قانون الصفقات العمومية
مخطط الموضوع
-
يهدف هذا المقياس إلى تمكين الطالب من معرفة مفهوم الصفقات العمومية
تمكين الطالب من معرفة طرق ابرام الصفقات العمومية
تمكين الطالب من معرفة طرق تنفيذ الصفقات العمومية
تمكين الطالب من معرفة طرق الرقابة على الصفقات العمومية
-
يتعين أن يكون الطالب على دراية ب:
القانون الإداري
-المنازعات الإدارية
-
-
تبرم العقود في القانون الخاص بمجرد توافر الأركان الأساسية للعقد، بينما تنفرد العقود الإدارية بإجراءات إضافية تضع الإدارة في مركز قانوني متميز وتمنحها سلطات لا نظير لها في العقود المدنية والتجارية، فالعقود الإدارية ترتبط في الغالب بتسيير مرافق عامة وتستعمل في ذلك أموالا عامة، مما يفرض على المصلحة المتعاقدة البحث دائما على أكبر قدر ممكن من الضمانات في اختيار المتعاملين المتعاقدين معها، وهذا بغرض الحصول على خدمات بأحسن المواصفات وبأقل التكاليف، لذلك تنفرد المصلحة المتعاقدة بصياغة بنود العقد وتحديد شروطه، ولا يملك الطرف المتعاقد معها إلا قبول تلك الشروط أو عدم إبرام العقد، وحتى بعد توقيع العقد والشروع في تنفيذه، فهي تتمتع كذلك بسلطة تعديل بنود العقد بإرادتها المنفردة[1]، وهذا على خلاف مبدأ العقد شريعة المتعاقدين المعمول به في القانون المدني، والذي يمنع تعديل بنود العقد اثناء تنفيذهحفاظا على استقرار المعاملات وعدم المساس بالمراكز القانونية للأطراف المتعاقدة.
وباعتبار أن الصفقات العمومية من أبرز العقود الإدارية التي تستخدمها الإدارة لتلبية حاجياتها وتحقيق أهدافها، فهي تخضع في إبرامها للقواعد التي يتطلبها هذا الأسلوب الإداري في التعاقد، والذي يقوم على تغليب المصلحة العامة على حساب المصلحة الخاصة، حيث تملك الإدارة سلطة اختيار الأسلوب الذي تراه مناسبا لإبرام العقد، غير أن هذه السلطة التي تتمتع بها ليست مطلقة، فمبدأ حرية الوصول إلى الطلبات العمومية الذي يكرسه قانون الصفقات العمومية، يفرض عليها فسح المجال لحرية المنافسة وتفادي كافة الممارسات التي من شأنها الإخلال بهذا المبدأ، وعملا بذلك فقد ألزم المشرع المصلحة المتعاقدة بإتباع إحدى الطريقتين وهما [2]: إجراء طلب العروض والذي يشكل قاعدة عامة لإبرام جميع الصفقات العمومية (المبحث الأول) أو التراضي والذي تسميه بعض المراجع العربية بالتعاقد المباشر ومراجع أخرى تسميه التفاوض المباشر، كأسلوب استثنائي لذلك (المبحث الثاني).
إلى جانب ذلك، تضمن قانون الصفقات العمومية أحكاما أخرى تتعلق ببعض أنواع الصفقات العمومية والتي تبرم وفق إجراءات خاصة بها، حيث تضمنت المادة 12 إجراءات تخص الصفقات العمومية التي تبرم في حالة الاستعجال الملح، بينما تضمنت أحكام المواد من 13 إلى 22 إجراءات مكيفة تخص بعض الطلبات العمومية، وتضمنت المادة 23 إجراءات تخص الصفقات التي تتطلب السرعة في اتخاذ القرار، وتشير المادة 25 إلى إجراءات متعلقة بتكاليف الماء والغاز والكهرباء والانترنت.
-
-
يقتضي مبدأ الشرعية الذي تقوم عليه الدولة الحديثة، أن تلتزم الإدارة في نشاطها بالحدود المرسومة لها بموجب القوانين السائدة، سواء تعلق الأمر بقرارات اتخذتها بإرادتها المنفردة أو بعقود ابرمتها مع أحد المتعاملين المتعاقدين معها،ويترتب على إغفال هذا المبدأ وتجاهله بطلان تلك التصرفات لعدم شرعيتها وبالتالي جواز إلغائها. وبما أن مبدأ الشرعية لا يتحقق بمجرد وضع النصوص القانونية ونشرها في الجريدة الرسمية للدولة، فلا بد من إيجاد ضمانات فعالة وكفيلة بإلزام الإدارة التقيد بهذا المبدأ، وهذا ما يستتبع بالضرورة إرساء نظام رقابة متكامل على جميع تصرفات الإدارة، وهذه الرقابة قد تكون ذات طبيعة سياسية كتلك التي يمارسها نواب الشعب في المجالس المنتخبة، وقد تكون ذات طبيعة إدارية كتلك التي تمار سها السلطة الرئاسية أو السلطة الوصائية، وإذا لم تتحقق الغاية المنشودة من خلال كل هذه الأشكال من الرقابة، فلا بد من اللجوء إلى القضاء بصفته الجهة المؤهلة لحماية الأفراد من تعسف الإدارة وانحرافها في استعمال السلطة.
وبما أن الصفقات العمومية هي من أكبر المجالات عرضة للتجاوزات، فقد حرص المشرع في مختلف النصوص القانونية المنظمة لها على تخصيص مجموعة هامة من الأحكام المتعلقة بالرقابة، حيث تضمن المرسوم الرئاسي 15- 247 الساري المفعول حاليا سبعة وأربعون مادة (47 مادة)، وردت في الفصل الخامس من الباب الأول والذي جاء تحت عنوان "رقابة الصفقات العمومية"[1]، مما يعكس مدى أهمية الرقابة على هذه العقود.
ولضمان فعالية هذه الرقابة فقد حرص المشرع كذلك على تنوعها وتعدد الجهات التي تمارسها، حيث تضطلع بمهام الرقابة على الصفقات العمومية جهات عديدة وعلى مستويات مختلفة، فهناك رقابة داخلية ويتم ممارستها على مستوى المصلحة المتعاقدة أثناء عملية إبرام الصفقة ورقابة خارجية وتمارس من قبل لجان الصفقات العمومية باختلاف مستوياتها، ورقابة وصائية تمارسها الجهات الوصية (المبحث الأول) وبما أن الأموال التي تصرف في مجال الصفقات العمومية هي أموال عمومية، فمن الطبيعي جدا إخضاع هذه العقود إلى رقابة مالية، ويتولاها كل من المراقب المالي والمحاسب العمومي أثناء التنفيذ المالي للصفقة العمومية، علاوة كذلك على الرقابة التي يمارسها كل من المفتشية العامة للمالية ومجلس المحاسبة (المبحث الثاني).
المبحث الأول: الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية
تخضع الصفقات العمومية خلال مختلف المراحل التي تمر بها إلى عدة أنواع من الرقابة الإدارية، فخلال مرحلة إبرامها تخضع إلى رقابة داخلية وتمارسها هيئات منبثقة عن المصلحة المتعاقدة نفسها (المطلب الأول) وقبل الشروع في تنفيذ الصفقة فهي تخضع لرقابة وتمارسها هيئات خارج المصلحة المتعاقدة ( المطلب الثاني) وعلاوة على ذلك تخضع هذه الطائفة من العقود لرقابة السلطة الوصية ( المطلب الثالث).
المطلب الأول: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية
تعتبر الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية أولى التدابير الوقائية التي حرص المشرع على وضعها للحفاظ على سلامة الإجراءات التي تتبعها المصلحة المتعاقدة في إبرام هذه الطائفة من العقود، فهي رقابة ذاتية تمارس أثناء مباشرة إجراءات إبرام الصفقة ومن قبل أجهزة إدارية منبثقة عن المصلحة المتعاقدة نفسها، حيث تضمن قانون الصفقات العمومية عدة أحكام حول كيفية ممارسة هذه الرقابة و تشكيلة اللجنة المؤهلة لذلك ومهامها[2].
أ ـ تشكيلة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض
تختص بممارسة الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية لجنة دائمة تسمى لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض، ويتم إحداثها بمقرر من المصلحة المتعاقدة يحدد تشكيلتها ومهامها، ويتم اختيار الأعضاء هذه اللجنة من بين موظفي المصلحة المتعاقدة الذين يتمتعون بكفاءة عالية وخبرة مهنية تؤهلهم لممارسة مهمة الرقابة الموكلة لهم في إطار هذه اللجنة[3]، وتتنافى العضوية في هذه اللجنة مع العضوية في لجنة التحكيم ومع صفة مقرر في لجنة الصفقات العمومية[4]، ويلاحظ أن قانون الصفقات العمومية لم يحدد مدة العضوية في هذه اللجنة ولا حتى عدد الأعضاء الذين تتشكل منهم، وترك ذلك للسلطة التقديرية للمصلحة المتعاقدة، والتي يمكنها معالجة هذه المسائل في المقرر المتضمن إنشاء اللجنة أو عن طريق نظامها الداخلي[5].
ولضرورات عملية مستخلصة من التجارب السابقة، فقد تم في ظل قانون الصفقات العمومية الحالي استبعاد تعيين أعضاء منتخبين ضمن هذه اللجنة، لتفادي مختلف الصراعات التي كانت تحدث على مستوى المجالس المحلية المنتخبة بشأن هذه المسألة، كما تم استبعاد أيضا تعيين أعضاء من خارج المصلحة المتعاقدة لاعتبارات تقتضيها الشفافية المطلوبة في الدور الرقابي لهذه اللجنة، غير أنه أجاز القانون للجنة فتح وتقييم العروض الاستعانة في أعمالها بآراء خبراء ومستشارين يتم تعيينهم من قبل المصلحة المتعاقدة بغرض توضيح الجوانب التقنية لعروض المترشحين[6]، ويمكن لها كذلك الاعتماد في أعمالها على تقارير تقدمها لجنة مختصة بشأن العروض ذات الطبيعة التقنية المعقدة[7].
علاوة على ذلك، يشير قانون الصفقات العمومية إلى ضرورة تنظيم دورات تكوين وتحسين المستوى وتجديد المعارف في مجال الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، من قبل المصلحة المتعاقدة بالتنسيق مع سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، وهذا بغرض تأهيلهم في هذا المجال[8].
ب ـ مهام لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض: على عكس النصوص السابقة والتي كانت تفصل بين مهام فتح الأظرفة وتقييم العروض، وهذا بإنشاء لجنتين مستقلتين عن بعضهما البعض، فقد نص قانون الصفقات العمومية الحالي على إحداث لجنة واحد تختص بعملية فتح الأظرفة وبتقييم العروض[9]، حيث تعقد جلسة تخصص لفتح الأظرفة ثم تليها بعد ذلك جلسة أخرى تخصص لتقييم العروض.
1ـ مهام اللجنة خلال مرحلة فتح الأظرفة: يتم فتح الأظرفة المتعلقة بملف الترشح والعروض التقنية والمالية خلال نفس الجلسة وفي التاريخ والساعة المحددين في دفتر الشروط، ولقد استقرت مختلف النصوص المنظمة للصفقات العمومية بما فيها القانون الساري المفعول حاليا على علانية الجلسات المخصصة لفتح الأظرفة، حيث يتعين على المصلحة المتعاقدة توجيه الدعوة لكل المترشحين أو المتعهدين لحضور جلسة فتح الأظرفة، حسب الحالة، في إعلان المنافسة أو عن طريق رسالة موجهة للمترشحين أو المتعهدين المعنيين[10]، ولا يؤدي غياب أحد المترشحين أو البعض منهم إلى تأجيل اجتماع اللجنة، كما تصح اجتماعات اللجنة في حصة فتح الأظرفة مهما يكن عدد الأعضاء الحاضرين، ويتعين على المصلحة المتعاقدة أن تسهر في هذا الإطار على أن يسمح عدد الأعضاء الحاضرين بضمان شفافية عمل اللجنة[11].
وخلال الجلسة المخصصة لفتح الأظرفة تقوم اللجنة بالمهام التالية[12]:
- تثبت صحة تسجيل العروض: حيث يتم التأكد من تسجيل جميع الأظرفة المقدمة حسب تاريخ وصولها في السجل المخصص لهذا الغرض، ينبغي أن يكون السجل مرقم ومؤشر عليه من طرف مسؤول المصلحة المتعاقدة، وخلال عملية المراقبة يتم استبعاد الأظرفة المفتوحة، أو تلك التي تحمل علامات تسمح بمعرفة المترشح الذي قدمها.
- إعداد قائمة المترشحين أو المتعهدين حسب ترتيب تاريخ وصول ملفات الترشح أو العروض مع توضيح محتوى ومبالغ المقترحات والتخفيضات المحتملة.
- إعداد قائمة الوثائق التي يتكون منها كل عرض.
- التوقيع بالحروف الأولى على وثائق الأظرفة المفتوحة التي لا تكون محل استكمال.
- تحرير المحضر أثناء الجلسة ويوقعه جميع أعضاء اللجنة الحاضرين، والذي يجب أن يتضمن التحفظات المقدمة من قبل أعضاء اللجنة.
- دعوة المترشحين أو المتعهدين كتابيا عن طريق المصلحة المتعاقدة لاستكمال عروضهم التقنية بالوثائق الناقصة أو غير الكاملة، في أجل أقصاه عشرة (10) أيام ابتداء من تاريخ فتح الأظرفة.
- الاقتراح على المصلحة المتعاقدة عند الاقتضاء في محضر الجلسة، إعلان عدم جدوى الإجراء، عندما لا يتم استلام أي عرض، أو عدم مطابقة أي من العروض المقدمة لموضوع الصفقة ولمحتوى دفتر الشروط أو لا يمكن ضمان تمويل الحاجات موضوع الصفقة[13].
- إرجاع عن طريق المصلحة المتعاقدةالأظرفة غير المفتوحة لأصحابها، ويتعلق الأمر بالعروض التي تم اقصاؤها لعدم مطابقتها لمحتوى دفتر الشروط أو لموضوع الصفقة وفي حالة الإجراءات التي لا تحتوي على مرحلة انتقاء أولي[14].
2ـ مهام اللجنة خلال مرحلة تقييم العروض: لقد تضمن قانون الصفقات العمومية مجموعة من القواعد التي يتعين على المصلحة المتعاقدة مراعاتها خلال مرحلة تقييم العروض وتتمثل في:
- أن لا يتم تخصيص الصفقة من قبل المصلحة المتعاقدة إلا لمؤسسة يعتقد أنها قادرة على تنفيذها كيفما كانت طريقة الإبرام المقررة[15].
- التأكد من قدرات المترشحين والمتعهدين التقنية والمهنية والمالية قبل القيام بتقييم العروض[16].
- الالتزام بمعايير تقييم العروض المحددة في دفتر الشروط.
- ضمان الطابع السري لعملية تقييم العروض.
أما من الناحية العملية، فقد حدد قانون الصفقات العمومية المهام المنوطة بلجنة فتح وتقييم العروض خلال هذه المرحلة وهي كالتالي[17]:
- إقصاء الترشيحات والعروض غير المطابقة لمحتوى دفتر الشروط أو لموضوع الصفقة.
- تحليل العروض الباقية على أساس المعايير والمنهجية المنصوص عليها في دفتر الشروط، حيث تقوم اللجنة في مرحلة أولى بالترتيب التقني للعروض مع إقصاء العروض التي لم تتحصل على العلامة الدنيا المنصوص عليها في دفتر الشروط، وتقوم في مرحلة ثانية بدراسة العروض المالية المقبولة من الناحية التقنية.
- تقوم اللجنة، طبقا لدفتر الشروط، بانتقاء أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية، والمتمثل في العرض الأقل ثمنا من بين العروض المالية للمترشحين المختارين، وفي هذه الحالة يستند تقييم العروض إلى معيار السعر فقط، أو العرض الأقل ثمنا من بين العروض المؤهلة تقنيا، إذا تعلق الأمر بالخدمات العادية، وفي هذه الحالة يستند تقييم العروض إلى عدة معايير من بينها معيار السعر، أو العرض الذي تحصل على أعلى نقطة استنادا إلى عدة معايير من بينها معيار السعر، إذا كان الاختيار قائما أساسا على الجانب التقني للخدمات.
- اقتراح رفض العرض المقبول، إذا ثبت أن بعض ممارسات المتعهد المعني تشكل تعسفا وينتج عنها هيمنة على السوق واختلال المنافسة، أو إذا كان العرض المالي المختار لا يعير حقيقة عن واقع الأسعار المعمول بها في السوق، وتتحقق هذه الوضعية الأخيرة، إذا كانت الأسعار المقترحة تبدو منخفضة بشكل غير عادي، وهي وضعية قد يترتب عنها تنفيذ الصفقة بكيفية غير مقبولة، أو عجز المتعامل المتعاقد عن الوفاء بالتزاماته، أو إذا كانت الأسعار المقترحة مبالغ فيها، مقارنة مع الأسعار المعتمدة في التقييم الإداري للمصلحة المتعاقدة.
المطلب الثاني: الرقابة الخارجية على الصفقات العمومية
تعتبر الرقابة الخارجية المسبقة مرحلة ضرورية وحاسمة قبل الشروع في تنفيذ الصفقة العمومية، فهي ضرورية لأنه لا يمكن الشروع في تنفيذ الصفقة إلا بعد الحصول على موافقة لجنة الصفقات العمومية المختصة، وهي حاسمة لكونها تشمل جانبين هامين للصفقة، الجانب الأول ذو طابع قانوني ويتمثل في معاينة مدى سلامة الإجراءات المتبعة في إبرام الصفقة ومطابقتها للنصوص القانونية السارية المفعول، وأما الجانب الثاني فهو ذو طبيعة مالية، ويتمثل في التأكد من أن العملية موضوع الصفقة قد بلغت مرحلة الاكتمال الكافي الذي يسمح بالانطلاق في إنجازها، واستوفت جميع الإجراءات المتعلقة بدراستها وتسجيلها وكذا الترخيص بإنجازها، وبالخصوص توفر الاعتمادات المالية الكافية لإنجازها.
وتماشيا مع هذه الغايات المراد بلوغها، فقد تضمن قانون الصفقات العمومية آليات متعددة لضمان فعالية ونجاعة هذه الرقابة، حيث لم تسند هذه الرقابة للجنة واحدة، بل تمارس من قبل لجان عديدة وفي مستويات مختلفة، إلى جانب ذلك فقد تم الحرص على تمثيل جميع المصالح الإدارية التي لها علاقة بالموضوع في تشكيلة هذه اللجان، وعلى وضع ضوابط محددة حول كيفية تنظيمها وعملها.
أ ـ تنظيم لجان الصفقات العمومية ومهامها
تعتبر لجان الصفقات العمومية أداة هامة لمراقبة الصفقات العمومية قبل دخولها حيز التنفيذ، فهي بمثابة إطار مشترك بين مختلف المصالح الإدارية المعنية لمعاينة الصفقات التي تبرمها الهيئات العمومية واتخاذ قرارات مشتركة حول مدى صحة الإجراءات المتبعة في إبرامها قبل الشروع في تنفيذها، لذلك فقد حرص المشرع على إيجاد إطار قانوني واضح لممارسة هذا النوع من الرقابة، حيث تخضع هذه اللجان في تنظيمها وعملها إلى أحكام المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره وكذلك المرسوم التنفيذي 11-118 المؤرخ في 16 مارس 2011، المتضمن النظام الداخلي النموذجي للجنة الصفقات العمومية[18].
ـ اللجنة القطاعية للصفقات العمومية:
تحدث هذه اللجنة على مستوى كل دائرة وزارية، وتتشكل من الوزير المعني أو ممثله رئيسا للجنة وممثل الوزير المعني نائب رئيس اللجنة ومن ممثل المصلحة المتعاقدة، ممثلان عن القطاع المعني، ممثلان عن وزير المالية ( ممثل عن المديرية العامة للميزانية وممثل عن المديرية العامة للمحاسبة)[19]، ويعين أعضاء هذه اللجنة بموجب قرار الوزير المعني بناء على اقتراح الوزير الذي يخضعون لسلطته، لمدة ثلاث (03) سنوات قابلة للتجديد[20].
وتشمل مهام هذه اللجنة مجالين أساسيين وهما تنظيم الصفقات العمومية ومراقبة صحة إجراءات إبرامها داخل كل قطاع وزاري[21]، ففي مجال التنظيم، فهي تقترح جميع التدابير التي من شأنها تحسين ظروف مراقبة صحة إبرام الصفقات العمومية، وكذلك اقتراح النظام الداخلي النموذجي الذي يحكم عمل لجان الصفقات التابعة للقطاع[22]، وأما في مجال الرقابة فهي تختص بالفصل في كل مشروع دفتر شروط أو صفقة عمومية أو ملحق صفقة يفوق مبلغه حسب التقدير الإداري، مليار دينار جزائري ( 1.000.000.000 دج) بالنسبة لصفقات الأشغال، وثلاثمائة مليون دينار جزائري (300.000.000 دج) بالنسبة لصفقات اللوازم، ومائتي مليون دينار جزائري (200.000.000 دج) بالنسبة لصفقات الخدمات، ومائة مليون دينار جزائري ( 100.000.000 دج) بالنسبة لصفقات الدراسات[23].
وأما فيما يخص الصفقات التي تبرمها مصالح الإدارة المركزية، فهي تخضع لرقابة هذه اللجنة، إذا كان مبلغها يفوق اثني عشر مليون دينار جزائري (12.000.000دج) بالنسبة لصفقات الأشغال واللوازم و ستة ملايين دينار جزائري (6.000.000 دج ) بالنسبة لصفقات الدراسات والخدمات[24].
ـ لجنة الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة:
إضافة إلى اللجان القطاعية السالفة الذكر، تحدث على مستوى كل مصلحة متعاقدة لجنة للصفقات العمومية تكلف بالرقابة القبلية الخارجية للصفقات العمومية، ولقد عمل قانون الصفقات العمومية لسنة 2015 على تحديد أنواع لجان الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة وتشكيلتها وهي كالتالي[25]:
ـ لجنة الصفقات للهيئة العمومية الوطنية.
ـ اللجنة الجهوية للصفقات العمومية.
ـ لجنة الصفقات للمؤسسة العمومية الوطنية.
ـ اللجنة الولائية للصفقات العمومية.
ـ اللجنة البلدية للصفقات العمومية.
ـ لجنة الصفقات العمومية للمؤسسة العمومية المحلية.
ب ـ النتائج المترتبة على الرقابة الخارجية
تخضع لجان الصفقات العمومية في عملها لأحكام مشتركة[26]، حيث تنعقد اجتماعاتها بمبادرة من رئيس اللجنة ولا تصح اجتماعاتها إلا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضائها، وإذا لم يكتمل هذا النصاب القانوني تجتمع اللجنة من جديد في غضون الثمانية أيام الموالية وتصح مداولاتها مهما يكن عدد الأعضاء الحاضرين، وتتخذ قراراتها بأغلبية الأعضاء وفي حالة التساوي يكون صوت الرئيس مرجحا.
وتتوج الرقابة التي تمارسها لجان الصفقات العمومية باختلاف أنواعها بمقرر يتضمن منح التأشيرة والترخيص للمصلحة المتعاقدة بالشروع في تنفيذ الصفقة[27]، وقد تؤدي معاينة الملف إلى رفض منح التأشيرة وينبغي أن يكون قرار اللجنة معللا، ويمنح قانون الصفقات العمومية في هذه الحالة الأخيرة للهيئة العمومية المعنية أو الوزير المعني إمكانية تجاوز قرار اللجنة، على أن يتم تبليغ مقرر التجاوز إلى مجلس المحاسبة وسلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، وكذلك المفتشية العامة للمالية وإلى لجنة الصفقات المعنية[28]، وفي كلا الحالات فإنه لا يمكن اتخاذ مقرر التجاوز إذا كان قرار الرفض سببه مخالفة أحكاما تشريعية، أو بعد فوات أجل تسعين (90) يوما من تبليغ رفض التأشيرة [29].
كما يمكن للجنة أن تمنح في بعض الحالات تأشيرة مرفقة بتحفظات، البعض من هذه التحفظات قد يتصل بالجانب الشكلي للصفقة على سبيل المثال خطأ في ترقيم المواد، أو خطأ مطبعي، ومثل هذه التحفظات لا تكون موقفة لتنفيذ الصفقة ويمكن معاينة رفعها من قبل المقرر، وقد تتعلق هذه التحفظات بموضوع الصفقة، مثل غياب بند من البنود الإجبارية، أو غياب أحدى الوثائق الإلزامية..، فمثل هذه التحفظات تعتبر موقفة وينبغي معاينة رفعها من قبل اللجنة المختصة قبل تنفيذ الصفقة، وفي حالات أخرى فإنه يتعذر على اللجنة الفصل في الملف بقرار نهائي، وبالتالي يمكن لها تأجيل ذلك إلى غاية استكمال المعلومات المطلوبة، ومهما يكن من أمر، فإن القرارات التي تتخذها اللجنة ينبغي أن تبلغ إلى المصلحة المتعاقدة والسلطة الوصية في أجل لا يتعدى ثمانية أيام[30].
وتعتبر التأشيرة التي تمنحها لجنة الصفقات العمومية ملزمة لجميع المصالح الإدارية المعنية بتنفيذ الصفقة، أي المصلحة المتعاقدة والمراقب المالي والمحاسب العمومي، إلا إذا تمت معاينة تجاوزات في إبرام الصفقة مخالفة للتشريع المعمول به، وفي مثل هذه الحالات يفرض قانون الصفقات العمومية على هذه المصالح إخطار لجنة الصفقات العمومية كتابيا بغرض سحب التأشيرة.[31].
المطلب الثالث: الرقابة الوصائية
تعتبر الرقابة الوصائية إحدى أوجه الرقابة الإدارية التي تمارسها الدولة على الهيئات اللامركزية بموجب أحكام قانوني البلدية والولاية[32]، وهي بطبيعتها رقابة مطابقة وهذا ما يميزها عن الرقابة الرئاسية والتي تعتبر رقابة ملاءمة، ولا تقتصر الرقابة الوصائية على التصرفات والأعمال فقط بل تمتد كذلك إلى الهيئات والأشخاص.
وبمقتضى أحكام المرسوم الرئاسي رقم 15-247 السالف ذكره، فإن الصفقات التي تبرمها الهيئات اللامركزية تخضع لرقابة السلطات الوصية و هذا بغرض التحقق من مدى مطابقتها لأهداف الفعالية والاقتصاد والتأكد من كون العمليات موضوع الصفقة تدخل فعلا في إطار البرامج والأسبقيات المرسومة في القطاع[33]،حيث يصادق المجلس الشعبي البلدي على الصفقات العمومية التي تبرمها البلدية بموجب مداولة، وترسل هذه الأخيرة إلى الوالي مرفقة بملف الصفقة[34]، وهذا للتأكد من سلامة الإجراءات التي اتبعتها البلدية في إبرام الصفقة وفق الشروط والآجال المنصوص عليها في قانون البلدية، علاوة على ذلك يلزم قانون الصفقات العمومية الهيئات اللامركزية عند الاستلام النهائي للمشروع إعداد تقرير تقييمي عن ظروف إنجازه و كلفته الإجمالية مقارنة مع الأهداف التي كانت مسطرة في البداية، ويرسل هذا التقرير إلى السلطات الوصية، وإلى هيئات الرقابة الخارجية المختصة، وإلى سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام[35].
المبحث الثاني: الرقابة المالية على الصفقات العمومية
علاوة على الرقابة الإدارية باختلاف أنواعها، تخضع الصفقات العمومية لرقابة مالية وتمارس من طرف أعوان تابعين لوزارة المالية متخصصين في مراقبة تنفيذ العمليات المالية وبالخصوص النفقات باعتبارها أكثر عرضة للمخالفات والتجاوزات، ويتعلق الأمر بالرقابة المالية القبلية التي يختص بها المراقب المالي والتي تمارس على قرارات الالتزام بالنفقات للآمرين بالصرف، كإجراء وقائي قبل تنفيذ الصفقات العمومية وكذلك المحاسب العمومي باعتباره العون العمومي المرخص له قانونا بدفع النفقات الناتجة عن تنفيذ الصفقة العمومية، إلى جانب كذلك الرقابة اللاحقة التي تمارسها أجهزة الرقابة المالية والمتمثلة في المفتشية العامة للمالية ومجلس المحاسبة.
المطلب الأول: رقابة المراقب المالي والمحاسب العمومي
أ ـ رقابة المراقب المالي على الصفقات العمومية: إن الرقابة المالية السابقة أو القبلية على النفقات العمومية بشكل عام هي بمثابة إجراء وقائي يهدف إلى تفادي التجاوزات والمخالفات المالية منذ بدايتها، فهي تمارس على قرارات الالتزام بالنفقات التي يصدرها الآمرون بالصرف قبل إنتاجها لآثارها القانونية، أي قبل خروج الأموال من الخزينة العمومية، وبذلك فهي تشمل من حيث موضوعها جميع النفقات العمومية مهما كانت طبيعتها، و كذلك القرارات الإدارية والتي تترتب عنها التزامات مالية في ذمة الهيئات العمومية مثل القرارات المتعلقة بالحياة المهنية للموظفين ( التعيين، التثبيت، الترقية في الرتبة، الأجور والعلاوات...إلخ).
وحسب المادة الثانية من المرسوم التنفيذي رقم 92-414 المؤرخ في 14 نوفمبر 1992 المتعلق بالرقابة السابقة على النفقات العمومية المعدل والمتمم[36]، فإن هذه الرقابة تخص ميزانيات المؤسسات والإدارات التابعة للدولة، والميزانيات الملحقة، والحسابات الخاصة للخزينة، وميزانيات الولايات، ميزانيات البلديات، وميزانيات المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري[37].
وفي مجال الصفقات العمومية، تشمل الرقابة المالية المسبقة جميع الصفقات والملاحق التي تبرمها الهيئات السالفة الذكر، وهذا قبل التوقيع عليها من قبل رئيس المصلحة المتعاقدة، وتخص الجوانب التالية:
- التأكد من صفة الآمر بالصرف: والآمر بالصرف بشكل عام هو كل شخص مؤهل لإثبات دين لفائدة الهيئة العمومية والأمر بتحصيله، أو إنشاء دين على عاتقها والأمر بدفعه[38].
- التأكد من توفر الاعتمادات المالية الكافية.
- التأكد من صحة التخصيص القانوني للنفقة.
- التأكد من وجود التأشيرات والآراء المسبقة لمختلف السلطات والهيئات المختصة.
وتتوج هذه الرقابة المالية إما بمنح التأشيرة لتنفيذ الصفقة أو رفض ذلك بقرار معلل، وهذا في أجل أقصاه عشرة (10) أيام يمكن تمديده استثناء إلى عشرين (20) يوما[39]، وهذا الرفض قد يكون مؤقتا في حالة وجود تحفظات يمكن تصحيحها، أو نقصان بعض الوثائق الثبوتية المطلوبة أو نسيان بعض البينات الهامة في الوثائق المرفقة[40]، ويتعين على المصلحة المتعاقدة رفعها قبل التوقيع على الصفقة والشروع في تنفيذها، وقد يكون الرفض نهائيا، إذا ثبت للمراقب المالي وجود تجاوزات للتشريع المالي أو عدم توفر الاعتمادات المالية الكافية لتغطية مبلغ الصفقة، أو عدم التزام الآمر بالصرف بالملاحظات المدونة في مذكرة الرفض المؤقت[41].
ب ـ رقابة المحاسب العمومي على الصفقات العمومية: إن المحاسب العمومي هو العون العمومي المرخص له قانونا للتصرف في الأموال العمومية[42]، وحسب المادتين 35 و36 من قانون المحاسبة العمومية السالف ذكره، فإن مهمة المحاسب العمومي تتمثل في مراقبة شرعية العمليات المالية والمتمثلة أساسا في تحصيل الإيرادات ودفع النفقات قبل تنفيذها.
وفي مجال الصفقات العمومية، يقوم المحاسب العمومي بعملية مراقبة مرافقة لتنفيذ الصفقة، تشمل الجوانب التالية:
- مطابقة العملية مع القوانين والأنظمة المعمول بها.
- صفة الآمر بالصرف.
- شرعية عمليات تصفية النفقات.
- توفر الاعتمادات المالية.
- الطابع الإبرائي للدفع.
- تأشيرات عمليات الرقابة التي تنص عليها القوانين.
المطلب الثاني: رقابة مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية
أ ـ مجلس المحاسبة: يعتبر مجلس المحاسبة هيئة عليا للرقابة المالية اللاحقة، تم إنشاؤه بموجب القانون رقم 80-05 المؤرخ في 01 مارس 1980[43]، تطبيقا للمادة 190 من دستور 1976، ويخضع حاليا في تنظيمه وتسييره لأحكام الأمر رقم 95-20 المؤرخ في 17 جويلية 1995[44]، المعدل بموجب الأمر رقم 10-02 المؤرخ في 26 أوت 2010[45].
ويختص مجلس المحاسبة بمراقبة الصفقات العمومية التي تبرمها جميع الهيئات العمومية التي تخضع لقواعد المحاسبة العمومية وكذلك الصفقات التي تبرمها المؤسسات والهيئات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري والتي تكون أموالها ومواردها ذات طبيعة عمومية.
ب –المفتشية العامة للمالية: تعتبر المفتشية العامة للمالية هيئة للرقابة المالية، تخضع للسلطة المباشرة للوزير المكلف بالمالية، تم إنشاؤها لأول مرة في الجزائر بموجب المرسوم رقم 80-53 المؤرخ في 01 مارس 1980[46]، واستمر تطبيق هذا المرسوم إلى غاية إصدار المرسوم التنفيذي 92-78 المؤرخ في 22 فيفري 1992، وتخضع حاليا في تنظيمها وتسييرها لثلاثة نصوص أساسية وهي: المرسوم التنفيذي رقم 08-272 المؤرخ في 06 سبتمبر 2008، يحدد صلاحيات المفتشية العامة للمالية والمرسوم التنفيذي رقم 08-273 المؤرخ في 06 سبتمبر 2008، يتضمن تنظيم الهياكل المركزية للمفتشية العامة للمالية والمرسوم التنفيذي رقم 08-274 المؤرخ في 06 سبتمبر 2008، يحدد تنظيم المفتشيات الجهوية للمالية وصلاحياتها[47].
[1]- أنظر المواد من 156 إلى 202 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[2]- أنظر المواد من 159 إلى 162 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[3]- أنظر المادة 160 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[4]- أنظر المادة 91 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[5]- أنظر الفقرة الأولى من المادة 162 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[6]- أنظر الفقرة 03 من المادة 46 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[7]- أنظر الفقرة الثالثة من المادة 160 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[8]- أنظر المادتين 211 و212 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[9]- أنظر المادة 160 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[10]- الفقرة الأولى المادة 70 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[11]-الفقرة الثانية المادة 162 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[12]- المادة 71 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[13]- أنظر المادة 40 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[14]- أنظر المادة 72 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[15]- المادة 53 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[16]- المادة 54 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[17]- المادة 72 من المرسوم الرئاسي 15+247 السالف ذكره.
[18]- الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 16 لسنة 2011.
[19]- المادتان 179 و185 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[20]- المادة 187 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[21]- المادة 179 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[22]- المادة 183 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[23]- المادة 184 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[24]- أنظر المواد 13 و139 و184 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[25]- المواد من 169 إلى 178 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[26]- المواد من 191 إلى 202 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[27]- تفصل لجنة الصفقات العمومية للمصلحة المتعاقدة في الملفات المودعة لديها في أجل أقصاه عشرون (20) يوما ( المادة 178 من المرسوم الرئاسي 15-247) ، وبالنسبة للجنة القطاعية فإن هذا الأجل لا ينبغي أن يتجاوز 45 يوما ( المادة 189 من نفس المرسوم).
[28]- المادة 201 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[29]- المادة 202 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[30]- المادة 195 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[31]- المادة 196 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[32]- القانون رقم 11-10 المؤرخ في 22 جوان 2011 يتعلق بالبلدية، الجريدة الرسمية العدد 37 لسنة 2011، والقانون رقم 12-07 المؤرخ في 21 فيفري 2012 يتعلق بالولاية، الجريدة الرسمية العدد 12 لسنة 2012.
[33]- ينبغي أن نشير في هذا الإطار إلى المادة الرابعة من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره والتي تنص على أن الصفقات العمومية لا تكون نهائية إلا إذا وافقت السلطة المختصة حسب الحالة، أي الوزير ومسؤول الهيئة العمومية والوالي ورئيس المجلس الشعبي البلدي والمدير العام أو مدير المؤسسة العمومية، وبالتالي فإن الرقابة التي تمارسها السلطة الوصية هي رقابة ملاءمة وليست مجرد رقابة مطابقة للنصوص القانونية المعمول بها، وهذا ما نستخلصه من عبارة " مطابقة الصفقات التي تبرمها المصلحة المتعاقدة لأهداف الفعالية والاقتصاد" التي تضمنتها المادة 164 من قانون الصفقات العمومية.
[34]- انظر المادة 194 من قانون البلدية السالف ذكره.
[35]- المادة 164 من المرسوم الرئاسي 15-247 السالف ذكره.
[36]- الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 82 لسنة 1992.
[37]- أنظر كذلك المادة 02 من المرسوم التنفيذي 09-374 المؤرخ في 16 نوفمبر 2009 يتضمن تعديل المرسوم التنفيذي رقم 92-414 السالف ذكره، الجريدة الرسمية العدد 67 لسنة 2009.
[38]- أنظر المادة 23 من القانون 90-21 المؤرخ في 15 أوت 1990 يتعلق بالمحاسبة العمومية، الجريدة الرسمية العدد 35 لسنة 1990.
[39]- أنظر المادة 14 من المرسوم التنفيذي رقم 92-414 السالف ذكره.
[40]- أنظر المادة 11 من المرسوم التنفيذي رقم 92-414 السالف ذكره.
[41]- أنظر المادة 12 من المرسوم التنفيذي رقم 92-414 السالف ذكره.
[42]- أنظر المادة 33 من القانون 90-21 السالف ذكره
[43]- الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 10 لسنة 1980
[44]- الجريدة الرسمية العدد 39 لسنة 1995.
[45]- الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 50 لسنة 2010.
[46]- الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 10 لسنة 1980.
[47]- الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 50 لسنة 2008.
-
الفصل الرابع: تنفيذ الصفقات العمومية
المبحث الأول: سلطات الإدارة اثناء تنفيذ الصفقات العمومية
تتمتع الإدارة باعتبارها صاحبة المشروع خلال مرحلة تنفيذ الصفقة بسلطات واسعة ومتعددة، وهي تتمتع بهذه الحقوق حتى ولو لم ينص عليها العقد، وهذا التوجه يعتبر من المبادئ العامة المعمول بها في مختلف الأنظمة القانونية، باعتبار أن نشاط الإدارة يرتبط أساسا بتسيير المرافق العامة، ويمكن حصر هذه السلطات في النقاط التالية:
أولا - سلطة الرقابة على تنفيذ العقد: تتولى الإدارة مهمة تسيير المرافق العامة والسهر على حسن سيرها بانتظام، وهذا ما يمنحها الحق في ممارسة الرقابة على تنفيذ الصفقات العمومية، وتمارس هذه الرقابة باعتبارها هي صاحبة المشروع، وفكرة الرقابة التي تمارسها الإدارة في هذا المجال قد تكون مرادفة لمعنى الإشراف، والذي يتحقق بشكل عام في صورة أعمال مادية كالمعاينات التي يقوم بها أعوان وممثلي الإدارة لمواقع العمل وللتأكد من سير عمليات التنفيذ وفق الشروط المتفق عليها، وفي حالات أخرى فإن هذه الرقابة قد تأخذ معنى التوجيه، وهذا عندما لا تقتصر هذه الرقابة على المعاينة فقط وإنما تنصرف إلى توجيه أعمال التنفيذ باختيار أنسب الطرق التي تراها الإدارة صالحة لتحقيق المصلحة العامة دون أن يترتب عن ذلك تعديل شروط العقد، والرقابة بهذا المعنى المزدوج أي سلطة الاشراف أو سلطة التوجيه أصبحت من الحقوق الثابتة والمستقرة في مجال العقود الإدارية بشكل عام والصفقات العمومية بشكل خاص، والنص عليها ضمن بنود العقد لا يعتبر منشأ لهذا الحق وإنما كاشف له فقط عن وجوده ومنظم له لا غير، وإذا لم ينص العقد على حق الرقابة فإن ذلك لا يؤدي إلى حرمان الإدارة من ممارسته، فهو يعتبر من المبادئ العامة للقانون الإداري، غير أن هذه السلطة التي تتمتع بها الإدارة وجدت في الأصل من أجل غاية معينة ألا وهي ضمان السير الحسن للمرافق العامة، وإذا استعملت لتحقيق غايات أخرى غير تلك التي تقتضيها المصلحة العامة فهو يعتبر خروج عن مبدأ الشرعية الذي يحكم نشاط الإدارة.
ثانيا- سلطة الإدارة في تغيير شروط العقد: تعتبر سلطة تعديل بنود العقد من مميزات العقود الإدارية، وتمارس هذه السلطة في مجال الصفقات العمومية عن طريق اللجوء إلى الملاحق لتعديل البنود التعاقدية المتفق عليها إما بالزيادة أو النقصان حسب الحالة، وبذلك فإن هذه الملاحق التي قد تلجأ إليها الإدارة في بعض الحالات تعتبر وثيقة تعاقدية تابعة للصفقة الأصلية، وتخضع لنفس الشروط الشكلية ولنفس إجراءات الرقابة الإدارية والمالية المقررة للصفقة الأصلية، أي أن الملاحق تخضع لرقابة لجنة الصفقات العمومية المختصة ولرقابة المراقب المالي قبل الشروع في تنفيذها باستثناء تلك الحالات التي يستثنيها القانون بنص صريح، وبشكل عام فإن لجوء الإدارة إلى ممارسة سلطتها في تعديل بنود العقد ينبغي أن يتم ضمن القيود التي يضعها القانون، فلا ينبغي أن يؤدي هذا التعديل إلى المساس بموضوع الصفقة وتوازناتها المالية، إذ لا يجب أن يؤدي هذا التعديل إلى إرهاق الطرف المتعاقد وعجزه عن تنفيذ العقد، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى المساس بحسن سير المرفق العام وبالمصلحة العامة.
وإذا كان هناك اجماع في الفقه والقضاء الإداري على سلطة الإدارة في تعديل العقد بإرادتها المنفردة، فإن الخلاف يثور حول الأساس القانوني لهذه السلطة، حيث هناك من الفقهاء من يرى بأن حق الإدارة في تعديل العقد بإرادتها المنفردة يستند إلى فكرة امتيازات السلطة العامة، غير أن هناك جانب آخر من الفقهاء يرى أن هذه السلطة التي تتمتع بها الإدارة ليست سلطة مطلقة وهي مقيدة بضرورات تسيير المرفق العام، ومن ثم فإن هذا الحق يجد أساسه في فكرة المرفق العام، بينما يذهب جانب آخر من الفقه إلى محاولة التوفيق بين الاتجاهين السابقين، وفي تقديري فإن فكرة المرفق العام هي كافية لتبرير وجود هذه السلطة، لأن نشاط الإدارة مرتبط في غالبيته بتسيير المرافق العامة، وبالخصوص في مجال إبرام الصفقات العمومية.
ثالثا- سلطة توقيع الجزاء: يقصد بالجزاء في مجال العقود بشكل عام ذلك الأثر القانوني الذي يترتب نتيجة اخلال أحد الأطراف بالتزاماته التعاقدية سواء كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد، ويختلف المعنى العام للجزاء في العقود الإدارية عما هو في النظام القانوني لعقود القانون الخاص، بحيث يحق للإدارة توقيع الجزاء على المتعاقد معها إذا أخل بالتزاماته التعاقدية دون اللجوء إلى القضاء، وفكرة توقيع الإدارة للجزاء بنفسها في مجال العقود الإدارية نشأت وتطورت في ظل القضاء الإداري الفرنسي، حيث ساهم مجلس الدولة الفرنسي بالكثير من الآراء والقرارات التي ساعدت على ترسيخ معالم هذه النظرية بشكل تدريجي وعلى مراحل، ففي مرحلة أولى كان القضاء الإداري في فرنسا يأخذ بمبدأ الاكتفاء بالجزاءات التعاقدية ولم يكن بمقدور الإدارة توقيع أي جزاء لم ينص عليه العقد أو النصوص القانونية، وفي مرحلة ثانية أصبح بإمكان الإدارة توقيع جزاءات غير تعاقدية ولكن بواسطة القضاء، وفي مرحلة ثالثة تحرر القضاء من قيد اللجوء إلى القضاء واستقر على حق الإدارة في توقيع الجزاء بنفسها، إذا أخل المتعاقد معها بالتزاماته ودون اللجوء إلى القضاء وهذا حفاظا على استمرارية المرافق العامة ودوام نشاطها[1]، وتمارس الإدارة هذه الحرية في التصرف تحت رقابة القضاء الإداري، إذ يحق للمتعاقد معها اللجوء إلى القضاء لإلغاء ذلك القرار ويمكن له طلب التعويض إذا أثبت وجود خطأ من طرف الإدارة.
وتتنوع الجزاءات التي يحق للإدارة توقيعها على الطرف المتعاقد معها، فهناك الجزاءات المالية، وتتمثل في غرامات التأخير، ومصادرة مبلغ التأمين، اقتطاع مبلغ التعويض من المستحقات المالية للمتعامل المتعاقد وإذا بلغت الأخطاء المرتكبة من الطرف المتعاقد درجة معينة من الجسامة وبعد وإعذاره بشكل رسمي تلجأ الإدارة إلى تطبيق جزاءات أكثر صرامة لإلزامه على تنفيذ العقد بالكيفية الصحيحة، كأن تحل الإدارة نفسها محل المقاول أو تعهد إلى غيره لتنفيذ الأشغال وعلى حساب المقاول وتحت مسؤوليته، ودون أن يؤدي ذلك إلى إنهاء العقد، ويشير الفقه في هذا المجال إلى عدة حالات يمكن فيها للإدارة اللجوء إلى مثل هذه القرارات العقابية، كأن لا يلتزم المقاول في في صفقات الأشغال بالمدد الزمنية المتفق عليها أو عدم الاستجابة لأوامر الإدارة وتوجيهاتها بخصوص كيفية تنفيذ الأشغال، أو أن يكون المقاول في وضع مالي سيئ لا يسمح له بالوفاء بالتزاماته...إلخ.
رابعا- سلطة فسخ الصفقة وإنهائها: إن الأصل في الصفقات العمومية هو انقضاؤها بالطرق العادية، وهذا بتنفيذ الالتزامات التعاقدية المقررة في بنود العقد، غير أنه قد تلجأ في حالات قصوى إلى إنهاء العلاقة التعاقدية قبل أوانها، إذا تبين لها عدم قدرة الطرف المتعاقد معها من الوفاء بالتزاماته ولم يعد بمقدورها اللجوء إلى طرق أخرى، كما يخول القانون للإدارة حق فسخ الصفقة بإرادتها المنفردة وهذا لدواعي المصلحة العامة، ويعود للقضاء سلطة تقدير ما إذا كانت هناك مبررات كافية لإنهاء الصفقة في مثل هذه الحالات أم أن الإدارة لجأت إلى هذا الإجراء بشكل تعسفي ويضر بالطرف المتعاقد معها و بالتالي يحق له طلب التعويض .
ويميز الفقه الإداري الفرنسي بشكل خاص بين الفسخ البسيط للعقد والذي تكتفي فيه الإدارة بإنهاء العلاقة التعاقدية والحصول على التعويضات لجبر الأضرار التي لحقتها نتيجة إخلال الطرف المتعاقد بالتزاماته، والفسخ على حساب ومسؤولية المتعاقد والذي ينتج عنه تحمل هذا الأخير الآثار المالية المترتبة عن إبرام عقد جديد لإتمام الالتزامات التي تخلف عن تنفيذها، ولا يمكن اللجوء إلى ذلك إلا إذا كان منصوص عليه صراحة في العقد، ويلاحظ من خلال الأنظمة المقارنة أن غالبية التشريعات تأخذ بالفسخ البسيط للعقد ولا تشير إلى الفسخ على حساب ومسؤولية الطرف المتعاقد وهو الموقف الذي أخذ به المشرع الجزائري.
المبحث الثاني: حقوق الطرف المتعاقد مع الإدارة
يتمتع المتعامل المتعاقد بعدد من الحقوق أبرزها الحق في الحصول على المقابل المالي لما أنجزه من أعمال، وهذا العنصر يعتبر من البنود التعاقدية الإلزامية للصفقة، فمن الضروري جدا عند إبرام الصفقة تحديد المبلغ المالي بشكل دقيق وواضح وأن يتم الاتفاق كذلك على كيفيات التنفيذ المالي للصفقة، فضلا عن ذلك يتمتع المتعامل المتعاقد بالحق في إعادة التوازن المالي للصفقة، ليس تحقيقا لمصلحته الخاصة وإنما لتمكينه من الاستمرار في تنفيذ الصفقة بما يحقق المصلحة العامة، ويستند هذا الحق إلى عدة نظريات ابتكرها القضاء الإداري الفرنسي وهي كالتالي:
أولا- نظرية فعل الأمير (نظرية المخاطر الإدارية): ويقصد بالمخاطر الإدارية تلك التصرفات والإجراءات التي قد تصدر عن الادارة المتعاقدة نفسها أو عن أية سلطة أخرى من سلطات الدولة وينتج عنها صعوبة في تنفيذ العقد وزيادة في التكاليف والأعباء المالية للصفقة، كأن يتم على سبيل المثال اتخاذ قرارات يترتب عنها رفع أسعار المواد الأولية التي يستعملها المتعامل المتعاقد، أو صدور قانون يؤدي إلى زيادة في الأجور أو تخفيض في عدد ساعات العمل أو صدور قانون يؤدي إلى زيادة في الضرائب أو في الرسوم الجمركية المفروضة على المعدات والآلات التي يستخدمها المتعامل المتعاقد في نشاطه.....إلخ، وغيرها من القرارات والأعمال المادية والتي تؤدي إلى زيادة الأعباء المالية التي يتحملها المتعامل المتعاقد بشكل يختل معه التوازن المالي للعقد.
ولقد استقر الفقه والقضاء على أحقية المتعامل المتعاقد في الحصول على تعويض كامل للأضرار التي لحقته، لتمكينه من الاستمرار في تنفيذ التزاماته، حتى ولو لم يتضمن العقد المبرم بين الطرفين أي نص يقرر ذلك، ولا يتم الحصول على هذا التعويض إلا إذا تحققت مجموعة من الشروط وهي: أن لا تكون الإجراءات التي ترتب عنها زيادة في الأعباء المالية متوقعة وقت إبرام الصفقة، أن تؤدي تلك الإجراءات إلى الاخلال بالتوازن المالي للعقد بشكل يرهق المتعامل المتعاقد، لا يشمل التعويض سوى الأضرار المحققة فعلا وليس الأضرار المحتملة.
ثانيا- نظرية الظروف الطارئة (نظرية المخاطر الاقتصادية): ويقصد بها تلك الظروف الاستثنائية التي قد تحدث أثناء تنفيذ العقد ولا دخل للإدارة ولا المتعاقد معها في حدوثها والتي تجعل تنفيذ العقد مرهقا أو مستحيلا، وتدخل ضمن هذه الظروف الطارئة الزلازل والفيضانات والحروب والاضطرابات السياسية والاجتماعية والأزمات الاقتصادية ....إلخ، وكل ما شابه ذلك من العوامل والتي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على تنفيذ العقد، ويصبح فيها نشاط المرفق العام غير منظم أو مهدد بالتوقف بشكل نهائي، ولهذا السبب تتدخل الإدارة لمساعدة المتعاقد معها على تجاوز هذه الوضعية إما بتقديم تعويض جزئي له أو تعديل شروط العقد بالكيفية التي تسمح له من الاستمرار في تنفيذ العقد دون ارهاق.
ومن شروط تطبيق هذه النظرية، أن تكون هذه الظروف مؤقتة وحدثت خلال مرحلة تنفيذ العقد، أن تكون هذه الظروف مستقلة عن إرادة الطرفين المتعاقدين، وأن تؤدي تلك الظروف إلى اختلال التوازن المالي للعقد، ويصبح تنفيذ العقد جد مرهق للمتعامل المتعاقد.
ثالثا- نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة: ويقصد بها تلك العقبات المادية غير العادية والتي تظهر أثناء تنفيذ العقد ولم يكن بمقدور الطرفين المتعاقدين توقعها اثناء ابرام العقد، مما يجعل تنفيذه أكثر كلفة ويرهق المتعاقد مع الإدارة، وتعتبر صفقات الأشغال من أبرز المجالات التي تطبق فيها هذه النظرية، ومن أمثلة ذلك أن يجد المقاول أثناء عمليات الحفر مياه جوفية غزيرة تعيق الأشغال، أو طبقات صخرية تستدعي أشغال اضافية وتوفير المعدات اللازمة لذلك، أو انجراف التربة مما يستدعي القيام بأشغال لتثبيت الأرضية قبل مواصلة الأشغال، وقد تتحقق هذه العقبات بسبب وجود قنوات الغاز أو المياه أو أسلاك كهربائية في باطن الأرض.
ومن شروط تطبيق هذه النظرية، أن هذه الظروف المادية غير العادية لا ينبغي في أي حال من الأحوال أن تؤدي إلى التوقف عن تنفيذ العقد إلا في حالات القوة القاهرة، ويحق للمتعامل المتعاقد المطالبة بتعويض النفقات الإضافية التي تحملها لمواجهة تلك الصعوبات.
ولقد تعددت الأفكار التي يستند إليها التعويض الذي يتحصل عليه الطرف المتعاقد في مثل هذه الحالات، فهناك من الفقهاء من يرى بأن استحقاق هذا التعويض يكون على أساس النية المشتركة للطرفين المتعاقدين، فالعقد تم إبرامه لتنفيذه في ظروف عادية وبظهور عقبات غير متوقعة أثناء تنفيذ العقد، فإنه ينبغي على الإدارة ينبغي أن تلتزم بتعويض المقاول عن النفقات التي يتحملها لإزالة تلك العقبات والاستمرار في تنفيذ العقد، وهناك جانب آخر من الفقه يرى أن هذا التعويض أساسه العدالة، فليس من العدالة أن يتحمل الطرف المتعاقد التبعات المالية الناتجة عن إزالة تلك العقبات المادية غير المتوقعة، فقبوله الالتزامات الواردة في العقد هو من أجل تحقيق ربح وليس تقديم مساعدة للإدارة، ومن الطبيعي جدا أن يتحصل على تعويض كامل وليس جزئي لتمكينه من الاستمرار في تنفيذ العقد.
[1]- استقر الفقه والقضاء في فرنسا على أن حق الإدارة في توقيع الجزاء بنفسها لا يشترط فيه اثبات الضرر وإنما يقوم على أساس مخالفة الطرف المتعاقد معها شروط العقد وإخلاله بالتزاماته التعاقدية، إما بسبب إهمال وتقصير، أو تنفيذ العقد بشكل معيب وغيرها من المظاهر .....إلخ، كما لا يشترط لتوقيع هذا الجزاء وجود نص في العقد يجيز للإدارة ذلك، لأن هذا الحق يستند إلى مبدأ ضمان استمرارية المرفق العام وضمان المصلحة العامة.
-
مقدمة
الفصل الأول: مفهوم الصفقات العمومية والمبادئ التي تحكمها.
المبحث الأول: تعريف الصفقات العمومية وأنواعها
المطلب الأول: تعريف الصفقات العمومية
المطلب الثاني: أنواع الصفقات العمومية
المبحث الثاني: المبادئ التي تحكم الصفقات العمومية
المطلب الأول: مبدأ حرية الوصول إلى الطلبات العمومية
المطلب الثاني: مبدأ المساواة في معاملة المترشحين
المطلب الثالث: مبدأ شفافية الاجراءات
الفصل الثاني: طرق إبرام الصفقات العمومية.
المبحث الأول: طلب العروض كقاعدة عامة لإبرام الصفقات العمومية
المطلب الأول: مفهوم طلب العروض
المطلب الثاني: أشكال طلب العروض
المبحث الثاني: التراضي كأسلوب استثنائي لإبرام الصفقات العمومية
المطلب الأول: مفهوم التراضي كأسلوب لإبرام الصفقات العمومية
المطلب الثاني: أشكال التراضي
الفصل الثالث: الرقابة على الصفقات العمومية.
المبحث الأول: الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية
المطلب الأول: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية
المطلب الثاني: الرقابة الخارجية على الصفقات العمومية
المطلب الثالث: الرقابة الوصائية
المبحث الثاني: الرقابة المالية على الصفقات العمومية
المطلب الأول: رقابة المراقب المالي والمحاسب العمومي
المطلب الثاني: رقابة مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية
الفصل الرابع: تنفيذ الصفقات العمومية
-
-
-
-
.