المبحث الثاني :سلطات الضبط الإداري ووسائل ممارسته

المبحث الثاني

 سلطات الضبط الإداري ووسائل ممارسته

تتدخل هيئات الضبط الإداري العام والخاص في مجال النشاطات الخاصة من خلالالإجراءات القانونية والمادية، من أجل حماية وصيانة النظام العام بصفة وقائية .فتملك هذهالهيئات حق إصدار القرارات الإدارية التنظيمية والفردية بالإرادة المنفردة وملزمة للأفراد. كما يحق لها تنفيذيها مباشرة وبالقوة في أوضاع معينة.

المطلب الأول

سلطات الضبط الإداري

بداية نشير أنه حين نتكلم عن سلطات الضبط ،فإن المقصود هنا السلطات المخولة لهافقط صلاحيات اتخاذ الإجراءات الضرورية لحفظ النظام العمومي عن طريق سلطة التنظيم، ولايقصد بها الأجهزة المكلفة بمهمة حفظ النظام العمومي من الناحية المادية مثل جهاز الشرطة.

معنى ذلك يجب عدم الاعتقاد بأن كل سلطة ضبط ( بالمعنى العضوي) تتمتع بسلطة الضبط(بالمعنى المادي). فمحافظ الشرطة مثلا لا يستطيع إصدار قرار تنظيمي يستهدف غلق مقهى إنالوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي هو الذي يتمتع بهذه السلطة، أما محافظ الشرطة فيكلف  بالتنفيذ المادي للقرار أي الغلق[1].

تحدد القوانين على سبيل الحصر السلطات الإدارية المختصة بممارسة وظيفة الضـبط الإداري في الدولة فتنقسم إلى سلطات ضبط إداري عام وضبط إداري خاص.

الفرع الأول

 سلطات الضبط الإداري العام:

تنقسم سلطات الضبط الإداري العام إلى سلطات تمارس هذه الوظيفة على المستوى الوطني وسلطات تمارس هذه الوظيفة على المستوى المحلي.

أ‪- على المستوى الوطني: تتمثل سلطات الضبط الإداري العام في:

1- رئيس الجمهورية: باعتباره المسئول الأول على أمن الدولة واستقرارها وسلامة مؤسساتها حيثيخول له الدستور إعلان حالة الطوارئ والحصار والحالة الاستثنائية[2]. والغرض من هذهالصلاحيات والسلطات المخولة له بهدف حماية السكان وممتلكاتهم وسالمة التراب الوطني  ومؤسسات الدولة. ولأهمية هذه التدابير يستلزم توضيحها:

* حالة الطوارئ : تنص المادة 105 من دستور96: "يـقـرر رئـيس الجـمـهـوريـة إذا دعت الـضـرورةالملحة حـالـة الطوارئ أو الحـصـار لمدة معينة بعد اجتماع المجلس الأعلى للأمن واستشارة رئيسمجلس الأمـة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول ورئيس المجلس الدستوري ويتخذ كلالتدابير اللازمة لاستتباب الوضع .ولا يمكن تمديد حالة الطوارئ أو الحصار إلا بعد موافقةالبرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا."

يتضح مما قررته المادة 105 أعلاه أن الأسباب التي حددها الدستور لتقرير حالة الحصار هي  نفسها التي تسمح بتقرير حالة الطوارئ وتتمثل في الضرورة الملحة.

وتختص السلطة المدنية بتحقيق هذه الغاية، على خلاف حالة الحصار التي تمنح فيها السلطات الاستثنائية للسلطات العسكرية لمواجهة الأخطار الناجمة عن حرب أهلية أو انقلاب عسكري[3] ومعذلك كما جاء في المرسوم رقم ‪92/44 المتضمن إعلان حالة الطوارئ[4]، أنه يمكن لوزير الداخليةتفويض السلطة العسكرية بقيادة العمليات التي من شأنها إعادة الأمن العام.

‫‫والسلطة المدنية المختصة باتخاذ الإجراءات الهادفة للحفاظ على النظام العام هي وزير الداخليةوالوالي. ومن هذه الإجراءات التي يجوز لوزير الداخلية اتخاذها: الاعتقال الإداري ويتمثل فيحرمان شخص راشد من حرية الذهاب والإياب بوضعه في مراكز أمن بناء على اقتراح منمصالح الأمن (المادة 5 من المرسوم 92-44 السابق)، تحديد أو منع مرور الأشخاصوالسيارات في أماكن وأوقات معينة، المنع من الإقامة ،الوضع تحت الإقامة الجبرية، الأمربالتفتيش ليلا ونهارا، تسخير العمال للقيام بنشاطهم المهني المعتاد في حالة إضراب مرخص به.

* حالة الحصار: يعرفها البعض بأنها حالة لها صلة بالأعمال التخريبية أو المسلحة كحالة العصيان والتمرد أو حالة الحرب[5].

ويوضح المرسوم الرئاسي 91-196 المتضمن تقرير حالة الحصار[6]، بعض خصائص هذهالحالة وأولها هو اختصاص السلطات العسكرية بالصلاحيات المسندة إلى السلطة المدنية فيمجال النظام العام والشرطة‪، (المادة 3 من المرسوم السابق). ولهذا فإن مصالح الأمن تلحقبالقيادة العليا للسلطة العسكرية. ومن الإجراءات التي يجوز لها اتخاذها: الإعتقال الإداريالتفتيش ليلا ونهارا، الأمر بتسليم الأسلحة والذخائر قصد إيداعها في مخازن الجيش.

* الحالة الاستثنائية: يعتبر كذلك هذا التدبير من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يدخل ضمنصلاحيته في اتخاذ الضبط الإداري، فقد نصت المادة 107 من الدستور عن الحالة الاستثنائيةوالتي تتخذ في حالة وجود خطر داهم يوشك أن يصيب مؤسسات البلاد الدستورية واستقلال البلادأو سلامة التراب الوطني ولا يتخذ هذا الإجراء إلا بعد استشارة رئيس المجلس الشعبي الوطنيورئيس مجلس الأمة والمجلس الدستوري والاستماع إلى مجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء. وتخول الحالة الاستثنائية لرئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على استقلالالأمة والمؤسسات الدستورية. كما يشترط أن يقع الخطر على أحد المواضيع التي حددها الدستوروهي المؤسسات الدستورية واستقلال البلاد وسلامة ترابه.

‫‫والملاحظ أن الدستور يشترط أن يكون ثمة خطر جسيم وحال (داهم) ،والمقصود بالخطر الجسيمهو الذي يتجاوز في شدته الحدود العادية بحيث لا يمكن مواجهته أو دفعه دون اللجوء إلى الإجراءات الاستثنائية[7]. وبذلك تعتبر هذه الحالة أكثر خطورة من حالتي الطوارئ والحصار.

‫‪2/الوزير الأول: لم تشر الأحكام الدستورية صراحة إلى سلطات الوزر الأول في مجال الضبطلكن يمكن إقرارها على أساس السلطة التنظيمية المقررة في الدستور ( المادة 143/2 من دستور لسنة ‪96) كما أنه من يشرف على تسيير الإدارة العامة ،وقد يستشار أيضا عندما يريد رئيسالجمهورية اتخاذ أي إجراءات يترتب عليها تقييد الحريات العامة. ومن القرارات الإدارية الضبطيةالتي اتخذها رئيس الحكومة[8]، نذكر عل سبيل المثال المرسوم التنفيذي رقم 91/53 المؤرخ في 23  فبراير 1991 يتعلق بالشروط الصحية المطلوبة عند عملية عرض الأغذية للاستهلاك[9].

 ب‪- على المستوى المحلي :تتمثل سلطات الضبط الإداري العام في

‫‪1- الوالي : نصت المادة 114 من قانون رقم 12-07 المتضمن قانون الولاية" :الوالي مسؤول علىالمحافظة على النظام والأمن والسلامة والسكينة العامة" .وبغرض مساعدته على القيام بمهامه فيمجال الضبط وضع القانون مصالح الأمن تحت تصرفه وهذا ما نصت عليه 118 من قانونالولاية وتزداد صلاحية الوالي سعة في الحالات الاستثنائية إذ بإمكانه تسخير تشكيلات الشرطةوالدرك لضمان سلامة الأشخاص والممتلكات طبقا للمادة 116 من قانون الولاية ولقد اعترفقانون البلدية بموجب المادة 100و 101 بممارسة سلطة الحلول بالنسبة لجميع البلديات أو بعضمنها عندما لا تقوم السلطات البلدية بذلك.

2/ رئيس المجلس الشعبي البلدي: طبقا لقانون البلدية يمارس رئيس المجلس الشعبي البلديجملة من الصلاحيات ذات العلاقة بالنظام العام[10]، وهو ما ورد في المادة 88 والتي كلفت رئيسالمجلس الشعبي البلدي بالسهر على النظام العام والسكينة العامة والنظافة العمومية ولقد شددتالمادة 94 والتي جاء فيها " يكلف رئيس المجلس الشعبي البلدي على الخصوص بما يأتي:

- السهر على المحافظة على النظام العام وأمن الأشخاص والممتلكات.

‫‪ - التأكد من الحفاظ على النظام العام في كل الأماكن العمومية التي يجرى فيها تجمع الأشخاص، ومعاقبة كل مساس بالسكينة العمومية وكل الأعمال التي من شأنها الإخلال بها.

‫‪- تنظيم ضبطية الطرقات المتواجدة على إقليم البلدية مع مراعاة الأحكام الخاصة بالطرقات ذات الحركة الكثيفة.

- السهر على حماية التراث التاريخي والثقافي ورموز ثورة التحرير الوطني.

‫‪- السهر على احترام المقاييس والتعليمات في مجال العقار والسكن والتعمير وحماية التراث الثقافي المعماري.

‫‪- السهر على نظافة العمارات وضمان سهولة السير في الشوارع والساحات والطرق العمومية.

‫‪- السهر على احترام التنظيم في مجال الشغل المؤقت للأماكن التابعة للأملاك العمومية والمحافظة عليها.

- اتخاذ الاحتياطات والتدابير الضرورية لمكافحة الأم ارض المتنقلة أو المعـدية والوقاية منها.

- منع تشرد الحيوانات المؤذية والضارة.

- السهر على سلامة المواد الغذائية الاستهلاكية المعروضة للبيع.

- السهر على احترام تعليمات نظافة المحيط وحماية البيئة.

‫‪- ضمان ضبطية الجنائز والمقابر طبقا للعادات وحسب مختلف الشعائر الدينية، والعمل فورا على دفن كل شخص وفى بصفة لائقة دون تمييز للدين أو المعتقد.

‫‫ولقد مكن قانون البلدية رئيس المجلس الشعبي البلدي من الاستعانة بالشرطة البلدية بغرضأداء مهامه، حسب نصت عليه المادة 93. كما يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي عندالاقتضاء، تسخير قوات الشرطة أو الدرك الوطني المختص إقليميا للتحكم خاصة في المسائل  الأمنية.

الفرع الثاني

سلطات الضبط الإداري الخاص

إن الضبط الإداري الخاص لا يمارس إلا بمقتضى نص قانون خاص ينظمه بصفة دقيقةويحدد السلطات المختصة للممارسة والإجراءات التي يمكن اتخاذها[11]. فقد تسند سلطات الضبطالإداري الخاص إلى الوزراء بحكم مراكزهم وطبيعة القطاع الذي يشـرفون عليـه، فعلى سبيل المثاليصدر وزير الثقافة قرارات تنظيمية لحماية الآثار والمتاحف، كما قد يباشر وزير النقل إجراءاتالضبط عندما يصدر قراراته بتنظيم حركة المرور ليلا. ويباشر وزير التجارة بعض الإجراءات  الضبطية عندما يحظر بموجب قرار منه ممارسة التجارة على الأرصفة والشوارع العامة.

ومن أبرز الوزراء ممارسة لإجراءات الضبط الإداري الخاص على المستوى الوطنينجد"وزير الداخلية "حيث أنه مكلف بالمحافظة على الأمن بالتنسيق مع الولاة ومدراء الأمن الولائيبالإضافة إلى المدير العام للأمن الوطني[12].

عند الرجوع إلى النصوص التنظيمية التي تحدد صلاحيات وزير الداخلية، نجـده يتـدخل فـي المجالات التالية[13]:

- المحافظة على النظام العام والأمن العموميين.

- المحافظة على الحريات العامة.

- حالة الأشخاص والأملاك وحرية تنقلهم.

- حركة الجمعيات باختلاف أنواعها.

- التظاهرات والاجتماعات العامة"....

كما يستطيع اتخاذ إجراء له صفة الضبط الإداري العام ولكن بطريقة غير مباشرة. فباعتبارهالرئيس السلمي للولاية، يستطيع أن يأمرهم عن طريق التعليمات اتخاذ مثل هذا الإجراء كل واحد  في ولايته[14].

 

المطلب الثاني

وسائل الضبط الإداري

بما أن الضبط الإداري يعني مجموعة قرارات صادرة عن السلطة العامة تهدف إلى تقييدحريات الأفراد بما يحقق النظام العام داخل المجتمع ،فإن هده السلطات تتمتع بوسائل مختلفة  لاستعمالها للحفاظ على هدا النظام العام.

 

 

الفرع الأول

وســائل الضبط الإداري المادية والبشــرية

 أولا :الوســــــائل الماديـــــة

يقصد بالوسائل المادية كل الإمكانيات والوسائل المتاحة للإدارة بغرض ممارسة صلاحياتهامن سيارات الشرطة، وطائرات، ومخابر، وعلى العموم كل آلة أو عتاد يمكن للإدارة من ممارسة  مهامها في مجال الضبط[15].

ثانيا :الوسائل البشرية

وضع تحت تصرف سلطات الضبط الإداري المركزية منها أو المحلية، أعوان وهيئات لتنفيذ قرارات الضبط الصادرة عن تلك السلطات وتطبيقها في الميدان. إن الشرطة البلدية وأفرادالشرطة والدرك الوطني، الوسيلة البشرية التي يستعملها ويستعين بها رئيس البلدية في مجالالضبط الإداري العام وهذا ما نصت عليه المادة 93 من قانون البلدية السالفة الذكر، كما يمكن أنتتدخل قوات الجيش في الحالات الاستثنائية خاصة.

الفرع الثاني

الوسائل القانونية

لا تتم ممارسة إجراءات الضبط من جانب الإدارة إلا وفقا لما حدده القانون وبالكيفية التيرسمها ويمكن حصر الوسائل القانونية إما في التصرفات القانونية والمتمثلة في القرارات التنظيميةأو القرارات الفردية وإما في الأعمال المادية حيث تتجلى في استعمال القوة، وهذا ما سيتم شرحه فيما يلي:

 أولا :القرارات التنظيمية:

هي عبارة عن قواعد عامة ومجردة تصدر عن الإدارة في شكل مراسيم (رئاسية أو تنفيذية)أو قرارات وزارية أو ولائية أو بلدية، يكون موضوعها تقييد النشاط الفردي وتضبط بمقتضاهاحريات الأفراد وتتضمن عقوبات جزائية على كل من يخالف أحكامها[16]. تمتاز القرارات التنظيميةفي هذا الإطار بكونها مخصصة الأهداف، بحيث يجب على سلطة الضبط الإداري أن تسعى منوراء إصدارها إلى الحفاظ على النظام العام فقط‪، وإلا فإنها تكون مشوبة بعيب الانحراف بالسلطة ‫‫مما يعرضها للإلغاء لدى الطعن فيها أمام القضاء الإداري (المحاكم الإدارية، أو مجلس الدولة) وترتيب مسؤولية الإدارة عما قد ينجم عنها من إضرار للغير[17].

لقد استقر الفقه والقضاء الإداريين على وضع شروط عامة أساسية يجب توافرها في التنظيمات وهي:

- عدم مخالفة التنظيمات شكلاً أو موضوع للقواعد القانونية ويرجع ذلك إلى سببين: الأول لأنهافي مرتبة أدنى منها والثاني لأنها شرعت لإكمال النقص التشريعي الذي قد يظهر خلال التطبيقالتشريعي للقواعد القانونية.

- صدورها في شكل صورة قواعد عامة ومجردة ،فهي لا تسن لحالة فردية خاصة.

- المساواة بين الأفراد عند تطبيق القرار التنظيمي.

 ثانيا :القرارات الإدارية الفردية:

يقصد بالقرارات الإدارية الفردية القرارات التي تصدر في شأن فرد معين أو أفراد معينينبذواتهم أو تصدر لتنظيم حالات معينة وهي تستنفذ مفعولها بمجرد تطبيقها. عادة ما تصدر هذهالقرارات الفردية تطبيقا وتنفيذا لنص تشريعي أو تنظيمي، إلا أنه استثناء من ذلك قد تصدر قراراتإدارية فردية دون أن تكون مستندة إلى القوانين والتنظيمات، بشرط أن يكون القرار الفردي قداستدعاه موقف واقعي خاص، يفرض إتخاذ قرار فردي مستقل وألا يكون المشرع قد استبعد إمكانيةاتخاذه ،كما يجب أن يكون القرار الفردي داخلا في نطاق الضبط العام، أي محققا لأحد الأغ ارضللحفاظ على النظام العام[18]. ومن أمثلة على ذلك ما نصت عليه المادة 22 من المرسوم الرئاسيرقم 10-44 المتضمن إعلان حالة الطوارئ‪          - السالف الذكر - على أنه ":يؤهل وزير الداخليةوالجماعات المحلية والوالي المختص إقليميا المر عن طريق قرار بإغلاق المؤقت لقاعات العروض ‫‫الترفيهية وأماكن الاجتماعات مهما كانت طبيعتها وبمنع كل مظاهرة يحتمل فيها الإخلال بالنظام والطمأنينة العمومية....الخ"[19]

 وتأخذ هذه القرارات صورا مختلفة فهي تتضمن:

1/ الحظر(المنع): مؤداه أن تصدر سلطة الضبط الإداري قرارا فرديا تلزم به شخصا أو مجموعةمن الأشخاص بالامتناع عن القيام بعمل ما ،بهدف المحافظة على النظام العام وكمثال على ذلككمنع إنشاء مساكن للبغاء أو للعب الميسر.

وتجدر الإشارة إلى أن الحظر أو المنع ينبغي أن يكون جزئيا وليس مطلقا لأن الحظر المطلقيعادل إلغاء الحريات، فيكون غير مشروع وهو ما لا تملكه سلطات الضبط[20]. أما الحظر الجزئيأو النسبي فإنه مشروع، يتحدد بمكان معين ووقت معين كالمنع الذي يقضي بعدم وقوف السيارات  في أماكن معينة ولأوقات محددة.

2/ الترخيص( الإذن المسبق): تقتضي هذه الصورة من صور تدخل سلطات الضبط الإداريالحصول على إذن سابق أو ترخيص من طرف المعنيين بالأمر من طرف الجهة الإداريةالمختصة قبل ممارسة نشاط أو حرية معينة، وذلك حتى تتمكن الإدارة من فرض ما تراه مناسباوملائما من الاحتياطات التي من شأنها توقي الأضرار، أو بالعكس رفض الإذن بممارسة نشاط ماإذا كانت الاحتياطات المقررة غير كافية أو أن الشروط المطلوبة قانونا غير متوفرة في طالبالرخصة. كمثال على ذلك يخضع تنظيم المظاهرة إلى ضرورة الحصول على ترخيص مسبق منطرف لسلطة الإدارية المختصة وإلا كانت غير مشروعة لمخالفتها للقوانين[21].

3/ الإخطار المسبق: المقصود به إخبار السلطة المختصة بمزاولة نشاط معين، لكي تكون على علم مسبق بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عن ممارسة الأفراد للنشاط موضوع الإخطار، ومن ثمةتتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية النظام العام ولمنع ما يهدده في الوقت المناسب[22].يتضح منذلك أن إجراء الإخطار هو مجرد إجراء إداري وقائي لا يشكل خطرا على حريات الأفراد، باعتبارأن سلطات الضبط الإداري لا يمكن لها منعهم من ممارسة نشاطهم، بالتكفل فقط باتخاذ ما ت اره ضروريا لتفادي كل ما من شأنه أن يمس بالنظام العام .

4/ تنظيم النشاط: تتكفل سلطات الضبط الإداري بموجب هذه الوسيلة القانونية بتنظيم نشاطالأفراد بهدف حماية النظام وتحديد العقوبات على كل من يخالف أحكامها. والمثال على ذلكتنظيم حركة المرور داخل المدينة وتتسم هذه الصورة بأنها أقل خطورة على حريات الأفراد إذ لايحق لسلطات الضبط وضع قيود من شأنها تعدم الحرية ،طبقا لقاعدة الحرية هي الأصل والتقيد  هو الاستثناء[23]، فالتنظيم يكون بالقدر الضروري لصيانة النظام العام بصفة وقائية.

 ثالثا :استخدام القوة المادية( التنفيذ الجبري)

الأصل هو امتثال الأفراد لقرارات الإدارة وخضوعهم إليها، غير أنه وفي حالات معينة يجوزاستعمال القوة لمنع نشاط معين لم يخضع منظموه للقوانين والتنظيمات كما لو أراد الأفراد إقامةمسيرة معينة ولم يقدموا طلبا للإدارة بذلك أو أنهم قدموه ورفض من جانبها لسبب أو لآخر، وتعتمدالإدارة في اللجوء للقوة على إمكاناتها المادية والبشرية لصد كل نشاط يؤدي إلى المساس بالنظامالعام، وللإدارة استخدام القوة المادية دون اللجوء إلى القضاء وإجراءاته البطيئة من أجل منعاختلال النظام العام وإجبار الأفراد على احترام أحكام القانون[24].

أ /تعريف التنفيذ الجبري: يقصد به حق السلطة الإدارية في تنفيذ قراراتها في مجال الضبطالإداري بالقوة عند الاقتضاء، دون الحصول على إذن سابق من القضاء[25] ويعرف كذلك بأنه أحدالامتيازات التي تتمتع بها سلطة الإدارة وتستطيع بموجبها أن تقوم بتنفيذ قراراتها بشكل مباشر علىالأفراد دون اللجوء إلى القضاء.

ب /شروط التنفيذ الجبري: يخضع التنفيذ الإجباري لعدة شروط قدمها الفقه، وأخذ بها القضاء الإداري لاستخدام هذا الأسلوب وتتمثل في[26]:

‫‪- يجب أن يكون التنفيذ الجبري مستندا إلى ق ارر إداري مشروع سواء كان هذا الق ارر تطبيقا لنصتشريعي أو لائحي ،مما يجعل تنفيذ الق ار ارت غير المشروعة تنفيذا جبريا يشكل تعديا.

- يجب أن يكون التنفيذ قد لاقى مقاومة ،وهذا يفرض على هيئة الضبط الإداري بأن توجه إلىصاحب الشأن أم ار بالتنفيذ وأن تترك له مهلة معقولة حسب كل حالة قبل أن تلجأ إلى استخدام  القوة.

- يجب أن يقتصر التنفيذ الجبري على القدر الكافي الذي لا غنى عنه وهو تجنب الخطر المباشر الذي قد ينتج من عدم تنفيذ تدابير الضبط الإداري.

- يجب أن تكون غاية إجراءات التنفيذ المباشر هي المحافظة على النظام العام، فإذا اتجهتالإدارة إلى تحقيق غاية أخرى فإن عملها يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة.

وعليه إذا لم تتحرى سلطات الضبط الإداري ،الدقة في اتخاذ إجراء التنفيذ الجبري من حيث مدىتوافر الشروط والضوابط القانونية المنصوص عليها ،تعرضت للمسؤولية إما في صورة الحكمبالتعويض، إذا أصاب الأفراد ضررا من جراء قيام الإدارة بالتنفيذ الجبري بدون حق، أو علىصورة الحكم بإيقاف الإدارة عن الاستمرار في إجراءات التنفيذ المباشر، إذا سيترتب على إتمامه ‫‫نتائج من العسير تداركها ،ذلك أن القضاء الإداري يملك الحكم بوقف تنفيذ القرار، انتظارا للفصل في موضوع دعوى الإلغاء[27].



[1] ناصر لباد، المرجع السابق، ص  163.

[2] لقد وضعت المادة 20 من التعديل الدستوري لسنة 2016 نص اليمين الدستورية الذي يؤديه رئيس الجمهورية والذي يتضمن ما يلي: " أسهر على استمرارية الدولة وأعمل على وأحافظ على سالمة التراب الوطني ووحدة الشعب والأمة وأحمي الحريات والحقوق الأساسية للإنسان والمواطن...."

[3]  لحرش عبد الرحمن، حالة الطوارئ في الجزائر: هل زالت مبررات استمرارها ؟، مجلة الحقوق، جامعة الكو يت العدد01 لسنة 31، الصادرة بتاريخ مارس 2007 .

[4] لمرسوم الرئاسي رقم 92-44 المؤرخ في 9 فيفري 1992 المتضمن إعلان حالة الطوارئ، جريدة رسمية، العدد 10 المؤرخة في 9 فيفري 1992 .

[5] سعيد بو الشعير، النظام السياسي الجزائري، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 1993،ص 269 .

[6] المرسوم الرئاسي رقم 91-196 المؤرخ في 4 جوان 1991،يتضمن تقرير حالة الحصار، ج ر العدد 29 المؤرخة في 12جوان 1991 .

[7] عبد اهلل بوقفة، أساليب ممارسة السلطة في النظام السياسي الجزائري، دار هومة، الجزائر، 2002، ص 457.

[8] لقد استبدل المؤسس الدستوري تسمية رئيس الحكومة بتسمية الوزير الأول بمقتضى التعديل الدستوري الذي تم بموجب القانون رقم 08/09 المؤرخ في 15/11/2008 المتضمن التعديل الدستوري، الجريدة الرسمية رقم 63 .

[9] المرسوم التنفيذي رقم 91/53 المؤرخ في 23 فبراير 1991 يتعلق بالشروط الصحية المطلوبة عند عملية عرض الأغذية الاستهلاك، الجريدة الرسمية، العدد 9، المؤرخة في 27 فيفري 1991 .

[10] يمارس رئيس الشعبي البلدي صلاحية الضبط الإداري على مستوى بلديته باعتباره ممثلا للدولة وهو بذلك يخضع للسلطة الرئاسية من قبل والي الوالية.

[11] ناصر لباد، المرجع السابق، ص 170.

[12] إن جهاز الشرطة في الدولة يخضع لسلطة وزير الداخلية عن طريق المديرية العامة لألمن الوطني والتي تدخل ضمن التنظيم الإدارة المركزية في وزارة الداخلية ( المرسوم التنفيذي 91/248 المؤرخ في 10 أوت 1994،يحدد صلاحيات وزير الداخلية والجماعات المحلية والبيئة والإصلاح الإداري، الجريدة الرسمية العدد 53، المؤرخة في 21 أوت 1994(.

[13] المرسوم التنفيذي رقم 94/247 المؤرخ في 10 أوت 1994، يتضمن تنظيم الإدارة المركزية في وزارة الداخلية والجماعات المحلية والبيئة والإصلاح الإداري ،الجريد الرسمية العدد 53، المؤرخة في 21 أوت 1994 .

[14] أحمد محيو، المرجع السابق، ص 413

[15] عمار بوضياف، المرجع السابق، ص 493.

[16] ناصر لباد، المرجع السابق، ص 171

- بعلي محمد الصغير، المرجع السابق، ص 280 .

[17] بعلي محمد الصغير، المرجع السابق، ص 281 .

[18] ماجد راغب الحلو، المرجع السابق ،ص 429 .

- عبد اهلل طلبة، مبادئ القانون الإداري، الجزء 2، منشورات جامعة دمشق، سوريا، 1992، ص 194 .

[19] المرسوم رئاسي رقم 10-44 المرجع السابق.

[20] عدنان عمرو، مبادئ القانون الإداري، نشاط الإدارة ووسائلها، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص 24.

[21] المادة 15 من القانون 91-19 المؤرخ في 2 ديسمبر 1991 المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العمومية، الجريدة الرسمية رقم 26 الصادرة في 4 ديسمبر 1991 .

[22] عصام الدبس، المرجع السابق، ص 190 .

[23] عبد العليم عبد المجيد مشرف، المرجع السابق، ص 145 .

[24] ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص 344 .

[25] عادل السعيد أبو الخير، القانون الإداري، المرجع السابق، ص 414 .

[26] المرجع نفسه، ص من 418 إلى  420.

[27] عصام علي الدبس، المرجع السابق، ص199.


آخر تعديل: Sunday، 21 January 2024، 6:26 PM