضوعه على تفويض تسييره أو إنجاز منشآت أو إقتناء ممتلكات ضرورية لسير عمله، وذلك ما لم يوجد حكم تشريعي مخالف، ويتم التكفل بأجر المفوض له بصفة أساسية من إستغلال المرفق، وتقوم السلطة المفوضة التي تتصرف لحساب شخص معنوي خاضع للقانون العام بتفويض تسيير المرفق بموجب اتفاقية، وبهذه الصفة يمكن السلطة المفوضة أن تعهد للمفوض له إنجاز منشآت أو اقتناء ممتلكات ضرورية لسير عمل المرفق العام.
ومن خلال هذا التعريف الذي أورده المشرع الجزائري فإن تفويض المرفق العام يقوم على العناصر التالية :
- أطراف عقد تفويض المرفق العام: يتمثل أطراف هذا العقد في الشخص المعنوي الخاضع للقانون العام المسؤول عن مرفق عام من جهة، والمفوض له من جهة ثانية، لم يقيده المشرع بشكل خاص، ربما حتى يفسح مجال التعاقد أمام كل متعامل تتوافر فيه الشروط والمعايير اللازمة للتفويض سواء كان من الوطنيين أو الأجانب.
- موضوع عقد تفويض المرفق العام: ينصب موضوع عقد التفويض المرفق العام على إستغلال المرفق وتشغيله وفقا للغاية من إنشائه تحت إشراف ورقابة السلطة مانحة التفويض[48]، هذا يعني أن تفويض المرفق العام ينصب على تفويض التسيير دون أن يتم التنازل عن المرفق كلية فعند نهايته تصبح كل ممتلكات واستثمارات المرفق العام ملكا للشخص المعنوي العام المعني.
- المقابل المالي في عقد التفويض :يعتبر المقابل المالي من أبرز حقوق المفوض له ويكون مرتبطا بعوائد إستغلال المرفق ،ويأخذ في الغالب صورة أتاوى يحصل عليها من المنتفعين بخدمة المرفق .ويشكل ارتباط المقابل المال بنتائج الإستغلال، معيارا للتمييز بين عقد تفويض المرفق العام والصفقات العامة[49]، وفي حال شكل المقابل المالي الذي يحصل عليه صاحب التفويض ثمنا للخدمات المؤداة دون أن يتحمل صاحب التفويض أية مخاطر فنكون بصدد صفقة عامة وليس عقد تفويض مرفق عام، وهذا ما أكد عليه القضاء الإداري الفرنسي في عدد من القضايا التي عرضت عليه[50].
- مدة عقد تفوض المرفق العام :من المستقر عليه فقها وقضاء وقانونا أن عقد تفويض المرفق العام من العقود المؤقتة المدة[51].
وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد قائمة محددة قانونا بالأنشطة التي يمكن أن تكون موضوعا لعقد تفويض المرفق العام، سواء في فرنسا أو في أي دولة أخرى [52].
إلا أن الفقه و الإجتهاد قد حددا مجموعة من الضوابط للمرافق العامة القابلة للتفويض وهي[53]:
- لا يجوز تفويض إدارة واستغلال الم ارفق العامة الدستورية ،كمرفق العدالة والدفاع والشرطة لارتباطها بسيادة الدولة.
- لا يجوز أن يكون موضوع عقد تفويض الم ارفق العامة تحصيل جباية الإيرادات العامة التي يكون لها الطابع الضريبي.
- لا يجوز تفويض إدارة المرفق العام التي تحتكر إدارتها واستغلالها الدولة أو أحد أشخاص القانون العام.
ب- أشكال تفويض المرفق العام
إن المشرع الجزائري قد نص في المادة 210 من المرسوم الرئاسي رقم 15/247 على سبيل المثال على أشهر عقود التفويض ،وهذا ما يستفاد من مضمون الفقرة الثانية منها التي جاء فيها ما يلي ":كما يمكن أن يأخذ تفويض المرفق العام أشكالا أخرى ،غير تلك المبينة فيما يأتي وفق الشروط والكيفيات المحددة عن طريق التنظيم".
و تمثل أشكال تفويضات المرفق العام التي تضمنتها المادة 210 أعلاه في[54]:
أولا: عقد الإمتياز: يعتبر عقد الامتياز من أهم العقود الإدارية المسماة لصلته الوثيقة بتسيير المرفق العمومي، لأن الأصل أن الإدارة هي المكلفة بإدارته وليس الأشخاص الأخيرين، وبهدف تسليط الضوء على عقد الامتياز يقتضي منا الأمر بداية التطرق إلي تعريفه تشريعياً وقضائياً وفقهياً، ومعرفة جملة الخصائص المميزة له.
1- التعريف الفقهي:
لقد أجمع فقهاء القانون الإداري على أن عقد امتياز الم ارفق العمومية هو أشهر العقود الإدارية المسماة ولعله من أهمها على الإطلاق في الدول الليبرالية[55]، ونسرد هنا بعض التعريفات لبعض الفقهاء:
- يعرف محمد سليمان الطماوي عقد الإمتياز " بأنه عقد إداري يتولى الملتزم -فردا كان أو شركة.
- بمقتضاه وعلى مسؤوليته إدارة مرفق عام اقتصادي، واستغلاله مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين، مع خضوعه للقواعد الأساسية الضابطة لتسيير المرافق العامة، فضلاً عن الشروط التي تضمنها الإدارة عقد الامتياز"[56].حصر هذا التعريف محل عقد الإمتياز في المرافق العامة الإقتصادية فقط، وبالتالي استبعاد المرافق العامة الإدارية لأن تكون محلا لعقد الامتياز الإداري كما أنه يقصر منح الإمتياز إلا على الأشخاص الخاصة (فرد أو شركة) دون الأشخاص العامة.
- يعرف أحمد محيو "الامتياز هو اتفاق تكلف الإدارة بمقتضاه شخصا طبيعيا أو اعتباريا بتأمين تشغيل مرفق عام ورغم أنه عبارة عن صك تعاقدي فإن دارسته ترتبط أيضا بالنظرية العامة للمرفق العام لان هدفه تسيير مرفق عام، دراسته تدخل ضمن نطاق العقود ودراسة المرافق العامة وباعتباره أسلوبا للتسيير يكمن الامتياز بتولي شخص يسمى صاحب الامتياز أعباء مرفق خلال فترة من الزمن فيتحمل النفقات ويتسلم الدخل الوارد من المنتفعين بالمرفق"[57].
كما عرفه الأستاذ زوايمية رشيد على أنه" :عقد تبرمه الجماعات العمومية مع شخص طبيعي أو معنوي، عام أو خاص ،يسمى صاحب الامتياز ،لتسيير مرفق عمومي في إطار إحترام دفتر الشروط، مع تحمل صاحب الامتياز مخاطر وأعباء تسيير المرفق[58].
2- التعريف التشريعي: عرف المشرع الجزائري عقد الامتياز في عدة نصوص قانونية وتنظيمية منها:
* قانون المياه 2005: المادة 101 منه تطرقت لمنح امتياز الخدمات العمومية للمياه دون تعريف عقد الامتياز ولكن بالرجوع إلى المادة 76 من نفس القانون المتضمنة النظام القانوني لامتياز استعمال الموارد المائية نجدها عرفت عقد الامتياز بأنه «عقد من عقود القانون العام، لكل شخص طبيعي أو معنوي خاضع للقانون العام أو القانون الخاص يقدم طلبا بذلك طبقا لدفتر الشروط المحددة في هذا القانون و الكيفيات التي تحدد عن طريق التنظيم»[59].
* التعليمة رقم 94. 03/842: المتعلقة بامتياز المرافق العامة المحلية وتأجيرها، والتي وضعت نظام قانوني للامتياز وجعلت منه الأسلوب الأكثر ملائمة والمفضل لتسيير المرافق العامة المحلية[60]، وعرفته بأنه "...عقد تكلف بمقتضاه الجهة الإدارية المختصة فردا أو شركة خاصة بإدارة مرفق عام واستغلاله لمدة معينة من الزمن بواسطة عمال وأموال يقدمها صاحب الإمتياز"الملتزم" ،على مسؤوليته مقابل رسوم يدفعونها المنتفعون من خدماته وذلك في إطار النظام القانوني الذي يخضع له المرفق".
* بصدور المرسوم الرئاسي 15/247 السالف الذكر، أصبح لهذا الشكل من العقود مدلولا واضحا ودقيقا حيث جاء فيه أن "الإمتياز عقد تعهد بمقتضاه السلطة المفوضة للمفوض له إما إنجاز منشآت أو اقتناء ممتلكات ضرورية لإقامة المرفق العام واستغلاله، وإما تعهد له فقط باستغلال المرفق العام، حيث يستغل المرفق العام باسمه وبأمواله وعلى مسؤوليته، تحت مراقبة السلطة المفوضة، لقاء أتاوى محددة يتقاضاها من مستخدمي المرفق العام[61]".
ومن خلال هذا التعريف يمكن أن نستخرج أهم العناصر الأساسية التي يقوم عليها امتياز المرافق العامة من حيث:
- أطراف الإمتياز: هما السلطة المفوضة من جهة ،والتي تتمثل في الشخص المعنوي العام (الدولة، جماعة محلية، مؤسسة عامة)، ومن جهة أخرى المفوض له ( صاحب الإمتياز) والذي لم يحدد المرسوم الرئاسي 15/247 هل هو من أشخاص القانون الخاص أم يستوي أن يكون من أشخاص القانون الخاص أو العام ،على خلاف التعليمة رقم 03.94/842 المذكورة سابقا التي حصرت الملتزم في الأشخاص الخاصة فقط. وتتمتع هنا السلطة المفوضة بسلطات استثنائية خولها القانون، حتى ولو لم يتضمنها العقد قصد الحفاظ على المصلحة العامة دون مراعاة رضا الطرف الأخر، رغم أن هناك من الفقه الكلاسيكي من انتقد هذه السلطات الاستثنائية المسلم بها للإدارة لأنها تعتبر طرف في العقد، وبالتالي يجب احترام مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ،لكن سرعان ما ت ارجعوا عن هذا الرأي، بأن عقد الامتياز ليس مثل عقود القانون الخاص وانما يعتبر عقد إداري مركب يتضمن شروط لائحية وأخرى تعاقدية[62].
- موضوع الإمتياز: هو تسيير مرفق عام واستغلاله وبناء المنشآت الضرورية للتسيير وكذا تجهيزات اللازمة للإستغلال، فصاحب الإمتياز لا يقتصر دوره على التسيير بل يتعداه إلى إنشاء المرفق في حد ذاته ثم إدارته واستغلاله لتحصيل ما أنفقه في البناء، أي يتحمل صاحب الإمتياز كل الاستثمارات المبدئية المتعلقة بالمرفق العام[63].
وتجدر الإشارة إلى أن المشروع محل الامتياز يبق محتفظا بصفته مرفقا عاما، رغم أن تسييره قد تم من طرف أحد أشخاص القانون العام أو القانون الخاص، ولكن تحت الرقابة الدائمة للإدارة مانحة الامتياز.
- المقابل المالي للامتياز: يأخذ صورة رسوم يتقاضاها المفوض له من المستفيدين بخدمات المرفق العام وذلك لتغطية أعباء تشغيل المرفق وحصول صاحب الإمتياز على مقدار من الربح المعقول أما الدولة وأشخاص القانون العام، فلا يتحملون أية أعباء[64].
وما تجدر الإشارة إليه هو إغفال المشرع الجزائري، لعنصر جوهري في عقد الامتياز يتمثل في مدة استغلال المرفق العام ،على اعتبار أن هذا الشكل من العقود الإدارية يبرم لمدة محددة[65].
ثانيا :عقد الإيجار:
لم يحض عقد إيجار المرفق العام باهتمام المشرع في الجزائر سابقا، إذ يتضح من خلال النصوص التنظيمية والتشريعية، غياب أي تأطير لهذا النوع من عقود تسيير المرفق العام ماعدا ما جاءت به التعليمة رقم 03.94/842 الصادرة عن وزارة الداخلية والجماعات المحلية السالفة الذكر، والتي عرفته بأنه" :تلك الاتفاقية التي من خلالها يخول شخص عام تسيير مرفق عام لشخص آخر والذي يضمن استغلاله تحت مسؤوليته، وفي المقابل يدفع المستأجر للمؤجر مقابل الإيجار".
وبصدور المرسوم الرئاسي رقم 15/247 السالف الذكر ،كرس المشرع عقد الإيجار باعتباره شكلا من أشكال تفويض المرفق العام، وفي ذلك دلالة قطعية على رغبة الدولة في الاستعانة بالقطاع الخاص في تسيير المرفق العامة، من خلال تأجير مرافق القطاع العام لمتعاملين خواص.
وفي هذا الصدد يعرف البعض عقد الإيجار بأنه":الاتفاق الذي يكلف بموجبه شخص عمومي (مؤجر) شخص آخر يسمى مستأجر، استغلال مرفق عمومي لمدة معينة مع تقديم إليها المنشآت والأجهزة ويقوم المستأجر بتسيير واستغلال المرفق، مستخدماً عماله وأمواله وفي مقابل تسيير المرفق العمومي يتقاضى المستأجر مقابل مالي محدد في العقد، يدفعها المنتفعين من المرفق في شكل إتاوة وذلك شرطاً أن يدفع المستأجر مساهمة مالية للشخص العمومي، لاسترجاع مصاريف المنشآت والأجهزة الأصلية"[66] . ولقد عرفته المادة 210/2 من المرسوم الرئاسي 15/247 السالف الذكر بأنه "عقد تعهد بمقتضاه السلطة المفوضة للمفوض له تسيير المرفق وصيانته باسمه وبأمواله وتحت مسؤوليته ،لقاء أتاوى محددة يتحصل عليها من مستعملي المرفق العام".
ومن ثمة نستخلص عناصر عقد إيجار المرفق العام، وهي:
- أطراف عقد إيجار المرفق العام: المفوض من جهة (شخص معنوي عام ) والمفوض له من جهة ثانية( شخص من أشخاص القانون الخاص).
- موضوع عقد إيجار المرفق العام :ينصب على تسيير وصيانة المرفق العام القائم أي أن صاحب التفويض لا يتحمل إقامة المرفق أو المنشآت الأساسية المتعلقة به[67]، لذلك تكون مدة عقد إيجار المرفق العام قصيرة نسبيا، فغالبا ما يكون عقد الإيجار متوسط المدى (من 07 إلى 12 سنة)[68].
- مقابل إيجار المرفق العام : يتلقى المفوض له المقابل المالي من مجموع الإتاوات التي يدفعها المترفقين أو المستفيدين من خدمات المرفق العام، على أن يكون مسؤولاً عن استغلال المرفق وأن يتحمل كافة المخاطر المتوقع حدوثها، ولا يحتفظ لنفسه بكافة الإتاوات وانما يدفع للمؤجر( السلطة المفوضة)، مقابل مالي ناشئ عن الاستغلال وهذا المقابل عبارة عن رسوم مخصصة لتغطية نفقات الإدارة أو الجهة المفوضة، مقابل استعماله للمنشآت العائدة للمرفق العام ،والتي تكبد الشخص المعنوي العام نفقات إقامتها.
- مصاريف المنشآت وأعمال الصيانة: تقع مصاريف المنشأة على مانح التفويض، بحيث أن صاحب التفويض لا يقوم إنشائها ولا تمويلها وانما يقوم فقط بالاستغلال، أما عن تكاليف الصيانة فهي تقع على عاتق المستأجر بحيث يقوم بالصيانة اللازمة وذلك لحسن سير المرفق العام وتسهيل استغلاله.
- مسؤولية المستأجر: تقع على عاتق المستأجر المسؤولية على كافة المخاطر التي يمكن حدوثها عند استغلاله للمرفق العام ،مقابل ذلك يتحصل على إتاوات يدفعها المنتفعين من المرفق العام.
* تمييز عقد الإيجار عن عقد الامتياز[69]:
إن عقد الإيجار قريب جدا من عقد الامتياز أو جزء منه ،فكلاهما يسير ويستغل مرفقا عاما، وكلاهما يتحصل على المقابل المالي من إتاوات المرتفقين، وسنتعرف على أهم الفروق بين العقدين (الامتياز والإيجار) باعتبارهما من أهم عقود تفويض المرفق العام وذلك من خلال الجدول التالي:
|
من حيث منح المقابل المالي |
من حيث إنشاء المرفق العام |
من حيث مدة العقد |
الامتياز |
لا يلتزم المفوض له بدفع مبلغ مالي للإدارة بل يحتفظ بحصيلة ما |
يقوم صاحب الامتياز من حيث المبدأ إحداث وتأسيس نشاء واستغلال المرفق |
المدة تكون أطول لان المفوض له هو المكلف بإقامة المشروع وحتى |
تابع للامتياز |
يتقاضاه لنفسه. |
على نفقته الخاصة. |
يتمكن من استرجاع ما أنفقه من أموال في سبيل إقامة المشروع . |
الإيجار |
يلتزم المفوض له بدفع مقابل مالي للإدارة ) إتاوة سنوية) من حصيلة ما يتقاضاه من المنتفعين. |
المفوض له يقوم باستغلال المرفق وتسييره فقط فهو غير مسؤول عن إنشاء الهياكل الأساسية وتجهيز المرفق |
يمنح عادة لمدة أقصر. |
ثالثا :عقد التسيير[70]
إن الدراسات الفقهية المتعلقة بعقد التسيير جد قليلة، ويعود السبب إلى حداثة التقنين وتنظيم هذا النوع من العقود[71]، ولقد تكفل المشرع الجزائري لأول مرة في المادة 210 من المرسوم الرئاسي 15/247 بتعريفه، حيث نص على أنه : "عقد تعهد السلطة المفوضة للمفوض له بتسيير أو بتسيير وصيانة المرفق العام. ويستغل المفوض له المرفق العام لحساب السلطة المفوضة التي تمول بنفسها المرفق العام وتحتفظ بإدارته. ويدفع أجر المفوض له مباشرة من السلطة المفوضة بواسطة منحة تحدد بنسبة مئوية من رقم الأعمال، تضاف إليها منحة إنتاجية . حدد السلطة المفوضة التعريفات التي يدفعها مستعملو المرفق العام وتحتفظ بالأرباح. وفي حالة العجز، فإن السلطة المفوضة تعوض ذلك للمسير الذي يتقاضى أجرا جزافيا. ويحصل المفوض له التعريفات لحساب السلطة المفوضة المعنية"
من خلال التعريف أعلاه يمكن أن نستخرج العناصر الأساسية لعقد التسيير وهي كالآتي:
- طرفا العقد : هما السلطة المفوضة من جهة والمفوض له من جهة أخرى وينطبق عليهما ما قيل بالنسبة إلى الإيجار الامتياز والوكالة المحفزة.
- موضوع عقد التسيير: وهو إما تسيير أو تسيير وصيانة المرفق العام من قبل المفوض له. أما أشغال البناء والتجهيزات الضرورية لسير المرفق فتتحملها السلطة المفوضة بنفسها.
- الاستغلال: يكون لحساب السلطة المفوضة وتحت إدارتها، أي أن المسير يقتصر دوره على ضمان السر العادي للمرفق العام.
- المقابل المالي: لا يتقاضى المسير أجره من المنتفعين بخدمات المرفق، وانما يتقاضاها من الإدارة والذي يكون محددا بصورة ثابتة وجزافية مع إمكانية حصوله على علاوات تقدرها إنتاجية المرفق العام[72].
- من حيث تحمل المسؤولية :هو عقد تتحمل الهيئة العمومية من خلاله مخاطر التسيير المالية والتقنية والمسير عبارة عن شخص بسيط لا يتحمل أرباح وخسائر تسيير المرفق.
- السلطة المفوضة تحدد وحدها التعريفات التي يدفعها مستعملو المرفق العام ،والتي يحصلها المفوض له لحسابها.
رابعا: الوكالة المحفزة(Régie intéressé) [73]
هي طريقة لإدارة المرفق العام بواسطة شخص من أشخاص القانون الخاص يعمل لحساب الإدارة المتعاقد معها، وتبقى الإدارة المتعاقدة مسؤولة عن المرفق العام ومالكة لأدوات الإنتاج وتتحمل كافة مخاطر المشروع، وتقدم الأموال اللازمة لإدارة المرفق ويحصل الشخص الخاص المتعاقد مع الإدارة في أسلوب الاستغلال غير المباشر على رسوم أو أجور محددة يتقاضاها من الإدارة المتعاقدة أو يحصل على نسبة معينة من إيراد المشروع أو أرباحه، إذا هناك مشاركة مع الإدارة في النتائج المالية[74]. هذا يعني أن أسلوب الوكالة المحفزة هو أسلوب وسط بين التسيير المباشر والامتياز.
وفي تعريف آخر هو العقد الذي يعهد فيه الشخص العام إلى شخص عام أو شخص خاص إدارة واستغلال مرفق عام ،بحيث يكون صاحب التفويض على اتصال مباشر مع المستفيدين من خدمات المرفق العام ،ويتولى تنفيذ الأعمال المتعلقة بالتشغيل لحساب الشخص المعنوي العام مانح التفويض مقابل أجرة محددة في العقد يدفعها الشخص العام ،وترتبط هذه الأخيرة برقم الأعمال المحقق[75].
وبالرجوع إلى ما جاء في المرسوم الرئاسي 15/247 السالف الذكر ،يبدو أن بعض أحكامه (المادة 210 منه) قد تكفلت بتعريف عقد الوكالة المحفزة بقولها" :تعهد السلطة المفوضة للمفوض له بتسيير أو بتسيير وصيانة المرفق العام ،ويقوم المفوض له باستغلال المرفق العام لحساب السلطة المفوضة التي تمول بنفسها إقامة المرفق العام وتحتفظ بإدارته ويدفع أجر المفوض له مباشرة من السلطة المفوضة بواسطة منحة تحدد بنسبة مئوية من رقم الأعمال، تضاف إليها منحة إنتاجية وحصة من الأرباح، عند الاقتضاء .
تحدد السلطة المفوضة ،بالاشتراك مع المفوض له، التعريفات التي يدفعها مستعملو المرفق العام ويحصل المفوض له التعريفات لحساب السلطة المفوضة المعنية".
من خلال ما سبق يمكن استخراج عناصر الوكالة المحفزة كشكل من أشكال تفويض المرفق العام كالآتي:
- العقد يكون بين السلطة المفوضة والمفوض له وينطبق عليهما كل ما قيل بالنسبة إلى الإيجار والامتياز في هذا الشأن.
- موضوع عقد الوكالة المحفزة هو تسيير أو تسيير وصيانة مرفق عام (وهي أعمال صيانة عادية) من قبل المفوض له لحساب السلطة المفوضة والتي تكلف بأشغال البناء والصيانة والتجهيزات الضرورية لسير المرفق العام.
- لا يقوم المفوض له بإدارة المرفق العام لحسابه وإنما لحساب الشخص المعنوي العام، مما يترتب عل ذلك محدودية استقلالية المسير مقابل صلاحيات واسعة للإدارة.
- لا يتلقى المفوض له المقابل المالي من المنتفعين مباشرة، وإنما السلطة المفوضة هي التي تدفعه له. ويتكون هذا المقابل المالي من عنصرين:
* عنصر ثابت: وهو المبلغ الذي يتقاضاه المتعاقد مع السلطة العامة، ودون الأخذ بعين الاعتبار نجاح أو فشل المرفق في نشاطه .
* عنصر متغير: وهو عبارة عن مكافأة إضافية يختلف مقدارها في حالة نجاح المرفق وتحقيقه أرباح[76] .
ويلاحظ أن أسلوب الوكالة المحفزة في تسيير المرفق العام يشجع المسير لبذل كل الجهود للنهوض بالخدمة العمومية والزيادة من فاعلية المرفق، ذلك أن المقابل المالي الذي يحصل عليه المفوض له في هذه الحالة، مرتبطا برقم الأعمال والإنتاجية[77].
* يكون عقد الوكالة المحفزة لمدة قصيرة ويرجع ذلك إلى أن مانح التفويض(الشخص العام) يتولى إقامة المرفق العام ،كما أن المفوض له يتولى إدارة المرفق لحسابه وإنما لحساب السلطة المفوضة.
الفرع الثاني
أسلوب الاقتصاد المختلط (الاستغلال المختلط).
قد تقتضي متطلبات الوطنية توجيه الدعوة للقطاع الخاص الوطني أو الأجنبي للتعاون مع القطاع العام في إطار قانوني يتجسد في شركة تجارية مساهمة ،يكون رأسمالها مشتركا (أغلبية أسهمها يمتلكها أحد أشخاص القانون العام) بين أحد أشخاص القانون الخاص وأحد الهيئات العامة ،وغالبا ما يتعلق موضوع النشاط بالمجال الصناعي والتجاري[78].
وفي ظل التطورات التي حصلت في الجزائر، وسعي هذه الأخيرة إلى التنمية، كانت الحاجة إلى قانون موحد للشركات ذات الاقتصاد المختلط من بين الضروريات، وهو ما تم فعلا بموجب القانون 82/13 المؤرخ في 28 أوت 1982 المعدل والمتمـم بموجب القانون 86/13 المؤرخ في 16 أوت 1986[79].
وتجدر الإشارة إلى أن هدف الشخص المعنوي العام من المشاركة في رأسمال الشركة المختلطة، يختلف عن هدف الشخص الخاص، فالأول يسعى إلى تأمين إدارة المرفق العام الاقتصادي على أفضل وجه والثاني يسعى إلى تحقيق ازدهار الشركة من أجل تحقيق أكبر قدر من الأرباح[80].
وتعرف شركات الاقتصاد المختلط بأنها أشخاص معنوية من أشخاص القانون الخاص حيث يشترك أشخاص القانون العام مع أفراد القانون الخاص في أرس المال، بهدف إدارة نشاط له علاقة بالمصلحة العامة[81].
وفي ظل القانون 82/13 لم يعط المشرع مدلولا قانونيا للشركات ذات الاقتصاد المختلط وإنما اكتفى بالحكم على أنها تخضع في إنشائها إلى القواعد الواردة في قانون التجارة والمتعلقة بشركات المساهمة ما لم ينص القانون على خالف ذلك ،وهي وفقا لذلك شركة ذات أسهم تحوز فيها الدولة عن طريق مؤسساتها جزءا من رأسمالها، وانشاؤها يكون في إطار المخطط الوطني للتنمية، وفي ظل احترام أهداف المردودية المالية والاقتصادية[82].
العناصر الأساسية التي تقوم عليها شركة الاقتصاد المختلط هي:
- أشخاص معنوية من أشخاص القانون الخاص: تعد الشركات المختلطة شركات تجارية تهدف إلى تحقيق هدف اقتصادي، وتتولى إدارة مرافق عامة ذات طابع صناعي وتجاري في المجالات الاقتصادية المتنوعة كالنقل والطيران وإنتاج الطاقة وتخضع الشركات المختلطة إلى القانون الخاص وكل ما يترتب على ذلك من نتائج قانونية، على الرغم من مساهمة الدولة في رأسمالها وممارسة الرقابة عليها.
- مشاركة أشخاص القانون العام في أرس المال: هذه المشاركة هي التي تعطي الشركة صفة الاقتصاد المختلط، وإلا كانت شركة مساهمة عادية .وتتنوع أشكال مساهمة الدولة في الشركة المختلطة، فهي لا تقتصر على المشاركة في أرس المال بل تمتد لتشمل تقديم المعونة والتجهيزات والموجودات.
وإذا كان الأصل في شركات المساهمة هو حرية تقديم الحصص في الرأسمال وفقا لما يتماشى مع قدرات كل طرف، إلا أن الشركة ذات الاقتصاد المختلط تقوم على أغلبية الحصص للطرف الوطني بحيث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقل عن نسبة[83] %51.
- مشاركة أشخاص القانون الخاص في أرس المال: إن مشاركة أفراد القانون الخاص في رأسمال الشركة المختلطة أساسي في إعطاء صفة الاقتصاد المختلط للشركة، وتكون مساهمة أشخاص القانون الخاص في رأسمال الشركة المختلطة عن طريق الاكتتاب في أسهم الشركة، وهذه الأسهم يكون لها الطابع الاسمي وليست أسهم لحاملها، وبالتالي لا يتم تداولها في الأسواق المالية ،وكل تنازل أو تغيير أسهم الشركة المملوكة من قبل أفراد القانون الخاص، يحتاج إلى إجازة من قبل مجلس إدارة الشركة[84].
- تحقيق المصلحة العامة: إن هدف تحقيق المصلحة العامة من قبل شركات الاقتصاد المختلط يبرر مشاركة أشخاص القانون العام في رأسمال هذه الشركات.
- مدة الشركة : فإذا كانت مدة الشركة ذات الأسهم بصفة عامة لا تتجاوز 99 سنة حسب المادة 546 من القانون التجاري، إلا أن الشركة ذات الاقتصاد المختلط قد حددت مدتها بـ 15: سنة كحد أقصى، ويمكن تقليص هذه المدة عن طريق الحل المسبق للشركة باتفاق الشركاء، كما يمكن تمديدها في إطار بروتوكول اتفاق إضافي[85].
*أجهزة تسيير الشركة ذات الاقتصاد المختلط: إن تسيير الشركة ذات الاقتصاد المختلط منوط بجهازين هما: مجلس الإدارة والجمعية العامة.
1/ مجلس الإدارة : يعتبر الهيئة التنفيذية للقرارات المتخذة من طرف الجمعية العامة، فهو ذلك يتبع باهتمام نشاطها ويتمتع باختصاصات عامة في كل أمور الشركة ما عدا تلك الاختصاصات المخولة قانونا للجمعية العامة[86]. وبموجب المادة 22 من القانون 82/13 فإن مجلس الإدارة يتشكل من خمسة أعضاء على الأقل يختارهم الشركاء على قدر مساهمة كل منهما في أرس مال الشركة ومن البديهي أن يكون أعضاء مجلس الإدارة الممثلين للطرف الجزائري أكثر من الممثلين للطرف الأجنبي وذلك تـأسيسا على حصة مساهمة كل طرف والتي هي مبنية بصورة واضحة على الأغلبية للشريك الجزائري، أما عن رئيس مجلس الإدارة، فإنه يتم تعيينه من طرف الجمعية العامة التأسيسية بناء على اقتراح من الطرف الجزائري وعن صلاحياته فإنه يتمتع بكافة سلطات الإدارة والتسيير في إطار بروتوكول الاتفاق وحدوده، والأحكام القانونية الأساسية، وكذا القوانين والتنظيمات المعمول بها، غير أنه ليس لمجلس الإدارة أن يتصرف باسم الشركة المختلطة ولحسابها إلا بموجب مداولة صريحة من طرف الجمعية العامة.
2/ الجمعية العامة : تعتبر الجمعية العامة للشركة ذات الاقتصاد المختلط الجهاز السيادي الذي يفصل في جميع المسائل المتعلقة بحياة الشركة ويحدد أعضاء الجمعية العامة التأسيسية والعادية والاستثنائية للشركة ذات الاقتصاد المختلط، وكيفيات تعيينهم ضمن بروتوكول الاتفاق شرط أن يعكس هذا العدد حصة المساهمة المالية لأطراف الشركة[87] . وما تجدر الإشارة إليه أن المشرع لم يشر سواء في قانون البلدية أو قانون الولاية لهذا الأسلوب من أساليب تسيير المرفق العام.
[1] F.llorens, P .Soler- Couteaux, la soumission des personnes publique au droit de la concurrence, Recueil Dalloz Sirey, 1989, Chr p 6.
[2] محمد فاروق عبد الحميد ،المرجع السابق ،ص 153
[3] سليمان محمد الطماوي ،المرجع السابق ،ص 61
[4] ضريفي نادية ،تسيير المرفق العام والتحولات الجديدة ،دار بلقيس ،الجزائر ،2010 ،ص 16
[5] ناصر لباد ،المرجع السابق ،ص 211
[6] عمار بوضياف ،المرجع السابق ،ص 458
[7] بعلي محمد الصغير ،المرجع السابق ،ص 268
[8] تنص المادة 144 من قانون الولاية على أن "تــســجل إيرادات ونــفــقــات الاســتــغلال الـمـبــاشـر في ميزانية الـولايــة حـسـب قـواعــد المحـاســبـة العمومية _".كما نصت على ذلك المادة 151 بقولها " :يمكن البلدية أن تستغل مصالحها العمومية عن طريق الاستغلال المباشر .تقيد إيرادات ونفقات الاستغلال المباشر في ميزانية البلدية .
ويتولى تنفيذها أمين خزينة البلدية طبقا لقواعد المحاسبة العمومية".
[9] ناصر لباد ،المرجع السابق ،ص 62
[10] ضريفي نادية ،المرجع السابق ،ص 6.
[11] Pierre-Laurent Frier ,Précis de droit administratif, Edition Montchrestien, Paris, 2001, p190
[12] إعمالا للمادة 50 من القانون المدني ،المرجع السابق.
[13] ناصر لباد ،المرجع السابق ،ص 214
[14] ضريفي نادية ،المرجع السابق ،ص 73
[15] إن إستقلال المؤسسة هو الأصل والوصاية هي الإستثناء.
[16] عمار بوضياف ،المرجع السابق ،ص 426
[17] إن أهداف الرقابة الوصائية على المؤسسات العمومية ،هي ذاتها أهداف فكرة الوصاية الإدارية في القانون الإداري.
[18] المادة 140 الفقرة 28 من التعديل الدستوري لسنة 2016
[19] القانون 11/10 يتعلق بالبلدية ،المرجع السابق.
[20] المادة 154 من القانون 11/10 المتعلق بالبلدية.
[21] المادة 147 من القانون 12/07 المتعلق بالولاية ،المرجع السابق.
[22]بغداد كمال ،النظام القانوني للمؤسسة العامة المهنية في الجزائر ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،فرع قانون المؤسسات ،كلية الحقوق بجامعة الجزائر 01، بن يوسف بن خدة ،2011/2012 ،ص32
[23]إن المقصود بذلك هي المؤسسة العامة في مفهومها التقليدي ،بحيث كانت تشكل الشخص المعنوي الإداري المتخصص الوحيد إلى جانب الأشخاص الإدارية الإقليمية الأخرى ،فكانت المؤسسة العمومية الأصلية (المعيار العضوي) المكلفة بتسيير مرفق عام(المعيار المادي).
[24] عرفت الجزائر تطبيق نظام المؤسسة العامة تحت عدة تسميات بحسب المراحل ،والنظام السياسي السائد فيها .ففي ظل النظام الاشتراكي أخذت المؤسسة شكل المؤسسة المسيرة ذاتيا والمؤسسة الإشتراكية ،وهما أسلوبان اشتراكيان لإدارة الأنشطة الإقتصادية للدولة ،بالإضافة إلى الأساليب الإستعمارية المأخوذة من النظام الإستعماري وهي الشركة الوطنية والمؤسسة العمومية الصناعية والتجارية .إن الأشكال التي اتخذتها المؤسسة العامة لا تعكس مفهوما قانونيا محددا ،بل كان لها طابع إيديلوجي يعكس تصورات السلطة الحاكمة في كل مرحلة تاريخية معينة .للتفصيل أكثر حول تطور المؤسسة العامة في الجزائر إرجع إلى :محمد أمين بوسماح :المرفق العام في الجزائر ،د م ج ،الجزائر ،1995 ،ص من 8 إلى 19
[25] ناصر لباد ،المرجع السابق ،ص 217
[26] حسب المادة 1 من المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، الصادر بتاريخ 16 سبتمبر 2015، ج ر، العدد 50، المؤرخة في 20 سبتمبر 2015
[27] ضريفي نادية، المرجع السابق، ص 83
[28] إن الاعتراف القانوني بهذه الفئة الجديدة من المؤسسات العمومية بدأ مع القرار الشهير لمحكمة التنازع الفرنسية بتاريخ 22 جانفي 1921 في القضية المسماة مركب إيلوكا أو الشركة التجارية لغرب إفريقيا . لمزيد من التفصيل إرجع
- Jacques Chevallier , Essai sur la notion juridique de service public , sur //www.upicardie.fr/curapp-revues/root/7/
[29] ناصر لباد، المرجع السابق، 218
[30] القانون التوجيهي رقم 88-01 المؤرخ في 12 جانفي 1988، المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية، ج ر العدد 2، المؤرخة في 13 جانفي 1988.
[31] المرسوم التنفيذي رقم 02-43 المؤرخ في 14 جانفي سنة 2002، يتضمن إنشاء "بريد الجزائر، ج ر رقم 04 المؤرخة في 18 جانفي 2002
[32] المرسوم التنفيذي رقم 101/01 المؤرخ في 21 أفريل 2001، يتضمن إنشاء الجزائرية للمياه، ج ر، رقم 24 المؤرخة في 22 أفريل 2001.
[33] أحمد محيو، المرجع السابق، ص 452و.453.
[34] القانون رقم 98-11 المؤرخ في 22 أوت سنة 1998،يتضمن القانون التوجيهي والبرنامج الخماسي حول البحث العلمي والتطوير التكنولوجي (1998-2002) الجريدة الرسمية، العدد 62،المؤرخة في 24 أوت 1998 ( المعدل والمتمم بالقانون رقم 08-05 المؤرخ في 27 فبراير سنة 2008) الجريدة الرسمية ،عدد 10 ،المؤرخة في 27 فيفري 2008
[35] عمار بوضياف، المرجع السابق، ص 464
[36] مرسوم تنفيذي رقم 99-256 مؤرخ في 16 نوفمبر سنة 1999، يحدد كيفيات إنشاء المؤسسة العمومية ذات الطابع العلمي والتكنولوجي وتنظيمها وسيرها، الجريدة الرسمية، رقم 82،المؤرخة في 21 نوفمبر .1999
[37] قانون رقم 99-05 المتضمن القانون التوجيهي للتعليم العالي، الصادر في 4 افريل 1999، (المعدل بالقانون رقم 01-04)، ج ر، العدد 24، المؤرخة في 7 أفريل 1999
[38] ضريفي نادية، المرجع السابق، ص 88.
[39] محمد محمد عبد اللطيف، تفويض المرفق العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000،ص 3 .
[40] ارتبط التفويض في القانون الإداري زمنا طويال باختصاصات السلطات الإدارية، فالتفويض في الاختصاص يدخل في دائرة القرارات الإدارية، غير أنه انتقل حديثا إلى مجال آخر هو إدارة المرافق العامة والذي يشكل طائفة من العقود الإدارية.
[41] Auby Jean François, les services publics locaux ,P.U.F, , Paris, 1987, P.1.
[42] Auby Jean François, la délégation de service public , guide pratique, Dalloz, Paris, 1997, P33.
[43] Braconnier Stéphane, droit des services publics, presse universitaire de France, paris, 2004, p.413.
[44] a loi d’orientation n° 92-125, du 6 février 1992, relative à l’administration territoriale de la république, JORF n° 33, du 8 février 1992
[45] la loi n° 93-122, du 9 janvier 1993, relative à la prévention de la corruption et à la transparence de la vie économique et des procédures publiques, JORF n° 25, du 30 janvier 1993
[46] نص المادة 29 باللغة الفرنسية جاء على النحو التالي:
« Une délégation du service public est un contrat par lequel une personne de droit public confie la gestion d’un service public dont elle a la responsabilité à un délégataire public ou privé, dont la rémunération est substantiellement liée aux résultats de l’exploitation du service... »
[47] المرسوم الرئاسي 15-247 المرجع السابق.
[48] سردو محمود، عقد التفويض كأسلوب جديد لسير المرافق العامة في الجزائر، مجلة الدراسات القانونية، جامعة يحيى فارس، المدية، العدد الثاني، جوان 2017،ص189 .
[49] أبو بكر أحمد عثمان، عقود تفويض المرفق العام، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2014،ص95.
[50] لمزيد من التفصيل ارجع إلى: مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص 459.
[51] محمد علي ماهر محمد علي، وكالة المرفق العام )دراسة المرفق(، الطبعة الأولى، دار الفكر والقانون والنشر والتوزيع القاهرة، 2015 ص 39.
[52] ضريفي نادية، المرجع السابق، ص135 .
[53] مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص445 .
[54] للمزيد من التفصيل حول هاته الجزئية إرجع إلى فوناس سهيلة، عقود تفويض المرفق العام (دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والفرنسي)، المجحلة الأكاديمية بالبحث القانوني، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمن ميرة، بجاية، العدد الثاني، سنة 2014،ص 245 وما بعدها.
[55] لقد طرأ على عقد الامتياز العديد من التعديلات لاسيما فيما يخص اختيار صاحب الامتياز، حيث كان اختياره يخضع لمبدأ الاختيار الشخصي من قبل الشخص العام المانح الامتياز، وأصبح في الوقت الحاضر خاضعا لإجراءات حددها المشرع كالإعلان المسبق واعتماد مبدأ المنافسة (ارجع المادة 5 من المرسوم 15/247 السالف الذكر)، وهذا يعني أن الصورة الحديثة الامتياز المرفق العام مختلفة عن الصورة التقليدية، وأصبحت تشكل أحد أنواع عقود تفويض المرفق العام(.
[56] محمد سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية، مطبعة جامعة عين الشمس، الطبعة الخامسة، 1991 ص 106.
[57] أحمد محيو، المرجع السابق ص144.
[58] -ZOUAIMIA Rachid, La délégation de service public (au profit des personnes privées) ,édition Belkeise, ALGER , 2012, p74.
[59] قانون رقم 05-12 المؤرخ في 4 أوت 2005،يتعلق بالمياه، الجريدة الرسمية، العدد 60 المؤرخة في 4 سبتمبر 2005.
[60] التعليمية رقم 94.03/842 مؤرخ في 7 ديسمبر 1994، تتعلق بامتياز المرافق العامة المحلية وتأجيرها، صادرة عن الوزارة الداخلية و الجماعات المحلية.) وهي تعد أصال عمال داخليا للإدارة ليس له مرتبة القرار الإداري ألنها لا تؤثر على المراكز القانونية للمخاطبين بها(.
[61] الفقرة الثانية من المادة 210 من المرسوم الرئاسي 15/247 المرجع السابق.
[62] مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص 92.
[63] محمد محمد عبد اللطيف ،المرجع السابق، ص 82 .
[64] مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص83 .
[65] ضريفي نادية، المرجع السابق، ص159 .
[66] ناصر لباد، المرجع السابق، ص 226.
[67] مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص 454.
[68] حددت التعليمة رقم،.94.03/842 والتي تتعلق بامتياز المرافق العامة وتأجيرها مدة عقد الإيجار بمدة أقصاها 12 سنة.
[69] 1 إيمان دمبري ومراد بن قيطة، إيجار المرفق العام في الجزائر على ضوء المرسوم الرئاسي 15/247 (المفهوم والخصائص والفروق مع أشكال التفويض الأخرى)، مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة، مركز جيل البحث العلمي، العدد 16، جويلية ،2017 ص 61.
[70] يطلق عليه أيضا تسمية " عقد إدارة المرفق العام"
[71] وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري نظم عقد التسيير في القانون الخاص وذلك بموجب القانون رقم 89/01 في المادة الأولى منه على أنه: " العقد الذي يلتزم بموجبه متعامل يتمتع بشهرة معترف بها، يسمى مسيرا إزاء مؤسسة عمومية اقتصادية أو شركة مختلطة الاقتصاد بتسيير كل أمالكها أو بعضها باسمها ولحسابها مقابل أجر فيضفي عليها عالمته حسب مقاييسه ومعاييره ويجعلها تستفيد من شبكاته الخاصة بالترويج والبيع"، القانون رقم 89/01 المؤرخ في 07 فيفري 1989 المتمم للأمر 75/58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975، يتضمن القانون المدني، الجريدة الرسمية، العدد 06، صادرة في 08 فيفري 1989 .
[72] هناك العديد من الفقهاء الفرنسيين يعتبرون عقد التسيير ليس تفويضا للمرفق العام بالنظر إلى المقابل المالي الذي يتقاضاه المسير (جزافي ليس له ارتباط باستغلال المرفق) فال يتحمل خسائر وأرباح التسيير، لذلك يعتبرونه صفقة خدمات- للتفصيل أكثر حول الموضوع ارجع إلى: ضريفي نادية ،المرجع السابق، ص 160.
[73] تعرف أيضا باسم " مشاطرة الاستغلال"
[74] سامي جمال الدين، أصول القانون الإداري، منشأة المعارف، الإسكندرية، مصر، 2004،ص 542.
[75] Berbari Mireille, Délégations de service publique: notion, passation, exécution, contentieux administratif, contentieux pénal, contrôle chambres régionales des comptes ,Litec, Paris, 2000 p 10.
[76] مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص 458.
[77] ضريفي نادية، المرجع السابق، ص 158 .
[78] عمار بوضياف، المرجع السابق، ص 475 .
[79] القانون 82/13 المؤرخ في 29 أوت 1982 والمتعلق بتأسيس شركات المختلطة الاقتصاد وسيرها، الجريدة الرسمية العدد، 35،المؤرخة في 31 أوت 1982 .
[80] مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص 195 .
[81] حسن محمد علي حسن البنان مبدأ قابلية قواعد المرفق العام للتغيير والتبديل) دراسة مقارنة ( الطبعة الأولى، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2014، ص 2014 .
[82] Benissad Hocine, La réforme économique en Algérie, OPU, Alger, 1991,page 41.
[83] المادة 26 من القانون 82/13.
[84] مروان محي الدين القطب، المرجع السابق، ص 208 .
[85] أمينة ركاب، الشراكة كوسيلة قانونية لتفعيل الاستثمار الأجنبي في الجزائر، مداخلة ألقيت بمناسبة الملتقى الوطني حول الإطار القانوني الاستثمار الأجنبي في الجزائر، المنعقد بقسم الحقوق، جامعة قاصدي مرباح، ورقة، يومي: 18 و19 نوفمبر 2015،ص 09.
[86] رضوان بوجمعة، قانون المرافق العامة، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، دار البيضاء، المغرب، 2000،ص 116.
[87] المادة 26 فقرة 02 من القانون رقم 82/13 المتعلق بتأسيس شركات المختلطة الاقتصاد وسيرها، المرجع السابق.